أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - “بَسّ- اللي فيها كل العِبر














المزيد.....

“بَسّ- اللي فيها كل العِبر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 19:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أتذكّرُ أن أولَّ مقال لي بجريدة "اليوم السابع"، يوم ميلاد عددها الأول في الثلاثاء 14 أكتوبر 2008، كان عنوانه "مسيحي بسّ طيب"، تكلمتُ فيه عن مفردة "بسّ" في الدارجة المصرية، التي تحلُّ محلَّ "لكنْ الاستدراكية" في الفُصحى، وهي الحرف الذي يقع بين نقيضين، ويُفيد الاستدراك. أي أن نهاية الجملة تستدرك المعنى الذي وصل المستمعَ مع بداية الجملة، ويعكسُه. كأن نقول: “عجوزٌ، لكنْ جميلة"، "فقيرٌ، لكن كريم"، إذ أنّ تقدّم العمر ربما لا يتفق مع الجمال، والكرم، كيف له أن يأتى من فقير مُعوِز! لهذا تُفجّر دائما تلك المفردة الساحرة "لكنْ"، عنصرَ الدهشة والاستغراب لدى السامع. ومثلها مفردة "بَسّ" في العامية المصرية. “مسيحي بس طيب!!" ياللهول!، "طبيب مسيحي، بس شاطر!!"، وغيرها من الجمل البلهاء التي تحتشد بها حكاوي مجالسنا الخاصة، نحن المسلمين، حين نطمئن أن لا مسيحيًّا يُجالسُنا. ولستُ أدري، ربما حملتْ مجالسُ المسيحيين مثل تلك السخافات أيضًا: "مسلم بس محترم!!”لكنّ الشاهدَ أن صوتنا هو الأعلى في مصر، لأننا نحتمي بأكثريتنا، ولا نُعوّل كثيرًا على الدستور الذي يساوي بين المواطنين "على الورق فقط"، ولا نعبأ كثيرًا بالقانون الذي لا نحترمه إلا في الغرب، الذي يحمينا حين نكون أقليةً، فننالُ حقوقنا كاملة.
هذه ال"بس" ممنوعة في ورق الدساتير، لكن العالم الُمتحضّر نجح في محوها من عقول المواطنين بتراكم أجيال تحترم الدستور والقانون، لكنها معشّشة في أدمغتنا العربية، ولا يُجدي معها دستورٌ ولا قانون.
لدينا العشراتُ من تلك ال"بس" السخيفة: “ستّ بس جدعة!” هل الجدعنة للذكور فقط؟ "صعيدي بس بيفهم!"، ياللسماجة! “سمرا بس جميلة"، "مش محجبة بس محترمة!” وغيرها من بلاهات وعته.
تلك إشكاليةُ العقلية العربية الثنائية الضحلة التي تُقسّم العالم إلى: غني-فقير، جميل- قبيح، أبيض- أسود، رجل-امرأة، مؤمن- كافر، معي- ضدي، ابن باشا- ابن بوّاب.... الخ. وبرغم هذه ال"بس" المعششة في الأذهان، إلا أن هذه الأذهان ذاتها قد أشعلت الدنيا ضجيجًا ولعنًا وسُبابًا وتنكيلاً بوزير العدل الذي تساءل: "كيف لنجل عامل النظافة أن يغدو قاضيًا؟!” أولئك الضاجّون اللاعنون السبابون، لم يغضبوا ولا ضجّ ضجيجُهم حين أُعلن بصفاقة أن العظيمة "تهاني الجبالي" ستكون آخر مستشارة امرأة في تاريخ المحكمة الدستورية العليا. ولا علا صخبُهم حينما مرّت العقودُ إثر العقود ولم يتقلّد مصريٌّ مسيحيٌّ منصبًا سياديًّا في الدولة!
يردُ بخاطري الآن مثلٌ إنجليزي يقول: “نلوم المجتمعَ، وننسى أننا نحن المجتمعُ.” يا مجتمعَ "بسّ"، لُمْ نفسَك، فأنتَ ظالمُكَ الأول.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل قرأ وزيرُ العدل -أفلاطون-؟
- ميكي يجيدُ العربية
- والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن
- سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها
- النسخةُ الأجمل منك... في المرآة
- المايسترو صالح سليم
- لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا
- هل جئتَ في الزمن الخطأ؟
- أصول داعش في جذور مصر
- هاني شاكر، الطائر الحزين
- غدًا تتحرر سيناء
- الراقدةُ في غفوتِه
- العروس
- هل أنت واحد أم كثير؟!
- أيام الإرهاب الوسطي الجميل
- هل تذكرون راتشيل كوري؟
- الذهبُ الزائفُ على قمم التلال
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس


المزيد.....




- إسرائيل ترفض فتح المسجد الإبراهيمي كاملا للمسلمين برأس السنة ...
- فنزويلا: المعارضة خططت لهجوم على معبد يهودي في كراكاس لاتهام ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسل ...
- هيا غني مع الأطفال.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سا ...
- ألمانيا: السوري المشتبه بتنفيذه عملية الطعن بمدينة بيليفيلد ...
- المواطنون المسيحيون يؤكدون دعمهم للقيادة وللقوات المسلحة الا ...
- مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي ...
- حزب الله يُصدر بيانًا حول -النصر الإلهي- للجمهورية الإسلامية ...
- بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة بدمشق.. هل المسيحيون مهددون في ...
- -رحل صدام والجمهورية الإسلامية لا تزال موجودة-.. دبلوماسي سا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - “بَسّ- اللي فيها كل العِبر