أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عبد الستار - عشرون عاما على صدور حكايات لبغداد















المزيد.....

عشرون عاما على صدور حكايات لبغداد


مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 23:54
المحور: الادب والفن
    


نشرت مجلة الثقافة الجديدة بعددها رقم 259 الصادر في حزيران 1994 تعريفا بالمجموعة القصصية حكايات لبغداد الصادرة في براغ عن دار بابل للكاتب مؤيد عبد الستار ، وكان غلاف المجموعة من تصميم الفنان كاظم الداخل ، والتخطيطات الداخلية للفنان كمال علي .
يومذاك كانت طباعة كتب الكتاب المعارضين للنظام الصدامي صعبة جدا ، لان اغلب دور النشر العربية كانت لا تنشر اي كتاب فيه رائحة معارضة لنظام البعث في العراق الذي كان يغدق الاموال على دور النشر العربية لكي يمنعها من التعاون مع المعارضين له ، لذلك ظهرت بعض الدور العراقية مثل دار بابل التي تاسست في براغ / جيكسلوفاكيا ، ودار صحارى في بودابست ، وفيما بعد دار المدى في دمشق ، كانت تطبع الكتب المعارضة للنظام .
ضمت مجموعة حكايات لبغداد باقة من القصص القصيرة التي كانت محاولة لتقديم الوجه الحقيقي للمجتمع العراقي الذي يصارع الدكتاتورية وكانت اغلب عناوين القصص تكشف مضامينها التقدمية ووجهها النضالي مثل قصة عقوبة الهرب وقصة سجائر تركية التي تستلهم احداثها من اضراب عمال سجائر تركية في بغداد وقصة الشرطة وبنات اوى وغيرها من القصص التي تميزت ببساطة اسلوبها الذي اراد منه الكاتب تقديم ادانة للنظام الدكتاتوري يومذاك واستلهام الذكريات الجميلة للوطن .
ادناه صورة تعريف الثقافة الجديدة وغلاف المجموعة مع احدى قصص المجموعة بعنوان :

عقوبة الـهرب


تحلق الرجال حول شجرة التوت الشامخة أمام إسطبل الشيخ ، وكان الوجوم المرتسم على وجوههم ينذر بوقوع مصيبة أو كارثة لا أحد يعرف شكلها ، ولم تكن لأي واحد منهم الجرأة على مناقشة الأمر ، فقد فضلوا الصمت الذي استطاع غراب فاحم اللون حـط قريبا منهم أن يمزقه ، إذ صوّت أصواتا متقطعة وقفز مبتعدا عنهم وهو يحدق فيهم بحذر . حينذاك صاح واحد منهم يحمل مسحاة على كتفه : كـش ، يا وجه الشوم .
كان عددهم يربو على الثمانية رجال ، يتوسطهم رجل يعتمر عمامة بيضاء أكسبته وقارا رغم صغر سنه ، بينما كان البعض منهم يلف رأسه بخرقة بقعاء والبعض الآخر يضع على رأسه طاقية ملونة.
قال رجل منهم وهو يشد على لجام حصانه بيده : إنهم على وشك الوصول .
لم يعلق على كلامه أحد ، فأردف هو نفسه مضيفا : ألا نجلس ريثما يصلون ؟
لم تكد تمر بضع دقائق على انتهاء جملته حتى ظهرت من خلف أشجار الصفصاف المنتشرة على سفح التل القريب ثلة من رجال تمتطي الخيول وتتجه نحوهم .

حين اقتربت الثلة من المجموعة المنتظرة قرب شجرة التوت . ظهر خلفهم رجل يمتطى بغلا وقد أوثقت يداه وشد إلى البغل
شدا.
ألقى رجل من الثلة بالسلام دون ودّ على المجموعة و أشار إلى مرافقيه أن أنزلوا الرجل من على البغل. أنزلوه واقتادوه إلى شجرة التوت. جعلوه يحتضنها، ثم شدوا يـديـه ولفّوا الحبل على وسطه ، فأحكموه إلى الشجرة وشدوه إليها بقوة .
كان الرجل أشعث الشعر كثيفه ، بان الهزال عليه رغم امتلاكه بنية قوية.
وتميزت نظراته بقسوة بالغة تحمل الجزع والتأنيب لكل من حوله .
قال أحد رجال الثلة التي كانت تقتاد الرجل : سيصل الشيخ بعد قليل، بإمكانكم الجلوس .
قلّب الرجل المربوط إلى الشجرة نظراته ودار بها على الحاضرين، فرأى ثلة من جلاوزة الشيخ تأسره وتوثقه إلى شجرة وسط مجموعة من رجال القرية تعمل في خدمة الشيخ، تتحلق حوله بانتظار تنفيذ العقوبة بحقه ، تلك التي يقررها الشيخ حال وصوله .
لقد اعتاد الشيخ إصدار عقوباته كل أسبوع وذلك حين يتصدر ديوان القرية الذي يجتمع فيه الرجال ليلة الجمعة : عشرة أسواط .. عشرون جلدة ... عشر خيزرانات .. وهكذا دواليك .
إنه يتذكر الآن آخر حكم أصدره الشيخ .
لقد كان حكما بحق سارق خروف من أغنامه .
ـ ثلاثون جلدة . صاح الشيخ .
أكلها الرجل مع أنه لم يذق لحم الخروف الذي سرقه .
ورغم الوقائع التي يتذكرها جيدا ، فهو لا يعرف تفسيرا لحكمة الشيخ الذي أجل العقوبة وقال :
ـ خذوه يوم غد واربطوه إلى شجرة التوت عند الإسطبل، سأحضر هناك وأحكم عليه .

أغمض الرجل عينيه فانهالت عليه أكداس الأعشاب التي كان يجمعها كل يوم من حقول الشيخ .
كان عليه أن يجمع كل يوم حمل حمار من أعشاب الزؤان وغيرها من الحشائش الضارة من الحقول. يحضرها إلى الإسطبل ليفحصها ويرى كميتها العبد العملاق الذي ( يشبخ ) فوقها ليقيسها ، فان كانت أقل من الكمية المفروضة ، فالعقاب ينفذ حالا بخيزرانة مملحة جاهزة لهذا الغرض .
حين سأم الرجل كل ذلك ، قرر الهرب وترك الشيخ مع أرضه وعبيده .
قبضوا عليه في المدينة التي هرب إليها وأعادوه إلى هنا ، وها هو مقيد إلى شجرة التوت بانتظار العقوبة التي قد تتجاوز هذه المرة كل العقوبات السابقة التي عرفها ، فالشيخ غاضب أشد الغضب ، ولربما لهذا السبب أعرض عن إصدار العقوبة يوم أمس .
كم جلدة ستكون ؟ وهل ستكون جلدات سوط أم ضربات خيزرانة أم ستكون عقوبة أخرى ، ما هي يا ترى ؟
ألا يفكر الشيخ في العفو عنه رفقا به وبعياله ؟ربما لهدا السبب لم يصدر الحكم عليه يوم أمس ؟
كان مشغول الفكر والبال بالعقوبة ونوعها حين سمع أحدهم ينادى :
ـ لقد وصل الشيخ حياه الله .
هبّ الجميع قياما لاستقباله .
نعم ، لقد وصل الشيخ حياه الله وبياه .

كان برفقته أربعة رجال ، أحدهم تطوق وجهه لحية بيضاء صبغها بالحناء، وهو الذي يدعونه الملا ، أما الآخر الذي يسير على يمين الشيخ ، فرجل قميء يضع طربوشا أحمر على رأسه

قالوا إنه ضيف الشيخ الذي قدم من المدينة قبل أيام قليلة ، والرجل الثالث الذي كان يسير خلفهم هو الحارس الشخصي للشيخ ،يحمل على كتفه ليل نهار بندقيته البرنو ، ورجل رابع ضخم الجثة خادم الشيخ .
وقف الشيخ ورجاله أمام الرجل المربوط إلى الشجرة ، واصطف بقية الرجال خلف الشيخ، كونوا حلقة غير منتظمة أحاطت بالرجل الذي رفع رأسه إلى أعلى الشجرة فرأى عصفورا صغيرا يغرد أعلاها.
تنحنح الشيخ ونظر إلى ثلة الرجال وقال بصوت أجش :
ـ عرّوا مؤخرته وادخلوا عصا المسحاة في أسـته .
* * *



#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاسع من نيسان حلم بحاجة الى ابطال
- ملكة بريطانيا تستعير لقبها من المرأة الكردية
- اليمن .. حفاة عراة .. تحت وابل الطائرات
- البيشمركة والحشد الشعبي .. هل من مبارز
- الكاركتير السياسي ومجلة شارلي ايبدو
- النصر حليفنا
- كنوز نا واثارنا في مهب الريح
- الاسلام من معركة الجمل الى حرب الهمر
- لاعدالة في المصالحة مع البعث
- النفط في خبر كان
- بطلة الحياة حلوة انيتا اكبري وداعا
- باريس ضحية للارهاب رغم جمالها
- ليس دفاعا عن الغراوي ولكن عن بطولات القائد المخلص
- مسرحية سقوط الموصل
- هذا العراق وهذه ضرباته
- شكرا حبيبتي ........ رحيل الفنان اودو يورغينس
- الهزيمة المدوية لداعش ومؤتمر اربيل
- الاحتجاج على الفساد في العراق - قوة في قراءة التاريخ وضعف في ...
- الاسماء والمسميات .. عفلق في القاموس
- العراق يغزو الفضاء بالسرقة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عبد الستار - عشرون عاما على صدور حكايات لبغداد