|
مرج ابن عامر
باسم الهيجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1301 - 2005 / 8 / 29 - 09:49
المحور:
الادب والفن
قمرٌ يضيءُ ، وألف نافذة تحطُّ على شفاهي ، ما استُبيح من الكلامْ إشراقةُ امرأةٍ ، ووجهٌ زئبقيٌّ ، تحرق الأوراقَ سيرتُها فيكتظُّ الكلامْ وعيونُ عاشقة أضاعتني ، على شفتين من عسلٍ ، ووجه في الغمامْ أبكي عليها كلَّ حزنٍ ، حين تبكيني ، وأبكي كلما بانت بلاد الله عن جسدي ، ويشتد الملامْ لأظلَّ أحملُ وجنتيَّ ، ولا أغادر من دمي حتى أغادر ما استبيح من الكلامْ
*
ما كانت الشرفات أعلى ، والمصابيح التي كانت أقلْ فَرَدَت جناحيها على صوتي لأخرجَ من بقايا جثتي يا أيها الولد الذي سَرَقَت يداهُ ملامحي ونما بذاكرتي ، وأيقظ في دمي عبق السنينْ وسما بضحكتهِ ، ولملم ما تشرَّد من كلامٍ ، حين حطَّت بين عينيه القوافي تستريح من الحنينْ يا أيها الولد الذي عيناهُ نافذتان أسرقُ منهما ألق الرجوع الى فضاء الروحِ ، أرسمُ فيهما شكلاً يرتب كل أشيائي ، وأنهضُ ، من مساء الحزنِ ، نحو تكاثر الفرح الذي اكتظَّت ملامحه بعيداً ، أيها الولد الذي قسماته وجهي ، وبسمته شراعٌ شدَّني من ساحل العطش الطويل الى جداول روحهِ لأعيد ترتيب القوافي في القصيدةِ ، والمنازل في فضاء الريحِ ، واللغة التي احترقت لتورقَ ، حين نرجع من بقايانا ، لتأكل وجهنا المرآةُ ، كم أخفيتَ من تعبٍ ، لتأكل خبزك اليوميَّ ، كم شدّوكَ من شفتيكَ ، كي تغفو ، لماذا تسرق الأيام من خطواتنا ما يشتهي ليلٌ ، ونبكي في ملابسنا عراةً نحتفي برجوعنا للأندلس ؟
*
هي ذي عيون المرج فينا يا أبي يا صاحبي يا صانع القسماتِ ، في جسدي المكبل بالعظامْ هي ذي عيون المرج فينا ، أحرقتني منذُ أن كنا وكانتْ ، وافترقنا ذات يومٍ في زحامْ وركضتُ خلف فراشةٍ أَلِفَت زهور الجرح فيَّ ، ولم تفارقني لأبكي ، تحت نافذة أضاءت في فمي مر الكلامْ حتى إذا انتفضت جراحي بالنوافلِ ، شدّني للأرض نبراس القوافلِ ، وهي تحدو في الظلامْ وصرختُ ملء نوافذي شوقاً وحزناً وانتظاراً للقوافلِ ، حين تعبر نحو وجهكَ ، أيها المجبول فيَّ ، وأيها المسكون فيَّ ، وأيها المكتظ بالوجع الطويلِ ، بأغنيات الريحِ ، يا قمر النوافذِ ، تشرئب قصائدي شوقاً ، وخانتك القصيدةُ ، يا ابن عامر ، يا أبي يا ابن الكرامْ وسرقْتَني لما انتبهتُ ، وكان صوتي غارقاً في بحرك المخضرِّ ، واحترق الصهيل على البيادرِ ، حين عضَّتنا المجاعةُ يا أبي أين اختبأتَ من انكساري ، أين ألقتكَ الضواري ، أيُّ جُبٍّ كنتَ فيهِ ، وأي " قوّادٍ " سفيهٍ ، نام في عينيْ إمامْ ؟ من باع وجهكَ للرمالِ ، ومن توارى خلف وجهكَ ، كي تبول على فراشي ، كل عامْ ؟؟ من باع وجهكَ للرمالِ ، لكي تجوعَ ، ومن توارى خلف حزنكَ ، كي تفرَّ إلى الرجوعِ ، من الأمامْ ؟؟؟ أيقظ بلادكَ ، يا ابن عامرَ ، يا أبي وفتاك يقرؤكَ السلامْ ــــــــــــــــــــ مرج ابن عامر : هو السهل الفلسطيني الممتد من جنين في فلسطين إلى شاطئ البحر المتوسط في حيفا .. وقد فقد أكثر من ثلثي مساحته بعد معاهدة رودوس في العام 1949م
#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الستارة السوداء
-
أجمل الأمهات
-
حديقة الزقاق القديم
-
غزالة الوسواس
-
سدنة الاحتفال الأخير
-
حكاية مخيم اسمه جنين
-
حين تبكي فاطمة
-
من مذكرات عاطل عن الفرح 1
-
عصفورة الجليل
المزيد.....
-
أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|