بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 22:54
المحور:
الادب والفن
ديرسو أوزلا 1974(أكيرا كيراساو):عن الطبيعة وعن الصمت وعن شخص آخر يعيش لوحده منذ اربعين عاما
أكيرا كيراساو يبدو خاملا الآن فاقدا للأمل،فهو لم يصنع فيلما منذ سنتين وبضعة أشهر بعد محاولته الشهيرة للأنتحار ونحن نراه الآن يحقق فيلما متوسط المستوى الفني ومن غير الممكن أن يقارن مع أفلامه الكبرى...
على اية حال كيراساو حقق أفلاما اسوأ من هذا الفيلم خاصة في مراحله المبكرة وهو ايضا حقق جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 1975.
ها هو يرحل الى سيبيريا ليحقق فيلما من انتاج (موسكو فيلم) وهي الشركة الحكومية التي انتجت روائع تاركوفسكي،والشيء بالشيء يذكر،فهذا الأخير كانت نهايته شبيهة بنهاية كيراساو لأن كلاهما بات يبحث عن ممول لأفلامه.
المكان هو سيبيريا الشرقية والزمان تحديدا هو بداية القرن العشرين على وجه الدقة،والراوي هو مستكشف روسي شاب(أرسينيف) الذي حضر للبحث عن قبر بات مجهول المكان لصديق له يدعى ب(ديرسو أوزلا) وهو شخص من العرق الأسيوي الروسي...
ديرسو أوزلا هو شخص من أحضان الطبيعة،متوحد مع الطبيعة،وكأنه جزء متكون منها لايستطيع الانفصال عنها أبدا،أرمل في الستينات أو أواخر الخمسينات من عمره،فقد أولاده وعائلته بالجدري ويمتلك قدرة على الحياة لوحده في القفر الطبيعي وفي الاماكن الطبيعية الشائكة التي لم تطئها قدم انسان بعد...
شخصية اسطورية فيها مسحة من القداسة والاحترام البالغ للطبيعة،فهو يعتبر بأن الريح والماء والنار عبارة عن رجال والشمس والقمر ايضا...هو فيلم عن الطبيعة وعن الصمت وعن شخص آخر يعيش لوحده منذ اربعين عاما .
الفيلم مكون من مغامرتين أحداهما في الشتاء والثانية في الصيف يكاد يكون وثائقيا عن طبيعة سيبيريا القاسيةنوديرسو أوزلا هو الشخص الوحيد القادر على الصمود وابتكار الطرق لمواجهة تقلبات الطبيعة والبقاء على قيد الحياة...
الحقيقة الظنية أن النهاية أنقذت الفيلم من نغمة وثائقية طردت أي معنى للحبكة للسينمائية التقليدية...
ديرسو من عشيرة(جولدي) و(كانغا) هو روح الغابة التي تقدسه هذه العشيرة،وعندما يقتل ديرسو نمرا عرضيا ومن دون قصد يقول على الفور:كانجا سوف يرسل نمرا آخر
ومن ثم يتحول ديرسو الى شخص كئيب وسريع الغضب حتى يبدأ بفقدان بصره تدريجيا.
ديرسو يعيش في المدينة الآن...يجلس مطولا أمام نار المدفأة مسترجعا من خلالها التلال...
هو غير قادر على الحياة...الطبيعة تناديه...الحنين الداخلي لحياته الحقيقية يستنجد به ويستدرجه...هو سيعود الى الطبيعة حتى لو كانت النتيجة ان يلقى حتفه...
البندقيه الجديدة التي حصل عليها من صديقه أرسينيف الماهرة في اقتناص الهدف حتى لو كان مستخدمها ضعيف البصر،كانت هي السبب الأول لأن يلقى حتفه وبسرعة لأن لصا سوف يطمع بها ويقتل ديرسو من أجلها...هل الطبيعة تعاقبه لهروبه أو ربما تعلمه درسا مفاده:بأن الانسان أصغر من ان يقهر الطبيعة حتى لو استخدم ادوات الحضارة التقليدية...
بلال سمير الصدّر 22/1/2015
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟