أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - هل أنت واحد أم كثير؟!














المزيد.....

هل أنت واحد أم كثير؟!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 14:34
المحور: الادب والفن
    


لم يستخدم الموسيقار النمساوي موتسارت صيغة المتكلم المفرد (أنا) أبدًا، بل صيغة المتكلمين الجمع (نحن)، حينما يتحدث عن نفسه. وفسّر البعضُ ذلك بأنه نوعٌ من تفخيم الذات وتعظيم النفس. لكنهم، حين سألوه أجاب قائلا:
"ليس هناك عملٌ، أيُّ عملٍ، بوسع المرءِ أن يؤديَه بمفرده. خاصةً إذا كان هذا العملُ مُتقنًا وناجحًا واستثنائيًّا. فأنا أضعُ الموسيقى وهناك من يصنع الورقَ ويقدمه لي لأكتب النوته الموسيقيه، والقلمُ الذي أكتبُ به صنعه آخرُ، وهناك صانع الپيانو الذي أعزفُ عليه وهناك بقية العازفين غيري. حتى الصوت والهواء من حولنا ليس من صنعنا وهما يُسهِمان دون شك في العمل الموسيقي. ثم هناك المستمعون الذين يطربون للموسيقى. كل هذا يسهم في إبداع العمل فكيف أتحدثُ عن عملي بصيغة المفرد، وهو نتاجُ عمل جماعي لذلك أفضل أن أتكلم بصيغة الجمع.”
ليس تواضعًا إذن ما فكّر فيه العظيم موتسارت ابنُ القرن الثامن عشر. إنما حقيقة يُنكرها المغرورون. فأنت حين تأكل طبقًا شهيًّا من السوشي الياباني، تنسى الصياد الذي جلب الأسماك من النهر، وربما تنسى خالقَ الأسماك والنهر. وتنسى بالطبع من نسج الشبكة، ومَن زرع الأرز والخضر والصويا والزنجبيل والواسابي الحار. وتنسى الشجرة التي جلبوا من أغصانها عصوات الشوب-ستيك. وتنسى الخزّاف الذي صاغ لك الصحون. وتنسى الطاهي الذي جهّز هذه المتعة الطيبة. وربما لا تذكر وجه النادل الذي قدّم لك وجبتك. كيف تذكر كل ما سبق وأنت تنسى من قادك إلى تلك اللحظة التي دخلت فيها المطعم الياباني وأنت يافعٌ تملك حافظة نقود، صنعها دابغُ جلود وحيوانٌ انتُزع جلدُه، بها أوراق مالية، صكّها لك عمالٌ ورجالُ اقتصاد، وتملك قرارك بعدما كنت جنينًا في أحشاء أمٍّ ستسهر على طفولتك حتى تكبر وتمشي وتخرج من البيت وتقرر إلى أي مطعم تصطحب أصدقاءك للعشاء؟
هل فكرت وأنت تمسك القلم لتكتب كلامًا طيبًا أو حتى سيئًا، أن هناك من يشاركك الكتابة؟ هل وحدك من تكتب؟ أم كتب معك ذاك الفلاح الذي زرع الألياف السيليلوزية التي تتحول إلى لبّ الورق، ثم ذاك المنجّم الذي استخرج المعدن من باطن الأرض والعامل الذي صنع البلاستيك الذي صُنع منه القلم، وذلك العالم الذي اخترع من أجلك الحاسوب والزجاج، ومن قبل أولئك العبقري الذي ابتكر فنّ الكتابة منذ آلاف السني،ن والمعلم المحترم الذي علّمك الحروف والكلمات والجمل وفن الصوغ، ومن قبل هؤلاء وأولئك الأم التي حملتك وهنًا على وهن حتى صرت يافعًا تجلس على كرسي ومكتب صنعهما نجارٌ، لتمسك قلمك أو لوحة مفاتيحك فتكتب رسالة حبٍّ إلى حبيبتك، أو رسالة تهديد وسباب إلى شخص لا تحبه؟!
وأنت تقرأ مقالي هذا على مقعدك المريح في غرفة المكتب، لا تنس أن تشكر صنّاع الأوراق، وجامعي الحروف، ورجال الديسك والمحررين، وموزع المجلات، ويوهان جوتنبرج مخترع المطبعة، ورئيس التحرير الذي كلّفني بكتابة هذا المقال. كما لن أنسى أن أشكرك على الدقائق التي منحتها لمقالي.
لستَ واحدًا، بل أنت مئاتُ الناس وعشراتُ التواريخ والجغرافيات، فاحذرْ أن تجرَّ معك تلك الجموع البشرية نحو ما يسيء إليهم، وما قصدوا لك إلا الخير. أنت مجرّة بأسرها يا صديقي. فَتِهْ خُيلاءً، ومجّدْ خالق هذا النظام المدهش.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيام الإرهاب الوسطي الجميل
- هل تذكرون راتشيل كوري؟
- الذهبُ الزائفُ على قمم التلال
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
- الزبون دائما على حق
- قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
- آن أنْ أكتبَ عن العصفور
- علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!
- عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت
- سعفةُ نخيل من أجل مصر
- هل لحرية التعبير قيود؟
- سفاحُ الأطفال، صائدُ العصافير
- الحاجة صيصة وذقن حتشبسوت
- طلّعى الكمبيالة يا حكومة!
- أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
- مصرُ أينما جُلتَ
- الرئيس.. والأم
- شكرا ونكتفي بهذا القدر


المزيد.....




- مهرجان -القاهرة السينمائي- يعلن عن أفلام المسابقة الدولية في ...
- زلزال في -بي بي سي-: فيلم عن ترامب يطيح بالمدير العام ورئيسة ...
- 116 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة.. الإعلان التشويقي لفيلم مايكل ...
- -تحيا مصر وتحيا الجزائر-.. ياسر جلال يرد على الجدل حول كلمته ...
- منتدى مصر للإعلام يؤكد انتصار الرواية الفلسطينية على رواية ا ...
- بابكر بدري رائد تعليم الإناث في السودان
- -على مدّ البصر- لصالح حمدوني.. حين تتحول الكاميرا إلى فلسفة ...
- هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في ...
- مصر.. انتقادات على تقديم العزاء للفنان محمد رمضان بوفاة والد ...
- الإمارات.. جدل حكم -طاعة الزوج- ورضى الله وما قاله النبي محم ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - هل أنت واحد أم كثير؟!