أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - بسكويت الجنة














المزيد.....

بسكويت الجنة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 18:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عاش هذا المكان الموشوم بقدر ضرع الجاموسة وسمكة الماء ودلال البط الخضيري أزليته منذ أزمنة السلالات السومرية من غير تبدل في نمط العيش والمأكل والملبس ، فطوال سنوات عملت معلما في هذه القرية لم تتبدل الاشياء الرصاصية و( الملحة الترابية ) والسوداء من طبيعة تكوينها لتتغير الى لون آخر ، حتى في المصادفات الغريبة بعد زخة مطر في شتاء دافئ عندما يظهر قوس قزح بألوانه الزاهية ، الأطفال يودعون عنده ابتساماتهم ودهشة عابرة ويتذكروه عبر المعتقد والاسطورة ولكن لا يتحدثون عن الوانه وذلك البريق المقوس الذي يعتبره اطفال الغرب هنا مركبة فضاء يتمنون أن تنقلهم الى الكواكب الاخرى.
راقبت متغيرات هذا المكان فأشعر أن هناك مناسبات قليلة من تغير شيئا من التلوين الأزلي والثابت في حياتهم ، ففي العيد يبدل الاطفال دشاديشهم ويرتدون ثيابا مقلمة يشترونها جاهزة من خياط يدور على القرى بشختوره قبل مجيء ثلاثة مناسبات ، هما عيدي الفطر والاضحى وفي شهر محرم حيث مصيبة عاشوراء ، وكانت ومعه ماكنة خياطة قديمة يحتاجها لتعديل وضبط الثوب على الطفل الذي يشتريه فإذا كان طويلا يكف اذياله وإذا كان قصيرا يفتح ( الكفه ) ، وفي الاعياد كانت الثياب التي يبيعها مقلمة وملونة من قماش ( البازة ) ، وفي عاشور يبيعهم الدشاديش السود من قماش ( الكودري ) .
لهذا كنت اعرف تفاصيل وملامح الوجوه عندما تلبس البازة المقلمة أو الكودري الأسود.
يوم بدأت الدولة تعمل بنظام التغذية المدرسية في سبعينات القرن الماضي ، وكانت تصلنا اسبوعيا وجبة من كراتين البسكويت أبو الجمل وعصير البرتقال بنوعين النادر والفرات ، ومرات تجيء لنا وجبات من حليب سائل مكثف ماركة نستله بعلب صغيرة .
شاع لون جديد من مرح ملون في وجوه الاطفال عندما صاروا يجيئون الى المدرسة أن يحشوا بطونهم بخبز الطابك الثقيل ، ليحصلوا على وجبة حضرية من البسكويت والعصير والحليب ، وسمعت انهم اصبحوا يسمون البسكويت الذي نوزعه ( بسكت الجنة ) .
وحين سألتهم من اين اتيتم بهذا الاسم .؟
قالوا أن المعلم ( قاسم ) قال لهم :هذا البسكويت لا يوجد سوى في مكارم رئيسنا الطيب ( البكر ) والجنة عندما تصعدون اليها وانتم تركبون هذه البعران المرسومة على البسكويت.
ضحكت ، وسألته في الادارة وكنا وحدنا : أن كان هو صاحب هذه التسمية والوصفة السحرية للبسكويت .؟
قال : نعم .
قلت ولكنك لست حزبيا حتى منحت الرئيس البكر صفة المانح لهذا البسكويت وهو اصلا من مال الشعب وبترولنا .
قال بصوت هامس : انها نكاية ، بالمعلم ( فلان ) الذي يتفاخر في الاصطفاف ان هذا البسكويت من مكارم الثورة.
قلت : واصعدته الى مرتبة ان يكون هذا البسكويت اتيا من الجنة.
قال :ولما ، البسكويت مصنوع من الطحين ، والخبز مصنوع من الطحين . اذن هما في ذات المرتبة التي توصل الجياع والفقراء الى الجنة.
قلت : تفسير مقبول .
قال :اذن ثقف التلاميذ أن هذا هو بسكويت الجنة فنحن على ابواب حرب مع ايران كما تقول البيانات وربما لايذقوا البسكويت مرة اخرى.
وفعلا اندلعت حرب المخافر بين العراق وايران ولم يمر عامان حتى انقطعت التغذية المدرسية عن المدارس وصار طعم بسكويت الجنة ماركة ( البعير ) شيء من ذكرى شهية طعم الفانيلا في أفواه التلاميذ.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقباط 24 قيراط
- هيرقليطس ، ديالكتيك الماء والسماء
- دوسلدورف و كرمة بني سعيد..!
- أيتماتوف وجميلة إبِحيدر
- مؤتمر السرياليون في الاهوار
- الحلقوم الاحمر
- داحس من دون الغبراء
- ذكريات مدرسة كمال جنبلاط
- غوايات الخبز الحافي
- عاشق جرمانا
- ليلة تشاجر السياب والبياتي
- جان جينيه ( العرائش والجبايش )
- عاطفة الموسيقى الأرمنية
- قمصان الخريط
- حفاةٌ يعلمون الرواة
- أغاني الغربة
- لا صابئة في دهلران
- جنوب حسين عبد اللطيف
- البعير يستجير بجاموسة
- الجسد المغطى بالقيمر


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - بسكويت الجنة