أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الهيجاوي - الكوميديا السوداء














المزيد.....

الكوميديا السوداء


باسم الهيجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1321 - 2005 / 9 / 18 - 07:00
المحور: الادب والفن
    


جاءته ذات لحظة عابرة في فضاءت التأمل وهي تجر" عناقيد الغضب " في كلماتها .. وبرفقتها قريب صغير احتج على" شعار جداري " كتبه صبية الحارة المتطفلون .. بأنها وبأنه متحابان .

سألته مستنكرة :
ـ صحيح في إشي بيني وبينك ؟

كانت تضع يدها بطريقة " التفافية " لتخفي جانب فمها المقابل لقريبها الغر .. عضت على شفتها السفلى بعد سؤالها له .. تعبيراً عن دعوتها له بعدم الاعتراف .. واستوقفته هذه الالتفاتة " المصيرية " .. إذ أن هذا المشهد لهو دليل صارخ في برية الروح على أنه " في إشي بينها وبينه " .. لكنه استجاب لرغبتها .. فقال :

ـ لأ .. ما في إشي .

فأردفت .. بعد أن أفرجت عن شفتها وأزالت يدها عن جانب فمها :

ـ يعاد شو هذا اللي مكتوب عَ الحيط ؟

قال باستغراب :

ـ شو مكتوب ؟

قالت بابتسامة :

ـ بسام بحب صفية .

قال والدهشة التي يشوبها الفرح ترتسم على تضاريس وجهه :

ـ مين اللي كاتبه ؟

قالت وعلامات الاطمئنان على وجهها بعد حصولها على شهادة البراءة :

ـ كنهم أولاد الحارة اللي كتبوا .

قال بابتسامة :

ـ يا عيبهم .

أشارت إلى قريبها الصغير :

ـ شفت ما في إشي بيني وبينه .. يالله نروّح .

غادروه بعد أن تركوا ذهولاً يحتله حتى أدق تفاصيله .. وبانفلاتة غزال .. استيقظ وهو يردد :

ـ في إشي بيني وبينك .. كيف ما في إشي .. ؟

أدرك الآن فقط أن جميع قصائده التي خطها في شتاءات الانتظار المريرة ما ضلَّت طريقها .. بل حفرت في صخرة قلبها أخاديد التواجد .. والذي ما جاء إلا بعد عذاب أذاقه مرارة البحث عنها في السهر والقلق واتساع مساحة الحزن في داخله .

إنه الحب إذن .. الحب الذي أرادته أن يخفيه عن قريبها .. ليبقى السر منتشراً في مساحة قلبيهما فقط .. وما قيمة ذلك بعد أن انتشر بين صبية الحارة .. لكن الأهم من هذا هو إشارتها بحبها له .. وإنه يوجد ما يوحد بين قلبيهما ..

جاءته في المساء التالي برفقة أمها .. كي تستعير كتاب المطالعة بغية إعداد موضوعاً للمدرسة .. عرض مساعدتها .. فادَّعت أنها تفضّل الاعتماد على نفسها .. أعادت الكتاب في اليوم التالي مع أمها التي لا تعرف القراءة .. أعادته بعد أن سطرت صفحة جديدة على الصفحات البيضاء في نهاية الكتاب .. حـمَّلت مساحتها اعترافاً صريحاً بحبها له .. وأنها تعيشه وتقرأه وتتهجاه ..

انتفض في ضجيج الأصوات المتلاحقة .. صرخ بملء أعماقه .. آه يا صفية .. يا نشيدي الصارخ في برية الروح .. يا عمراً تلكأ على حواف الجدران .. وأرصفة الطرقات الصعبة .. آه يا نشيدي الذي سرقوه من شفتي بعد ما أزهرت أوراقه .. فغزا الشيب اسوداد الشعر .. أين أنت الآن .. ليتك الآن معي .. لتطفئي مرارة هذا الوجع المتأجج .. أو تشعلي معطف هذا المساء المعفر ببرد السنين .. والذي ما انفك يشد الروح لتلك المساءات الحالمة والمليئة بوجع البوح ومرارة الاعترافات .










#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة الحكاية
- سقوط الرماح المطفأة
- بيان عاجل جدا
- ذات ليلة في كانون
- السجن ليس لنا
- صور ملونة
- موعد في الظل
- العصافير التي لم تأت بعد
- خصب الواعيد - في ذكرى استشهاد أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير ...
- عذراء توركانا
- اشتعال الرخام
- جسر الياسمين
- فراشات الزهر البري
- مرج ابن عامر
- الستارة السوداء
- أجمل الأمهات
- حديقة الزقاق القديم
- غزالة الوسواس
- سدنة الاحتفال الأخير
- حكاية مخيم اسمه جنين


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الهيجاوي - الكوميديا السوداء