أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - عاشق جرمانا














المزيد.....

عاشق جرمانا


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 12:52
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    




والمنفى يا حبيبتي مهنة شاقة
ناظم حكمت

يقول أبي : المدن جسد يتكون من حارات ومقاهي.
لا أعرف كيف جمع أبي هذا الوصف الساحر لروح المدينة ، لكني أحمل هذا الوصف أينما هتف في مسامعي بعيري وقال : أنزل براحلتكَ هُنا.
كل المدن ومنها مدن الخيال ينبغي فيها أن تصبغ ذيل البعير حتى لا يضيع في شوارع قد تبهره من أول نظرة.
ولا أدري أن كانت جرمانا الواقعة في ريف دمشق كجزء من غوطتها تصلح لتكون منفى اختياري لصديق قريب عشت معه اجمل ايام التعليم ، حد الذي قرر أن يموت فيها عازبا ومحبا لليلها الذي نتجول فيه فلم اجده اكثر اغراء من أرائك القصب المضغوط في أول مقهى في الاهوار ، تلك الارائك تصلح لتكون محفزا لكتابة القصيدة وتأمل اسراب بط الخضيري وهو يختبئ في اعشاش بناها بين الماء والقصب.
كلما أمر على الشام أخطف قدمي الى جرمانا وأركب السيرفيس بخمس ليرات لألتقيَّ صديقي ومعي له ما يوصيني به كل مرة خمس صابونات ( دوف ) وخمس علب شامبو وقطع من الشكولاتة السويسرية وقميص صيفي .
وعندما أسأله :ولماذا القميص الصيفي .؟
قال :لأوهم الذين يروني وأنا أسير معك أنني آت من اوربا لقضاء الصيف في الشام.
وسوية في شوارع جرمانا نستعيد ما كنا نعيشه حيث المكان بيوته قصب وليس شقق مؤجرة تدلف اليها في رتابة حركتك اليومية ، المقهى ، ساحة الرئيس ، كراج السيرفسات ، مطعم قاسم أبو الكص ، بار سيرينا .
قلت له مرة : أنت ليس لهذه الامكنة ، أما أن تعود الى الجنود أو تذهب الى ( U N ) تطلب اللجوء الى بلد يأويك من خراب هذا اليوم وجشع صاحب الشقة الدرزي.
قال : ذهبت وعملت لهم ملفا منذ ثلاث سنوات وأنتظر.
وهل اخبروك بشيء .؟
قال : كلا ، عدا تواريخ اذهب بها الى الشام لأستلم بطانية ودوشك إسفنج وصندوق مواد غذائية ، من دون صابون لأن الصابون تجلبه به أنت.
أضحك وأقول : كلما اعود أشتاق السير معك لأننا نستعيد المفقود الذي نحتاج اليه ، ذكريات مدرستنا في قرية أم شعثه .اما هذا المكان ذكرياته لأهله فقط .
قال : ولكننا صنعنا له ذكرياته حين سكنا فيه .
قلت : هو ليس مكانك.؟
قال : أينما يكون هناك بار ومقهى واحساس أنك تغمض عينيك بأمان تتكون صورة المكان.
قلت :هناك ايضا كنا نغمض عيوننا بأمان .
ضحك وقال : أحتاج الى هذا المكان ، وذاك المكان للماضي. هيا بار سيرينا سيفتح بعد ساعة ، سأكون ضيفك لأعبئ في جوفي بفضل دولاراتكَ كمية اكبر من الجعة.
أجلس أمامه ، لقد كبر ولم يقترن بزوجة ، وربما هذا المكان بعض من مشاعر أزليته ، لقد تعود على دهشة أخرى ليس فيها حرمس وبعوض وروث جواميس وابريق شغاتي الممتلئ المصبوغ بعتمة رماد القصب.
حين ثمل كثيراً قال :احملني بتكسي الى شقتي ،وأذهب انت الى شقتك ، المكان لا يأوي سواي.
حين اوصلته كان هو يطلق شخير عدم غريب.
عدت الى الشارع ، بدت جارمانا مثل سجن امنيات لشعب مهاجر بقدرية اسمها الحروب والطغاة . لم أحب المكان كما احبهُ هو . دمشق اكثر جمالاً ووضوحا والاماكن فيها أليفة.
في الصباح اتصل هو بي حين استيقظ وأخبرني أن ( UN ) ارسلوا له رسالة نصية من أجل أجراء مقابلة مع وفد كندي ظهيرة هذا اليوم .
في المساء ذهبت اليه وسألته بشغف : ها لقد قبلوك ؟
قال : ومن قال انني ذهبت ، لقد أتت اليَّ بعد ربع ساعة رسالة نصية اخرى تقول :ان جرمانا قبل لجوءك ، ففضلت جرمانا على مونتريال ، ولم اذهب الى (UN) ......!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة تشاجر السياب والبياتي
- جان جينيه ( العرائش والجبايش )
- عاطفة الموسيقى الأرمنية
- قمصان الخريط
- حفاةٌ يعلمون الرواة
- أغاني الغربة
- لا صابئة في دهلران
- جنوب حسين عبد اللطيف
- البعير يستجير بجاموسة
- الجسد المغطى بالقيمر
- دِيكُ المُشرفُ التَربويُ
- ثلاثة يهتزون بحب ورعشةٍ
- حبة الباراسيتول وحفيد أوتونوبشتم
- عربة فضاء ( دَكْ ) النجف
- قبر عقيل علي
- مشاتي بلاد شغاتي
- صحون القيمر الطائرة
- حقول الرز وحقول الألغام
- أيوب الرابع
- فاتن وحمامة الألاج


المزيد.....




- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - عاشق جرمانا