أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (82)














المزيد.....

منزلنا الريفي (82)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4805 - 2015 / 5 / 13 - 02:03
المحور: الادب والفن
    


كان في عمر 14 سنة حينما ضاجع آخر مرة، المدرسة التي تكون فيها كانت تذم الجنس وتعتبره نشازا، المرأة التي أحب ونظر إليها كزوجة في المستقبل الغابر تغزل بها، فنال عقوبة (الطيارة) في مخفر المدرسة، وصار يكره الجنس الآخر، فتعطلت حياته منذ عشر سنوات، غمزة واحدة كلفته هذا الغياب الطويل، في المرحلة الثانوية كانت تحف من حوله فراشات فكان يأبى الطيران، وفي المرحلة الجامعية أخذته طائرة وحلقت به فوق تضاريس الجسد، ورغم ذلك ظل الجرح الغائر الذي خلفته تكشيرة معلم لا يتوقف عن النزيف .
*****
كانا راعيين، كانا في نفس السن، مراهقين وحيدين، هما والطبيعة وجها لوجه، لم يعرفا الحب، كانا يلعبان كشبلين اكتشفا اللذة صدفة، اختليا قرب البيدر، توارت الشمس خلف الأفق، تعانقا ولم يفترقا، كان الجنس والظلام والسماء، في الصباح أشرقت الشمس غاضبة، وطرد من المنزل لأيام، وفي اليوم الذي رجع فيه نال عقوبة (عقوبة الطيارة) في مخفر المنزل.
*****
(ليس من حقك أن تمارس الجنس إلا في إطار الزواج)، هذا ما تقوله الدولة، فكرك وجسدك ملك لها، وإذا اتفق شاب وشابة في سن النضج على ممارسة الجنس دون إذن من الدولة، تتدخل هذه الأخيرة لممارسة ساديتها ووصايتها الأبوية، الدولة هي أب المؤسسات، في المدرسة نتعلم كيف نكون سكيزوفرينيين، ندرس العضو التناسلي دون أن نتعلم أن الجنس حق إنساني بحكم الطبيعة لا بحكم الأوامر والنواهي الاجتماعية، كل ما هو اجتماعي مصطنع وكل ما هو طبيعي أصيل، عندما نقتل كل ما هو غريزي وإبداعي فينا، ونتمسك بالقشور والقيود التي تكبل طاقاتنا، أما في الأسرة منذ الختان وغريزتك الجنسية في تضاؤل مستمر، ما يخلفه المقص الذي يقطع الحشفة من آثار نفسية وجسدية تشكل عقدة أبدية اسمها عقدة الخصاء، وما ينتج عنها من ذم وتبخيس وكره للغريزة الجنسية، عندها لا يمكن الوصول إلى الرعشة الجنسية الكبرى (الأورغازم).
*****
كان فصل الشتاء، كان الجو باردا تتخلله من حين لآخر أمطار غزيرة، الدوار الذي ولد فيه رحل عنه منذ سنين، والمدينة التي درس فيها انقطعت أخبارها، لكن الفتاة التي ضاجعها منذ عشر سنوات لم تفارق مخيلته، مازالا نهداها البيضاويان ماثلين أمامه كمصباحين أبرقا في تلك الظلمة التي تلت شروق الشمس، أما مهبلها الأحمر ارتسم أمامه كواحة في الصحراء، بينما فمها البتولي كان كالعسل الذي حدثنا عن القرآن في الجنة (لافرق..)، كان يردد هذه اللازمة وهو يجلس في ساحة الحرية منتظرا صديقه الذي اتفق معه على الذهاب إلى الماخور.
*****
الوساوس التي عمرت طيلة عشر سنوات ذهبت أدراج الرياح، ممارسة الجنس هي تطهر من كل الذنوب، هي ولادة جديدة ونشدان للسلام الأبدي، هي أكبر صلاة للاتحاد مع المطلق .
*****
الماخور هو ضريح المهمومين واليائسين، الماخور هو فانوس مشتعل في ظلمة الوصاية الأبوية التي تنهجها الدولة والمدرسة والأسرة، الماخور هو جنة يانعة تدوس عليها أقدام الحقارة، الماخور هو دموع الفقر واليأس والذم والجهل الصادر عن عاملة جنسية شريفة تؤدي خدمة شريفة ينكرها مجتمع بمكر ونفاق كبيرين . الماخور هو مأوى المنبوذين والمحرومين واليائسين، ومشتل الثوار والثائرات على القيم الاجتماعية المنافقة الخسيسة .
*****
في العناق الذي ولد بعد موت دام عشر سنوات، في القضيب الرابض في عمق المهبل، في التأوهات التي تسبق الرعشة، في الزلزال الجسدي الذي يسبق القذف المنوي طلبت منه العاملة الجنسية أن يطفىء الضوء، عرف أن مجتمعه ماض نحو نكسة أكثر من نكسة عشر سنوات، وفي مخيلته : القانون الجنائي لن يمر .

عبد الله عنتار / 12 ماي 2015 / المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت أنا وأنا أنت
- تحت الصفر
- هوامات الحضيض
- أظمأ إلى وردة
- بارقة ضوء
- منزلنا الريفي (81)
- تغازوت*
- صلاة في حضرة الغروب
- في انتظار الخلاص
- الرماد
- رأيتك عارية
- أزهار قريتي
- حواء
- هو الشحرور
- أجرؤ على النظر هناك
- في البراري
- منزلنا الريفي (80)
- شظايا ومواخير
- منزلنا الريفي (79)
- منزلنا الريفي (78)


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (82)