أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - الذهبُ الزائفُ على قمم التلال














المزيد.....

الذهبُ الزائفُ على قمم التلال


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4791 - 2015 / 4 / 29 - 00:34
المحور: المجتمع المدني
    


“من وقت لآخر، أقوم بعمل مذبحة صغيرة لا يعاقبُ عليها قانون المذابح. ولكن حسابَها عسيرٌ في قانون الضمير والأخلاق. أتعذبُ وأنا أبتر ذلك الإصبع، ويتأذى ضميري وأنا أنحر هذا العنق، أو أفصل تلك الذراع الورقية أو تلك القدم الجلدية، عن الجسد الخشبي. كم حلمتُ أن أحوذ مكتبة بحجم المحيط الأطلسي. لكن بعض الأحلام غير مشروعة. الكتبُ في العالم أكبر من أكبر مكتبة. ومكتبتي الخشبية مسكينة تأنُّ تحت وطأة ما تحمل من متون ومخطوطات وكتب ومجلدات وموسوعات ومعاجم تتوالد وتتكاثر كل يوم. لهذا أقوم بتلك الجريمة من وقت لآخر، فأتخلص من بعض الكنوز في مذبحة الكتب التي أضطر إلى القيام بها من وقت لآخر.”

***

كنزٌ صغير وقع في يدي اليومَ وأنا أقوم بمهمتي الدورية في جرد مكتبتي. أذكرُ اللحظة التي وقعتُ فيها على هذا الكنز. كنت أتجولُ في خريف 2001 بمدينة منهاتن الأمريكية، قبل يوم واحد من إعصار هيروكين الذي ضرب شرق أمريكا. ها هو شارع برودواي الصاخب، والمسارح من حولي مثل راقصات باليه جميلات في أوپرا حيّة صادحة لا تنتهي. ها هي ذي مكتبةٌ صغيرة. دخلتُ وتوجهت رأسًا إلى قسم الأدب الذي يجذبني كما يجذبُ النورُ الفراشات. فتحتُ أول ديوان شعري صادفتُه على رفٍّ علويّ، وتركتُ المصادفة تختار لي القصيدةَ التي ستحدد إن كنتُ سأشتري الكتاب أم لا.
كانت أورسولا ك لي چوين، الشاعرة الأمريكية ابنة كاليفورنيا، عام 1929. وهذا ديوانها I Am My Inheritance، "أنا ميراثي"، عن دار "هاربر" 1988. واختارت المصادفةُ قصيدة: "الشوفان البريّ، وعُشبة الصفصاف"، التي قررتُ اليومَ أن أُهديها لقرائي بمجلة "نصف الدنيا"، بعد ترجمتها للعربية.

أحلمُ بكَ،
أحلمُ بكَ تقفزُ،
أيها الأرنبُ
أيها الأرنبُ الأميريكيّ،
يا طائرَ الحَجَل.

الحمقاءُ، ابنةُ المهاجرين ،
مُسرفةٌ، هجينٌ،
وأنا
خليطًا بشريًّا عشوائيًّا كنتُ.

العشبةُ البريّةُ على جانبِ الطريق
تنثرُ بذورَها وسيعًا في المدى
تطمحُ في عبور المياه العظمى.

عجوزٌ أنا،
لستُ إلا حفنةً من التراب،
تعودُ إلى هذي الأرض،
مثل مُزارعٍ أجير.
آهٍ يا أمريكتي!
يا أرضي المكتشفةُ بالأمس!

هذا الشوفان البرّي،
مثلي،
غريبٌ عن هذي البلاد.

ها هو العشبُ
والذهبُ الزائفُ
على قمم التلال
على أبواب طفولتي،
كاليفورنيتي،
ليتني أستحقُّ النواة: حبّة اللقاح:
الكلمة التي تُقال حينما يعلو الماء:
ألوانُ الأرض الأربعة.

دعني قبل موتي
أمكثُ في الحياة
وأعبر حزمةَ الأشياء الساكنة
نحو الاتجاهات الستة.

دعني أحلُمُ
دعني أحلُمُ بك تقفزُ،
أيها الأرنبُ،
الأرنبُ الأمريكي،
يا طائرَ الحَجَل.

العشبةُ الحمراء على جانب الطريق
تُزهرُ،
وتشتعل،
وحطامُ سانت هيلينز،
ليس إلا راقصةً طويلةً،
ترقصُ في الريش،
وتنثرُ بذورَ رمادِها.

آهٍ يا أمريكتي!
من حيث ثلوج الشمال، والغربان
مرورًا بأراضي ذئاب البراري،
ومرتفعات الشمس والإمبراطوريات،
إلى حيث ثلوج الجنوب،
وأرض النار،
يقف ساكنو الصخور،
الآنديز،
يشاهدون عظامَ ظهرِ النسرِ الأسود
الغارزِ أظفارَه في جدرانِ الحظيرة،
حيث الهوامْ،
والحشرات.

جسدي ظفرٌ
ونسرٌ.
زفيري رصاصةٌ
وريشة.

سأعودُ،
أدورُ،
أدورُ في المكان.
أنا ميراثي.

على حافةِ الجبل
ثمة غيمةٌ تتدلى
وقلبي
قلبي
قلبي يتدلّى معها.

تعلمتُ أخيرًا الاتجاهَ الأخير.
وربما قبل الموتْ
أتعلمُ أيصًا
بعض كلماتٍ
من لغتي.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
- الزبون دائما على حق
- قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
- آن أنْ أكتبَ عن العصفور
- علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!
- عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت
- سعفةُ نخيل من أجل مصر
- هل لحرية التعبير قيود؟
- سفاحُ الأطفال، صائدُ العصافير
- الحاجة صيصة وذقن حتشبسوت
- طلّعى الكمبيالة يا حكومة!
- أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
- مصرُ أينما جُلتَ
- الرئيس.. والأم
- شكرا ونكتفي بهذا القدر
- أمي -الملاك-... التي لم تنجبني
- شارعُنا
- هل تذكرون لوزة وتختخ؟


المزيد.....




- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - الذهبُ الزائفُ على قمم التلال