|
استباحة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس: من يلعب بالنار؟
سعيدي المولودي
الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 17:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، منذ أكثر من شهر، اضطرابات على مستوى سير الدروس حاكت خيوطها مجموعة من العناصر ملتبسة الهوية، لا يبدو أن لها علاقة بالكلية أو بالفضاء الجامعي، وقد بدأت عمليات خلق واختلاق دبيب هذه الاضطرابات، ضدا على إرادة الأغلبية الساحقة من طلبتها، منذ انطلاق الدورة الربيعية الحالية أوائل شهر مارس الفائت، بشكل محدود، وتطورت آثارها، يوما عن يوم ، لتنعكس على الوضع العام داخل الكلية، جراء الأساليب الترهيبية والتعنيفة التي اعتمدت لفرض سياقاتها وإبرازها كفعل جماعي منظم يقوم على استراتيجية "ثورية" محددة، وهي أساليب لا تخرج عن دائرة العنف الناجم عن اليأس الراديكالي الذي تعرفه الجامعة المغربية أو تقاد إلى تصريفه ورعايته بطريقة أو بأخرى، والمطبوع بالمغالاة والتطرف والإحباط والوعي السطحي المغلق، وقد تجلت هذه الأساليب عبر هذه الممارسات: - إغلاق قاعات التدريس، ووضع متاريس من الطاولات والكراسي في مداخلها، وتهديد الطلبة من مواصلة التدريس وتحصيلهم العلمي. - استفزاز الأساتذة الباحثين وإرغامهم على مغادرة قاعات التحصيل الدراسي، والمس أحيانا بكرامتهم والنيل من دورهم التربوي والأكاديمي. - إفراغ القاعة الكبرى بخزانة الكلية من كل الطاولات والكراسي وحرمان الطلبة من المطالعة أو المراجعة فيها، واستثمارها كمتاريس لإغلاق منافذ القاعات وتطويق إدارة الكلية. - تحويل المجال الأخضر للكلية إلى"منتجع عمومي" مفتوح لكل مظاهر التلويث والتشويه والتخريب. - تطويق ومحاصرة إدارة الكلية حيث مكتب العميد، وتهديد كل الداخلين إليها ومنعهم من الدخول، ومنع الراغبين في الخروج منها من الموظفين الإداريين ، وبالأخص طيلة الأسبوع الأخير من شهر أبريل، حيث تم احتجاز كل من بداخلها وإجبارهم على قضاء اليوم كاملا في إقامة إجبارية تحت شعارات التهديد والترهيب والتخويف. - تحويل محيط إدارة الكلية إلى مخزن ومستودع لكل أنواع الأسلحة البيضاء (سيوف،خناجر، زبارات،سواطير، ومُدى) إضافة إلى مواد قابلة للاشتعال وإلى أكوام من الحجارات التي تم جلبها من فضاءات الكلية أو استخلاصها عبر عملية تخريب وتحويل لطبيعة المواد الخام التي تعتمدها بعض الأوراش بها. - عرقلة ومنع أشغال الأوراش المتعلقة بصيانة وترميم وإصلاح بعض المرافق بالكلية ، وتهديد العمال والمستخدمين بها من العمل وإجبارهم على المغادرة، وتخريب المعدات. - إغلاق المقصف الخاص بالطلبة وتوقيف خدماته. - إتلاف وتخريب كاميرات المراقبة المثبتة في بعض زوايا الكلية. وقد تصاعدت وتيرة العنف والتعنيف خلال أيام المعرض الدولي للفلاحة الذي تشهده مدينة مكناس، وتحول فضاء الكلية، وبخاصة يوم 30 أبريل 2015، إلى ساحة حرب "غير معلنة" تولت فيها مجموعة من "الملثمين الأغراب" استعراض قوة يأسها الجريء ونشرت الرعب في أرجائها ، وغدت الكلية منطقة أو "إمارة محررة بالكامل" وتحت السيطرة المطلقة لهؤلاء الملثمين الذين كانوا يطالبون برأس العميد ويصولون ويجولون أبعد من حدود الحرية المتاحة، كأنما يعدون العدة لمواجهة وهمية كانوا يتوقعونها ، في الوقت الذي ظل طاقمه الإداري مطوقا ومحاصرا ومحتجزا طيلة اليوم في بناية الإدارة . ومع أننا لا نصادر حق أحد في التعبير أو التقدير فإن هذه الممارسات لا يمكن إطلاقا أن ينظر إليها من زاوية كونها "فعلا ثوريا" أو اعتبارها نتيجة طبيعية وضرورية لتناقضات قائمة بين قوى متصارعة داخل "مجتمع" الكلية، أو حتى اعتبارها "عنفا شرعيا" من أجل استرداد حقوق مغتصبة أو شيئا من هذا القبيل، لأنها في الواقع مظهر لإرادة مبيتة لتقويض الجامعة المغربية وإفراغها من حمولاتها التاريخية والاجتماعية والرمزية، وتدمير عناصر قوتها وزرع آليات فقدان الثقة في مهامها و تبخيس دورها وإلغاء فاعليتها في المجتمع. ومن المؤكد أن الذين يصطادون في الماء العكر سيرفعون كل هذه الممارسات كصك اتهام في حق إدارة الكلية ، ويلقون بكل التبعات عليها، ويرفعون من سقف المزايدات عليها، وهو ما يمكن الوقوف على تلاوينه من خلال بعض الأصداء التي تشق الأفق من هنا أو هناك. والحقيقة أن هذه الممارسات ليس ثمة على صعيد الملموس ما يبررها، ولا تستقيم ظهوراتها مع السياقات الممكنة للصراع ما بين ما هو جيد أو رديء أو ما هو رجعي وثوري أو ما هو فاسد وما هو صالح وهلم جرا، بل هي ذات خلفيات ومنطلقات محددة سلفا، تستهدف كلية الآداب بمكناس و إدارتها بوجه من الوجوه، والمؤشر الدال هنا أن الدورة الخريفية لهذا الموسم الجامعي 2014- 2015 مرت في ظروف سليمة وجيدة، ولم تكن تحمل في ثناياها أية إرهاصات أو بوادر لقيام أو تسويق آليات عنف مدمر بهذا الشكل، وصانعو الاضطرابات كانت قناعتهم الكبرى، منذ البدء، أن إدارة الكلية لا تمثل بالنسبة إليهم شيئا فهي (ممثلة النظام الرجعي القائم)، وأن عليها الإصغاء والطاعة لا الحوار، فــــــــ(الفعل الثوري الجماهيري يطاع ولا يُحَاوِر ) ؟؟ علاوة على أن المطالب الغوغائية التي يروج لها أو يراد اختزالها بشكل فج لا تعني الكلية وعميدها فحسب بل تعني ( النظام القائم ) وهي في كل حال لا تقبل التجزيء فإما أن تلبى جميعها وإلا كانت العاقبة الدمار وتخريب ما بقي من تجهيزات الكلية وممتلكاتها. والسؤال المركزي هنا، هو لماذا حدث كل هذا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، على مرأى ومسمع الجميع، ولم يحرك أحد السواكن أو يسكن المتحركات، وبقيت الكلية، هي وعميدها، عزلاء تواجه مصيرها عن طريق التحمل والصبر تحت طائلة أمان وأمن زائفين. وبالمقابل لو افترضنا أن هذه الأفعال التدميرية وقعت في معمل مثلا أو مؤسسة أو أي مرفق عمومي أو خاص غير الكلية ، هل كان سيتم التغاضي عنها وينظر إليها على أنها أفعال عادية وطبيعية لن تؤذي أحدا، وأنها مجرد سحابة غضب عابر سرعان ما ستتلاشى...؟؟ إن الأفق الذي ترسمه هذه الممارسات للجامعة المغربية يبدو أسود قاتما، والرهانات التي تستدعيها تدفع حتما إلى المخاطرة بمستقبلها ودورها التاريخي الفعال ، وهو ما يستدعي التدخل المباشر لكل الأطراف لتصحيح مسار التعليم العالي ببلادنا ووضع حد لهذا "اللامعنى" الذي يحدق به، ويجعله أكثر عرضة لمخاطر وتقلبات قاسية.وإذا ارتكبت إدارة الكلية أية أخطاء مهنية فيجب بالسرعة المطلوبة محاسبتها ومعاقبتها خارج توظيف سياق هذا الدمار الأهوج والفوضى العمياء.
#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ثيلوفا- -9-
-
كلية الآداب والعلوم الإنسانية.مكناس: -العمل النقابي وثقافة ا
...
-
- شجرة الغياب- إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.
-
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-العدمية النقابية-
-
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-نبش القبور-
-
حول التشغيل القسري للمتقاعدين
-
-ثيلوفا- ( بيان حكائي) - 8-
-
-ثيلوفا- بيان حكائي. - 7-
-
- البرد والسلام-
-
بكائية للقامة العتيدة
-
رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي (2)
-
رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي
-
-ثيلوفا-- بيان حكائي- - 6-
-
- ثيلوفا- ( بيان حكائي) -5 -
-
- ثيلوفا- ( بيان حكائي) -4 -
-
إدارة كلية الآداب بمكناس والتحريض على العنف
-
وزارة التعليم العالي: الإجهاز على حق الأساتذة الباحثين في ال
...
-
- مغاربة العراء-
-
- المستنقع الميداني-
-
التعليم العالي : خبطة الإصلاح البيداغوجي الجديد
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|