أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - بحلول 23 مارس 2015 تكون قد مرت خمسة واربعين سنة على تأسيس اول منظمة ماركسية لينينية مغربية هي - منظمة 23 مارس -















المزيد.....


بحلول 23 مارس 2015 تكون قد مرت خمسة واربعين سنة على تأسيس اول منظمة ماركسية لينينية مغربية هي - منظمة 23 مارس -


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 21 - 17:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



( للتاريخ حتى لا ’ينسى ويضيع . لتراث وأرشيف الحركة الماركسية اللينينية المغربية الاصيل . لأساتذة وطلاب علم السياسة والعلوم السياسية وعلم الاجتماع السياسي . للأجيال الحالية والآتية . للمهتمين بموضوع اليسراوية واليسار والحركات الاسلاموية . لمناضلي درب صنعوا صرحا شامخا في يوم من الايام وتخلوا عنه في اليوم الثاني من نفس تلك الايام . لهؤلاء جميعا نهدي هذا المجهود المتواضع ) .
يقول ليون تروتسكي " اذا كان البناء النظري الشامخ للاقتصاد السياسي للماركسية يرتكز على نظرية القيمة – العمل المادي ، فان السياسة الثورية للماركسية ترتكز على نظرية الحزب كطليعة للبروليتارية . ومهما كانت الخلفية الاجتماعية والأسباب السياسية للأخطاء والانحرافات الانتهازية ، فإنها ايديولوجيا تعود دائما الى فهم خاطئ للحزب الثوري ، لعلاقته بالمنظمات الجماهيرية ، وبالطبقة العاملة بأكملها " . نورد هذه المقولة لليون تروتسكي في مقدمة هذا العمل الذي يهدف الى تناول وضع اليسار الماركسي بالنقد والتقييم . ونحن نحدد الخط العام الذي سننتهجه في هذا الكشف ، اي دراسة هذه التجارب ، تقييمها واستخلاص الدروس منها ارتباطا بمسألة تعتبر اساسية على جدول من ينتسبون الى الماركسية اللينينية ، ألا وهي بناء الحزب الثوري الماركسي اللينيني .
وتعترضنا في هذا الكشف بعض المسائل في منهجيته لا بد من توضيحها منذ البداية ، ذلك انه عندما نريد ان نقيم فلا يعني هذا الرمي بكل ما حدث في سلة المهملات وإظهار النفس بمظهر المنقذ وصاحب الوصفة السحرية . ان هذا المنطق الذي ساد ويسود في صفوف اليسار الماركسي بالمغرب لهو من مظاهر الازمة التي يعيشها اليسار حاليا .
واذا جميع الماركسيين يعون ان التنظيم او الحزب الثوري يقوم على برنامج قبل كل شيء ، فان الصعوبة والتعقيدات تكمن في تحويل البرنامج الى وقاع مادي ، وجعله ملتحما بواقع الصراع اليومي في المجتمع ، بحيث يصبح فاعلا فيه وموجها له ، وبالتالي فالمعضلة هي كيف يمكن على ضوء البرنامج الثوري الحزبي صياغة الاجابات المطلوبة المتناسقة مع الواقع والمستجيبة لمتطلبات اللحظة المعينة ، ولا سيما في فهم دور التنظيم وعلاقته بالحركة الجماهيرية وبالطبقة العاملة التي يدعي تمثيلها والدفاع عن مصالحها ، وهو ما يعني جذور الاخطاء والانحرافات الانتهازية التي طبعت التجربة وساهمت في افلاسها .
ولقد حدد العديد من التيارات البرجوازية ، وحتى التيار الديني ازمة اليسار الماركسي في عجزه عن الالتحام بحركة الواقع وبالتالي عجزه عن بناء قاعدة جماهيرية ، وهي اذ تصيب في هذا بشكل عام باعتبار ان العجز ظاهرة عضوية ، الا ان مجرى التطور الذي عرفة الصراع السياسي اثبت ان الاصل في الازمة يرجع الى العجز في التطبيق ، ان العضال هو كامن في اليساريين اكثر من كمونه في الفكر اليساري .
واذا كان مناضلو والمتعاطفون مع منظمة الى الامام قد بدلوا مجهودا في جمع تراث المنظمة وتدوينه ، فان تراث منظمة 23 مارس ظل غريبا او مجهولا بحيث لم يبدل احد من مؤسسي المنظمة او الجيل الذي انخرط فيها لاحقا اي مجهود يذكر في جمع وتدوين مسارها سواء الذي بدأ مع انشاء التنظيم بصفة رسمية في 23 مارس 1970 ، او من قبل الاشخاص الذين انتقلوا الى ضفاف اخرى بعد تخليهم عن المنظمة الام ، سواء في شكل " 23 مارس " اليمينية التي اطلق عليها لاحقا اسم " الانوالين " نسبة الى جريدة انوال التي كانت المنظمة تصدرها منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ، او المجموعة التي كونت تيار " التكتليون " الذي ’عرف فيما بعد ب " لنخدم الشعب " او الجماعة التي كونت " الوحدة والنضال " ومنه كونت " رابطة العمل الثوري بالمغرب " . لقد تم حل جميع هذه التنظيمات من قبل اعضاءها ، وكأن الجميع كان يحاول الاسراع من التخلص من تجربة كيفما كان نتيجتها فإنها تظل جزءا من تراث الحركة الماركسية اللينينية المغربية . هكذا تم حل منظمة العمل الديمقراطي الشعبي لتنخرط في الحزب الاشتراكي الموحد ، كما تم حل رابطة العمل الثوري بالمغرب لتنضم كأشخاص وليس كتيار في حزب الطليعة ، اما حركة لنخدم فقد تقطع بها السبل نحو وجهات مختلفة الى ان انقرضت نهائيا من الساحة .
وبالرجوع الى تاريخ الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، فإننا لا نكاد نعتر على وثيقة تؤسس لمنظمة 23 مارس بخلاف منظمة الى الامام التي انبرى مؤسسوها وأطرها بمختلف مشاربهم الايديولوجية والسياسية ( النهج الديمقراطي ) الذي زاغ عن المنظمة ، او المتعاطفون مع تجربة ( النهج الديمقراطي القاعدي ) الامتداد التنظيمي والإيديولوجي لمنظمة الى الامام في سبعينات القرن الماضي ، اي قبل 1979 الذي بدأ فيها التراجع بدعوى الاصلاح والواقعية . ان الوثيقة الوحيدة التي تم العثور عليها بخصوص منظمة 23 مارس ، هي رسالة موجهة من قيادة المنظمة الى قيادة منظمة الى الامام بعد ان تقطعت السبل بهم بسبب الضربات الموجعة التي تلقياها من قبل الدولة . وبالرجوع الى تلك الرسالة الهامة التي كانت مؤشرا دالا على الوضع التنظيمي والإيديولوجي والسياسي التي حظرت المنظمة نفسها له نجد " لم يخطر ببالنا ، ولم يكن يخطر آلاّ نكاتب بعضنا هذا الزمن الذي ليس باليسير ، فالصراعات والتمزقات التي عاشها اليسار طوال هذه المرحلة ، حجبت عنّا جميعا ضرورة وايجابية الحوار فيما بيننا . لقد تقوقع كل منّا على نفسه ، ومضى في طريقه الخاص ، يحاور ذاته عن تجربته وخططه وتكتيكاته ومسؤولياته ، وحتى الصراع الخارجي العنيف الذي دار بين فرق اليسار ، لم يكن ليساعد في هذا التواصل فيما بيننا ، بل على العكس ، كان يضاعف من جو القطيعة ان صح التعبير .
وبعد ، فقد هدأت الاوضاع نسبيا ، واستقر كل منّا في اتجاه ، وأصبح بإمكانه ان يميز بوضوح كبير بين ما يربطه وبين ما يخالفه عن الاخر . فماذا جرى في كل هذا الزمن ، ما هي آفاق الحركة ، وكيف الخروج من وضع التشتت والتخلف الحاليين ؟ .
هذه هي الاسئلة التي كان من المنطقي جدا ان تكون موضوع رسالتنا ، وبداية مراسلتنا ما دمنا نجدد معكم الاتصال للمرة الاولى . لكن للأسف مرة ثانية ، فالزمن الذي مضى ، كان كثيف التطورات والتناقضات لدرجة لم يعد من السهل تلخيصها وتقييمها في رسالة واحدة . ومع ذلك سنحاول ان نعطي ولو فكرة اولية عن انفسنا على سبيل التمهيد لنقاشنا هذا والذي نتمنى ان يطول ويتوصل الى الهدف السامي الذي نريده منه .
ليس جديدا القول بان الحركة الماركسية تجتاز ازمة من اعوص الازمات التي عاشتها . الازمة هذه المرة متصلة بوجودها وقدرتها على الاستمرار كجسم سياسي ثوري . لقد كنّا نتحدث دائما عن الازمة لسنوات مضت حتى قبل ان نصير بهذا الشكل وبهذا الحجم ، إلا ان ما نؤكد عليه اليوم ، اكثر من اي وقت مضى هو ان جذر هذه الازمة ، يكمن في خطنا السياسي والفكري الذي نهجناه طوال هذه المرحلة . " العزلة عن الجماهير " و " فشلنا في الالتحاق بها " ليس الا مظهرا – حتى ولو كان رئيسيا – من مظاهر ازمة الخط . اكثر من هذا .... لخ " .
تمهيد تاريخي : وجدنا من الضروري قبل الدخول في عرض فصول هذه الارضية ، ومن اجل نضعها في سياقها من التطور التاريخي ، ان نقوم بتقديم خلاصات موجزة جدا حول تطور الحركة الماركسية اللينينية المغربية . نشوؤها والمراحل التي تطورت فيها ، وذلك من اجل تمكين المناضلين وكل القراء من مناقشتها لا من زاوية مجردة مفصولة ، بل في اطارها التاريخي الملموس المربوط بالتطور الفعلي للحركة الثورية في المغرب .
واننا لنشارك في الرأي جمهورا واسعا من المناضلين والمهتمين الذين يطالبون بإلحاح بضرورة كتابة تاريخ الحركة الماركسية اللينينية المغربية بتفصيل ، وإعطاء تقييم نقدي لتجربتها ، ونعتبر هذه المقدمة هي مساهمة اولية لكتابة هذه التجربة .
انتفاضة 23 مارس 1965 وبروز الوعي الثوري بالمغرب : كانت انتفاضة 23 مارس 1965 اول انتفاضة شعبية كبرى بعد الاستقلال ، تظاهر فيها آلاف من الشباب والعاطلين في اغلب المدن المغربية ، وسقط فيها ما يزيد عن الف ضحية بسبب التدخل العنيف للجنرال محمد افقير ، فعمت الاعتقالات بالجملة في هذا الجو ، وفي هذه المعركة التي اعلنت فيها الجماهير بغريزتها الثورية ، وبأسلوبها الخاص ، عن قطيعتها النهائية مع خط العمل الاصلاحي البرلماني ، وعن رفض كامل لإستراتيجية الملكية البرلمانية والدستورية .
في هذا الظرف دخلت الاحزاب السياسية المغربية ( حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) المفاوضات المشهورة مع الدولة . وفي هذه الفترة ايضا ، بدأ سؤال كبير وخطير يطرح بين المناضلين وبالخصوص الشباب الذين عاشوا وشاركوا في نضالات 23 مارس ، وفي نفس الوقت كانوا مناضلين منتمين لحزب ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) : كيف يصح بعد المجزرة الوحشية التي اقمها الحكم ضد الجماهير ان يصافح زعمائنا وقادتنا رئيس الدولة ويجلسون معه على طاولة واحدة للحديث عن " مصلحة الشعب " الذي سحقه الحكم بالأمس ؟ .
وفي التجمعات الحزبية الداخلية كان المناضلون يواجهون القيادة : لماذا تفاوضتم ؟ . وكان جواب القيادة كالصاعقة : لا يمكن ان نبوح بإسرار الحزب في التجمعات الحزبية .. وأصبح كل مناضل يطرح اسئلة حول هذا الوضع يعتبر من طرف القيادة مدسوسا ويقمع بقوة .
وبين المناضلين ، كان لا بد للأسئلة من جواب : من نحن ؟ لماذا تصرف حزبنا بهذا الشكل ؟ . لماذا توجد الجماهير في واد وأحزابنا في آخر متخلفة وعيا وممارسة عن الحركة الجماهيرية ؟ . هل هذه الاخطاء ناتجة عن القمع فقط ؟ ... لخ .
وللجواب عن القضايا التي يطرحها الواقع المغربي ، وعن الازمة التي كانت تعيشها الحركة التقدمية ، بدأ المناضلون يتعرفون بعمق اكبر ، ومن خلال الحاجيات التي تطرحها الممارسة ، على ما هو الحزب الثوري الحقيقي ، وما هي ايديولوجيته ، وسياسته ، وكيف يصنع الثورة مع الجماهير ومن اجل الجماهير . وانطلاقا من تحرك الجماهير في انتفاضة 23 مارس ، ومن صدمة امفاوضات ، بدأ التعرف على تجربة حزب لينين والثورة الروسية ، وايضا التعرف على الحزب الثوري والثورة في الصين والفيتنام .
وكانت الخلاصات الاولى :
1 ) انه في مجتمع كمجتمعنا خاضع لسيطرة الامبريالية وعملاءها المحليين ، حيث ان البرجوازية المغربية ضعيفة اقتصاديا ، بل نمت تحت حضانة الاستعمار والإقطاع ، فهي غير قادرة على قيادة الجماهير لتحقيق الثورة الديمقراطية ، اي الثورة التي تهدف بالأساس الى تحرير المغرب من استغلال الاستعمار الجديد والإقطاعية .
2 ) ان طريق الثورة الديمقراطية الوطنية الشعبية في المغرب لن تنجح إلا بقيادة الطبقة العاملة وبتحالف وثيق مع جماهير الفلاحين الفقراء .
3 ) ان طريق الثورة في المغرب لن تكون تحت شعار الملكية البرلمانية والدستورية ، وان اي تغيير حقيقي لن يتم إلا بطرح مسألة السلطة طرحا ثوريا ، بمعنى انه بدل الخط الاصلاحي البرلماني الذي يهدف في النهاية الى الوصول الى ملكية دستورية برلمانية ، يجب النضال من اجل اقامة نظام الجمهورية الشعبية ، وان يكون الوصول اليها عبر طريق الثورة الشعبية العنيفة .
4 ) ان الاداة للوصول الى ترجمة هذه الاهداف هي الحزب الثوري الذي يهتدي ويتسلح في نضاله بنظرية الطبقة العاملة : الماركسية اللينينية ، ويعتمد بالأساس في نضاله عللا الحركة الجماهيرية وبالخصوص العمال والفلاحين الفقراء .
كانت هذه الخلاصات الاولية التي توصل اليها المناضلون واتت نتيجة للتجربة الدموية التي حصلت في 23 مارس 1965 ، كنقط اساسية في تشكيل التفكير الاول الذي هيأ الشروط ، شروط الوعي ، لبروز النواة الاولى للحركة الماركسية اللينينية المغربية ، والتي كان اغلب مؤسسيها مناضلون انبثقوا من كفاح الحركة الجماهيرية وبالخصوص انتفاضة 23 مارس ، وساهموا عن قرب كمناضلين قاعديين في تجربة غير قصيرة داخل حزب الاتحاد الوطني / الاشتراكي من بعد للقوات الشعبية .
هزيمة 5 جوان 1967 مرحلة حاسمة في تأسيس الحركة الماركسية اللينينية المغربية : لقد اتت هزيمة الانظمة العربية امام العدو الصهيوني ، لتوضح قضايا عميقة جدا ، وتطرح ازمة الثورة المغربية في اطار الازمة العامة التي تعيشها الثورة العربية .
لماذا هزمت الجيوش العربية امام اسرائيل ؟ وبالخصوص جيوش الانظمة التي كانت تعتبر آنذاك تقدمية ؟ . ألآن اسرائيل متفوقة تقنيا ؟ لكن ماذا نقول عن حرب فيتنام التي يواجه فيها الشعب الفيتنامي احدث الاسلحة الامريكية ، ومع ذلك الحق الهزيمة الكاملة والنهائية بأحدث جيش عصري للامبريالية الامريكية . الجواب بسيط . في الفيتنام الشعب كله يقاتل ، كله حمل السلاح ، وهذا هو سر قوته . اما في انظمتنا العربية ، فأمر السلاح متروك والقتال متروك للجيوش النظامية . لماذا رفضت الانظمة التقدمية تسليح الشعب ؟ ليس من جواب على هذا السؤال سوى انها ، اي الانظمة ، تخاف على نفسها ومصالحها اذا حملت الجماهير السلاح . لكن لماذا تخاف ؟ لان هذه الانظمة ، انظمة برجوازية الدولة صعدت الى السلطة عبر الانقلابات العسكرية وليس عبر ثورة شعبية حقيقية ، وحققت فعلا بعض المنجزات الوطنية ( الجلاء ، التأميمات ، القطاع العام ..لخ ) لكن المستفيد منها ليس العمال والفلاحين الفقراء ، بل القسط الاكبر يحصل عليه البيروقراطيون العسكريون والمدنيون القابضون على السلطة الفعلية ، والذين يتحولون تدريجيا الى برجوازيين رأسماليين من نوع جديد .
ان تسليح الشعب يعني تسليم السلطة لأغلبية الشعب ( العمال والفلاحون الفقراء ) وهذا الامر غير ممكن بل مستحيل بالنسبة لهذه الانظمة البرجوازية الجديدة .
ان احزابنا في المعارضة المغربية ( الاتحاد الوطني ، حزب الاستقلال وحزب التحرر / التقدم والاشتراكية ) هي مشاريع مثل هذه الانظمة المفلسة ، لان نفس الاهداف والخط السياسي الذي تناضل من اجل تطبيقه في المغرب ، طبق وجرب في الشرق العربي وكانت نتيجته : هزيمة 5 يونيو 1967 ( من النكبة الى النكسة ) .
بعد الهزيمة وبعد تطور المقاومة الفلسطينية التي خطت طريقا جديدا في الثورة العربية ، وبعد بروز الجناح الماركسي اللينيني الثوري في المقاومة ، بعد كل هذه العوامل مقرونة بوضعنا المحلي داخل تطور النواة الاولى للحركة الماركسية اللينينية المغربية في مرحلة جديدة . ذلك ان هذا الطور اجتث كل الجذور الفكرية البرجوازية الصغيرة ، ووضع امامنا اختيارا لا محيد عنه هو : الانفصال الفكري والتنظيمي عن حزب ( الاتحاد الوطني / الاشتراكي للقوات الشعبية ) ، اي ينبغي تنظيم الانفصال التنظيمي عن الحزب وشق طريق ممارسة مستقلة . لقد كان هذا الاختيار ضروريا وصعبا جدا من زاوية المهام التي يطرحها ، خاصة وان الحركة الجماهيرية كانت في الفترة ما بين 1966 و 1967 تشهد ركودا مؤقتا بعد مجزرة مارس الدموية . ووقع اختيار الطريق الصعب ، وبدل النواة السابقة ، تأسست اول حركة ماركسية ضمت في صفوفها كأغلبية مناضلين سابقين في القوات الشعبية ، ومجموعة اخرى من المناضلين التي انشقت عن حزب ( التحرر / التقدم والاشتراكية ) وعلى رأسها رفيقنا الفقيد حماما المدعو الخطابي . وكانت هذه اول مجموعة انشقت عن حزب التحرر مباشرة بعد هزيمة يونيو 1967 ، وكل عناصرها ذوي اصول طبقية شعبية ، وثقافتها الاساسية عربية .
كانت ارضية اللقاء والعمل لهذه الحلقة هي نفسها الخلاصات التي اوجزناها اعلاه . وشقت هذه الحلقة طريقها نحو العمل فصادرت اول منشور سري سنة 1967 من اجل مقاطعة " سلطان الطلبة بفاس ، ونظمت دعاية مكثفة حول القضايا العربية وسط القطاع الطلابي بالخصوص لمناهضة الحل السلمي وإستراتيجية " ازالة آثار العدوان " وتأييد ودعم اطروحات يسار المقاومة الفلسطينية ممثلا في ( الجبهتين الديمقراطية / والشعبية لتحرير فلسطين ) .
كان المؤتمر الثاني عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب اوج هذا العمل الاوّلي ، والصراع الذي شهده هذا المؤتمر حول القضية الفلسطينية ، كان بداية النقاش لطرح النضال ضد كامل استراتيجية ومنطلقات القوى الاصلاحية والتحريفية .
المؤتمر الثالث عشر ل ( ا و ط م ) 1967 اعلان جماهيري لوجود ( الحركة م ل م ) : لقد ادى عمل النواة ، وفيما بعد الحلقة الى طرح الصراع الايديولوجي داخل قواعد المناضلين في حزب ( الاتحاد الوطني / الاشتراكي للقوات الشعبية ) ، ووسط عموم الحركة الطلابية ، وعمقت ممارسة الاحزاب البرجوازية نفسها خلال مفاوضات 1965 ، وهزيمة 1967 ، واتضح وجه التحريفية العالمية المعاصرة نتيجة الدور الثوري الذي ادته الثورة الثقافية البروليتارية الصينية . كل هذه العوامل حضرت بكيفية متوالية انبثاق تيار جماهيري وسط الشبيبة ، متشبع بخط الحركة الماركسية اللينينة . لقد كان المؤتمر الثالث عشر ، والمقررات التي اسفر عنها ، خاصة البيان الوطني العربي ، تسجيلا ملموسا لانبثاق خط جديد في الثورة المغربية ، لم يأت تقليدا للموضة اليسارية ، ولم يكن غريبا عن واقعنا الوطني والعربي ، بل جاء تعبيرا عن اندفاع نضالي ديمقراطي ثوري لدى الحركة الجماهيرية في المغرب ، جسدته انتفاضة 23 مارس 1965 . جاء ضرورة حتمية نظرا لعجز القيادات البرجوازية الصغيرة تاريخيا ، ليس فقط على الصعيد المغربي ، بل على الصعيد العربي كله .
وداخل المؤتمر التقت عدة حلقات اخرى ، اغلبها مناضلون سابقون في القوات الشعبية ، وبدأت التنسيق فيما بينها . بينما حافظت المجموعة المتقدمة داخل ( حزب التحرر / التقدم والاشتراكية ) ، والتي بدأت تطرح انتقادات ضد الخط العام التحريفي داخل الحزب ، على تواجدها داخل الحزب ، بهدف استنفاد كل امكانية العمل في الصراع الداخلي للحزب ، وبذلك فشلت المحاولة الاولى للوصول مع هذا التيار لخطة عمل موحدة مكشوفة ضد قيادات البرجوازية الاصلاحية والتحريفية .
23 مارس 1970 اول عمل موحد ومنظم ( للحركة م ل م ) : لقد ادت كل هذه التطورات ، مضافا اليها ظهور تيار ثوري متقدم وسط المناضلين الاتحاديين في المنفى ، الجناح المسلح ، بدأ من خلال ممارسته الطويلة داخل الحركة الوطنية ( جيش التحرير والمقاومة ) ، ومع توالي الفشل المتكرر (1960 – 1963 – 1965 ) يلتقي مع نفس الخلاصات التي تعبر عنها الحركة الماركسية اللينينة المغربية ، ادى الى تأسيس اول تجمع موحد تنظيميا لاغلب قوى الحركة الماركسية اللينينة المغربية . وقد صادف الاجتماع التأسيسي لهذا التجمع الذكرى الخامسة لانتفاضة 23 مارس 1965 : 23 مارس 1970 ، حيث توحدت القوى الفتية للحركة الماركسية اللينينة ، وتبنت استراتيجية النضال لإقامة جمهورية ديمقراطية شعبية عن طريق الحرب الشعبية الطويلة الامد ، وهو التبني الواضح لأفق الثورة العربية . لقد كانت هذه بإيجاز الاسس الايديولوجية والسياسية التي على اساسها تم التوحيد الاول ، وتأسيس المنظمة الثورية المغربية ( منظمة 23 مارس ) .
غشت 1970 انفصال التيار الثوري داخل حزب التحرر / التقدم والاشتراكية : لقد ادت هذه التطورات على صعيد الحركة السياسية الى تجدر اغلب قواعد ( حزب التحرر والاشتراكية ) ، وقد ادت محاكمة علي يعته والتصريحات التي ادلى بها داخل المحكمة ، والتي اعلن فيها تراجعه عن المبادئ الثورية ، واستسلامه المذل للنظام ، وموقف الحزب المؤيد لمشروع روجرز في الشرق الاوسط ، وتأسيس " الكتلة الوطنية " الى انفجار عام داخل قواعد الحزب ، وادى الى انفصال وانسحاب جماعي لأغلب قواعده الشابة . وبذلك تأسس الفصيل الثاني في الحركة الماركسية اللينينة المغربية ، والذي سيعرف ابتداء من 1973 بمنظمة ( الى الامام ) .
تجربة التنسيق المشترك بين فصيلي ( الحركة م ل م ) منذ 1970 حتى 1972 : لقد تركز النشاط المشترك بين فصيلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية حول النقط التالية :
--- النضال بجانب الثورة الفلسطينية ، باعتبارها قضية وطنية لا تختلف عن الثورة الزراعية في المغرب او جلاء القواعد الاجنبية ، وباعتبار ان الدعم الحقيقي للثورة الفلسطينية ليس هو الدعم المادي فقط ، بل ان واجبنا الاكثر اهمية هو فضح ارتباط الدولة بالصهيونية ، وتعبئة الحركة الجماهيرية نضاليا لدعم الثورة الفلسطينية امام محاولات تصفيتها .
--- وعلى صعيد الحركة الجماهيرية ، اعتبار ان المهمة المباشرة هي تدعيم وتطوير الكفاحات اليومية للجماهير ، انطلاقا من مشاكلها البسيطة ، وانطلاقا من استعداداتها الفعلية . وكان لابد في ممارستنا ان نتصادم مع السياسة الانتظارية للأحزاب الاصلاحية والتحريفية التي تشكل الحركة الجماهيرية بالنسبة اليها ورقة فقط من اجل الوصل الى مائدة المفاوضات مع النظام وولوج البرلمان والمناصب العليا .
--- كما لعب اصدرا مجلة انفاس بالعربية دورا اساسيا في نشر الفكر الثوري ، وفي بلورة تيار جماهيري حول الحركة الماركسية اللينينية المغربية .
--- كما تصدت ( الحركة م ل م ) في هذه الفترة ، وخلال انقلاب الصخيرات ، ومع العزلة الشديدة للنظام ، الى دور الفعل السياسي على الصعيد الوطني على اساس الشعارات الاساسية : " النضال من اجل عزل الحكم الرجعي ، النضال من اجل تصعيد كفاحية الجماهير " .
وعلى اساس هذا الموقف خاض الفصيلان معركة جماهيرية وساعة شكلت فيها حركة الشباب القوة الاساسية ( فبراير – مارس 1972 ) ، وبسبب ذلك تعرضت الحركة م ل م لحملة القمع الاولى .
ان هذا النضال المشترك كان من شأنه أن عزز الشعور بضرورة الوحدة بين طرفي الحركة ، كما وضع الاسس الحقيقية لتجاوز بعض الخلافات التي كانت موجودة بين فصيلي الحركة ، وخاصة حول مفهوم العنف الثوري بالمغرب ، وحول المفهوم التنظيمي لبناء الحزب الثوري .. لخ .
الحركة م ل م في مواجهة الظروف الصعبة التي خلقها تطور الوضع بعد مارس 1973 : اثناء شهر مارس 1973 ، وفي اوج تصاعد الحركة الجماهيرية المغربية ، وبعد انفجار احداث 3 مارس 1973 ، شرع الحكم في تطبيق سياسة " تصفية الثلث من الشعب " . فبعد ان منع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، واعتقل عددا من مسؤولي ومناضلي النقابة الوطنية للتلاميذ ، قرر توقيف حزب ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) ، وشرع في حملة ارهاب واسعة النطاق ضد الجماهير وضد خيرة مناضلي الشعب المغربي ، وذلك بهدف شل الحركة الجماهيرية وإرهابها ، في نفس الوقت كان يعمل النظام على اعادة ترتيب اوضاعه الاقتصادية واجتزته القمعية .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من افشل حركة 20 فبراير ؟
- بيان الى الرأي العام الحقوقي
- المكيافيلية والسكيزوفرانية الفرنسية : هل فرنسا مع الحكم الذا ...
- بلاد دنيال كالفان . بلاد الظلم والذل والعهر والعار . بلاد هك ...
- انزلاق المغرب من دولة علم ثالثية متخلفة الى دول ربع العالم ا ...
- حين تصبح الدواعيش التكفيرية اوصياء على الاسلام
- إلغاء ام تأجيل لوقفة الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية ام ...
- على هامش الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الائتلاف من اجل التندي ...
- الازمة العامة الحليف الاستراتيجي للمعارضة الحقيقية -- انتفاض ...
- البوليساريو يقبل بالحكم الذاتي بشروط
- هل يحيل الامير هشام العلوي نزاع الصحراء الى اتفاق الاطار؟
- حين يتم جعل السلطة الشخصية المسيطرة سلطة مقدسة -- وظيفة العن ...
- فرنسا هي كريس كولمان
- بين التركيز على شخص الشخص والتركيز على النظام
- بيان اخباري الى الرأي العام الوطني والحقوقي المغربي
- افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر -- عملاء لا ( علماء )
- التردي والافول بالعالم العربي والاسلامي
- من الخائن ؟
- بين خطاب الرفض ورفض خطاب الرفض تنزلق القضية الوطنية نحو المج ...
- الى المدعو عبداللطيف الشنتوفي ( المدير العام ) للمديرية العا ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - بحلول 23 مارس 2015 تكون قد مرت خمسة واربعين سنة على تأسيس اول منظمة ماركسية لينينية مغربية هي - منظمة 23 مارس -