أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحى سيد فرج - وداعا محمد عابد الجابري














المزيد.....

وداعا محمد عابد الجابري


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 3005 - 2010 / 5 / 15 - 17:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في مسيرة الثقافة العربية رموزا باهرة أنتجت علما وأسست معرفة، أبرزهم العلامة "ابن خلدون" صاحب العمران البشري الذي أسس علم الاجتماع، ولا غرو أن منهم المفكر والفيلسوف المغربي "محمد عابد الجابري" الذي أسس منهجا في نقد الثقافة العربية، ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم تطورات متسارعة، وتتسابق الأمم والبلدان لتحقيق التقدم، نجد أن بلدان العالم العربي والإسلامي تقف عاجزة عن مواكبة هذه التطورات والدخول إلى مرحلة التقدم، هذا الأمر كان مثارا لاهتمام عددا من الكتاب والمفكرون العرب وغير العرب، بحثا عن استمرار هذا التخلف المقيت والركود الحضاري والثقافي للعرب والمسلمين على وجه العموم .
وإذا كان العقل اعدل الأشياء قسمة بين الناس كما قال " ديكارت" فقد جعله أستاذ فلسفة العلوم المفكر المغربي "محمد عابد الجابري" مدخلا لفهم هذه الظاهرة المحيرة، حيث تمكن من اكتشاف أسباب عدم نجاح المحاولات المتكررة لمشروعات النهضة العربية، فبينما ركزت اغلب محاولات النهضة على واحد أو أكثر من مكونات الثقافة العربية سواء أسسها الفلسفية أو أصولها العقائدية ومذاهبها الدينية أو تياراتها السياسية، فأن الجابري توصل إلى الجذر الأساسي والسبب الحقيقي لعدم نجاح مثل هذه المحاولات واستمرار حالة التخلف عند العرب والمسلمين، وذلك في مشروعه الثقافي الشامل عن "نقد العقل العربي" بأجزائه الأربعة : "تكوين العقل العربي" و"بنية العقل العربي" و"العقل السياسي العربي" و"العقل الأخلاقي العربي" .
وينطلق هذا المشروع من النظر إلى العقل العربي على أنه «جملة المفاهيم والفعاليات الذهنية التي تحكم رؤية الإنسان العربي إلى الأشياء وطريقة تعامله معها في مجال اكتسابه للمعرفة، ومجال إنتاجها، وإعادة إنتاجها، والذي كان الإطار المرجعي له عصر التدوين الذي يشمل العصر الجاهلي، والعصر الإسلامي الأول. فالمعطيات والصراعات والتناقضات التي عرفها هذا العصر هي المسئولة عن تعدد الحقول الأيديولوجية والنظم المعرفية في الثقافة العربية .
ومنذ البداية يربط الجابري الأبستيمولوجي بالأيديولوجي، فيقول: «إذا كانت الثقافة، أية ثقافة، في جوهرها عملية سياسية، فإن الثقافة العربية بالذات لم تكن في يوم من الأيام مستقلة عن الصراعات السياسية والاجتماعية، بل كانت باستمرار، الساحة الرئيسة التي تُجرى فيها الصراعات، فتحليل الفكر العربي الإسلامي، سيظل ناقصاً، وستكون نتائجه مضللة، إذا لم يأخذ في حسبانه دور السياسة في توجيه هذا الفكر، وتحديد مساره ومنعرجاته. ذلك أن الإسلام التاريخي الواقعي، كان في آن واحد ديناً ودولة، وبما أن الفكر الذي كان حاضراً في الصراع الأيديولوجي العام كان فكراً دينياً، أو على الأقل في علاقة مباشرة مع الدين، فإنه كان أيضاً، ولهذا السبب في علاقة مباشرة مع السياسة . ويصل حضور السياسة في مشروع الجابري إلى درجة أنها لعبت، في نظره، الدور نفسه الذي قام به العلم في الثقافة الأوربية الحديثة .
هذا المشروع الذي تفرغ له الأستاذ الجابري ما يقرب من نصف قرن هو الإنجاز الذي رأت اليونسكو أنه يستحق أن يُكرم في الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة يوم 16 نوفمبر 2006 . لم يكن الجابري منذ البداية مجرد باحث أكاديمي بل كان فاعلا ومؤثرا وصاحب رأي ومناضلا ثوريا انشغل بقضايا وطنه، فانخرط في مقاومة الاستعمار الفرنسي للمغرب في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وخلال الستينات تحول إلى قيادي بارز في الحركة اليسارية وأصبح عضوا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قبل أن يعتزل العمل السياسي ليتفرغ لمشاغله الأكاديمية والفكرية، بعد أن حصل على دبلوم الدراسات العليا (الماجستير) عام 1967، ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة بداية السبعينيات من القرن الماضي من كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، وكانت الأطروحة التي نال بها الدكتوراه عن ابن خلدون بعنوان "العصبية والدولة.. معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي"، وعمل أستاذا للفلسفة والفكر العربي والإسلامي في الكلية نفسها .
وهكذا يمكن القول أنه امتاز بحضوره المتنوع والمتعدد في فضاء الفكر والسياسة، فقد لعب دورا بارزا في الحركة الفكرية بترسيخ ثقافة التنوير والنقد في الفكر العربي المعاصر، تميز عطاؤه بالعناية بالفكر الفلسفي، إذ يعتبر دون جدال واحدا من أكبر الذين أسهموا في تقديم ومناقشة الكثير من المذاهب والتيارات والمفاهيم الفلسفية .
ترك لنا الجابري أكثر من 30 كتابا متنوعا، كلها مهمة وأصيلة، لكن كثيرين يجمعون على إن أهم كتبه هو «نقد العقل العربي»، وكذلك توطين العقل العربي بكتبه عن الحضارة العربية والإسلامية منها "المشروع النهضوي العربي.. مراجعة نقدية" و"الدين والدولة وتطبيق الشريعة"، إضافة إلى كتابه الصادر قبل 4 سنوات بعنوان «مدخل إلى القرآن الكريم»، الذي اعتبره مشروع عمره لأنه حاول فيه فهم وتفسير القرآن بما يؤدى إلى تكوين رؤية جديدة ومختلفة،
إذا كان المفكر والفيلسوف محمد عابد الجابري قد فارقنا بجسده فقد ترك لنا أفكاره ما زالت حاضرة في أعماله القيمة والتي سوف تساهم في خلق مشروع النهضة العربية الجديدة.



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأس المال الاجتماعي مدخل حديث للتنمية
- المواطنة ممارسة
- العلم وشروط النهضة
- هدم العقارت كارثة للملاك الفقراء وإهدار للثروة القومية في مص ...
- العالم بدون كلود ليفي شتراوس
- الطرق إلى الحداثة
- لماذا لم يكتمل تشكل الدولة الحديثة في مصر ؟ 2 من 3
- لماذا لم يكتمل تشكل الدولة الحديثة في مصر ؟ 1 من 3
- تقارير التنمية الإنسانية تثير الجدل حول تردي الاوضاع العربية
- زمن ال -مابعد - 2 - 2
- زمن ال - ما بعد - 1 من 2
- زمن ال - ما بعد -
- دفاعا عن المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان
- على طريق الهند
- بدر الدين أبو غازي ... الناقد والرسالة
- نظرية اللعب في دراما الأطفال
- الحكومات العسكرية في العالم العربي
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية (كامل)
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 3 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 2 من 3


المزيد.....




- -انتهاكات سافرة-.. السعودية وقطر تدينان الغارة الإسرائيلية ق ...
- الدروز.. قصف إسرائيلي لمحيط القصر الرئاسي السوري وتهديد بعدم ...
- هل ستبني أمريكا قاعدة عسكرية في تيران وصنافير؟
- الجزائر تلجأ للقرعة لحصول الناس على الكباش الرومانية بسبب ال ...
- بعد صفقة المعادن... ترامب يسمح بتزويد أوكرانيا بمعدات دفاعي ...
- لبنان يوجه رسالة إلى حماس: لا تحولوا أراضينا لمنصة لزعزعة ال ...
- أحداث العنف حيال الدروز في سوريا: برلين تدعو لضبط النفس ودمش ...
- سوريا.. محافظ السويداء يعلق على وضع المحافظة بعد يوم من التو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مجددا عن إجلاء عدد من الدروز بعد إصابت ...
- 100 يوم على العمليات الإسرائيلية في جنين


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحى سيد فرج - وداعا محمد عابد الجابري