أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - الاغتيال السياسي : تنظيم داخل التنظيم















المزيد.....

الاغتيال السياسي : تنظيم داخل التنظيم


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 13:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل من يتأمل المسار التأسيسي لحركة النهضة يلاحظ بيسر المراجعات التي صاغها القادة التاريخيين و إضفاء الطابع الحداثوي الديمقراطي لتبدو الحركة منسجمة مع آليات الحياة الاجتماعية القائمة على معالجة الأزمات السياسية بالحوار. وهي خطوة نجحت في تأمين الانتشار الدعائي للحركة و استقطاب شرائح اجتماعية مهمة و غزيرة و حشد منظم لخطاب حداثي ينطوي على قناعة مفادها أن حركة النهضة تدور في محيط اجتماعي متعطش لقيم دينية تمت مصادرتها في العهدين البورقيبي و النوفمبري .
و ما يهمّنا هنا تأويل الفرضية الثانية التي تفسر واقعة الاغتيال بإرجاعها لحركة النهضة و افتراض وجود تنظيم داخل التنظيم. و سنبدأ بالسؤال التالي: هل أن المراجعات التي أقدمت عليها قيادات حركة النهضة تكتيكية أم مبدئية؟
سنحاول أن نحدد الأبعاد التي نرى إنها تخدم مقتضيات فهم هذا التأويل. و مراعاة للدقة في تحديد المسؤولية يمكن أن نرسم اتجاهات تتراوح بين أن تكون المسؤولية سياسية إلى كونها عملية يبرز فيها القصد الجنائي الذي ظهر جليا في بعض الخطابات التحريضية التي صدرت من قبل بعض قيادات الحركة من ذلك مثلا ما تفوّه به السيد الصحبي عتيق في قوله" من يستبيح الشرعية يستباح".
استنادا لهذا التشنج الذي رصد في منطوق بعض القيادات أخذ البعض ، وبمنطق حاسم، على محمل الجد بضلوع حركة النهضة في عمليتي الاغتيال اللذين استهدفتا الرفيق شكري بالعيد و الأخ محمد البراهمي.
و الجدير بالذكر أننا نجد أنفسنا أمام معضلة تتمثل أساسا في تحديد المسؤولية لحركة النهضة في الوقت الذي تشير فيه الدلائل أن المسؤولية الجنائية تعود لتنظيم أنصار الشريعة. نحن هنا نتحدث عن بناء اجتماعي يلعب خارج دائرة مسرح الإحداث السياسية و له صلة ببؤرة إرهابية تخطط و تنفذ وفق معايير و ضوابط غير سياسية.
هل نحن بصدد المناورة و التوظيف العملياتي لأنصار الشريعة كوقود سياسي؟ هل أن إقحام أنصار الشريعة هو من قبيل إلحاق ضرر معنوي لشريحة علاقتها بالجريمة لم تتشكل بعد في ظروفنا المجتمعية؟
إن المتابع للندوة الصحفية التي عقدتها وزارة الداخلية التي أصدرت ما يشبه الأحكام الجنائية في تلبيس التهم للجناة تدفعنا أن نتساءل: هل أن المحاضر التي عرضت و التي تدلل على الفعل الإجرامي ــ وفق زعمهم ـ قد احترمت المعايير القانونية؟ و هل أن وزارة الداخلية مخولة أصلا لتأويل و تحديد الملابسات التي أحاطت بالجريمة؟ بمعنى آخر لماذا تم تغييب الدوائر الجنائية كمصدر للمساءلة القانونية و كجهة رسمية لإنارة الرأي العام؟
إن إبعاد القضاء العدلي هو الذي يفسر أسباب و دوافع الحذر في القبول بالرواية حتى لا نقول المسرحية التي أفادت بها وزارة الداخلية . وهو ما يبرر أيضا مشروعية تعقب المسار النظري لحادثتي الاغتيال.
مما سبق بيانه يتضح لنا أن فرضية تورط حركة النهضة في الاغتيال السياسي يظل إمكانية قائمة حسب ما تقتضيه هذه التخمينات بنفس الدرجة التي طرحنا فيها تورط القوى التقليدية في المقال السابق. و لكن السؤال الذي يستهجن هذه الفرضية هو التالي: ما عساها تستفيد حركة النهضة من الاغتيال و الحال أن الشرعية الانتخابية قد انهارت ؟ أليست حادثة الاغتيال عدوانا على الشرعية و إطاحة بجهة كانت تحكم لتغدو خارج الحكم؟
لو استقام القول بأن العنف ممارسة قصدية لدى بعض قيادات حركة النهضة تصب في إطار ترهيب الخصوم السياسيين و وضع اليد على مفاصل الحياة السياسية و إن آل ذلك إلى نسف أي عملية انتخابية مستقبلية ، فإن تأويل كهذا لا يفهم إلا بوصفه ضرب من الاختراق يؤدي بعد ذلك إلى إعادة انتشار جديدة لقيادات الحركة . و انسجاما مع هذه الفرضية ليس أمامنا سوى أن نتساءل عن مظاهر و آليات هذا التحالف التنظيمي بين أنصار الشريعة و بعض قيادات حركة النهضة؟ ثم ثانيا لم آل الأمر إلى تقديمهم ككبش فداء ؟
يضاف إلى ذلك ملاحظة أساسية مفادها أن القبول بفرضية الاختراق يمكن أن تتحدد من زاويتين متعاكستين: مثلما يجوز افتراض إمكانية اختراق أنصار الشريعة من قبل تنظيم نهضاوي ، يجوز أيضا افتراض اختراقهم من قبل قوى استخباراتية تعمل لصالح القوى التقليدية.
سنقوم بتحليل فرضية الاختراق داخليا. هذا الأمر يجعل من عملية الاغتيال السياسي حالة خاصة من التعقيد تحدده عوامل كثيرة لازمت المجتمع التونسي أثناء حكم بن علي. فدراسة سلوك الحركة الدينية التي كانت عرضة للاستهداف تحت ذريعة الإرهاب لم تفصل عن قصد بين شبابها كحزب محظور ( الاتجاه الإسلامي سابقا) و أنصار السلفية التي تمددت بفعل القنوات الفضائية الدعوية فكانت أوصافها تفاعلية مع التوجه السلفي . و بحلول الثورة و تسلم حركة النهضة للحكم تم استيعابها ضمن أطرها القاعدية بدافع الانتهازية السياسية القائمة على فكرة التوظيف و ربما الاقتناع لدى البعض الآخر أو بضرب من الاختراق.
في ضوء ما سبق نحن إزاء حركة منتسبيها لم يتلقوا تربية حزبية بما يتجانس مع تنظيرات قياداتها، بل لعلهم في مشوار الحكم الانتقالي للحركة يرون أنها انحرفت عن مسارها العقائدي و انساقت في تشكيل أرضية ليبرالية تضعف ثقافة الدعوة.و قد ينتهي كنتيجة لذلك إلى تأسيس روابط تنظيمية موازية لا نعرف حدودا لها داخل الحركة نفسها .في هذه الحالة يصبح المشهد السياسي للحركة مجرد ديكور غير ملزم لقيادات الظل. أليس غريبا أن يستباح الجيش الوطني في جبل الشعانبي مباشرة بعد نصف ساعة من خطاب السيد على العريض ( رئيس الحكومة)؟ أية جاهزية تلك تكون قادرة على الرد الفوري لمضمون الندوة الصحفية ؟( كأن هناك حوار بين جهتين فشلتا فيما مضى حول خطوط معارك المستقبل) من هذا المنطلق إن الكشف عن طبيعة التمازج بين أنصار الشريعة و حركة النهضة يعتبر اختراقا مزدوجا. و لعل الرد الصادر عن رئيس الحكومة بأن أنصار الشريعة هو تنظيم إرهابي هو رد مناسب لوأد الاختراق. و إلا بم نفسر حرص حركة النهضة أن يظل التحقيق تحت يد أنصارها بما في ذلك وزير الداخلية الذي سوّق لنا خبر استقلاليته؟
لندقق في معلومة وردت في الفقرة التي عرضتها وزارة الداخلية و تتعلق بالقائمة الاسمية لمن هم عرضة للاغتيال سنجد أن هناك تضمين لأسماء غريبة من ذلك مثلا السيدة ألفة يوسف و لكن الأهم السيد عامر العريض. كأن هناك رسالة فاضحة لوجود تمايز و تعارض هيكلي بين حركة النهضة و تنظيم أنصار الشريعة بدليل أن أحد رموزها على قائمة الاغتيال السياسي. هل هذه القائمة صحيحة أم مفبركة بخلق هكذا إيحاء. هذا يحتاج إلى تحقيق.
من ناحية أخرى لماذا هذا الصمت من قبل قادة أنصار الشريعة إزاء الاتهام الجمعي لو لا تيقنهم أنهم كانوا ضحية للاختراق من قبل عناصر تنتمي لجناح حركة النهضة أو استخباراتية تتحرك و تنفذ وفق ما تقتضيه المعالجة التكتيكية لموازنات سياسية غير منظورة.
إن هذا التخمين يزداد معقولية حين نستحضر الوثيقة التي تسربت من وزارة الداخلية و تحذر من إمكانية استهداف الحاج محمد البراهمي قبل 10 أيام من تاريخ اغتياله. و قد جاء في نصها: " اتصلت إدارة الأمن الخارجي بمراسلة من رئيس مكتب الجهاز المقابل الأمريكي ، تتضمن الإفادة بإمكانية استهداف عضو المجلس التأسيسي محمد البراهمي ، الأمين العام السابق لحركة الشعب و مؤسس التيار الشعبي ، من طرف عناصر سلفية دون إيضاحات أخرى"
إن هذه الإفادة تتحدث عن محمد البراهمي كهدف معرض للتصفية. لماذا لم تجند وزارة الداخلية أو الأمن الرئاسي لتوفير حماية لصيقة له؟
إن الإفادة تحدثت عن محمد البراهمي كمؤسس للتيار الشعبي . و هذا التاريخ لم يحصل فيه الشهيد على تأشيرة حزبه الجديد. فكيف يرد بالنص في وثيقة رسمية مصطلح غير مسيج قانونا؟
نأتي الآن إلى استتباع فرضية الاختراق.
لنتفق أولا أن الاختراق يحدث عن طريق إعداد أشخاص بالمال أو بالتغرير و تتوافر لديهم كافة شرائط المسؤولية الجنائية لإدانة الجهة المستهدفة. و غالبا ما يكونون حلقة وسطى في الجسم المخترق.
و بالعودة إلى السيرة الذاتية لمنفذ جريمة الاغتيال الأولى و الثانية سيجد أن كمال القضقاضي أو بوبكر الحكيم لهما تجربة جهادية في أفغانستان و العراق . وهو ما يعني أن التحليل الذي يربط هذه الشخوص بالسلفية يستند إلى معطى دامغ. ليبقى السؤال : هل تم تجنيد هؤلاء استخباراتيا ضمن الحركة السلفية و افتعال جريمة يكون لها تداعيات سياسية . إذا صح هذا التخمين نحن نتحدث عن توظيف الإرهاب لصالح ما هو سياسي. و إذا كان القصد من التوظيف هو السياسة فإن المنافع و المضار هي عنوان يعتمد في التقصي، ليتجدد السؤال: و أي منفعة جنتها حركة النهضة بافتراض أنها من خططت لعملية الاغتيال؟ يكون ذلك جائزا ربما بفرض خيار سياسي لتقويض أنصار الشريعة بأيادي حركة النهضة التي تحكم كمقدمة لخلق بلبلة جماعاتية لفرق إسلامية متناحرة و كمقدمة لفتن مذهبية.
إن ترجيح أحد هذه الفرضيات التي تم تحليلها يتوقف على قرائن لعل ثمة من يحرص على أن تدفن نهائيا لتشلّ أية تطورات جذرية حاسمة في التركيب الداخلي لواقعتي الاغتيال.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضواء ساطعة حول الإغتيال السياسي: الرفيق شكري بلعيد و الأخ م ...
- قتل بإستيطيقا غامظة
- حيز يقطن فيه الأمل : تبيئة للفضاء العمومي الهابرماسي
- إلي أيقونة القلب: فلسطين
- احتمالات معاكسة لليقين و اللايقين
- تفجير الحداثة من الداخل : نقد لها أم تضحية بالحداثة؟
- هو ذا طريقنا
- الحداثة المعطوبة بعيون هابرماسية و الدور الملهم للإرث الديني ...
- يشرعن و يقمعون ، و المرأة تبلغ نهاية مصيرها العادل
- ثقافة فينومينولوجية لاختراع الجسد و تنابذ مع الكوجيتو المقلو ...
- دردشة على ضفاف الهنا و الآن
- العرقية و القومية: تأصيل إيديولوجي أم أنثروبولوجي؟
- ملاسنة حول السفسطائي: رحلة من معاقل الميتافيزيقا إلى معاول ا ...
- أدب الجريمة : دوستويفسكي و البصمة الأنثروبولوجية
- استلاب الوعي و القهر السياسي لنظام بن علي
- الطريق من الجريمة إلى الأنثروبولوجيا
- الحرب: أزمة قيم أم أنثروبولوجيا؟
- التصوف تحت مجهر علم النفس خال ينمّ عن عقدة بلوغ أوج القمّة
- الإرهاب و الثورة : أزمة عصر أم ميلاد عصر جديد؟
- نوابض خفيّة للصورة


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - الاغتيال السياسي : تنظيم داخل التنظيم