هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 4786 - 2015 / 4 / 24 - 15:42
المحور:
المجتمع المدني
هل كان للمسيحية ان تكون دينا لولا صلب المسيح؟ أما كان لدعـوته ان تـتـثبت في الأرض لو لم يثبت الصليب في الأرض و تسال دماؤه الزكية عليه؟ أليس الاحتـفاظ بالمسامير التي سمرت بها يداه و القول أنها تـشتعل ليلا بلون احمر مجرد خرافة، و لكنها خرافة تدغـدغ القلب البشري و تخـلق منها علامة على التـقوى و الاختراق لما هو عادي؟
ألا تـنام الحقيقة دوما على وسادة الاستـثـنائية؟ كيف لحقيقة ان تسكن الأرض خارج إبداعات الدم المراق و الآلام الكبرى التي تعجز القـلب عن اعتبارها وهما من الأوهام؟ امن المعقول ان تستبد فكرة موهومة بإنسان ما حتى يضحي من اجلها بحياته العادية و يتألم من اجـلها بل يموت من اجلها؟
و برغم العنصرية المتأصلة عند العرب إلا ان بلال الحبشي الأسود أصبح سيدا في مرتبة الـقـديسين. و يا لفـظاعة تخيل موت الوالدين فما أدراك بتعـذيـبهما أمامك و قـتـلهما مثلما حدث مع الصحابي الجليل عمار ابن ياسر، و حمزة صائد الأسود جنرال جيش الرسول تـتـمكن منه هند بنت عتبة فتأكل كبده نيئا، و غيرها من مشاهـد الدم و الآلام الكبرى التي ثبتت كلام الله في الأرض.
و برغم ان القراءة المنطقية للتاريخ لا ترى في الشيعة و السنة إلا صراعا على السلطة يكاد يتأبد و الحملة الانتخابية لازالت متواصلة بين عمر ابن الخطاب و علي ابن أبي طالب، فان المسالة لم تكن لتكن كذلك لولا محنة الحسين ابن علي و قطع رأسه و تعليقه في ساحات دمشق ليكون عبرة لمن يعتبر. كانت العبرة و لكن ليس مثلما أراد لها يزيد ابن معاوية و لكن بتـثبـيت مذهب الشيعة و بالتالي السنة..
انك أمام قصة الوعي و الدماء. الوعي في ذاته كالسراب، فالفكرة في الذهن في حركة و تلاشي و انبثاق مستمر. الدماء وحدها تـثبت فكرة ما و توطنها على ارض التاريخية الإنسانية. لكن تلك الفكرة المتضمخة بالدماء هي متـضمخة كذلك بالاطلاقية و التـقـديس...
أما في عـصر حرية التعبير، فان الفكرة تعبر عن طبيعـتها النسبية. حرية التعبير لا تؤصل لمبدأ القـداسة و إنما لمبدأ البحث الدائم و القبول مبدئيا بالقـلق و الشك الدائمين. القبول بانـفـلات الأفكار و صخبها و اختلافها و تعـددها و ترياق النجاة دوما في الإبداع و إنتاج الجـديد. الإبداع الذي يمثل أكبر خطر محـدق بالأفكار المطلـقة المتضمخة بالدماء.الإبـداع يصبح مطلبا مقـدسا في مناخ الديمقراطية و حرية التعبير.
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟