أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - دِيكُ المُشرفُ التَربويُ














المزيد.....

دِيكُ المُشرفُ التَربويُ


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 10:30
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


دِيكُ المُشرفُ التَربويُ
نعيم عبد مهلهل

عندما كنا معلمين في أمكنة النأي وبين أحضان طبيعة الأهوار التي لم يدخل اليها بعد براغي المكائن الحديدية عدا المسامير التي تربط بين خشب المشحوف وآلة المنجل ومواعين الطبخ ، وغير ذلك نحن في هذا المكان نتوارث عيش سلالات من القرى التي انزوت بعيدا عن مجد الملك السومري أور ــ نمو لأنها لا تريد أن تتورط في حروبه ، وربما عرف أجداد سكان هذه القرى أن نهاية هذه الحروب ستكون من أتعس نتائجها هو : احتراق أور.
ضيوف هذا المكان البعيد وزواره قليلين ، فلا يمرُ علينا سوى صدى الحياة الصاخبة للمدن البعيدة ، ويوم يعرف المعدان أن موظفي الدولة آتون الى قريتهم يختبئوا في غابات القصب النهار كله لأنهم يعرفون أن اؤلئك الموظفين أما جباة ضرائب أو مفارز لإحصاء مواليد التجنيد الاجباري ، لكنهم يبقون بكامل عدتهم وعددهم مع مراسيم استقبال بسيطة يوم يعلمون فيها ان المفتش التربوي آت في زيارة المدرسة ومعلميها.
هم لايعرفون طبيعة عمله ولماذا هو هنا ،لكنهم يهابوه عندما يشاهدون ارتباكنا وقلقنا في انتظار هذا الرجل الذي ترافقه حقيبة سوداء ونصف ابتسامة على فمه.
ولأن المفتش قد يبقى نصف نهار أو اليوم كله في مدرستنا ، يدقق السجلات ويراجع دفاتر الخطة ويدخل الصفوف ويجلس كأي تلميذ في آخر الصف ليشاهد طرائق المعلمين في تعليم تلاميذهم فأننا نقوم قبل يوم بتحضيرات الضيافة وأهم فقرة فيه ما نسميه نحن فقرة ( ديك المشرف التربوي ) وهي فقرة يشرفُ عليها مدير المدرسة ويذهب يدور بين حضائر دواجن القرية لينتقي ديكا احمرا ويشتريه من اصحابه ثم تُكلف أم مكسيم بطبخة بمساعدة واحد من المعلمين الذين يحسنون الطبخ .
يوم يؤتى بديك المشرف التربوي الى منصة الذبح اتأمل ايماءات الحزن في عيون هذا الذكر الداجن وبؤسه وهو يغادر صباحات ايقاظ النائمين من اهل القرية والمعلمين وليذهب الى بطن المشرف التربوي وتشيعه نظرات حزن من دجاجات كان هو يعلمهم دلع الانوثة والأغراء( المكافز ) حيث يحملن في بطونهم بيضه وشهيته وتأوهاتهن.
صورة الحزن في وجه الديك هي صورة الذكريات عندما تسكن العناوين التي تحسب حسابها في وظيفتك او جنديتك أو قراءاتكَ ، المشرف في المدرسة ، العريف في الفصيل ، الأب في البيت ، الرئيس في جمهوريتك ، أغراء الممثلة على الشاشة السينمائية ، والأم التي تشرب حليب حنانها ، والأمام الذي استشهد في عاشوراء .
هؤلاء وغيرهم يمثلون الجانب المهم من احساسنا بالآخر الذي يؤثر فينا ونؤثر فيه ، والغريب ان العلاقة بين كل هؤلاء تتم من خلال وسيط أسمه ( النذر ) ، أو القربان الضحية ولهذا فالشظية والرصاصة ربما هي القربان للعريف والزنزانة للرئيس وتحمل صفعة الخد للأب والعادة السرية لأغراء الممثلة السينمائية ، والدمعة لحليب الأم ، والنواح واللطم لموت الأمام الشهيد ، فيما الديك هو قربان تلك الزيارة التاريخية للمشرف التربوي التي يربك الاستعداد اليها كل حياة هذه القرية الوديعة.!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة يهتزون بحب ورعشةٍ
- حبة الباراسيتول وحفيد أوتونوبشتم
- عربة فضاء ( دَكْ ) النجف
- قبر عقيل علي
- مشاتي بلاد شغاتي
- صحون القيمر الطائرة
- حقول الرز وحقول الألغام
- أيوب الرابع
- فاتن وحمامة الألاج
- معدان الحلم الماركسي
- فنتازيات محسن الخفاجي
- الرفش يأكل القش
- السندباد المعيدي..!
- خواطر أحلام وهبي
- زوربا وابراج الضغط العالي
- المعيدية مارلين مونرو
- حسين نجمة واغنية يا نعمه
- طروب بعد الغروب
- التيزاب وخالد الأمين
- إنجيمهْ (الناي والقصبة )


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - دِيكُ المُشرفُ التَربويُ