أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سهر العامري - العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2















المزيد.....

العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1278 - 2005 / 8 / 6 - 10:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وصلت والسائق الى مسجد الإمام الحسين عليه السلام ، وقد كانت أشعة شمس القاهرة تنصف الرأس من البشر ، يتصاعد في جو المكان هدير أمواج صوت خطيب صلاة الجمعة المنبعث من مكبرات الصوت التي تعلقت على جدر المسجد المذكور ، بينما انتشرت الشرطة بأعداد ليس بالقليلة في باحة المسجد الأمامية ، وفي الشوارع والفروع المؤدية اليه ، ناشرة بعض الحواجز هنا وهناك ، خشية من التفخيخ والمفخخين على ما يبدو ، بينما وقفت سياراتها المصممة لنقل السجناء في طابور واضح المعالم ، يُنبىء بقرب وقوع معركة عما قريب .
- لا تخف ! قال لي السائق ، لقد اعتاد رجال الصحوة ! استغلال التجمعات في أوقات الصلوات للخروج بتظاهرات .
اتضحت الصورة لي الآن أكثر ، وعرفت دون أن أسأل السائق أن طابور سيارات الشرطة الواقف كان بانتظار المشاغبين من رجال الصحوة الذين راحوا يفرضون نفوذهم على الناس في الشوارع ، متلبسين بلباس الدين ، محتمين ، لائذين فيه ، فهم وللحقيقة أقول لا يستطيعون حشد تجمع يسير متظاهرا في شوارع القاهرة خارج التجمع الذي تدعو له الصلاة في يوم مثل يوم الجمعة ، وهم في استغلال الدين هنا لا يختلفون كثيرا عن استغلاله من أجل بسط النفوذ ذاك في مناحي أخرى ، وذلك كله من أجل فرض سلطة لهم بموازاة سلطة الدولة التي تدرك أهدافهم ونواياهم السياسية ، لكنها تتذرع بالصبر على ما يبدو ، بعيدا عن الوقوع في مواجهة معهم ، سيكون من بين ضحاياها أبرياء مغرر بهم .
لقد عمل رجال الصحوة هؤلاء على فتح مسجلات صوتيه ، يُتلى منها القران الكريم في محلات تجارية هنا وهناك ، وعلى مدار ساعات العمل ، ومن دون أن يستمع إليه أحد ، حتى صاحب المحل المشغول عنه بالبيع والشراء ، ولهذا يستطيع المراقب الفطن أن هؤلاء يريدون من وراء ذلك التعرض للدولة العلمانية ، وإثبات وجودهم وسطوتهم في الشارع ، ولا شيء غير ذلك .
يضاف لذلك أن رجال الصحوة هؤلاء قد حولوا بعض الأزقة الضيقة التي تقوم على جانبيها محلات تجارية الى أماكن للصلاة ، وذلك حين يعمدون الى فرش زقاق ما على طوله بالحصران كي يقيموا الصلاة فيه ، مع أن القاهرة مشهورة بكثرة مساجدها ، ودور عبادتها ، حتى قيل إنها مدينة الألف مئذنة !
ومثل هذا وذاك من مظاهر بسط النفوذ هو فرض نوع من الحجاب على الفتيات اللائي يقاوم الكثير منهن ذلك ، متحديات من يلاحقهن من رجال الصحوة بمفردهن ، أو برفقة أخوان وآباء لهن ، حينما يخرجن سافرات في الشوارع ، رغم أن الحجاب كان عندهن بعضهن غطاء الرأس وحسب .
ومن مظاهر فرض النفوذ هو أنك ترى شبانا بلباس وهيئة ، ما كنت لتراهم في القاهرة من قبل ، تراهم قد أطالوا اللحى ، ولبسوا الثياب القصيرة التي تتعدى الركب قليلا ، وهؤلاء هم من أتباع الوهابية ، على ما يظهر ، الذين ظهروا وانتشروا هذه الأيام في مصر ، واعتقد أن الحكومة المصرية تدرك أن هؤلاء هم الأكثر تطرفا من فرق الصحوة الأخرى ، وقد تكون العمليات الإرهابية التي تستهدف السواح في مصر تنطلق من كهوف هؤلاء ، فهم يدركوا تمام الإدراك أن السياحة في مصر اليوم تشكل مصدر دخل كبيرة للدول المصرية يبلغ المليارات من الدولارات السنوية ، فتذكرة الدخول الى المتحف المصري على سبيل المثال قيمتها أربعون جنيها مصريا للسائح الغربي وللسائحة الغربية ، لكنها للعرب خمسة جنيهات فقط ، وعلى هذا يدرك أصحاب الصحوة أن هذا المردود من الأموال الهائلة لا يدعم اقتصاد الدولة فقط ، وإنما يساعد الحكومة المصرية على الدوام والبقاء في السلطة التي يتطلع لها هؤلاء حتى ولو جاء لهم بها الشيطان الأكبر ، أمريكا ، شأنهم في ذلك شأن إخوة لهم في العراق .
قال لي رجل قريب من حركة الإخوان ، أكل السجود بعضا من جبهة : كم أتمنى أن تزيل لنا أمريكا النظام السوري بذات الطريقة التي أزالت بها نظام صدام عندكم ! ولكن الرجل هذا ربط رضاه عن أمريكا في إزالتها لنظام صدام بشرط إزالتها لنظام الحكم في سورية !
من هنا التقت مصلحة رجال الصحوة هؤلاء بالمصلحة الأمريكية التي تريد تحويل المجتمعات العربية الى مجتمعات استهلاكية ، خاملة ، تستنزف ثروتها أطراف خارجية ، بذات الشاكلة التي تستنزف فيها ثروة المجتمعات العربية في دول الخليج العربي ، فقد أظهرت الإحصائيات التي نشرت للتو أن مقدار تحويلات العمالة الأجنبية في تلك الدول لسنة 2004م قد بلغ ثلاثين مليار دولار ، هذا الرقم المخيف الذي لا تقبل أية دولة متحضرة من دول أوربا ، وعلى عظيم ثروتها ورقيها ، أن يُستنزف منها سنويا .
لقد جاء في تلك التقارير الجديدة أن العاملين الأجانب في المملكة العربية السعودية وحدها ، على سبيل المثال ، قد بلغ سبعة ملايين فردا ، هؤلاء بحساب بسيط ينوب كل واحد منهم في قوة عمله بهذا الشكل أو ذاك عن مواطن سعودي مثله ، إذ يبلغ تعداد الناس في المملكة عشرة ملايين إنسانا على ما اعتقد .
هذا هو المصير الذي ينتظر الشعوب العربية في العراق وسورية ومصر وليبيا والجزائر على أيدي رجال الصحوة الذين يعيشون في كهوف الماضي ، والذين يتطلعون الى رايات الديمقراطية الأمريكية الخفاقة التي رفت في قلب عاصمة هارون الرشيد ، بغداد ، تلك البلاد التي صار فيها عامل النفط البصري يحرسه جندي أجنبي ، مرتزق من جنوب أفريقيا وبراتب يتجاوز ألفا وخمسمئة دولار شهريا ، بينما يتقاضى ذاك العامل ستين دولار لا غير كراتب عن كدح شهر كامل ، هذا في الوقت الذي يتقاضى فيه نائب في برلمان الديمقراطية الأمريكية في بغداد خمسة آلاف دولار ، مع مخصصات سفر لا تقل عن عشرة آلاف دولار ، يضاف لذلك منحة بقيمة خمسين ألف دولار ثمنا لشراء سيارة لكل نائب من نواب الجمعية الأمريكية تلك في بغداد .
لقد قيل قبلا إن الانجليز حين اجتاحت قواتهم مصر إبان الاحتلال البريطاني لها قد بذلوا قصارى جهودهم على تعليم المصريين حب السهر ليلا ، لا لشيء إلا لهدف خبيث وهو بث الكسل في جسد الشعب الذي أشاد الأهرامات ، وبنى حضارة تطاول لليوم حضارات العالم القديم معارفا وخلودا .
هذا الهدف القديم هو ذاته التي تريد أن تعود لنا به رايات الديمقراطية الأمريكية ، محمولة على أكتاف رجال الصحوة ، وإذا ما أحلت تلك الديمقراطية مشروعا هنا ، ومصنعا هناك ، فسيكون بصيغة المشروع الجاهز الذي تسحرنا رؤيته ، دون أن نعرف كنه ، فنظل عميان يحتاجون الى من يقودهم في حالة تعطل جزء من ذلك المصنع ، وذاك المشروع ، فالمعرفة والإبداع محرمان علينا ، ولكن الصلاة والآذان حتى مطلع الفجر حلال ثم حلال !



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية-1
- علاوي وأحلام العصافير !
- حكومات تحت ظلال سيوف الديمقراطية الأمريكية !
- بوش الدجال بين طالبان سنة العربان وطالبان سنة إيران !
- أوربا نحو القبول بالحصة من الغنيمة العراقية !
- حليفكم الجبل يا مسعود !
- العراق نحو ولاية الفقيه !
- جنود من بطيخ !
- ويسألونك عن الزرقاوي !
- حكومة دونما حكم ودولة دونما حدود !
- حرب الأحزاب الطائفية بدأت في العراق !
- الشيعة العرب هم الخاسرون !
- إثنتان أرعبتا صداما وواحدة أرعبت صولاغا !
- البعثية تهمة صارت تطارد عرب العراق سنة وشيعة !
- حلفوا بقسم مزور !
- العراق في العهد الأمريكي !
- مواعيد صولاغ !
- الحكومة البتراء !
- الموت خبط عشواء !
- الكربلائيون يتظاهرون ضد الهيمنة الايرانية !


المزيد.....




- نهاية غير سعيدة لفائز بجائزة يانصيب قيمتها أكثر من 167 مليون ...
- تتجاوز -حماس-.. مصدر لـCNN: إسرائيل وأمريكا تناقشان آلية دخو ...
- توقيف أمين عام -الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- طلال ناجي في س ...
- ميدفيديف يهدد زيلينسكي بعد رفضه هدنة موسكو القصيرة: لا ننتظر ...
- تعادل قاتل - لايبزيغ يؤجل تتويج بايرن بلقب الدوري الألماني
- في موسكو.. انعقاد المنتدى العالمي الثاني لمناهضة الفاشية
- ما وراء تصريحات ترامب حول قناة السويس؟
- -نيوزويك-: سياسات ترامب تحفز حلفاء واشنطن الأوروبيين لتطوير ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن رصد طائرة مسيرة قادمة من الحدود المصري ...
- كوريا الجنوبية.. حزب سلطة الشعب يختار كيم مون-سو مرشحا للانت ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سهر العامري - العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2