أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيام الإرهاب الوسطي الجميل














المزيد.....

أيام الإرهاب الوسطي الجميل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 07:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وأنا أقلّبُ في أرشيفي، وقعتُ على مقال قديم كتبتُه في أبريل 2011، أيام التطرّف الوسطي الجميل، قبل ظهور داعش. قرأته وابتسمت. فأحببتُ أن تقرأوه وتترحّموا معي على أيام كان الإرهابي فيها "طيبًا" يكتفي بقطع الأُذُن، بدلا من نحر العنق، حين رخُص الدمُ، وهان.
["ولاَ يَجْرمَنَّكم شنآنُ قومٍ على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى." سورة المائدة. ولستُ أدرى ما موقع تلك الآية من قلب الإرهابي حين يفكّر في أقباط مصر؟ هذا طبعًا بفرض أن بين المسلمين والمسيحيين "شنآنَ"، وهو البغضاء، والعياذ بالله.
غاضبون مني(!) لأنني أكتبُ حول حقوق أبناء بلدي من منطلق السعي نحو الجمال؛ إيمانًً بأن أولى خطوات الجمال هي العدل، وبأن اللهَ سيسألنا: هل شهدنا ظلمًا ولم نسع لرفعه. تدفعني للكتابة أمورٌ ثلاثة. 1- ما أراه من ترويع للأقباط، وصل حدَّ هدم الكنائس وقتل المُصلين، وقطع الآذان، ورفض محافظ مسيحي! 2- صمتُ المسيحيين الأبديّ، تحقيقًا لآية الإنجيل: "يُدافَع عنكم وأنتم تصمتون". 3- قلّة كتابات المسلمين المستنيرين، على كثرتهم، عن حقوق الأقباط المهدَرة منذ عقود؛ إما يأسًا، أو خوفًا على أسمائهم من التصنيف في خانة قد تُفقدهم قطاعًا من قرّائهم، ممَن يرون، خطأً، أن مَن يدافع عن حقوق "الآخر"، هو بالضرورة ضدهم. متناسين أن حفظ حقوق "الجميع"، ضمانةُ حفظ حقوقهم هم، لأنهم جزءٌ من هذا "الجميع". وأكررُ: أنا لا أناقش عقائدَ، فهي شأنٌ خالصٌ لله، تعالى عن مشاركة العباد في شأنه. إنما أناهضُ العنفَ: الفكريّ والجسديّ واللفظيّ والمعنويّ، الذي يمارسه المتطرفون ضدّ أبناء وطني، فيسلبونهم حقَّهم في العيش بأمان في بلادهم! وأكررُ أيضًا أنني لا أناهضُ المتطرفين المسلمين وحسب، بل أي تطرف كان. لذلك هاجمتُ مسيحيًّا ألّف كتابًا عنوانه: "الإعجاز العلميّ في الكتاب المقدس"، مُحاكيًا ما يصنعه د. زغول النجار على صفحات الأهرام فاتحًا باب الفتنة، والخطأ المنهجي في خلط الثابت بالمتحول. حيث الدينُ ثابتٌ، فيما العِلمُ متبدّلٌ يومًا بعد يوم! ثم يخرج شيخٌ يصرخُ: "لا ولاية لكافر"! غافلاً أنه كافرٌ أيضًا في نظر مَنْ يراه كافرًا. فالإيمانُ والكفر نسبيّان، وشأنٌ يخص الله وحده. لكن المطلق هو حقوقُ المواطَنة لكل مصريٍّ، طالما لم يخُن وطنه. ويقسمُ شيخٌ آخر بأنه سيخرج بكل شباب مصر ليهاجموا الأديرة باحثين عن فتاة يظنون إسلامَها! وآخرُ يودُّ فرضَ الجزية على المسيحيين "تاااااني"!!! وغيرُه ينتظر "امتلاك الأرض" ليطبّق "الحدود"! ولم نر هذا الشيخ أو ذاك يحثُّ شبابَ مصر على العمل والمعرفة والأمانة والمحبة والجدية والنهوض بمصر! تقلّصَ إسلامُه وتقزّمتْ رسالتُه في مطاردة الأديرة وتغليظ القسم بترويع الآمنين! ثم يهتف المسيحيون في قنا مع المسلمين ضد المحافظ المسيحي: "عاوزينه مسلم- إسلامية رغم أنف الداخلية"!!! صانعين نموذجًا فريدًا للوحدة الوطنية! إن كانت تلك هي الوحدة الوطنية!! وهنا قررتُ أن أبتلع لساني وأصمتَ إلى الأبد. خصوصًا بعد إيميل وصلني من صيدلاني مسيحي مثقف، عنوانه "Thanks & Enough، "شكرًا وكفاية كده". يقول فيه:
"أ. فاطمة، أرسلتُ لكِ منذ شهور أشكركِ لأنك أعدتِ لي الثقةَ في الصحافة بل وفي القراءة. مقالتك الأخيرة كالعادة أعجبتني. ولكن بعد قراءة تعليقات القراء علي "اليوم السابع" بدأت أخاف إذْ تنصبُّ علي التهديد والتشكيك في دينك. نحن لا نريد "فرج فودة" آخر. لذا يجب أن أوضح أن هذا الاضطهاد لا يزعجنا. لماذا؟
1 – الاضطهاد يزيد إيماننا. لأننا حين نفقد الرجاء في الناس يكون رجاؤنا في الله، وهذا أفضل. لذا نشكر مُضطهدينا وهذه وصية المسيح لنا: "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم."
2- المسيح لم يخدعنا وقالها لنا صريحة في الإنجيل: "قد كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلامٌ. في العالم سيكون لكم ضيقٌ ولكن ثقوا أنا قد غلبتُ العالم."
3- إذا ضربك أحدٌ بعصا هل نلوم العصا؟ نحن نؤمن أن الشيطان يستخدم أشخاصًا (العصا) لاضطهادنا، لذا نصلي لأجلهم حتى يفتح اللهُ عيونهم ويروا مدي الإيذاء الذي أصابنا. نُصلي من أجل النُصرة علي الشيطان لا علي المتطرفين. هذا هو إيماني."
وكان ردي عليه:
"حسنا جدًّا. أحييكم على إيمانكم العميق وشكرًا أن رفعتم عني إصرَ هذا العناء. يسعدني التخلّي عن هذا الطريق الوعر، وأطوي صفحةً أرهقت حياتي. أهنئكم على سعادتكم بما تلاقونه في بلادكم، مادام هذا يزيدكم إيمانًا وورعًا. تحية لكم. والسلام."
شعرتُ فجأة أني أناطحُ طواحينَ هواء، وعليَّ الكفُّ عن دور "دون كيخوته" العبثي، لأعود للكتابة التي أحبُّها، ومن أجلها تركتُ عملي الهندسي المربح لأجل عيون الصحافة جالبة الهمّ. سأعود للموسيقى، والفن التشكيلي، والفلسفة والأدب، الموضوعات التي تُبهج روحي، وتُفرح قلمي، وأنجو من طريق الأشواك الذي جلب لي التكفير والتهديد والكراهية والعداء، وأفقدني الكثير من قرّائي. فكرتُ أن أقطع على نفسي عهدًا بطيّ هذا الملف المزعج.
ولكنْ، تأملوا معي هذه الرسالة المؤمنة، وهتافَ أقباط قنا، ومسامحة "أيمن ديمتري" للمتطرف الذي قطع أُذنه، لتفهموا أسبابَ صمت أقباط مصر قرونًا. إنه الإيمان بالله! فهل يدفعنا "إيمانُنا"، نحن المسلمين، إلى ترويع مَن يرحّبون باضطهادنا لهم؟! عيب!
أتمنى أن أفي بعهدي. هذا يومُ المنى. ولا شك سيساعدني على هذا أن تمرّ برهةٌ قصيرةٌ من الزمن لا يُهان فيها أبناء بلدي الأقباط، ولا دور عبادتهم. لأنني لن أكون شيطانًا أخرس. فهل يحدث هذا؟ آمين يا رب!]



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تذكرون راتشيل كوري؟
- الذهبُ الزائفُ على قمم التلال
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
- الزبون دائما على حق
- قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
- آن أنْ أكتبَ عن العصفور
- علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!
- عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت
- سعفةُ نخيل من أجل مصر
- هل لحرية التعبير قيود؟
- سفاحُ الأطفال، صائدُ العصافير
- الحاجة صيصة وذقن حتشبسوت
- طلّعى الكمبيالة يا حكومة!
- أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
- مصرُ أينما جُلتَ
- الرئيس.. والأم
- شكرا ونكتفي بهذا القدر
- أمي -الملاك-... التي لم تنجبني


المزيد.....




- من -مشروع أجاكس- إلى -الثورة الإسلامية-.. نظرة على جهود أمري ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو الصهيوني يُعاقب.. انه يُعاقب ال ...
- الشرطة الأمريكية تحقق في تهديدات ضد مرشح مسلم لرئاسة بلدية ن ...
- بابا الفاتيكان يحث قادة العالم على السعي لتحقيق السلام بـ-أي ...
- مرجعية العراق الدينية تدعو لوقف الحرب
- ترفض -السماح ببقائه-...هل تريد إسرائيل رأس المرشد الأعلى الإ ...
- استقبل قناة الأطفال المحبوبة على شاشتك الآن.. التردد الجديد ...
- إيهود باراك: لا مبرر منطقيا للحرب مع إيران الآن
- مادورو يدعو يهود العالم لوقف جنون نتنياهو
- الاحتلال يفرض سياسة جديدة بعد 6 أيام من إغلاق المسجد الأقصى ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيام الإرهاب الوسطي الجميل