أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الجسد المغطى بالقيمر














المزيد.....

الجسد المغطى بالقيمر


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 19:00
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



نسيت في أي كتاب قراءة وفي أي مرحلة دراسية موجودة القصة التي عنوانها ( بائعة اللبن ) التي تحمل قدورها على رأسها وهي ذاهبة الى السوق لتبيع بضاعتها ، وفي الطريق بين ضرع الجاموسة والمحل الذي تجلس فيه بناصية بسوق مدينة الناصرية تضرب ارباع في اخماس في حلمها يوم تبيع بضاعتها كلها وتشتري كذا وكذا ، وفي غمرة حلم مشيتها الحالمة ببيع كل بضاعتها وماذا تفعل بالفلوس تتعثر بحجر وتسقط على الارض وتنكبْ بضاعتها وتخسر كل شيء ولم يبق لديها سوى حلم لم يتحقق وما ستتلاقاه من الأب أو الزوج من تعنيف وربما صفعات و ( دونكيات).
هذه القصة هي من بعض فصول حكايات الزمن الجميل أيام كنت اراقب نساء قريتنا وهن يحملن قدور اللبن والقيمر وهن ذاهبات ليصعدن المشاحيف ويذهبن الى مدينة الجبايش ليبعن بضاعتهن ويعدن محملات بالشاي والبهارات ومعاضد اليد الملونة والسكر ، وطالما تمنيت أن اسألهن أن يكن يملكن احلام وامنيات تسكن رؤوسهن في المسافة بين البيت والشريعة التي يقف عليها القارب وهن يحملن فيها الاواني . لكن الوضع الاجتماعي لا يسمح لنا بالاقتراب الى النساء وسؤالهن ، ومرات عندما يصل التلاميذ الى هذه القصة في فترة المنهج يمتلئون بالضحك وهم يتخيلون امهاتهم واخواتهم وهن يمرن بمثل هذه الحالة ومرات يجيء أحدهم وأول الدرس يخبر احد التلاميذ مرشد الصف أن أمه أو أخته تعرضت لمثل ذلك الحادث الذي تعرضت له بائعة اللبن في كتاب القراءة.
وفي العادة تعود هكذا نساء باكيات على الحظ العاثر الذي وضع الحجر في طريقهن واسقطهن ليتحولن الى قطعة بيضاء من اللبن والقيمر حد الذي تمنى فيه معلم الفنية أن يرسم واحدة من بنات المعدان وقد تعرضت الى مثل هذه العثرة ليبدوا كما يقول جسدها الابيض مبلالا بأمطار اللبن والقيمر صورة حقيقية تعكس جمال المكان.
ذات يوم صيفي كنت ازور العاصمة الايطالية عندما دعاني احد الاصدقاء لزيارات احدى الكاليرات التي يملكها عراقي يسكن روما من ثلاثين عاما ، وحين كنت اتفرج على اللوحات تفاجئت بلوحة بائعة اللبن تلك التي كانت مرسومة في كتاب القراءة المدرسية ، ذاته ما تخيله معلم الرسم لقد كان جسدها وعباءتها مغطاة باللبن وهي تتحسس ألم قدميها مع لمعان حجولها الفضة فيما تناثرت القدور حولها .
استعدت ذلك المنظر الجميل وهواجس لحظة حمل نساء قريتنا بضاعتهن وهن ذاهبات الى المدينة . تذكرت فرح الاطفال يوم يكتشفون أن واحدة تعثرت مع قدورها فقط لينالوا من المعلم ابتسامة واصغاء ليقصوا له الواقعة.
احلام الامس جعلتني وبإحساس ما افتش عن توقيع الرسام اسفل اللوحة .
المفاجأة أن اللوحة حملت توقيع أسم اكاد أن اعرفه واتذكره ، وربما هو ذات المعلم الذي تمنى رسم لحظة عثرة الحجر والذي اختار المنفى قبل هجرتي.
اخذت رقم تلفونه من صاحب قاعة الرسم ، ومع اول نبرة صوته عرفته انه فعلا معلم الرسم في مدرستنا .
وقتها اكتشفت أنَ اللحظة الاكثر سعادة في البلاد البعيدة أن يجمعكَ مع من نتفقده ونشتاق لمعرفة أخباره ماعون قيمر وقدر لبن مسكوب على الأرض..!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دِيكُ المُشرفُ التَربويُ
- ثلاثة يهتزون بحب ورعشةٍ
- حبة الباراسيتول وحفيد أوتونوبشتم
- عربة فضاء ( دَكْ ) النجف
- قبر عقيل علي
- مشاتي بلاد شغاتي
- صحون القيمر الطائرة
- حقول الرز وحقول الألغام
- أيوب الرابع
- فاتن وحمامة الألاج
- معدان الحلم الماركسي
- فنتازيات محسن الخفاجي
- الرفش يأكل القش
- السندباد المعيدي..!
- خواطر أحلام وهبي
- زوربا وابراج الضغط العالي
- المعيدية مارلين مونرو
- حسين نجمة واغنية يا نعمه
- طروب بعد الغروب
- التيزاب وخالد الأمين


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الجسد المغطى بالقيمر