أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المدن وطبيعة المرأة والرجل في رواية -مرافئ الوهم- ليلى الأطرش















المزيد.....

المدن وطبيعة المرأة والرجل في رواية -مرافئ الوهم- ليلى الأطرش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


المدن وطبيعة المرأة والرجل في
رواية "مرافئ الوهم" ليلى الأطرش
في هذا العمل الروائي تناولت "ليلى الأطرش" أربع مدن رئيسية، القدس، بغداد، بيروت، لندن، حيث تجري فيها أحداث الرواية، وما يلفت النظر أن كل هذه المدن عواصم وأيضا لها تاريخها الثقافي، ولها تأثيرها على الآخرين، ومنها من له أهمية تاريخية أو دينية أو ثقافية، والمدن العربية الثلاث التي تناولتها تم احتلالها، وكأنها بذلك تريد أن تكشف عروة النظام الرسمي العربي، الذي تخاذل ومهد الظروف لما آلت إليه الأمور في أهم العواصم التاريخية والثقافية العربية وما تحمله من مكانة عند الشعوب العربية.
القدس
"شادن" تحدثنا عن القدس قائلة: "دخلت مرافقا في ندوة لنادي شعفاط الثقافي، ... كنت اسما في الصحف والمجلات، وموظفة في مكتبة المجلس الثقافي البريطاني في القدس بعد تخرجي" ص7 و8، تكمن أهمية المكان بأنه نقطة البداية نحو عالم الصحافة والأدب، وأيضا كان يشكل مرحلة من مراحل عديدة عاشتها "شادن" وها هي تجعل من القدس مدينة العلم والثقافة عندما تحدثت عن أبها قائلة: " والدي يملك دكانا صغيرا في شعفاط، يؤكد بأسمائنا سعه اطلاعه وتميزه، ويشرق وجهه حين يجهل الآخرون دلالاتها، أضاف صحفا ومجلات قليلة وقصصا بوليسية على حامل عند باب المحل، يقرأ أكثرها قبل أن يبيعها" ص15، فالقدس لم تكن مدينة عادية بل متميزة بانفتاحها على الثقافة، من هنا نجد أهلها مثقفون ويتمتعون بسلوك خاص مع وسائل الثقافية.
والقدس تأخذ مكانة خاصة "لشادن" عندما وصفت فراقها عن الحبيب: "صوت لك حمله القلب ظل يائسا ومحرضا وأنت تودعني أمام باب الساهرة في القدس" ص19، المكان هنا يعني للمرأة شيء عزيز عليها، ففيها عاشت الحب الصافي النقي، الحب الأول الذي لا يمحى من الذاكرة ويبقى حاضرا ومؤثرا فيها إلى نهاية العمر.
"وليلى الأطرش" وصفتها لنا بطريقة قريبة من التفاصيل وكأنها تذكرنا بها وبأهميتها، فتجعل في كلامها شيئا من الرمزية : "هي القدس القديمة فريدة عتيقة، تعلن ذاتها وتاريخها وقدسيتها بأصواتها ورائحتها، أذان وأجراس وضجة بشر، بخور وعرق أجساد متعبة، وروث ودباغة وزعتر، ورطوبة وكبسة وسرج، وكنافة وعطارة، وعيون تدقق في المارة بلا هدف تنتظر من يشتري بلا إلحاح، وأقواس تحمل ذاتها منذ كانت أورشليم ويابوس وبيت إيل" لاص25و26، من خلال ذكر هذه التفاصيل عن الزعتر والعتق الموغل في التاريخ، والعيون التي تنتظر المشتري، كلها تحمل شيئا من الرمزية وتدعونا إلى التقدم منها والتقرب إليها، فهي تستحق منا الاهتمام.
بغداد
بغداد تأخذ مكانتها أيضا، فهي تمثل ذروة العز العربي، ففيها تغزل الشعراء ومدحها العلماء، ومنها انطلقت المعرفة ونضجت وتوسعت الثقافة العربية الإسلامية، فكانت منارة في تاريخنا، واسترشد الآخرون بعلومها ومعرفتها وثقافتها، فهي ليست مدينة عادية، هي أكثر من مهمة، وتعني لنا ليس مكانا جغرافيا وحسب، هي تاريخ زاهر فيها تألقنا وسطع نجمنا، ومنها كنا الأوائل في كل شيء.
تصف لنا "شادن" بغداد في زمن عبد الكريم قاسم بهذا الشكل، "وتحولت جامعة بغداد إلى مرآة لكل ما يدور خارجها، شباب وفتيات يدخلن الجامعات في تغير فكري واجتماعي، العراق الذي عرفته وعشته هو عراق الثقافة والأدب والفن، ازدهر سوق الكتاب، وجدد شعراؤه فن القصيدة، وزدهرت جماعات للفنون والأدب، مسرح الفن الحديث والرواد في الرسم" ص100، كأن الكاتبة في بغداد تكمل ما بدأته في القدس، من خلال اهتمامها بالثقافة والأدب والفن، كما نجد التاريخ العريق للمدينتين، ودورهما الفكري والحضاري في تاريخ العرب والمسلمين، وأيضا المأساة التي حلت بهما من خلال الاحتلال، الإسرائيلي والأمريكي، وفقدانهما لدورهما الحيوي حاليا. كل هذا يمثل دعوة غير مباشرة من "ليلى الأطرش" للتقدم منهما، والعمل على رفعهما إلى ما يليق بهما.
بيروت
مدينة الحرية والتحرر، مدينة المعارضة لكل ما هو رسمي، مدينة تتميز عن كل المدن العربية بما أتاحت للمواطن العربي من أسباب الحرية، فهي المدينة الوحيدة التي يمكننا التحدث فيها دون خوف من الرقيب أو الأمن، فلها مكانا خاصا في قلب ووجدان كل من عاش فيها، "لا مكان يشبه بيروت، فريدة هي وبلا مثيل، وحيدة، ارتبط قدري بها منذ رأيتها، ... لعلي رأيت في ازدحامها وسحرها مدينة طفولتي؟ يجوز! هو بحر واحد ممتد،... خطف بحرها قلبي، كان قرص الشمس يغطس بتؤدة ساحرة في مياه المتوسط عند التقاء الأفق، لحظتها قررت أن تصير بيروت مدينتي ولن اقبل بغيرها" ص103، بهذه الجمال الأخاذ تجعلنا الكاتبة ننحاز إلى قرارها، فهي ترسم لنا مدينة الأحلام بجمالها وطبيعتها وبحرها، فالبحر لوحده يكفي لكي يجعلها أخاذة، فبما بالنا إذا ما أضفنا إليها تنوع وتعدد الثقافة فيها، واتساعها للكل رغم التباين فيما بينهم، هي اكبر من مدينة وأوسع من كل الأقطار العربية، من هنا تم اختارها كمدينة مثلى.

طبيعة العلاقة بين المرأة والرجل
هناك أكثر من علاقة تربط أبطال وبطلات الرواية، منهم من استمر في البحث حبه القديم كما هو الحال عند "جواد" المغرم "بسلاف" ومنهم من تجاوز حالة عدم نجاحه في حبه إلى إثبات ذاته في عالم الأدب والفن مثل "شادن" وهناك من يبحث إقامة علاقة مع كل امرأة جميلة، كما هو الحال عند سيف، فكل شخصيات الرواية كانت تحمل شيئا من التفكير اتجاه الطرف الآخر، ولكلا منها همومه ومشاكله.
مشكلة المرأة كانت بهذا الوصف من وجه نظر "شادن" "تشبهي سلاف، كلانا دخلت نفسها وصدت أبوابها، ماذا في قلب امرأة عراقية مطلقة بين عمر ابنتها الشابة وطفلها أربعة عشر عاما؟
حين يقفل صدر امرأة على أسرار كبيرة، تدخل شرنقة العزلة فتحتمي بها، فقط امرأة مثلها قادرة على التقاط حب دفين بين عينيها، فبل أن تلحظه أي رجل" ص18، فقدان المرأة للرجل، كحبيب أو كزوج يجعلها تشعر بحالة من عدم الاكتمال، فيتكون عندها شعور بالنقص، لكن ليس كل النساء يظهر هذا الأمر، لكنه يبقى موجودا فيهن حتى لو أبدين عدم الاهتمام، فمن خلال هذه الكلام نجد حاجة المرأة إلى الرجل.
هناك حوار يدور بين "كفاح أبو غليون وسيف" حول المرأة فيقول سيف عنها : "لسيت كل امرأة وحيدة سهلة ويمكن الإيقاع بها.. لا النساء أصناف، هناك من لا تحتمل العيش بلا رجل، وهذا النوع هو الهدف، وهناك فئة لا تجرؤ على الاقتراب منها" ص52، هذا الكلام يؤكد لنا حاجة المرأة إلى الرجل، فرغم انه لا يمكن الاقتراب منها، إلا أن ذلك لا ينفي وجود الحاجة والرغبة لدها بالرجل، حيث يكون رفضها لإقامة علاقة معه ناتج عن تجربة فاشلة سابقة، تركت جرحا لا يمكن نسيانه.
أما الرجل فينظر إلى المرأة نظرة شهوانية كما هو الحال عند "سيف" الذي يقول عنها: "منذ لامست الحرير على جسد المرأة الأول مرة، حيرني السؤال: من هو صاحب هذا الاختراع الملعون؟ كيف خطر له أن يمزج نعومة الحرير بطرواة المرأة، فلا يدري الرجل في أيهما يغرق" ص40، فهنا نجد الشهوة وحدها من يجعل المرأة كائن مهما بالنسبة "لسيف"، فهو يسعى ليحصل على حاجته منه ليس أكثر، فيبدو لنا وكأنه خلق للجنس فقط.
أما بالنسبة "لجواد" فنجده غارق في حبه الماضي مع "سلاف" ويسعى بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية لكي تقبل به زوجا لها من جديد فيقول لها : "حبي لك هو الحقيقة الوحيدة في حياتي كلها" ص119، فالكاتبة قدمت لنا صور من حياة المرأة والرجل في المنطقة العربية، وكيف تبقى الطبيعة الإنسانية مسيطرة عليهما رغم ما يبديان من مظاهر الرفض، فنجد "سلاف" ينقلب رفضها وتمنعها إلى اندفاع مستميت نحو "جواد" عندما تعلم بأنه قد أصابته جلطة بسببها، فيمحى الماضي المؤلم من تاريخها ليحل مكانه حب جديد ومندفع نحو الآخر.
الرواية من منشورات مركز أوغاريت الثقافي، رام الله، طبعة أولى 2005.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرمز والواقع في رواية -ما زال المسيح مصلوبا- حبيب هنا
- مقتل النضال الفلسطيني
- ثنائية الحدث ووحدة المكان في رواية -حجارة الألم- انور حامد
- مجموعة -مجد على بوابة الحرية- وليد الهودلي
- الإيمان والصمود في رواية -ستائر العتمة- وليد الهودلي
- الاسلام والعقل
- -همس الفضاءات- عباس دويكات
- الجنة في -غوايات شيطانية- محمود شاهين
- رواية -الوجه الآخر- عباس دويكات
- رواية -درب الفيل- كاملة
- رواية -الجبانة- شاركدي إمره
- الاغتراب في رواية -درب الفيل-
- الثوري في رواية -درب الفيل-
- الأبض والأسود في رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش
- رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش
- السادية العربية
- رسالة إلى كتاب الحياة الجديدة
- قصة -أنا أحبه-
- قصص الجيب والقرن الماضي
- رواية -النخلة والجيران- غائب طعمه فورمان


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المدن وطبيعة المرأة والرجل في رواية -مرافئ الوهم- ليلى الأطرش