أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - -وينو البترول- في تونس














المزيد.....

-وينو البترول- في تونس


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4824 - 2015 / 6 / 1 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو ان بعض كاتبي الدستور التونسي و اغـلب المباركين له من النخبة السياسية و الثـقافية، لم ياخذو نص الدستور بالجـدية التامة. و الحـقيقة ان مصيره كان من الممكن ان يكون مجرد كتيب تمتطيه السلطة متى ما أرادت، و لكن الجماهير الغـفيرة التي خرجت في تظاهرة "وينو البترول"، طالبت بتطبيق الفصل 13 من دستور 27 جانفي 2014. أي المادة التي تـنص على ان الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي ، تمارس الدولة السيادة عليها باسمه و تعرض عقود الاستـثمار المتعلقة بها على اللجنة المختصة بمجلس نواب الشعب، و تعرض الاتـفاقيات التي تبرم في شانها على المجلس للموافـقة.
و انك إزاء شعب متيقـظ واضع نفـسه كحارس على دستوره الجديد الذي ولد من رحم مخاض عسير دفعت فيه تونس شهداء مرموقين، و أبرزهم الزعيم اليساري شكري بالعيد الذي يبدو كأنه قـد كتب هذا الفصل في الدستور و كل الفصول اليسارية بـدمه.
و انك أمام حقيقة و جوهر الثورة التونسية. الحرية في اكتساب الشعب لحقوقه و ليس بعضه. انك أمام شعب مفقر لا يستحق هذا الفقر و التهميش بما ان له درجة من الوعي بحقوقه و مغتصبيها و سارقيه. انك أمام شعب يريد فعلا حكم الشعب للشعب مثلما هي الصيغة الجوهرية للديمقراطية. الديمقراطية بما هي تملك الشعب لثرواته و إدارته لها و بناء اقـتصاد إنتاجي من خلالها.
و الحقيقة ان هذه التظاهرة أرعبت عـددا من الإعلاميين المعروفين و هم معروفين بما أنهم يدافعون عن مصالح الطبقات النافذة. لكن فات هؤلاء ان عصر الانترنت قضى بالكامل على احتكارية وسائل الإعلام التـقـليدية في تـشكيل الواعي العام. المهم ان الارتعاب تم التعبير عنه بصراحة و تـشنج من البعض و بشيء من العقلانية الشكلية عند البعض الآخر.
الإعلام المتـشنج فاضح نفسه و هو يقتل نفسه بنفسه، أما الآخر فهو مخاتل و مخادع و يتوارى وراء التـنميق في الكلمات و اللعب على استعمال المفاهيم في غير موضعها. أي عملية زحزحة المفهوم من سياقاته الأصلية لإسقاطه على السياق الذي يـريد دون المقدمات الضرورية. الاستغناء عن المقـدمات ليس مجرد اختـزال و إنما لأنها بالضرورة تصل بتدرجها المنطقي إلى عكس ما يريد إسقاطه.
و لعل ابرز ما ظهر في صحف الأحد الأخير هو مقالة لرئيس تحرير جريدة المغرب زياد كريشان"، الذي اعتبر الاشتراكية كلمة سقطت بالتـقادم. فالسقوط بالتـقادم هو سجل قانوني، و هو يخص الجرائم التي تسقط بالتـقادم. و يحيل هنا الكاتب بكل وضوح إلى اعتبار الاشتراكية جريمة.
الاشتراكية التي أحدثت ثورة في مجتمع زراعي متخلف مثل الشعب الروسي عند بداية القرن العشرين و حولته إلى شعب عامل و متعلم و مثـقـف و عظيم، و إلى القوى العالمية الثانية في العالم ان لم يكن الأولى من حيث القيم الوطنية و الإنسانية التي يحملها.
الاشتراكية التي أنجزت إصلاح زراعي في مصر و بعثت الحياة في البؤساء من الفلاحين و عـلمت أبنائهم الذين أصبحوا أطباء و مهنـدسين و علماء و موظفين، و انشأت السد العالي الذي اعتبر ولادة لمصر جديدة بحيث ان مصر كانت رهينة نهر النيل و رهينة فيضانه منذ بدء التاريخ، و بواسطة السد العالي أصبح الإنسان متحكما في مياه النهر و مجراه و محولا إياه إلى إنتاج للطاقة الكهربائية، كما ان السد العالي أضاف مساحات شاسعة أخرى للاستغلال الزراعي. مصر التي غـدت قوة صناعية و عسكرية بفضل الاشتراكية و التي انهارت بسياسة الانـفـتاح الساداتية أو ما يعرف بالليـبرالوية الفاسدة المدمرة للأوطان بما هي استـنـزاف لثروات الشعب و نهب لها.
الاشتراكية في تونس في عهد الوزير الأول احمد بن صالح و التي بنت الدولة الجديدة في التعليم و الصناعة و الفلاحة بواسطة القطاع العام الذي ولد معافى و منتجا قبل ان يتعرض لمحاولات إفساده من الداخل بغية التـفريط فيه بالبيع..
الاشتراكية التي خدمت الشعوب و أنهضتها و خلقت منها طاقات رهيبة في الخلق و الإبداع و الإنتاج و حولتها إلى شعوب عـظيمة. الاشتراكية التي حاربت الفقر و البؤس و حاربت فيروسات الاستغلال و النهب. الاشتراكية القائمة على فكرة التضامن و المسؤلية الجماعية و الروابط المصلحية الحقيقية بين أفراد الشعب و نبذ التـزيـيف لإرادته و خداعه و تضليله من اجل سرقـته و إخضاعه و التحكم فيه و حيونته و جعله حيوانا مقـدسا.
الاشتراكية التي تحارب البؤس يعتبرها السيد رئيس تحرير جريدة المغرب جريمة. و طبعا هي جريمة في حق من تحاربهم. أما و ان العالم الإنساني ملائكي بلا صراع فذاك هو الحلم الاشتراكي أما الطريق فليس طريق الخضوع و التسليم بقهر الإنسان للإنسان . فبأي حق تعتاش مجموعة من السفلة على حساب شعب بأكمله. بأي حق تجهله و تبعده عن مصالحه الحقيقية و حقوقه المقـدسة في التمتع بثرواته في إطار دولة عادلة التي لن تكون إلا اشتراكية.
فلا حياة روحية حقيقية إلا خارج دائرة استغلال البشر للبشر. الاستغلال يحول الأديان و الثـقافة و العلوم و المعارف و التكنولوجية و الجسد الإنساني و الجمال في الطبيعة و الإنسان إلى موضوعات استغلال. يحولها إلى أشياء. يقـتل الروح فيها. يقـتل الحرية فيها. يقتل الله فيها. و الاشتراكية هي من اجل تعرية طبقات الحجب عن الله المستوطن في قـلب كل شيء حي.
فكل هذه المعاني و غيرها يعتبرها السيد رئيس التحرير المبجل جريمة سقطت بالتـقادم. و لكن نعم. العدالة الاجتماعية هي الاشتراكية يا صديقي. الاشتراكية التي رجعت تزحف من جديد على العالم. فالشعب سيد على مصيره ليست مجرد كلمات لأشياء مبهمة و إنما الشعب بإمكانه دوما ان يجعلها حياة تنبض.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيجارة
- سخرية جادة
- العراق بين العمامتين
- المأزق التونسي الحالي
- بهجة الحياة
- فاجعة العري و لذته
- بين الأصنمة و الحرية
- مأزق اليسار
- المشهد السياسي الغائم في تونس
- المتسربل بالموضوعية
- المثقف البائس
- إخوان الكذب في حضرة السخرية الجليلة
- حلبة التنافس السياسي في تونس اليوم
- من مآثر المفكر - يوسف صديق-
- إبداعات الدم
- الداعشية ديدان جثثنا
- صنم -بورقيبة- أم تمثاله ؟
- لوثة العبادة أم نقاؤها ؟
- الإنخطاف بالأنثى و الخطف
- جدار الدكتاتورية و مستنقع الأخوان


المزيد.....




- مصور نيجيري يحتفي بـ-وحوش صغيرة- في صور شديدة الوضوح
- -وجبة للمفترسات-.. حديقة حيوانات دنماركية تفتح باب التبرع با ...
- دخان كثيف يملأ قطارًا والركاب يفرّون وسط فوضى وصراخ.. شاهد م ...
- مصر: فيديو استغاثة مواطنين من بلطجية ومقتل سائق توك توك.. وا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إطلاق صاروخ من اليمن والحوثي يصدر بيان ...
- روسيا تطلق وابلًا من المسيّرات على عشر مناطق أوكرانية قبيل و ...
- إسرائيل ستسمح بدخول البضائع تدريجيا إلى غزة عبر تجار محليين ...
- مواجهات في نابلس وتهجير صامت بتجمعات بدوية بالضفة
- قرار وشيك من نتنياهو بتوسع العمليات في غزة وأنباء عن ضوء أخض ...
- كاتب إسرائيلي: حكومة نتنياهو فتحت على إسرائيل أبواب الجحيم


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - -وينو البترول- في تونس