|
في الجمهورية الخضراء الكشميري يطارد الحلفي !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1334 - 2005 / 10 / 1 - 08:43
المحور:
كتابات ساخرة
على إثر معركة قصيرة نشبت قبل ساعات من كتابة مقالتي هذه استعاد الصحفي العراقي ، جمعة الحلفي ، منصبه كرئيس تحرير لجريدة الصباح التي تصدر باسم الحكومة العراقية - الأمريكية في العراق ، وذلك بعد أن قامت قوة من البيشمركة الكردية ، حرس رئيس الجمهورية ، جلال الطالباني ، وبأمر من الرئيس نفسه ، باقتحام مقر جريد الصباح تلك بعد حصار لذلك المقر دام لمدة ساعة كاملة ، وكانت نتيجة ذلك هو اخراج رئيس التحرير الجديد ، محمد عبد الجبار الشبوط ، بالقوة من مقر الجريدة ، بعد أن كان رئيس وزراء الحكومة تلك ، ابراهيم الاشيقر الكشميري ، المعين بتزكية الانجليز ، والموضوع تحت المراقبة الأمريكية الدائمة ، قد طرد الصحفي العراقي ، جمعة الحلفي ، من رئاسة تحرير تلك الجريدة جريا وراء شعار حزب البعث الشهير : من ليس معنا فهو ضدنا ! هذا الشعار الذي باتت حكومة إبراهيم الكشميري تتمسك به أشد التمسك ، وتتباهى به كوريث شرعي لحكم صدام الساقط الذي سبق أن تبنى هذا الشعار من قبل بكل ما أوتي من قوة ، كيف لا وحكومة الكشميري تعتبر نفسها حكومة وصلت الى السلطة في العراق عبر انتخابات زورت بفتوى ، وأمام أنظار جميع العراقيين ، وذلك من أجل أن يتربع عملاء ايران على كراسي الحكم في دولة عريقة مثل العراق . طبقا لذاك الشعار الذي تبناه صدام ونظامه خسر الكثير من العراقيين وظائفهم في الدولة تلك ، وبسبب من أنهم رفضوا الانضمام الى صفوف حزب البعث العراقي بالإكراه ، وحين فشل صدام في اجبار العراقيين على التخلي عن قناعاتهم ، وما يؤمنون به من افكارهم ، لجأ هو الى طريق آخر ، هو طريق البطش والقتل هذه المرة ، فما كان من بعض هؤلاء العراقيين إلا مغادرة العراق، وفي ظروف بالغة الخطورة والقسوة . لقد كان الصحفي العراقي ، جمعة الحلفي ، واحدا من هؤلاء المغادرين ، وهو ، كما أعرف أنا ، ينحدر من قبيلة الحلاف العربية التي استوطنت أهوار جنوب العراق ، من اسرة كادحة ، معدمة انتقلت بسبب من الفاقة والعوز الى بغداد للعمل الذي توفرت فرصه فيها ، وذلك بعد أن ظهرت نقمة النفط في العراق ، وتصاعدت ألسنة نيرانه في سمائه . كانت الأسرة تلك ، مثل غيرها من الأسر المهاجرة من جنوب العراق ، قد نزلت أول ما نزلت مدينة الثورة التي أشادها عبد الكريم قاسم ، ثم تحول اسمها الى مدينة صدام ، فمدينة الصدر في العهد الأمريكي . ما كان جمعة الحلفي الذي يحمل الشينات الثلاثة على ظهره : شيعي ، شيوعي ، شروقي ، قد أتى مهاجرا الى العراق من كشمير الباكستانية مثل إبراهيم الإشيقر الى العراق ، لقد جاء من العراق والى العراق . جاء يفتش عن رغيف خبز مثل غيره من جياع الجنوب والاهوار الذين تتعالى أصواتهم في مظاهرات صاخبة تطوف البصرة والعمارة هذه الأيام ، مطالبين بذات الرغيف الذي حرمه عليهم نوري السعيد من قبل ، وهم بمظاهراتهم تلك يثبتوا للعالم أنهم أول من صرخ بوجه حكومة البرامكة الجدد في بغداد المستظلة بظلال حراب قوات الاحتلال . عرفتني بجمعة الحلفي دروب الغربة ، فأنا ما كنت قد عرفته في العراق من قبل ، فقد التقيته أول ما التقيته في عدن من جمهورية اليمن الديمقراطية سابقا ، وذلك حين كنت أنا أتحمل مسؤولية القسم الثقافي في جريدة 14 اكتوبر العدنية ، وكنت وقتها اكتب المقالة تلو المقالة التي ما خرجت مواضيعها في الغالب عن فضح جرائم النظام الدموي في العراق ، وكثير ما كان سفير صدام في تلك الجمهورية يفزع مذعورا نحور الرئيس الشهيد ، الراحل ، عبد الفتاح اسماعيل ، شاكيا إليه ما كنت اسطر من حروف ، وليس ما كنت أرمي من رصاص ، ولما كنت أكتب بلغة : إياك أعني فاسمعي ياجارة ! كان عبد الفتاح اسماعيل يرد على السفير العراقي أنه لم ير في ما كتبه أنا من مقالات مسّا بحكومة صدام ونظامه ، ساعتها كان سفير صدام المأخوذ برعب سيده يصرخ قائلا : أنتم – يا سيادة الرئيس – لم تعرفوا بعد لغة الشيوعيين العراقيين ، نحن فقط الذين نعرفها ! بعد ذلك ، وعلى ما اتذكر ، كنت قد كتبت مقالة تحت عنوان : العراق الى أين ؟ مباشرة بعد المجزرة الرهيبة التي اقترفها المجرم صدام بحق واحد وعشرين من رفاقه في القيادة العراقية ، تلك المقالة التي فضحت فيها اسلوب صدام الدموي في تعامله من العراقيين ، ومع أقرب الناس له ، ولكنني على إثرها حصلت على ملاحظة من وزير الإعلام اليمني ، أبلغت فيها عن طريق مدير التحرير الراحل ، أحمد سالم محمد ، تقول : أن خفض من حدة قلمك ! صونا لما تبقى من علاقة بين جمهورية اليمن الديمقراطية والعراق . غبَ تلك المجزرة بأيام طاش صدام طيشه المعروف ، فأعلن الحرب على الخميني ، وهذا ما جعل قوى المعارضة العراقية أن تسارع الى ارسال ما تدرب من كوادرها على السلاح الى كردستان العراق ، وكان لي من بين هؤلاء صديق ، حملتني مناسبة مغادرته لعدن مع من غادرها من حملة السلاح هؤلاء على تذكر مصير الأموي عبد الرحمن الداخل ، الملقب بالحمار ، وتوقعت أن مصير صدام بعد اعلانه لتلك الحرب لا يختلف كثيرا عن مصير عبد الرحمن الداخل الهارب من زحف الرايات السود ، القادمة من خراسان ايران ، فكتبت ساعتها عن مصير صدام هذا مقالة تحت عنوان : سنة الحمار* نشرت في الصفحة الأخيرة من الجريدة المشار إليها أعلاه ، ولكن المقالة تلك قد استفزت بعض العناصر التي تجهل الكتابة والتاريخ ، واعتقدت أن مقالتي تخصها وتنال منها ، ولا تخص صداما ، ولا تنال منه ، ولا أدري كيف توصلت تلك العناصر الى استنتاج مثل هذا الاستنتاج ، ولكن تبين لي فيما بعد أن أحد هؤلاء كان يعمل في الخفاء بين تلك النخبة من الصحفيين كجاسوس من جواسيس صدام ، ولهذا فقد نصبوا لي ، ولمقالتي تلك ، محكمة من محاكم تفتيش القرون الوسطى ، كان كل أركانها من الصحفيين العراقيين ، وكان من بينهم الصحفي جمعة الحلفي المطارد من قبل صدام في الأمس ، ومن الكشميري اليوم . حين التقيته في اليوم الثاني في مكان عملي بجريدة 14 اكتوبر فاجأني قائلا : أتدري أنني رفضت رفضا قاطعا أن تحاكم مقالتك : سنة الحمار ، من قبل محكمة تفتيش أمر بتشكيلها أناس يجهلون فن الكتابة والتاريخ . هذه الحادثة هي التي عرفتني بالصحفي جمعة الحلفي الذي لازال يواصل الكتابة معنا في موقع الحوار المتمدن الشهير ، وهو يدير تحرير صحفية الصباح من المنطقة الخضراء في بغداد ، تلك الجمهورية المحاصرة بجند الزرقاوي وصدام ، والتي يتحكم ابراهيم الاشيقر بعشرة بالمئة من مساحتها ، مثلما كتب أحد الصحفيين الغربيين هازئا ، أما ما تبقى منها ، فالحكم فيه للأمريكان ، وللجيش العراقي الذي شكله الأمريكان ، هذا الجيش الذي قام قبيل ساعات من كتابة أحرف مقالتي هذه بضرب أعضاء من قائمة إبراهيم الإشيقر ، جلهم من اصول إيرانية ، وبعض منهم عين لإيران في الجمعية الوطنية الأمريكية . لقد جاء خبر الضرب هذا في بعض من وكالات الأنباء على هذه الشاكلة : ( وفي جلسة للجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) اليوم دان حسين الشهرستاني النائب الاول للرئيس تصرفات بعض افراد الجيش العراقي حيث تعرضوا بالاعتداء على الشيخ محمد تقي المولي ، وهادي العامري ووليد شركة ، والشيخ ضياء الفياض ، اعضاء الجمعية الوطنية أثناء حضورهم جلسة الجمعية الوطنية وعبر عن امتعاضه الشديد . ) هؤلاء هم الذين يطاردونك يا ابن الجنوب ، ولتعلم أنني ما تمنيت لك أبدا أن تكون بقرب هؤلاء ، وثق يا ابن الحلفي أن هؤلاء لا يختلفون عن صدام في شيء ، فإذا كان صدام يقتل الناس في العراق خلسة ، وباسم الثورة والحزب القائد ! فها أنت ترى كيف يقتل هؤلاء الناس في البصرة ، وفي المدن الجنوبية الأخرى علنا في الشوراع ، وفي بيوتهم ، وباسم الله هذه المرة ، كيف لا وهم يرون أنهم هم وحدهم أبناء الله ، أما أنت والآخرون فيرونهم أبناء الشيطان ، فخذ حذرك من عصابات القتل هذه التي ورثت عن صدام نهجه ، وإياك إياك من جند الزرقاوي وصدام ، وجند الولي الفقيه ! فلا فرق بين الإثنين ، فكلاهما يقتل العراقيين المظلومين باسم الله ، وكلاهما يستحل لنفسه أخذ الرشوة ، لكن شرط أن تكون بالدولار الأخضر الكافر ! * سنة الحمار : كلمة سر ، كان رجال الدعوة العباسية السرية يستخدمون كساعة صفر لاظهار دعوتهم ، واعلان ثورتهم ، وقد كانوا يكنون بها عن آخر خليفة أموي تظهر في زمنه دعوتهم تلك.
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما وراء الدستور !
-
انتظروا نكبة البرامكة الجدد !
-
دواقنة هذا الزمان !
-
الجريمة والقرن الأفريقي !
-
خطى في الجحيم !
-
الحكمة من تشكيل الائتلاف العراقي الموحد -
-
دستور مشلول لا ولن ينقذ بوش من الورطة !
-
الصرخي علامة من علامات تخلف العراق في العهد الأمريكي !
-
السستاني يصفع الجميع !
-
إمارة الحكيم الإيرانية !
-
بعد تعاظم الورطة السستاني يمزق صمته !
-
الجوع سيوحد العراقيين !
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 3
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية-1
-
علاوي وأحلام العصافير !
-
حكومات تحت ظلال سيوف الديمقراطية الأمريكية !
-
بوش الدجال بين طالبان سنة العربان وطالبان سنة إيران !
-
أوربا نحو القبول بالحصة من الغنيمة العراقية !
-
حليفكم الجبل يا مسعود !
المزيد.....
-
“مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي
...
-
-النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو
...
-
بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو
...
-
فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
-
الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
-
التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب
...
-
السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك
...
-
تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2
...
-
حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|