أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - فتحى سيد فرج - تقارير التنمية الإنسانية تثير الجدل حول تردي الاوضاع العربية















المزيد.....

تقارير التنمية الإنسانية تثير الجدل حول تردي الاوضاع العربية


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 04:55
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يقوم مفهوم التنمية البشرية على أساس توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس، وأهم هذه الخيارات أن يحققوا حياة طويلة خالية من الأمراض وأن يكتسبوا المعرفة ويتمتعوا بمعيشة كريمة، ولا تنتهي الخيارات عند هذا الحد بل تمتد إلى الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وخلق فرص الإبداع وضمان حقوق الإنسان .
والتنمية هي التي تجعل هذه الخيارات في متناول الناس حيث تمكنهم من توسيع قدراتهم وتوظيفها لتحقيق نوعية حياة أفضل باستمرار، ومنذ عرض أول تقرير للتنمية البشرية 1990 عن طريق البرنامج الانمائي للأمم المتحدة أشار بأنه لا يوجد دليل يمكن أن يكون معبرا بشكل كامل وشامل وستظل المؤشرات التي تقيس معدلات التنمية قابلة للتحسينات والتصويبات وعمليات الصقل نتيجة لتزايد الوعي بنواحي القصور في المجتمعات البشرية .
وإذا كانت تقارير " التنمية البشرية" في البداية قد دحضت الفكرة التي تقول بأولوية نمو الدخل باعتباره أساس للتنمية، إلا أنها ظلت تعتبر متوسط دخل الفرد من الناتج القومي الاجمالي أحد العناصر الرئيسية في مقياس التنمية .
وكانت هذه التقارير تضع ترتيب الدول من خلال ثلاثة عوامل أساسية هي أولا : متوسط العمر المتوقع باعتباره دلالة عن الحالة الصحية، ثانيا : مؤشرات التعليم باعتبارها دلالة عن الحالة التعليمية، ثالثا : متوسط دخل الفرد باعتباره دلالة عن الحالة الاقتصادية، ولهذا فإن هذه التقارير كانت تقتصر على تنمية الموارد البشرية دون أن تهتم بالجوانب الإنسانية، ولكن استطاع نادر فرجاني المفكر الاجتماعي المصري أن يبدع مقياسا جديدا سماه "مؤشر التنمية الإنسانية" وذلك عندما كان المحرر الرئيسي لتقرير"التنمية الإنسانية العربي الأول 2002" ورئيس الفريق المركزي لتقارير عامي 2003،2004 وقد استخدم في هذه التقارير المؤشرات الآتية
العمر المتوقع عند الميلاد : كمقياس عام للصحة في مجملها .
التحصيل التعليمي : كما يعرفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في حساب مقياس التنمية البشرية .
مقياس الحرية : تعبيرا عن مدي التمتع بالحريات المدنية والسياسية، وكي يعكس قصور التمتع بالحرية في المنطقة العربية .
مقياس تمكين النوع : كما يحسبه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كي يعكس مدي توصل النساء للقوة في المجتمع، وقصور تمكين المرأة في المنطقة العربية .
الاتصال بشبكة الانترنت : مقياسا لعدد حواسيب الانترنت للسكان، تعبيرا عن مقدار التواصل مع أساليب التقنية الحديثة، أحد متطلبات الانتفاع بفرص العولمة في هذا العصر، وليعكس مدي قصور المعرفة في المنطقة العربية .
إنبعاثات ثاني اكسيد الكربون للفرد (بالطن المتري) : حتي يعكس مقدار المساهمة في الاضرار بالبيئة على الصعيد العالمي .
وهكذا نتبين أن نادر فرجاني قد ادخل مفاهيم جديدة واضاف مؤشرات نوعية كانت انطلاقة جيدة لبناء مؤشر أكثر إنسانية، فهو بالإضافة إلى القدرتين الأساس : الصحة والتعليم، قد اضاف أربعة مقاييس ذات أهمية بالغة للمنطقة العربية هي التمتع بالحرية، وتمكين النوع، والاتصال بشبكة الانترنت، وإنبعاث ثاني اكسيد الكربون، كما استبعد مؤشر متوسط دخل الفرد، فليس التمكن من السلع والخدمات هو الوسيلة الوحيدة للتمتع بالحياة الكريمة، ولكن التمتع بالحرية وتمكين النوع باعتبارها نواقص في البلدان العربية تشكل أساس لفهم صحيح لتنمية إنسانية ترتقي بالفرد والمجتمع في السياق العربي .
وفي هذا الإطار صدر عدة تقارير عربية، كان التقرير الأول تحت عنوان "خلق الفرص للأجيال القادمة" وقد حض هذا التقرير على التغلب على ثلاث عقبات رئيسية : احترام الحريات الإنسانية، تمكين المرأة، واكتساب المعرفة .
أما التقرير الثاني لعام 2003، فقد وقع تحت عنوان " إقامة مجتمع المعرفة"، ويخلص التقرير على أهمية المعرفة بالنسبة للبلدان العربية كمحرك قوي للنمو الاقتصادي من خلال تحقيق إنتاجية أعلى و يشدد على أن المعرفة تساعد بلدان المنطقة العربية على توسيع مساحة الحريات الإنسانية وتعزيز القدرة على ضمان هذه الحريات من خلال الحكم الرشيد، وتحقيق المبادئ الأخلاقية الإنسانية العليا المتعلقة بالعدالة والكرامة الإنسانية.
ويطرح التقرير الثالث لعام 2004 والذي كان بعنوان "دعوة للحرية وللحكم الصالح في العالم العربي" معالجة سريعة ومتعمقة لنقص الحريات والحكم الصالح ويدعو للإصلاح في المجال السياسي والقانوني .
ويقدم التقرير الرابع- تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2005، تحت عنوان " نحو نهوض المرأة في الوطن العربي"، برهاناً قاطعاً على أن التحقيق الكامل لطاقات المرأة العربية مطلب جوهري لازم للتنمية في البلدان العربية كافة.
أما التقرير الحالي- تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009، فقد عالج قضية بارزة في حياتنا العربية المعاصرة ألا وهي "أمن الإنسان". ويؤكد التقرير أنّ أمن الإنسان شرط ضروري لتحقيق التنمية البشرية، وأن إنعدام وجوده في البلدان العربية يزعزع خيارات الناس الذين يعيشون فيها.
وقد ثار جدل واسع حول هذا التقرير عندما أعلن الدكتور مصطفى كامل السيد عدم مسئوليته عن الصيغة النهائية للتقرير بعد أن أقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائى (UNDP) دون استشارته على إدخال تعديلات جذرية على مسودة التقرير طالت بالحذف والاختزال فصولا تناولت صراعات الهوية وتداعيات الاحتلال الخارجى لبعض الدول العربية كالعراق وفلسطين والجولان السورية والصومال على أمن الإنسان، ونواقص الأمن الشخصى للمواطنين العرب فى ظل الغياب الكامل أو شبه الكامل للديمقراطية وحقوق الإنسان .

وواقع الأمر أن الخلاف الدائر اليوم بين الدكتور السيد وفريقه البحثي وبين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنما دار شيء منه في عام 2004 بين الفريق البحثي برئاسة الدكتور نادر فرجاني الذي أعد آنذاك التقرير السنوي الثالث للتنمية الإنسانية العربية "نحو تعزيز الحرية في العالم العربي" وبين موظفي البرنامج الإنمائي بسبب الانتقادات الحادة التي تضمنها التقرير لممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والولايات المتحدة في العراق وتداعياتها على مستوى الحريات في العالم العربي ومورست ضغوط على الفريق البحثي لإجراء تعديلات تحريرية.
وهكذا يتضح أن هناك خلاف متواتر بين الباحثين العرب وبين البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، تتحمل وزره دول خارجية وعربية توظف نفوذها السياسي والمالي للتأثير على محتوى تقارير التنمية الإنسانية العربية وحصيلته الرئيسية هي إثارة العديد من علامات الاستفهام حول صدقية واستقلالية الصيغ النهائية للتقارير.على الرغم من ذلك، لا يسع قارئ تقرير «تحديات أمن الإنسان فى البلدان العربية» - والمنشور باللغتين العربية والإنجليزية على الموقع الإلكترونى للبرنامج الإنمائى arabstates.undp.org - إلا أن يؤكد على أهمية المعلومات وقيمة التحليل الذى يحويه وأن ينصح المهتمين من المواطنين العرب بمطالعته.
سعى التقرير إلى تشخيص أبعاد أمن الإنسان في البلدان العربية، واجتهد واضعوه في تقديم رؤية إستراتيجية لمقوماته ومركباته، بوصفه مكوّناً رئيسياً في التنمية البشرية يتكامل مع بناء مجتمع المواطنة والحقوق والواجبات، ذلك أن أمان الإنسان العربي شرط التنمية، ولن تكون هناك تنمية إذا لم يتحقق هذا الأمان في وجه التحديات الداخلية والخارجية.
ولا شك في أن أمن الإنسان العربي يشكل مجالاً لتلاقي وتفاعل جملة من العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تتراكب معاً في صورة معقدة وإشكالية، الأمر الذي يتطلب من الباحث تحليلاً واسعاً ومعمقاً للعديد من مركبات ومكونات وتقاليد المجتمعات العربية.
وقد تطرق التقرير إلى ما يتعرض له السواد الأعظم من الناس في العالم العربي من انتهاكات وتجاوزات تطال الحريات الفردية، كالاعتقال التعسفي والتعذيب في أقبية أجهزة الأمن والاحتجاز غير القانوني في غالبية البلدان العربية، لكنه اكتفى بذكرها من دون الإشارة إلى المخارج والحلول. كما ذكر أن المنطقة العربية تنفرد بوجود نصف اللاجئين على الأرض، فضلاً عن ارتفاع نسبة الأمية والفقر وغيرهما.
مفهوم الأمن الإنساني : عرّف التقرير أمن الإنسان بأنه "تحرر الإنسان من التهديدات الشديدة، والمنتشرة والممتدة زمنياً والواسعة النطاق التي تتعرض لها حياته وحريته". ورغم التنوع في تعريفات أمن الإنسان فإن نقطة الارتكاز المشتركة في ما بينها هي الفرد، لا الدولة. لكن المنطلق في هذا التعريف هو التحليل المعروف لمفهوم أمن الإنسان الذي طرحه تقرير التنمية البشرية الصادر عام 1994 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مع الوعد بالأخذ في الاعتبار الظروف الراهنة في البلدان العربية.
ويرصد التقرير مخاطر عديدة تخل بأمن الإنسان العربي يمكن حصرها فيا يلي :
أولا : التهديدات البيئية
1- الضغوط السكانية، حيث يقدر للبلدان العربية أن يصل تعددها السكاني إلى نحو 395 مليون نسمة في عام 2015 مقارنة بـ317 مليون نسمة في عام 2007، وذلك في ظل تقلص مساحات الأراضي الزراعية وشح المياه.
هذا فضلاً عن التوسع الحضري حيث وصل سكان الحضر في البلاد العربية إلى 55% من السكان في عام 2005 مقارنة بنحو 38% في عام 1970، وهو ما يعنى مزيدا من الضغط على المرافق والبنى الأساسية. كما أن الهيكل السكاني يشهد وجود حضور شبابي لافت للنظر، مما يميز المنطقة عن باقي مناطق العالم، فنحو 60% من السكان لم يتعد عمرهم سن الـ25 عاماً.
2- ندرة المياه، تقدر الموارد المائية في البلدان العربية بنحو 277 مليار متر مكعب سنوياً، منها نحو 43% من مصادر داخلية، و57% من مصادر خارجية، وهو الأمر الذي يعرض البلاد العربية لمخاطر كبيرة في المرحلة القادمة، وبخاصة في ظل عملية التوتر التي تنتاب العديد من دول المنطقة، وقد دفع هذا الواقع البعض إلى استنزاف مصادر المياه الجوفية.
كما أن الظاهرة الأخطر هي التصحر، حيث يهدد التصحر المتواصل نحو 2.87 مليون كيلو متر مربع من الأراضي العربية، أي خمس المساحة الإجمالية للأراضي العربية.
3- التغيرات المناخية، على الرغم من أن المنطقة العربية من أقل مناطق العالم من حيث انبعاث ثاني أكسيد الكربون، إلا أنها مرشحة لأن تكون ضحية مباشرة لتغير المناخ.
فيتوقع التقرير أن تكون مصر والسودان ولبنان وبلدان شمال أفريقيا من أكثر البلدان العربية تضرراً بتغيرات المناخ. وفي حالة زيادة مياه البحر بمعدل متر واحد عما هي عليه الآن، فسوف يؤدي ذلك إلى تشريد نحو ستة ملايين مصري وغمر أربعة آلاف وخمسمائة كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية في دلتا نهر النيل.
ثانيا : مخاطر ممارسات الدولة
يذهب التقرير في دراسة ممارسات الدولة بالمنطقة العربية إلى أنها مصدر يهدد أمن الإنسان، وذلك عبر مجموعة من المعايير لقياس دور الدولة في تحقيق أمن الإنسان، هي: مدى قبول المواطنين لدولتهم، والتزام الدولة بالعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وكيفية إدارة الدولة لاحتكارها حق استخدام القوة والإكراه، ومدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من إساءة استخدام السلطة.
ويذهب التقرير فيما يتعلق بالهوية والتنوع والمواطنة إلى أنها ليست سبباً مباشراً في وقوع النزاعات، بينما الوجه الحقيقي للنزاعات يكمن في تعثر سبل الوصول إلى السلطة السياسية أو الثروة وغياب قنوات التمثيل والمشاركة السياسية وقمع التنوع الثقافي واللغوي، وفي أغلب الأحوال تكون النزاعات المتعلقة بالهوية ناتجة لاستغلال الزعامات السياسية.
وفي الوقت الذي تنص فيه الدساتير العربية على عدم التفرقة على أساس اللغة أو الدين أو العرق أو النوع، يذهب التقرير إلى وجود تمييز ضد النساء في المدونات القانونية العربية.
ويشير التقرير إلى أن أجهزة الدولة بالمنطقة العربية تمارس انتهاكاً لحقوق المواطنين في الحياة والحرية من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني، واستشهد التقرير في هذا الخصوص لبيانات المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ثماني دول عربية مارست التعذيب بحق مواطنيها، وتزايد حالات الاحتجاز غير القانوني بها.
ومن أهم عورات الدولة في المنطقة العربية بخصوص تهديد أمن الإنسان ما تمارسه من عرقلة لدور السلطة القضائية، ومحاولات الاعتداء على استقلالها من قبل السلطة التنفيذية.
ثالثا : الفئات المستضعفة
يرصد التقرير تحت هذه الفئة في البلدان العربية مجموعة من الظواهر المقلقة، منها ظاهرة زواج القصر وما يترتب عليه من تكبيل حرية الفتاة في الزواج، وتعرضها للحمل المبكر وما يترتب عليه من مضار صحية، وترتفع هذه الظاهرة في كل من الصومال واليمن وموريتانيا وجزر القمر والسودان بنسب بلغت 45% و37% و30% و27% على التوالي من الفئة العمرية 20–24 سنة للفتيات التي تزوجن في سن قبل الـ18.
ولا يتوقف التميز السلبي ضد النساء على الزواج المبكر ولكن هناك جرائم الشرف وتعرض النساء للاغتصاب، وسيادة الثقافة الذكورية لدى العديد من البلدان العربية.
وثمة ظاهرة أخرى لفئة المستضعفين في المنطقة العربية وهي الاتجار البشر، وتأخذ صورا عدة منها العمل القسري، أو اتساع نشاط شبكات الاتجار بالبشر في المنطقة العربية باعتبارها دول ممر أو مقصد من بعض الدول الأخرى، وتعد النساء والأطفال الأكثر تعرضاً لهذه الظاهرة السلبية.
وكانت الفئة الثالثة من المستضعفين هي اللاجئون العرب، حيث بلغ عددهم نحو 7.5 ملايين لاجئ بما يمثل نسبة 50% تقريباً من عدد اللاجئين على مستوى العالم، ويمثل الفلسطينيون والعراقيون الجانب الأكبر من اللاجئين العرب، ويتمركزون بشكل أساسي في سوريا والأردن ولبنان. كما تعرف دول عربية أخرى ظاهرة اللجوء مثل السودان والصومال.
رابعا : عدم الاستقرار الاقتصادي
ينظر التقرير إلى الأداء الاقتصادي في الدول العربية على أنه غير مستقر بسبب تعلقه بأسعار البترول المتقلبة. وقد انعكس هذا الأداء على معدلات النمو إبان انخفاض أسعار النفط في الثمانينيات من القرن العشرين، مما عرض دول خليجية مثل السعودية للاستدانة من الخارج، وتحقيق بعض البلدان العربية معدلات نمو سالبة.
ويذهب التقرير إلى أن الدول العربية في عام 2007 أقل تصنيعاً مقارنة بوضعها في الأربعة عقود الماضية. حيث عمدت الدول العربية إلى الاستفادة من عوائد النفط في الاستثمار في مشروعات البنية الأساسية والعقارات والقطاع الخدمي والمالي، مما جعلها عرضة للاعتماد على الخارج في المجالين الصناعي والزراعي. وقد أدى هذا الخلل الهيكلي في الاقتصاديات العربية إلى تفاقم ظاهرتي الفقر والبطالة.
وتعتمد البلدان العربية غير النفطية على عوائد النفط بشكل غير مباشر من خلال تحويلات العاملين بالخارج واستقبال الاستثمارات النفطية العربية.
وتناول التقرير أوضاع البطالة في العالم العربي معتمداً على إحصاءات منظمة العمل العربية، التي تقدر أن عدد العاطلين بنحو 14.4% من قوة العمل، وأن البطالة بين الشباب العربي من أعلى المعدلات بين مناطق العالم الأخرى، حيث تصل في المنطقة العربية لنحو 40%، وأن العالم العربي مطالب في عام 2020 بتوفير نحو 51 مليون فرصة عمل جديدة. وأرجع التقرير ارتفاع معدلات البطالة إلى مجموعة من الأسباب منها: تراجع دور القطاع العام، وضعف دور القطاع الخاص، وتراجع مستويات التعليم.
أما عن أوضاع الفقر في العام العربي، فمن خلال بيانات عن سبع دول عربية اعتمد عليها التقرير وتمثل نحو 63% من سكان العالم العربي، تبين أنه في عام 2005 كان هناك نحو 34.6 مليون عربي يعانون من فقر مدقع. وينظر التقرير إلى مستوى الدخل في العالم العربي على أنه يمثل حالة من المستويات المعتدلة للامساواة. إلا أنه يرصد أن الإقصاء الاجتماعي قد ازداد بمعدلات كبيرة في العقدين الماضيين في العالم العربي.
خامسا : الجوع وسوء التغذية
على الرغم من الوضع النسبي الأفضل للمنطقة العربية بين دول العالم فيما يتعلق بالجوع، إلا أن التقرير يرصد أن ظاهرة الجوع في العالم العربي في تزايد. وأن معظم البلدان العربية تتمتع بدرجة من الاكتفاء الذاتي في مجال السلع الغذائية الخاصة بالأغنياء (اللحوم والأسماك والخضروات) أفضل منها في السلع الخاصة بالفقراء مثل (الحبوب والشحوم والسكر).
سادسا : تحديات الأمن الصحي
يركز التقرير على ضعف الإمكانات الصحية في البلدان العربية، والتركيز على الطب العلاجي، إلا أن الظاهرة الخطيرة هي اتساع رقعة عدد المصابين بمرض نقص المناعة (الإيدز) وخاصة بين النساء، والمفجع أن المرض أكثر انتشاراً في البلدان الأشد فقراً وبخاصة السودان الذي يستحوذ على العدد الأكبر من المصابين بهذا المرض. فحسب بيانات عام 2007 بلغ عدد المصابين بالإيدز في المنطقة العربية 435 ألفا، يوجد بالسودان منهم ما نسبته 73.5%.
سابعا : الاحتلال والتدخل العسكري
يرصد التقرير حالات محددة لبلدان عربية تحت الاحتلال وهي فلسطين والعراق والصومال، وما استجلبه ذلك من تهديد لأمن الإنسان في هذه البلدان من خلال ثلاثة معايير هي تهديد حياة الإنسان، والتلوث البيئي، وتهديد النشاط الاقتصادي.
وذهب التقرير إلى أن الدول العربية بزعم تحقيق الأمن القومي تعمد لتأجيل مسيرة الديمقراطية ومشاركة المواطنين في الحكم، وحمل التقرير الاحتلال والتدخل العسكري المسؤولية فيما يتعلق بتهديد أمن الإنسان في هذا المجال.
ثامنا : التوصيات السبع
اعتبر التقرير أن مفهوم أمن الإنسان يوفر الإطار المناسب لإعادة تركيز العقد الاجتماعي في البلدان العربية، كما ذهب التقرير إلى وجود تهديدات سبع لأمن الإنسان العربي، فإنه أوصى بالتركيز على عوامل سبع لتحقيق هذا الأمن، وهذه العوامل هي : حماية البيئة، وضمان الحقوق والحريات، واعتراف الدول والمجتمع بالتجاوز في حق الفئات الضعيفة، والعمل على تحسين أوضاعها وحصولها على كامل حقوقها، والتركيز على تنوع مصادر النمو في الاقتصاد العربي، والقضاء على الجوع وسوء التغذية، والارتقاء بمستويات الصحة للجميع. وأكد أن الممارسات الخارجية المتمثلة في الاعتداءات على المنطقة العربية محكوم عليها بالفشل ولا يمكن أن يقبل بها المجتمع الدولي .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن ال -مابعد - 2 - 2
- زمن ال - ما بعد - 1 من 2
- زمن ال - ما بعد -
- دفاعا عن المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان
- على طريق الهند
- بدر الدين أبو غازي ... الناقد والرسالة
- نظرية اللعب في دراما الأطفال
- الحكومات العسكرية في العالم العربي
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية (كامل)
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 3 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 2 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 1 من 3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم3-3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 2-3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 1-3
- الحكومة أم المجتمع المدني .. من أقدر على مكافحة الفساد
- رؤى مستقبلية
- البلطة والسنبلة ، مصر والعرب
- البلطة والسنبلة إطلالة على تحولات المصريين
- الثقافة والتنمية


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - فتحى سيد فرج - تقارير التنمية الإنسانية تثير الجدل حول تردي الاوضاع العربية