فتحى سيد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 21:18
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
خروج العرب من التاريخ
تمتلك البلدان العربية عوامل من المفترض أن تكون دافعة للنمو والتقدم الاقتصادي والحضاري ،حيث تتوفر الموارد الطبيعية بكثرة وتنوع، فمساحتها تمثل 5 % من مساحة اليابسة ، وسكانها حوالي 4.8 % من جملة سكان العالم عام 2003 ، والبلاد النفطية تمتلك 61 % من أجمالي الاحتياطيات العالمية وحوالي 30 % من الغاز الطبيعي، بها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وخامات ومعادن وموقع جغرافي في وسط العالم يعطيها إمكانية أن تلعب دورا مميزا في التجارة الدولية، وكذلك مناخ معتدل وسطوع الشمس طوال العام بما يتناسب مع تنوع مصادر الإنتاج والطاقة، إلا أن كل ذلك لم يجعل من هذه البلدان مناطق متقدمة مقارنة بغيرها من مناطق كثيرة لا تمتلك مثل هذه الثروات والموارد . فالموارد الطبيعية الضخمة لا تحقق الثراء من تلقاء نفسها، وإنما يتم توليد الدخل وتجاوز الفقر وتحسين نوعية الحياة من خلال عملية اجتماعية تقوم على تنظيم اجتماعي/اقتصادي قادر على استنهاض طاقات الأمة وتنظيمها، فالتطور يتحقق من خلال العمل البشري ومن التقدم العلمي والتقني، وكفاءة الإدارة الاقتصادية ووجود نظم ديمقراطية تحترم خيارات البشر .
ارتبط بالانخفاض في النمو الاقتصادي تدنى معدلات الاستثمار الأجمالي، وضعف إنتاجية رأس المال المادي، وانخفاض إنتاجية الفرد العربي، فالناتج القومي الأجمالي للعامل العربي اقل من نصف مثيله في كوريا الجنوبية أوالأرجنتين، وقدأدى ذلك إلى انخفاض مستويات التنمية الإنسانية، وعلى الأخص في التعليم والصحة والمعرفة وتدنى نوعية الحياة خاصة في البلدان غير النفطية .
تشهد معدلات البطالة في البلدان العربية ارتفاعا يفوق المعدلات العالمية، وهى في تزايد مستمر، وهناك علاقة وثيقة بين تفاقم البطالة وتزايد الفقر خاصة في ظل ارتفاع معدلات الأمية ، فالفقر يمثل عجز الأفراد عن امتلاك القدرات البشرية اللازمة لضمان أحقيات الرفاه الإنساني . يتسم توزيع الدخل في المنطقة العربية بتفاوت كبير بين البلدان المصدرة للنفط والبلدان الأخرى غير المصدرة له ، كما أنه يتسم بعدم المساواة داخل كل البلدان العربية مقارنة بالمناطق الأخرى من العالم .
تقع مجمل البلدان العربية في زيل التصنيف العالمي للنمو الاقتصادي ، ولا يقل عنها سوى بعض الدول الأفريقية جنوب الصحراء، كما يشير تقرير الوضع التنافسي لعام 2003/2004 الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي" أن مجموع الاقتصاديات العربية جاءت متأخرة كثيرا حسب مؤشرات التقدم التكنولوجي، وصادرات التكنولوجيا الرفيعة، ومعدل الإنفاق على البحث والتطوير، ومتوسط نصيب الفرد من القيمة المضافة المحققة من الصناعة . وهكذا يظهر أن البلدان العربية لم تتطور بالسرعة التي تطورت بها مناطق أخرى من العالم في العقود الأخيرة، هذا بالإضافة إلى التدهور الحضاري خلال قرون عديدة
يرى سمير أمين أن أسباب ازدهار الحضارة العربية يعود إلى التجارة البعيدة المدى خاصة بعد توحد طبقتي التجار والمحاربين منذ ظهور الإسلام ، والتوسع في القيام بدور الوسيط التجاري بين الحضارات الزراعية القديمة في الشرق من جهة ، وبين أوروبا قبل ظهور الرأسمالية من جهة أخرى ، فقد تحقق للعالم العربي فائض كبير مما كان يجنيه التجار من فوائد ريعية مصدرها الاختلاف في القيمة المنفعية لمنتجات يصدرها مجتمع باعتبارها سلع عادية زهيدة الثمن ، ومجتمع أخر يستوردها باعتبارها سلعا نادرة ، وهكذا كان هذا الفائض الاقتصادي الكبير يأتي من خارج المجتمع العربي وبدون عمل اجتماعي منتج ، وبتحول طرق التجارة تدهورت الحضارة العربية .
ويرى مهدى بندق أن الفائض الأساسي الذي أدى إلى ازدهار الحضارة العربية تحقق من خلال الفئ والخراج والجزية في عصر الفتوحات الإسلامية الكبرى ، وبانتهاء هذه الفتوحات توقف هذا الفائض الكبير مما أدى إلى انحطاط الحضارة العربية .
فالعرب ظاهرة صوتية أبرز إنجازاتهم الشعر والخطابة والقول الفصيح وفيما يلى بعض السمات الشخصية للإنسان العربى
• يبالغون فى إكساب الكلمة معنى الفعل، ولا يفرقون بين القول والفعل ويتصورون أن مجرد النطق بالكلمة وكأن الفعل قد تحقق .
• يكتفون بالحديث عن مشروعات كبيرة ويتصورن أنهم أنجزوها بمجرد طرح الفكرة .
• يعيشون الوهم والخيال ويستخرجون سيناريوهات متعددة للفكرة فى صورتها الأولية، وغير قادرين على تحويل الفكرة إلى برامج أو خطوات واقعية بغرض تنفيذها .
• العمل بطبيعته يتصف بالعنت والمشقة وهم غير قادرين أو ليس لديهم رغبة فى تحمل مشقة العمل، وعادة ما يقومون بإصدار الأوامر لغيرهم بغرض تنفيذ أفكارهم .
• يتعلقون بالأشخاص المشهورين ويرددون أقوالهم وأفكارهم وكأنها أقوال مقدسة ، لا يناقشوا هذه الأفكار بشكل علمي أو يقبلون نقدها ، يتحدون بهذه الأفكار ويحاولون الدعاية لها بشكل غوغائي .
• إذا امتلكوا أي ثروة أو وسيلة إنتاج فأنهم لا يجيدون استثمارها ولكنهم يحيطون حولها أفكار مبالغ فيها ، وفى النهاية يهدرونها دون القدرة على الاستفادة منها بشكل طبيعي .
• لديهم نعرة تعالى ويتصورون أنهم أفضل البشر، ينسبون لأنفسهم ما لم يفعلوه ويحبون أن يمدحوا عليه ، ويتحدثون عن قدراتهم الخارقة مقابل التقليل من قدرات الآخرين .
• حين يشعرون بالفشل فأنهم يلقون باللوم على الآخرين، ويختلقون لنفسهم تبريرات تعفيهم من اللوم، ويستمرون فى تكرار نفس الأخطاء مرات متعددة .
التاريخ قد يصبر علي قوم في هزائمهم, وقد يمد يده لمن يتخلف عن الركب, أما الذي لا يتسامح معه التاريخ أبدا فهو أن يدير القوم ظهورهم له, ويمضوا متباعدين عنه, وذلك تحديدا ما يفعله العرب..وقد يتساءل البعض: ماذا يعني الخروج من التاريخ؟ .
يقول فوزي منصور إنه ذلك الفشل الملموس الذي لاقاه العالم العربي في التواؤم بشكل ناجح وهادف مع الواقع العصري وفي الاستجابة لتحدياته المميتة فلم نستطع ان نلحق بالرأسمالية العالمية ولم نبتكر طريقا خاصا للتنمية الذاتية وهذا هو جوهر المازق العربي . لأن العرب لم يعودوا فاعلين في تاريخ العالم، فليس لديهم تطور في العلوم أو الثقافة ومجتمعنا يعاني منذ محمد علي من سلطة قاهرة وشعب متململ لا يملك من أمره شيئا..
لماذا إذن نسمي محمد على مؤسس نهضة مصر ؟
نا لا أسميه كذلك, أقرأه في سياقه التاريخي.. فقد نجح في تنفيذ مشروع حديث فبني جيشا وطور الزراعة ونفذ مشروعات للري.. ولكنه فعل ذلك من أجل إمبراطوريته هو وأولاده, أما الشعب المصري فلم يكن له أي نصيب من هذا المشروع .
هل ناصر يمثل الحلقة الثانية من النهضة المصرية أم قاطع طريق النهضة؟
بل هو يمثل الفكرتين معا. أري أن أهم أسباب فشل مشروع ناصر القومي أنه كان بعيدا عن الناس, وإلا أنه لم يكن فاشلا تماما فعنده مشروعات مهمة حاول بها تحسين أوضاع المصريين ونشر العدالة الاجتماعية مثل تأميم القناة والإصلاح الزراعي .
هل تري ما حدث في25 يناير ثورة او مجرد انتفاضة شعبية؟
ما حدث هو تغيير في شكل السلطة لا جوهرها, عبر محاولة شعبية للتعبير عن الغضب مع إدراك غامض لمصالح الشعب من دون معرفة علمية بمفاصل التغيير ومن دون قيادة واعية تستطيع ان تحرك الجموع الشعبية في الاتجاه الصحيح ولذلك لم تحقق ثورة يناير أيا من أهدافها .
لا يوجد أى منطقة يسيطرة الدين فيها على مجمل نواحى الحياة كما هو فى البلدان العربية .
خلال أربعين عاما جرت أربعة حروب مع إسرائيل، وتخللت تلك الحروب وأعقبتها غارات وغزوات، فى جميع هذه المواجهات كان نصيب الجانب العربى الهزيمة أننا نعانى من بقاء أنماط الإنتاج العتيقة، والتراث المقدس الذى يكبل حياتنا، فالتراث الميت يكبل الحى ويستحوذ على الحاضر وغالبا ما يكون أكثر حياة من الواقع الحاضر .
ما كان يحاول أن يقيمه العرب هو دولة رفاهية ريعية، تستمد إيراداتها أساسا من أشكال شتى من الخراج، تدفعها الشعوب غير الإسلامية التى يتم فتح بلادها ص 64
لقد عادت الدولة الريعية مرة أخرى بعد ثلاثة عشر قرنا، فى القرن العشرين، بفضل النفط، عادت وسيطرت على الجزيرة العربية، ونبتت فى مجتمعات أخرى دولة ريعية من نوع مختلف ص 67
صفوة القول أنه يجب قيام وحدة عربية من خلال خلق حياة اقتصادية مشتركة تهتدى باستراتيجيه للتطور المعتمد على النفس المتمركز على الذات لا يمكن أن تتحقق إلا تحت قيادة قوى اجتماعية مختلفة عن الصفوة الحالية صاحبة الثروة النفطية والطبقات البورجوازية الحاكمة الحالية . ص 195
سوف يكون لهذه الصفحات نفع لو غير العرب نمط تفكيرهم ، وإلا سيكون مصيرنا كمصير الهنود الحمر أو الاستراليون الأصليون رغم كثرة عددنا واتساع أراضينا ووفرة مالنا .
#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟