حياة 1952 أكيرا كيراساو: ماذا تفعل لو بقي لديك في الحياة ستة أشهر فقط...

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4759 - 2015 / 3 / 26 - 00:38
المحور: الادب والفن
    

-حياة 1952 أكيرا كيراساو: ماذا تفعل لو بقي لديك في الحياة ستة أشهر فقط...
يعتبر النقاد أن فيلم حياة هو من أفضل-ان لم يكن أفضلها-الأفلام التي حققها كيراساو خلال تاريخه السينمائي،وحياة كما نعرف جميعا نابع من تجربة شخصية للمخرج حين اخبر خطأ بأنه مريض بالسرطان...
يعتمد كيراساو في الفيلم على الراوي وبشكل كبير وفي لحظات أساسية وهامة،فهو يروي قصة شخص مريض بسرطان المعدة وهو يعرف ذلك،ولكنه يسير في حياته لمجرد المرور أي انه فعليا ليس على قيد الحياة،والدليل أنه لم يحصل على يوم واحد أجازة طوال حياته المهنية التي استغرقت أكثر من عشرين عاما.
يقول الراوي:هذا الرجل ميت منذ عشرين عاما وقبل ذلك كان قد عاش قليلا...
من الواضح أن (واتاني سان)لايمتلك شيئا من جهل ميلان كونديرا سوى القليل القليل فقط
ان كان كيراساو يشير في الفيلم بشكل متعمد وواضح الى خلل وعقم نظام بيروقراطي،فهذا بالتأكيد اشارة أن هذا الرجل لايفعل أي شيء ملموس من خلال وظيفته في البلدية،وحبكة الفيلم تبرز من خلال السؤال التالي:
ماذا تفعل لو بقي لديك في الحياة ستة أشهر فقط...
في المرحلة الأولى من أجابته على هذا السؤال يبدأ باسترجاع ماضيه...أزماته...حياته الماضية...زواجه ،والأشخاص الكثيرين الذين أوجدهم هو في حياته،وفي المحصلة فهو رجل سيكتشف معنى الحياة الحقيقية عند الموت فقط...
الملفت للأنتباه في الفيلم أن كيراساو يشير الى اشياء كثيرة في هذه الحبكة غير المعقدة،وبدا واثقا من نفسه ويعبر عن نفسه بوضوح واصرار في اسلوب لانستطيع أن نقول عنه أو نصفه سوى بالسهل الممتنع.
كل المواضيع مترابطة باحكام ولايوجد شيء من اصطناع ولاحتى من تقرير
فالقصة فيها شيء من وجودية قد تكون متعمدة وربما غير متعمدة،على ان الموضوع كما هو ظاهر لهو ابسط من هذه المقدمة الفلسفية... كيراساو يطالب بالحياة الحقيقية الفعلية...يطالب بالشيء المختفي خلف الحياة...الفكرة الفلسفية المتمثلة (بعدم الانتماء)
اشعر بالندم وبالخير ايضا...مرضك فتح عينيك على حياتك...الأقل حظا من لايعيشون الحياة حتى يموتون
هل اكتشاف الحياة تبدأ من رفاهية من نوع رخيص جدا ومبتذل...
بالنسبة لواتاني سان من لحظة الرفاهية هذه بدأت الحياة بمعناها الدنيوي وهي غلطة قد يرتكبها أي شخص في نفس الحالة،وهذه المعالجة فيها شيء من التغريب فالقصة لايمكن القول عنها شرقية أصيلة،بل فيها شيء من فكر غربي فني وفلسفي في نفس الوقت...كيراساو أو الامبراطور هو خير نموذج للتقريب بين الشرق والغرب.
هو نموذج لمصطلح لم يكن موجودا ربما في زمن تحقيقه لهذا الفيلم...هو نموذج للعولمة الثقافية
الفيلم هو من أهم الأفلام التي حققها كيراساو حتى الآن،وهو يأتي من حيث الأهمية في المرتبة الثانية بعد اشكالية راشومون متساويا مع ابداع الملاك الثمل...
إذا عندما يكتشف صديقنا ما الذي عليه أن يحققه فعليا يبدأ عيد ميلاده الحقيقي،وكناية الخلفية واضحة فموسيقي عيد ميلاد سعيد هي كناية عن الميلاد الحقيقي لشخصية ليست على قيد الحياة أصلا.
أن يحاول حل كل المشكلات العامة والنظر في كل المشاكل التي طواها النسيان بوصفه رئيسا لقسم الشؤون العامة ومن ثم وبعد مرور خمسة أشهر...مات بطل روايتنا(يختم الراوي)
أذا موت في منتزه أصر هو على بنائه...موت مع عدم سلبية في طرح الفكر الاجتماعي ومقدمات فلسفية في معنى الحياة ومعضلة الموت،مع نهاية مطولة لنقاش بيروقراطي عقيم حول أعمال هذا الرجل في آخر خمسة أشهر من حياته وطرح أفكار ضمن العرف البيروقراطي لفضله في بناء هذا المنتزه...
حياة هو نموذج عالي المستوى لفيلم نجح في تحقيق أهدافه الجمالية والفنية والفلسفية من خلال قصة غاية في البساطة وتلميحاتها وكناياتها كانت أبسط منها،بالاضافة الى اهدافه الاجتماعية من خلال قوله الصريح عن عقم السلطة والنظام البيروقراطي والعبرة موجودة في كل هذه الاشياء...حياة هو فيلم عن العبرة حتى في ابسط تفاصيله...
بلال سمير الصدّر
20/12/2014

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل