أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ج):















المزيد.....



ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ج):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4720 - 2015 / 2 / 14 - 00:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن فرغنا من المحور الأول المتمثل في تحليل شخصية النبي محمد من كل جوانبها, كمقدمة تمهيدية, ثم فندنا ما قاله عادل بحيري على النبي الكريم من بهتان, ووصفه بعكس ما فيه, ثم قدمنا البراهين والأدلة على أنه على عكس ما إدعاه تماماً.

آن لنا أن سنستفتي القرآن الكريم ليخبرنا قليلاً عن هذا النبي الخاتم (سيد الأنبياء والمرسلين وإمامهم). ولكن قبل أن نواصل موضوعنا هذا كان لا بد من الوقوف قليلاً لمناقشة وتفنيد بعض التعليقات السالبة التي رصدناها بالرغم من أن الإيجابيات كانت أكبر بكثير من توقعاتنا, وهذا فضل من الله تعالى. ولكن بالمقابل فقد أحدث هذه المقالات ململة وإنزعاجات ومناحات من البعض, وهذا متوقع,, خاصة من أولئك الذين أعتدنا منهم اللف الأزلي الدائم والدوران في دائرة مفرغة يَبْدَأونَ من حيث إنتهوا,, وهكذا دواليك لينتهوا إلى نقطة بدايتهم حيث منتهاهم, كأنما التيه والسياحة في الأرض التي كتبت على أسلافهم أربعين عاماً, لم تنته وإنما إستمرت فيهم تيهاً وسياحةً في الفكر والمعتقد والشر.

وقد رأينا أن نناقش بعض هذه التداعيات على قلتها وضعف تأثيرها على مسار الموضوع, خاصةً إذا ما قارناها بالإيجابيات الكثيرة والكبيرة التي رصدناها فوجدناها متضمنة لبعض المفاهيم الخاطئة لذا عملنا على معالجتها ودارت نقاشات وحوارات نحسبها إيجابية لأنها تمثل المكاشفة المطلوبة وإخراج كوامن الصدور على الرغم من التجاوزات والشخصنة في بعض الأحيان أو التعصب الأعمى الذي يكون خصماً على الحق والحقيقة المنشودة, ولكن في نهاية المطاف تكون النتيجة النسبية إيجابية ومؤثرة وتخفف الكثير من الأعباء والتعقيدات التي أمام موضوعنا الأساسي, وهذا هو مرادنا من تفريغ الإحتقانات بإزالة الكثير من محركاتها النابعة من مفاهيم خاطئة بثها شياطين الإنس المغرضين, قاتلهم الله أنى يؤفكون.

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

الآن, علينا أن نناقش بعض اللجاجات والإدعاءات التي قد كثر فيها اللغط من رهط متربصين محبطين, كل همهم وجل مسعاهم يدور حول القضاء على هذا الدين القويم بالإساءة إليه وتضعيفه والتشكيك فيه بأي وسيلة وبأي ثمن لأنه "حقيقةً" يمثل حسكة في حلوقهم, ومَلَّةً في قلوبهم وصخرةً جاثمةً على صدورهم السوداء الشريرة, لأنه يعمل كاشفاً ومعَرِّياً لسوءاتهم ومثالبهم وفاضحاً لخبثهم وطغيانهم ودجلهم وتخلفهم.

فهم يعلمون جيداً خطورة صدقه وصراحته وتحليله للمواقف والأعمال والأقوال والأحداث, فيؤيد ويُجَرِّمُ ويُحَرِّمُ ويعد ويتوعد ويقيم الحدود ويقيم السدود،،، كل ذلك إرساءً لقواعد الحق والعدل والمساواة بين الناس كبديل للظلم والتجني والإستغلال,, وأنْ لا سبيل لهم لبلوغ هذا المأرب أو أمل في محاولاتهم المستميتة ومكائدهم الخبيثة لصده أو تغيير مساره كما فعلوا بالتوراة والإنجيل, وألإفلات من قبضته والهروب من رقابته وحصاره لهم ما دام هذا القرآن الكريم صخرةً صمَّاء شامخة وجبلاً راسخاً لا يستطيعون أن يظهروه ولا يستطيعون له نقباً.

فلم يبق أمامهم حيلة سوى التشكيك فيه والتركيز على زعمهم بأنه ليس من عند الله وقد كتبه محمد من فتات كتبهم المنسوخة المنسية,, ثم تداعوا وتواطئوا وتحالفوا على التمسك بهذه الفكرة "الفاشلة" والإصرار عليها رغم وضوح سذاجتها وضعف تأثيرها في الحياة العملية على العقلاء لأنها تتناقض مع ظاهر الواقع فما بالك بباطنه وأصوله وجذوره.

ليست هذه المحاولات جديدة وإنما متجددة ومتطورة, فقد نشأت منذ أن عرف أهل الكتاب ان أمرهم قد إنفضح, وسرهم قد أخترق وبان زيفه وخبثه وشره, فكان هذا القرآن الكريم خصمهم الأول والوحيد. ولشدة خطورته على مشاريعهم الشيطانية إجتمع الحابل بالنابل, والتعس مع خائب الرجاء, فجعلوا هدفهم الإستراتيجي الوحيد هو تسفيه القرآن تمهيداً لنبذه ليس منهم فقط ولكن من غثاء السيل من المسلمين الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً, ولكن سورة التوبة تفضحهم وتعريهم وتقيم الحجة عليهم وتضعهم مع زمرتهم وشريحتهم.

ولم يتفق اليهود والنصارى ويتواطئوا على شيء من قبل ومن بعد قط سوى على حربهم المفتوحة على الإسلام والمسلمين وعلى القرآن بصفة خاصة لأنه الكاشف العنيد للباطل أينما وجد وكيفما كان وأصبح وأمسى وبات.

لم تكن هذه الخطة الإستراتيجية الخبيثة الشيطانية قد وضعت على عجل أو بتخبط أو وضعها الرعاع والمتعصبون منهم, وإنما هي خطة إستراتيجية سرمدية forever لا تخبوا نارها أو يخبوا سعارها, وقد جلس لها كبار الكبار من مفكريهم ومشعوذيهم وحكمائهم يمكرون إثنان وسبعون ساعةً في اليوم والليلة, فيجتمعون على ذلك وينفضون سراً وعلانية, ويتوارثونها جيلاً من بعد جيل في إصرار لا يفتر, وقد نجحوا في صرف بعض المنتسبين للإسلام بالهوية والميلاد الذين لا يعرفون الفرق ما بين الحق والفضل والواجب،،، ولكن النتيجة النسبية دائماً تكون صادمة لهم ومحبطة, لأنها لا تزيد كثيراً عن زوبعة في فنجان صغير.

فالهدف الأساسي لم يتأثر والقرآن يزداد إشعاعاً ونوراً وقوة لا يمكن تبريرها في ظل ما يبذلونه من تآمر وتخطيط ومحاصرة للمسلمين إقتصادياً وإجتماعياً وأمنياً,,, ولكن ما أن يأتي طفل صغير يرتل سورة الإخلاص فقط فينهار بنيانهم الذي بنوه ريبةً في قلوبهم, فرغم أن ذلك يملأ قلوبهم الضالة الشريرة حنقاً وإحباطاً وأسى, إلَّا أنهم لا يملكون بديلاً لمواصلة محاولاتهم التي يعلمون يقيناً انها فاشلة بكل المقاييس,,, ولكن على الأقل يضعون أملهم في التشكيك والتشويس بمبدأ المثل الشعبي المعبر... (والعَيَارِ إلِّي مَاْ يْصِيْبْشِ يِدْوِشْ),,, ولكن هيهات هيهات,, فما يلبثون أن يجدوا أنفسهم دون المربع الأول بكثير.

(1) ماذا قال هؤلاء السذج المحبطين عن القرآن؟
(2) وما هي غايتهم من قولهم هذا الذي يعرفون انه واضح الضعف ومفضوح السفه؟
(3) ولماذا كل هذا العدوان، رغم أن القرآن كله علم وفضل وعدل وهو متاح لكل البشر؟
(4) ما هي الضمانات التي يراهنون عليها بأنهم سيحققوا أهدافهم وأنَّ عنصر الزمن لصالحهم؟
(5) لماذا كل هذه المنعة والقوة المضروبة حول القرآن وما سر هذا السياج المتين الذي لا يمكن إختراقه والوصول إلى هذا الكتاب الجامع ثم التأثير فيه وعليه سلباً وإيجاباً؟؟؟

أولاً: قالوا إنَّ مفتاح النجاح للقضاء على الإسلام هو القضاء على القرآن ولو بالتشكيك فيه ومحاولة إيجاد مآخذ عليه ولو من الناحية اللغوية أو الحقائق العلمية التي فيه أو الحوادث التاريخية عبر الأجيال خاصة تلك المتعلقة بالأنبياء والمرسلين والأمم السابقة والتي ذكرها القرآن الكريم بإسلوبه المتفرد. فخاضوا في كل شيء وتخبطوا في كل إتجاه وحاولوا كل ما هو ممكن ومستحيل ومستهجن, فلم يتركوا شاردة ولا واردة إلَّا جربوها ولم يتركوا حجراً على حجر إلَّا تحسسوا ما فوقه وما تحته فكانت نتائجهم دائماً وبالاً عليهم رغم المحاولات المستميتة والمدروسة التي يقومون بها ويطورونها.

فمثلاً ذلك الحاخام اليهودي المحبط الذي إدعى أن بالقرآن الكريم مئات الأخطاء اللغوية والإنشائية والتقديم والتأخير.... الخ, فقام بمهمته الخبيثة التي كلف بها والمرسومة له بدقة وفق إستعداده الفطري للف والدوران والكذب المقنن وأساليب الحواة والسحرة, وقد سُمح له بذكر شيء عن التوراة والإنجيل بجانب القرآن "تمويهاً" ليمرروا خبثهم المكشوف، فتصدى لهم القرآن الكريم فحرق أوراقهم وأعصابهم وخلع أنيابهم,,, فبدد أحلامهم فجعلها كعصف مأكول. وسيرى القراء الكرام (عبر المفاجأة التي سنعرضها عليهم في مواضيعنا القادمة), كيف يتربصون ويمكرون والله تعالى يمكر بهم والمؤمنون به يتربصون بأعدائه وسلاحهم الوحيد هو كتابه الكريم.

ثم ذلك الدعي المشبوه الذي يرتزق من التطاول على القرآن الكريم وعلى رسوله ومُبَلِّغِهِ, ويدعي التدين وهو أبعد الناس عنه إذ أن سلوكه العدواني والمعتدي يجعله أقرب إلى تدبير وليه ومرشده, فهو يعمل الشر والتعدي والإعتداء على غيره ليل نهار في قناةٍ مارقة مأجورة تدار بفكر مريض هزيل مذري, وصبي غبي من يهود المغرب يتشدق ليل نهار بخزعبلات وأباطيل ظناً منه أن البلاغة والفلسفة هي تبرج وهندمة و"لَيّ لِسَانٍ" بما كان ولم يكن, فضَلَّ ضلالاً بعيداً, وأضَلَّ أهله وأتباعه, وضَلَّ عن سواء السبيل.

ثانياً: أما غايتهم من قولهم المفترى على القرآن الكريم إنما هو للحفاظ على نظامهم الشرير الذي أسسوه عبر القرون وبذلوا فيه ما بذلوه من كل غالٍ ونفيس حتى حولوا التوراة والإنجيل تماماً عن مسارهما الصحيح إلى الوجهة المعاكسة والمخالفة لتعاليمهما السمحة المضيئة التي أكدها القرآن الكريم وأشاد بها ومجد أنبياءها ورسلها, فبالغوا في إفسادها حتى أصبحت داعماً قوياً ومؤيداً كامل التحيز لأهوائهم وجبروتهم فقست قلوبهم وفسدت نفوسهم فطال ظلمهم الكبير والصغير.

وطال قتلهم حتى الأطفال بدم بارد "بإسم رب الجنود", وتحريم كل شيء بالإضافة إلى النهب والسبي والفجور بكل أنواعه وأساليبه التي رأيناها في مواضيعنا السابقة والتي إقتبسناها من كتبهم المقدسة لديهم فكانت صادمة للقراء الكرام خاصة الذين ما كانوا يتصورون هذه الفظاعة والشراسة والفجور, وإن كنا في كشف كثير من الحقائق بهذه الكتب من الزاهدين, وقد إكتفينا بأقل القليل فقط لنكشف جانباً من الحقيقة المأساوية المريرة التي أدخل هؤلاء فيها البشر ولا يزالون.

فعملوا كل شيء حتى يكون الكتابان الكريمان غطاءاً شرعياً للفظائع التي قاموا بها عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر من حروب صليبية طاحنة قضت على الأخضر واليابس, وإنتهت إلى إستعمار شعوب العالم وإستعبادهم ونهب خيراتهم وتخريب إقتصادهم, وحرمانهم من فرصة العيش الكريم بالعقوبات الإقتصادية التي أصبحت من أحب اللعبات الممتعة games التي يمارسها هؤلاء المرضى والمعتوهين "بإسم الرب يسوع".

وحتى الحروب الإستباقية والفوضى الخلاقة والحضارة الغربية الفاجرة المارقة على كل خُلُقٍ وفضيلة وإنسانية, والفظائع التي نشهدها الآن في أفغانستان والعراق وليبيا واليمن وفلسطين وغيرها من البلدان التي تُنهب بإسم الصداقة الزائفة مرة وبإسم الديمقراطية الخائبة مرات, وبإسم حقوق الإنسان التي لا تحترم لديهم مرات ومرات عديدة دون خجل ولا حياء بل اللعب فيها على المكشوف, ثم التجسس عليها علناً "على الأرض" بإسم الثقافة وحقوق الإنسان ومنظمات الغوث الإنساني،،، والتجسس على دقات القلوب وخفق النعال لكل آدمي عبر الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار,,, وما خفي كان أنكى وأعظم ... الخ.

ثالثاً: أما "لماذا كل هذا العدوان على الإسلام بصفة عامة, وعلى القرآن بصفة خاصة"؟ ..... فالرد لا يحتاج لكثير تفكير وجهد, لأن ظهور الإسلام بمنهجه الرباني الواضح, قد جاء حرباً لا هوادة فيها ولا مداهنة ولا مساومة على الظلم, والقهر, والإستعباد, والإستغلال والكبر والتعالي لفصيل ضالٍّ فاسدٍ مُتسلِّطٍ على الآخرين غيره من أولئك المعتدلين المسالمين ومن الضعفاء والمظلومين والمقهورين,,,

ثم بِخِطَابِهِ القوي الواضح الراسخ, وأسلوبه التحليلي الميسر والمفصل للمواقف وفضح حقيقة الفساد والمفسدين والتصدي لهم بالوعيد وسوء العاقبة, وبأسلوبه الذي يتضمن الصراحة والمواجهة والتحدي وإقامة الأدلة والبراهين لما يقوله هؤلاء الشواذ من الناس وما يفعلونه. فأقضى مضاجعهم وحرك كوامن شرهم وخبثهم،، فتنادوا مصبحين وتحالفوا على الإفك والخسران المبين,, فكانوا من المقبوحين.

وقد أصبح فاضحاً لهم ولألاعيبهم وأباطيلهم, ومُعَرِّيَاً لحقيقتهم التي يعملون جاهدين على إخفاءها وصرف الأنظار عنها, فجاء القرآن ليجعل ليل الكون نهاراً مشمساً مبيناً فكشف بكل وضوح حتى سواد أنفسهم وقلوبهم دون أن يضيأها, ومن ثم, فقد أصبح خطراً داهماً على ذلك الكيان المتسلط المصنوع المتتهالك, خاصةً وانه قد أيقظ من جديد ما أخفوه من حق وحقائق وخير وعدل جاء به موسى في كتاب كريم هو التوراة وخلفه عيسى عليه السلام بكتاب كريم مع التوراة وهو الإنجيل, بعد أن غيروا ملامحهما وحولوا صفاءهما ونقاءهما عكراً وطهرهما دنساً ومُهلاً.

إذاً حربهم للقرآن "منطقياً" يكون مبرراً, لأنهم "بدلاً من أن يتبعوه لعلمهم "يقيناً" انه الحق من ربهم, إختاروا مواجهته وملاحقته ظناً منهم أنهم قادرون عليه كما قدروا من قبل على التوراة والإنجيل, ففعلوا كل ما فعلوه معهما في ما مضى أضعافاً مضعفة, ولكن لسوء حظهم لم يفلحوا وبالتالي تعاظم حقدهم وحربهم ضده إنتصاراً لنظامهم الدموي العدواني الهوائي الإستعلائي.

رابعاً: أما الضمانات التي يراهنون عليها ظناً منهم أنها باتت كافية لتحقيق أهدافهم الخبيثة الفاشلة, هي تكثيف عملهم في إتجاه إضلال المسلمين والتأثير على شبابهم من خلال المنافقين المندسين بينهم "بقلوب كافر فاجر ملحدة, وهوية مسلمة لا تتجاوز وثيقة الميلاد من أبوين قد تكون علاقتهما بالإسلام الإنتماء والنسب لا أكثر من ذلك. ولكن قد خاب فألهم وعظم خبلهم.

وقد فشلت تنبؤاتهم التي توهموها فبنوا على حطامها أوهام إستراتيجياتهم الساذجة الخائبة الفاشلة, فظنوا أنهم "عبر غثاء السيل" من المتأسلمين والمنافقين المغضوب عليهم والضالين يستطيعون إختراق صفوف"المؤمنين" من أمة محمد وحملة القرآن الكريم تدبراً وعملاً وإعتقاداً. فطعنو ظِلَّ الفيل طعنة نجلاء فأردوا الظِّلَّ قتيلاً دون الفيل. وهذه الخيبة منطقية إذ أنهم لم يقرءوا القرآن جيداً قبل أن يتعاملوا معه فسخر منهم ومكر بهم وأذاقهم علقم الفشل وحنظل الهزيمة.

فلو أنهم دققوا قليلاً في القرآن لأدركوا أن الله تعالى يتكلم عن فريقين فقط لا ثالث لهما, "الذين آمنوا", و "الذين كفروا", وإذا أراد أن يخاطب كل الناس إما قال لهم: "يا بني آدم", أو قال لهم: "يا أيها الناس". ولو فهموا عن القرآن لأدركوا من الوهلة الأولى أن الله "يشرع للمؤمنين", وليس للمسلمين كما يظن السذج, لأن المسلمين يشملون كل من "إدعى الإسلام" أو "نسب إليه", ولذا يُكَوِّنُوْنَ شريحة من البشر لها قِمَّةٌ وقَاعٌ.

فقمتها "الإحسان" بعد إيمان صادق بلغ العروة الوثقى التي لا إنفصام لها, أما قاعها فهو "النفاق" وهو الكفر بعد الإيمان, والعمل خلافاً للشرع,, وهؤلاء صنفهم الله تعالى في سورة "براءة", وقد تبرأ الله منهم ووصفهم بأنهم كفار وألحقهم بأقرانهم من أهل الكفر,,, وإختصهم يوم القيامة "بالدرك الأسفل من النار". لذا لا يذكرهم الله تعالى عند ذكره للمؤمنين "إلَّا تأكيداً لتمييزهم وإبعادهم" على الإطلاق, وقد ميز شريحتهم في سورة البقرة من قوله تعالى "ومن الناس ..." إلى قوله تعالى "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم..." ثم فصَّلهم إلى أصناف وفقاً لسلوكهم في سورة "براءة" من الآية رقم 38 إلى الآية 90, فلم يخرج صنف واحد منهم من دائرة الكفر والخسران المبين.

قال تعالى في سورة الحجرات: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا - « قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا » وَلَٰ-;-كِن « قُولُوا أَسْلَمْنَا » ←-;- وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ «« إِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا »» - إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 14), (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ « الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا » وَ « جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ←-;- أُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ 15), ثم قال لنبيه الكريم أن يُعْلِمَهُم بأن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء, ولا يستطيع كائن أن يعلمه بعلمه, فقال له: (قُلْ « أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ ؟» - وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ - وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 16).

ثم بين له أن هؤلاء يظنون أنهم قدموا شيئاً يمنون به على الله تعالى, قال: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا – قُل « لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم » - « بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ » ←-;- إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 17), (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ←-;- وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 18).

وكنموذج لخطاب الله تعالى للمؤمنين في كل حكم أنظر إلى هذه الآيات البينات بنفس السورة,, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ » ←-;- وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 1)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ » وَ « لَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ » ←-;- أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ 2)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا » - أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ « فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ-;- مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ » 6). لاحظ جيداً أن الحديث عن المؤمنين "تحديداً" دون المسلمين "تعميماً".

والأحكام موجهة للمؤمنين حصرياً, ولم يصدر القرآن عن المسلمين بصفة عامة أحكاماً وإنما ينحصر الحديث عنهم ومعهم في التحذير والتذكير والتوبيخ, فأنظر إلى قوله تعالى في هذه المعجزة التي شرع فيها لطائفتين مؤمنتين إقتتلوا (تشاجروا), قال:
(وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ...), وهذه طبيعة النفس البشرية, فالله سواها, فألهمها فجورها وتقواها,,, قد أفلح من زكاها,, وقد خاب من دساها,,, فالإيمان والكفر يرجحان طرفي المعادلة,
1. فالمطلوب من باقي المؤمنين الإصلاح بينهما, قال:(... فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ...), فإن نجح الإصلاح "كفى الله المؤمنين القتال والإقتتال, وعادوا إخواناً وأحبابا,
2. فإن طائفة لم تقبل بالإصلاح بينهما وإعتدت على الأخرى وسلكت طريق البغي, في هذا الحالة تقاتل حتى ترجع إلى الحق, قال:(... فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ-;- «« فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ-;- تَفِيءَ إِلَىٰ-;- أَمْرِ اللَّهِ »» ...), فإن تراجعت عن البغي أوقف عنها القتال على الفور وإنتقل الناس إلى الخطوة التالية,
3. فإن فائت الطائفة الباغية فإن الإصلاح بالعدل فقط لن يكون حلاً جذرياً للمشكلة, لأنها رضخت مقهورة ولم تعد للصلح راضية, والشرع حريص على أن تعود المياه إلى مجاريها ويعود الصفاء والإخاء إلى الأخوة المؤمنين, لذلك لزمن بجانب العدل "القسط", حتى تتحقق هذه الغاية السامية التي لا تخطر على بشر, قال: (... فَإِن فَاءَتْ « فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ » - « وَأَقْسِطُوا » ...), لأن العدل يعيد لكل طائفة حقها ولكنه لن يحقق تطييب النفوس ورجوع المحبة والإخاء لأن هذا هو عمل "القسط",
وحتى يحفذ الله تعالى الطائفنين ويحببهم في القسط قال: (... إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 9).

وبما أن الطائفتين المقتتلتين دخل المؤمنون الباقون أو بعضهم طرفاً ثالثا "حكماً" بينهما, كان لا بد أن يذكرهم بأن كلتا الطائفتين يجب أن يتعاملوا معهما على أنهم إخوانهم دون التحيز إلى طائفة على حساب الأخرى, ولا يتحقق هذا بدون تذكيرهم بتقوى الله تعالى, لذا قال لهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ - « فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » ←-;- وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 10).

فما دام أن هناك إحتمال لنشوب قتال وخلافات بين طوائف المؤمنين, لا بد من تناول كل محركات هذه الخلافات ومعالجتها وتجفيف منابعها وتحذير المؤمنين من الوقوع فيها بسبب الغفلة,, قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...),
1. (... « لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ-;- أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ » ...),
2. (... وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ-;- أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ...),
3. (... وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ...),
4. (... وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ...),
(... بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ←-;- وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 11).

وهناك أيضاً محركات للفتن والإقتتال أكبر من سابقتها وقد تضمنها قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...),
1. (... اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ...),
2. (... وَلَا تَجَسَّسُوا ...),
3. (... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ...),
(... وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ 12).

ثم جاء لمعالجة ثالثة الأثافي ومشكلة المشاكل التي تعتبر من أكبر محركات الفتن والغبن بين الناس عموماً وليس فقط بين المؤمنين, وهي آفة التعالي والتكبر والتفاخر بالمآثر، ،، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...), كل الناس مطلقاً,
1. (... إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ-;- ...), كلكم متشابهون في ذلك لا أحد منكم يمكن أن يشذ عن القاعدة فيخرج من بيضة مثلاً أو يحصد من شجرة أو يستخرج من الأرض,
2. (... وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ...), وليس لتتحاربوا أو تتقاتلوا أو تتدابروا,,,
3. (... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ...), فكلما زادت بقواك كلما زاد كرمك عن الله,
فما دام أن معايير التقوى عند الله تعالى ولا يعلمها ويقبلها إلَّا هو فيجب على كل إنسان أن يعمل جهده لينال أكبر قدر منها ولا يعلم ذلك منه سوى الله, قال:(... إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13).

الشاهد مما سبق ذكره من الآيات أنه لم يتحدث عن "المسلمين" وإنما عن المؤمنين, فشرع لهم ما يجعل علاقاتهم مع بعضهم كلها ثقة وتفاؤل وتعاون بقبول حكم الله تعالى والعمل بتوجيهاته, ثم تحدث بعد ذلك عن الناس كل الناس بما في ذلك المسلمين الذين هم دون مرتبة الإيمان من منافقين ومفرطين وساهين لاهين.

فإذا نظرنا إلى سورة المائدة (دستور المؤمن), تجدها تتحدث عن ثلاث فئات ستكون مع المؤمنين في المجتمع, فشرع لهم كيفية التعامل والتعايش معهم دون المساس بخصوصياتهم وإختيارهم لأنفسهم, قال:
(1) الذين آمنوا وهم الأساس, جاء ذكرهم في الآيات (من 1 إلى 9), و 57, و (من 87 إلى 102), و (من 105 إلى 108),, ولم يخاطبهم "كمسلمين" قط,
(2) النبي الخاتم, وهو يوجه المؤمنين من جهة ويعلمهم بالكيفية التي يتعاملون بها مع غيرهم من الناس, جاء ذلك في الآيات (من 41 إلى 50 و (من 67 إلى 86), و (من 109 إلى 120),
(3) والذين كفروا (الآية 10), و (36 إلى 37),
(4) أهل الكتاب (بني إسرائيل), الآيات (12, 13), و (من 20 إلى 32), و (44, 45),
(5) أهل الكتاب (النصارى), (من 46 إلى 47),
(6) المنافقين (52, 53).
(7) خطاب عام لأهل الكتاب من يهود ونصارى، (من 59 إلى 66),

على أية حال,, هذه السورة الكريمة سنخصص لها موضوعاً خاصاً كاملاً ومنفصلاً بتفصيل الله لها, لأنها تمثل كامل دستور المؤمنين, وهي الحد الفاصل ما بين الحق والباطل في التواجد والتعامل والتفاعل مع الآخر, وستقضي حينئذ على كثير من الإدعاءات الفارغة والإفتراءات المغرضة المجحفة في حق الله وأنبيائه وكتبه ورسله. أما الآن فنذكر الناس بأنها قد تضمن هذا الدستور قوله تعالى:

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ...):
1. (... الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ...),
2. (... وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ...),
3. (... وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ,,,),
4. (... وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ...),
5. (... وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰ-;-لِكُمْ فِسْقٌ ...),
6. (... الْيَوْمَ «« يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ »» ←-;- فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ...),
7. (((... الْيَوْمَ « أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » وَ « أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » وَ « رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا » ...))),
(... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ - «« غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ »» ←-;- فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 3).

وقوله للمؤمنين موصياً حتى على أعدائهم, قال:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...):
1. كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ ...),
2. (... شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ...), حتى لو كانت الشهادة على أنفسكم, أو أحبائكم الأقربين,
3. (... وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ-;- أَلَّا تَعْدِلُوا ...), حتى لو بلغ كرهكم لهم مبلغه، لن يكون ذلك مبرراً لكم لمجانبة العدل وإتباع هوى النفس الأمارة بالسوء,
4. (... اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ-;- ...), وإحتسبوا ذلك عند الله تعالى فهو حسبكم,
5. (... وَاتَّقُوا اللَّهَ ..), واعلموا أن الله تعالى لن يقبل منكم أقل من العدل, وهو رقيب عليكم,
(... إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 8).

وها هم قد رأوا بأعينهم كيف أن هذا القرآن الكريم يقف شامخاً يرد على كل متطاول عليه وعلى نبيه الكريم فيخرصه بإفحام ومع ذلك لم يفهموا كيف يتعاملون معه بالأسلوب الذي يليق بقدره. فالغرور والصلف جعلهم لا يعون الدروس والعبر والإفحام والهزائم المتلاحقة, ولا يفطنون للإعجاز بل ولا يصدقون بالتحدي الذي يتعامل به مع كل من يتطاول عليه ويحاول تمرير فريته مهما أحكم حلقاتها وتفنن في تلوينها وتحويرها وتحريفها, فيصده صدوداً ويعيده للوهدة التي إنطلق منها خائباً كسيف البال والخاطر.

فنقول لهم إنكم عبر القرون وحتى يرث الله الأرض ومن عليها تراهنون,, بل وستراهنون على حصان خاسر مهما فعلتم من أباطيل وحيل وتحايل وإحتيال. فإن لم تصدقوا ما نقول لكم وننصحكم به فما عليكم سوى مواصلة سعيكم وستدركون حينئذ أن النتيجة محسومة سلفاً لصالح القرآن الكريم بلا أدنى شك.... حاولوا ولا تتوانوا ولا تتباطأوا لعلكم تنجحون عندما يلج الجمل في سم الخياط, أو تخرقون الأرض أو تبلغون الجبال طولاً,, أو حين تنفذوا من أقطار السماوات والأرض,, وحتى إن تحقق لكم ذلك فستجدون أنفسكم "قهراً" أمام نفس النتيجة ونفس الإحباط.

خامساً: بالطبع, فإن هذا القرآن مضروبة حوله مِنْعَةٌ, ومحاط بسياج ٍمتينٍ غير قابل للإختراق وبالتالي لن يستطيع مخلوق من الإنس والجن أن يصل إليه بالباطل, وقد حاول الأوائل منكم ممن هم أشر الناس خلقاً وعملاً, وأكثرهم دهاءاً ومكراً وإصراراً على بلوغ شيء من هذه الغاية, وقد حرصوا على توريثقم هذه البغضاء الكئيبة لتواصلوا إعتداءاتهم وإفكهم, فلم ينالوا ذرة من قطمير, ولم يحققوا حبة من خردل, والآن كل الناس يتابعون المحاولات المحمومة التي يلهث منها كلاب إبليس وخدمه بكل وسائل التقنية والعلم فكانت النتيجة ليست بأحسن حالاً من الإحباطات السابقة التي هلك أصحابها كمداً وغيظاً وحنقاً ومرارةً.

قال لنا أحدهم ضمن التعليقات الكثيرة التي أسكتناها بآيات الله البينات, ما قاله أسلافهم ولا يزالون يرددونه: (القران لا يعتبر بينة لانه من تاليف بشر), وقد رددنا عليهم كثيراً بأن (المَيَّة تِكَدِّبِ الغَطَّاسْ),, ما دام أن هذا القرآن من تأليف بشر,,, إذاً فقد وصلتم إلى نهاية الطريق بسرعة فائقة وحققتم مرادكم ومراد أسلافكم من قبلكم, ذلك الذي تلهثون وراءه,,, فما المشكلة إذاً؟؟؟ وما الذي يمنعكم من أن تأتوا بمثله مفترىً إن كنتم صادقين؟؟؟ ..... إلَّا إذا لم تكونوا بشراً مثل مؤلفه. فنقول لكم وبالله التوفيق:

إن كان هذا القرآن من تأليف بشر كما تأفكون فأنتم قد وضعتم أنفسكم – بهذا القول المفترى - أمام خيارات أحلاها مُرٌّ علقم, فنقول لكم:
(1) إن كان من تأليف بشر كما تدعون, فما عليكم سوى الإتيان بمثله إن كنتم صادقين, فإن جئتم بما طلبه القرآن منكم كفيتم أنفسكم السعي المضني المكلف المخزي والجري وراء السراب, والتشدق بالقول دون العمل,, وحسمتم القضية لصالحكم وأسكتم خصمكم عملياً, فماذا دهاكم؟ وماذا تنتظرون؟ ولماذا لا تنتصرون؟؟؟

(2) أو أن تكونوا مخلوقات أخرى ليست بشراً, ومن ثم,, لا يحق لكم أن تتحدثوا في شئون غيركم, وأن أمر القرآن لا يعنيكم في شيء لأنه أنزل من أجل البشر والجن,

(3) أو أن تكونوا بشراً, ولكنكم عجزتم عن النجاح في التحدي فكانت الغلبة للقرآن الكريم عليكم, وبالتالي لن يكون أمامكم سوى أحد خيارين لا ثالث لهما:

(‌أ) إما أن تكونو بشراً, ولكن بشرية محمد تفوقت عليكم علماً وقدراً وعلو شأن, فيكون ذلك البشر ذي الشأن الأكبر بكثير من شأن كافة البشر مجتمعين ومعهم الجن كذلك, هو الأعلى فوقهم وفوقكم,, لذا عليكم أن تسألوا أنفسكم عن ماهية ودلالات وكنه هذا التفوق المعجز, وما هي مقتضياته وتفسيره؟؟؟,

(‌ب) أو أن يكون القرآن أكبر من قدرات البشر مجتمعين ومعهم الجن لأنَّ التحدي قد شملهم وأعجزهم قبل الإنس ومعه, بما في ذلك محمد النبي الخاتم نفسه لا يستطيع أن يأتي بمثله أو إستبداله بغيره, فيكون القرآن الكريم قد أثبت "بذاته" انه منزلاً من قوة أكبر من المخلوقات فرادى ومجتمعين ،، بدليل أنه أعجزهم وتحداهم ليس بالقرآن كله, بل تدرج معهم إلى عشر سور مفتريات, فعجزوا, ثم عدل عنها إلى تحدٍ أصغر هو سورة واحد فقط ليست مطلوبة من فرد أو جماعة أو أمة أو جيل,,, وإنما من البشر "كل البشر" ومعهم الجن "كل الجن", فعجزوا ورفعوا الراية البيضاء معكم. فماذا يعني هذا؟؟؟

قال تعالى في سورة هود لنبيه الكريم بعد أن أضنته مناكفة هؤلاء الكفار له حتى ضاق ذرعاً بما يطلبونه منه المرة تلو الأخرى, فقال له: (فَلَعَلَّكَ « تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ-;- إِلَيْكَ » وَ « ضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ » - أَن يَقُولُوا - « لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ » أَوْ « جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ » ←-;- إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ 12). ورداً على إدعائهم بأن هذا القرآن إفتراه النبي من عنده ولم يوحيه الله إليه, إمعاناً في مشاقاة الله ورسوله, قال متحدياً لهم: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ - «« فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ »» وَ «« ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ »» ←-;- إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 13).

وبعد كل هذا التحدي والتأكيد من الله تعالى أنهم لن يستطيعو شيئاً من ذلك, قاله لنبيه الكريم والمؤمنين معه "مطمئناً" ومسلياً: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ - « فَاعْلَمُوا » أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ 14). فخنس المكذبون مع وليهم إبليس وأحبطوا.
وقال تعالى في سورة الطور: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ 33)، (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ 34).

وقال تعالى في سورة الإسراء: (قُل - لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ-;- أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰ-;-ذَا الْقُرْآنِ - «« لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ »» ←-;- وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا 88).
أفعمي هؤلاء المكذبين الضالين المضلين عن هذا التحدي المغري؟؟؟ أم أن شرهم وكفرهم - غير المبرر - قد أوصلهم إلى مرحلة الختم على القلوب والسمع فعمي عليهم كل شيء؟؟؟

فالله تعالى - مفصلاً ومفنداً هذه الحالة المذرية التي بلغها هؤلاء المكذبين - قال: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰ-;-ذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ « فَأَبَىٰ-;- أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا » 89)،
لم يقف التحدي عند هذا الحد, فقد عجزوا عن الإتيان بمثله, وهو يعلم أنهم لن يفعلوا ذلك, ولكن لعله اراد أن يطيل عليهم أمد العجز ومرارة الفشل, ثم ينزل لهم (من 114 سورة إلى 10 سور فقط) ولم يشترط عليهم أن تكون السور من الطوال وإنما ترك لهم الخيار حتى لو كانت كلها من القصار في آخر جزء "عم" كاللهب, والناس, والفلق, الفيل, والهمزة, والتين،،، الخ.

واضح أن هذا العرض السخي من ضمن مقاصده إغراؤهم حتى يقبلوا التحدي ويخوضوا التجربة "عملياً" فيكون الفشل أنكى وأوجع,, وقد كان بالفعل،،, فخنسوا كما خنس وليهم وسيدهم إبليس وتضاعف إحباطهم وضعف أملهم وقامت عليهم الحجة والخزي.

لم يتركهم الله عند هذا الحد من الفشل الذريع والإحباط, بل واصل التدرج معهم وفتح لهم باب الإغراء مرة أخرى - أوسع من ذي قبل - فأعفاهم عن الإتيان بعشر سور مفتريات, وطلب منهم هذه المرة أن يأتوا بسورة واحدة لا أكثر, ثم ضاعف لهم فرص الإغراء والتحفيذ أضعافاً كثيرة, وبالغ في ذلك إلى أقصى ما يمكن أن يتصوره مخلوق,, فقد سمح لهم أيضاً بأن يستعينوا بكل الإنس وكل الجن على الإتيان بهذه السورة التي لم يحصرها في سورة معينة, وإنما ترك الإختيار لهم مفتوحاً, إذ تكفي سورة واحدة من قصار السور من آخر المصحف الكريم.

وقال تعالى في سورة البقرة: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ-;- عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 23)، (فَإِن «« لَّمْ تَفْعَلُوا »» وَ «« لَن تَفْعَلُوا »» - فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ←-;- أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ 24)،

بين الله تعالى في الآيات التالية من سورة يونس مدى إستحالة إفتراء هذا القرآن. ولم يكتفي بالقول فقط, بل أقام الدليل العملي المادي على ذلك وجعله تحدياً مفتوحاً يستطيع أي مخلوق أن يجربه بنفسه وبمن معه متى شاء ذلك حتى قيام الساعة, قال: («« وَمَا كَانَ هَٰ-;-ذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ-;- مِن دُونِ اللَّهِ »» – وَلَٰ-;-كِن «« تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ »» وَ «« تَفْصِيلَ الْكِتَابِ »» - لَا رَيْبَ فِيهِ ←-;- مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ 37).

ثم قال مستنكراً إدعاءاتهم وإفكهم, قال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ؟ قُلْ « فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ » وَ « ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ » ←-;- إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 38). ثم أكد على أن تكذيب هؤلاء للقرآن وإدعاءاتهم ليس لها سند من حق أو برهان, قال: (بَلْ - « كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ » وَ « لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ » - كَذَٰ-;-لِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ←-;- فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ 39).

إذاً,, مما تقدم يتضح أن الله تعالى حرص على أن يكون تصديق وحي القرآن الكريم هو القرآن نفسه، لأنه هو الباقي من وحي السماء بين الناس على الأرض, والذي ضمن ألَّا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه,,, وأحد دلالات صدقه المادية هو هذا التحدي المعجز والقائم على مدار الثانية واللحظة وفي متناول الجميع,, ومن ثم, لن يقبل من أحد أي إدعاء أو مماحكة أو إفتراءات ما لم يخترق هذا التحدي وثبت إمكانية الإتيان به على أعين الناس. وبدون ذلك سيكون القرآن الكريم وحياً مؤكداً من عند الله تعالى لا يدانيه أدنى شك, وبالتالي فهو المعيار الذي تصحح به الأقوال والأفعال, فكل ما قال عنه إنه حق فهو حق بلا جدال, وكل ما قال عنه إنه باطل فهو باطل لا شك في بطلانه.

فبعد أن إستفتينا القرآن فأخبرنا عن نفسه, فسمعنا معاً ما قاله في هذا الصدد, وحجم وجرأة ومدى التحدي الذي عرضه على المكذبين وكيف حثهم وحفزهم وإستفذهم لقبوله, فعجزوا تماماً كما عجز الذين من قبلهم رغم أنهم كانوا أشد منهم قوة وبأساً,, مثلاً:
فلنحلل التحدي الذي جاء في سورة الإسراء عند قوله تعال: (قُل « لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ » عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ «« لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ »» ←-;- وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا 88). فيما يلي:

(1) المتحدي: هو صاحب هذا القرآن الكريم وموحيه للناس كافة ولا يقبل من أحد غيره،

(2) المُكَلَّف بعرض التحدي على الخلق كله "من لدن مُنَزِّلِ القرآن": هو خاتم الأنبياء والمرسلين،، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم،

(3) والذين تحدَّاهم القرآن الكريم: هم كل الجن والإنس معاً بكل أنواعهم وأصنافهم ومملهم وأممهم, ولهم أن يعملوا معاً كفريق عمل واحد متظاهراً أفراده وجماعاته,

(4) المطلوب في التَّحَدِّيْ: أن يأتوا بمثل هذا القرآن الذي يكذبون به وينسبونه للنبي محمد ويدَّعون بأنه إفتراه, فعليهم أن يفتروا مثله إن كانوا صادقين, فإن لم يستطيعوا ذلك يقبل المتحدي منهم فقط عشر سور مثله مفتريات, فإن لم يستطيعوا ولن يستطيعوا يقبل منهم المتحدي سورة واحدة فقط,

(5) فترة التحدي: يعتبر التحدي قائماً ومطروحاً على الطاولة منذ أن نزلت هذه الآية الكريمة وحتى قيام الساعة بخروج الشمس من مغربها,

(6) معدل نجاح المكذبين حتى اللحظة: صفر%, والإحباطات والفشل والإخفاقات "تحت الصفر",

(7) نتيجة التحدي: أن القرآن الكريم فوق طاقة وقدرة وعلم المخلوقات قاطبة وليس البشر فقط, وبالتالي فهذا دليل مادي قطعي بأنه كلام الله تعالى خالق كل شيء, وما دام هذا القرآن الكريم قد نزل على محمد بن عبد الله, فهذا دليل مادي قطعي الدلالة على أنه نبي الله ورسوله بلا أدنى شك, وحيث أن هذا القرآن قال بأن هذا النبي هو خاتم الأنبياء والمرسلين فلا يوجد من ينفي هذه الحقيقة إلَّا من سفه نفسه وقصد خداعها, ولا يوجد عاقل يخدع نفسه بنفسه.

ولكن,, ماذا أعد الله للناس في هذا القرآن المعجز للإنس والجن, وماذا فعل أكثر الناس حيال هذا القرآن؟؟؟ ..... قال تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ «« مِن كُلِّ مَثَلٍ »» ←-;- فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا 89). فهل هذا الإباء والكفر منهم بالقرآن له ما يبرره؟ وهل هناك من أسباب لهذا السلوك السالب أم هو سوء الطوية وولاية الشيطان وعبادته؟؟؟

قال تعالى عنهم وعن مماحكاتهم ومشاكساتهم:
(وَقَالُواْ ...), محاججة ومماحجة وإشتراطات تعجيزية,
1. (... لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا 90), كأنما الأمر والنهي بيده هو,
2. (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا 91), كيف ذلك وهو عبد للذي يفعل ذلك ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, فإن شاء فعل ذلك,
3. (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ...), ألم تروا ماذا فعل بالأمم الهالكة حتى قوم صالح؟؟؟ فليس هناك ما يمنع الله هلاكهم ولكنه اراد أن يؤخرهم لأجل مسمى,
4. (... أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً 92),
5. (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ ...),
6. (... أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء ...),،،، و قالوا له "حتى لو قمت بكل هذه الطلبات المعجزة الساخرة لن نؤمن أيضاً" ما لم تنزل من السماء كتاباً "مادياً نلمسه بأيدينا ونقرأ فيه ومنه,,,
7. فقالوا: (... وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ...),

فبين الله تعالى له كيف يرد عليهم، فقال له: (... قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً 93)؟ إذاً, هذا أسوء اسلوب إستفذاذي للرد بالرفض مع السخرية والتعجيز, فإزدادوا بذلك الرد التعسفي كفراً على كفرهم وبعداً عن الصراط المستقيم.

وعن هؤلاء الكفار المعاندين, وعن مفهومهم الخاطيء وجهلهم المتأصل فيهم الذي يكمن وراء عدم تفهمهم لمقتضيات الرسالة ظناً منهم أن رسول الله يجب أن يكون "مَلَكَاً وليس بشراً", قال الله لنبيه الكريم, واصفاً حالهم: (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ « إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى » - إِلاَّ أَن قَالُواْ - « أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً » 94)؟؟؟, وهم بهذا المفهوم يجسدون الغباء نفسه مقروناً بالتمحك والعند والكفر، إذاً فهم يرفضون فكرة أن يكون الرسول بشراً مثلهم ويريدونه مَلَكَاً.

قال تعالى لنبيه الكريم: (قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ « لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً » 95), من جنسهم, فلو نظرنا إلى هذه الحقيقة من زاوية المنطق والموضوعية نجد أن الرسول يكون في أكمل وأقوى حالاته عندما يكون من جنس المرسل إليهم، لأنه لو لم يكن كذلك لكانت لديهم أكثر من حجة تؤيد حجتهم في عدم قبولهم له أو التأسي به.

فإذا تذكرنا منطق وليهم الشيطان الرجيم من قبل, عندما أمره الله بالسجود لآدم قال محتجاً: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين). فإن كان الرسول مختلفاً عنهم فإما إستصغروا شأنه وتعالوا عليه أو عظموا شأنه لدرجة التأليه والعبادة, ولوجدوا أكثر من مبرر لعدم التأسي به والعمل بمثل ما يعمل هو لتفوقه الظاهر عليهم في الخواص والصفاة والقدرات,,,, الخ

إذاً كون الرسول يبعث من جنس المرسل إليهم لا يعتبر حجة لهم في عدم تصديقهم رسالته من عند الله, فإن لم يشهدوا له بذلك تكفيه شهادة الله له, لذا طلب منه أن يواجههم بحقيقة شهادة الله له وأنها كافية تغنيه عن شهادتهم، فقال له: (قُلْ «« كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ »» ←-;- إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا 96).

فمن سعى لهداية الله تعالى وحرص عليها هداه الله للحق والطريق المستقيم, ومن تمارى وتخاذل وتمحك, متمسكاً بالضلال والإضلال وكان حريصاً عليه وأعرض عن الله, أعرض الله تعالى عنه وأضله ضلالاً بعيداً لا رجعة منه, قال الله لنبيه الكريم: (وَ « مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ » وَ « مَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ » - وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - «« عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا »» ←-;- مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ «« كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا »» 97).

فالجزاء من جنس العمل, وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون, لذا برر الله تعالى هذه العقوبة المغلظة عليهم, قال: (ذَلِكَ جَزَاؤُهُم « بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا » وَ « قَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا » 98)؟ فإستنكر الله عليهم قولهم هذا وهم يرون آياته البينات فوقهم وتحتهم وحولهم ولكن فساد الطوية وعمى القلوب والغفلة والفجور حال بينهم وبين رؤية كل هذا الملكوت, قال: (أَوَلَمْ يَرَوْا - « أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ » وَ « جَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ » ←-;- فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا 99).

وجه الله نبيه الكريم بأن يذكرهم بكرم الله ورحمته وعطائه لهم بإغداق, ولم يضن عليهم شيئاً, فلو كان لهم سلطاناً على خزائن رحمة الله أليسوا بممسكين عن الإنفاق وكانوا قتورين فيه حتى على أنفسكم وعلى غيركم؟؟؟ , قال تعالى له: (قُل - « لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي » - إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ «« وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُورًا »» 100).

ثانياً: فلنتناول الموضوع من زاوية أخرى,,
هب أن أحدهم جاءك يدَّعِي بأن هذا الكون ليس له خالق أو أن هناك عدد من الشركاء الذين ساهموا في خلقه وخلق ما به من مخلوقات لا حصر لها ولا عد لأنواعها وتنوعاتها،،, إذ أن كل خلق منه أنواع كما نرى حيث تشترك في بعض الصفات وتختلف في أخرى وتتعارض في ثالثة, وتتنافر في رابعة, وأنَّ الذي أو الذين قاموا بهذا الخلق غير موجودين الآن, وأن هذا الخلق كله ليس له نهاية وليس هناك ما بعده,,, الخ أليس من البديهي والمنطقي أن تتسآءل؟؟؟ مثلاً:
1. ماذا أنت قائل عن هذا المُدَّعِي, وما المطلوب منه حتى تصدقه فيما قال أو تكذبه؟؟؟

2. فإذا صدقته كلياً أو جزئياً,, ما هي القرائن الدالة على صدقه وما قدر حظها من الصحة أو الشك أو اليقين؟

3. وهي تصديقك له سيكون على فرض "خالق واحد" أم على فرض "خالقين متعددين"؟

4. فإن كان تصديقك على فرض خالفين متعددين,, كيف تستطيع أن تميز خلق كل منهم عن خلق الآخر, من بشر ودواب وشجر وبحار وأنهار وجبال وسماوات ونجوم وكواكب,, الخ,

5. ومن منهم المتعهد وقائم على ... "ماذا؟", وهل قيامه ذلك ... بصفة دائمة أم مؤقتة أو هناك تبادل وتنسيق في الأدوار والمهام مع آلهة آخرين؟؟؟

6. وهل هم على وفاق أم على خلاف ونزاع وتضارب, وإستعلاء بعضهم على بعض؟

7. ومن منهم الذي يعتبر مرجع للآخرين وسلطانه عليهم، بحيث لا يملك أي واحد أو جمع منهم معارضته ومخالفته والخروج عن طاعته وسلطانه, ولا ينبغي له ولا يكون؟؟؟

8. وهل تتوقع أن تنشب حرب إستعلاء وتضارب وتفاضل بينهم أم لا؟؟؟

9. ولو إختلف وأحجم صاحب الماء مثلاً وصاحب الهواء, وصاحب الشمس فحجب شروقها إلى حينٍ, فظلت ليلاً دامساً سرمديناً أو لم يسمح لها بالمغيب فظلت متقدة سرمدياً إلى ما لا نهاية,,, فكيف ستكون الحياة في الأرض وكيف سيبقى الكون في نظامه الدقيق الذي يشهد بأن وراءه تدبير وقدرة وعلم وسلطان؟؟؟

10. وإذا كذبته كلياً أو جزئياً,, فما هي القرائن الدالة على دقة موقفك والقرائن والشواهد والبينات التي تؤكد "قطعاً" ما ذهبت إليه, وبماذا تطالبه من إثباتات وبراهين؟؟؟

11. وما الذي جعلك تجزم بأن هذا الخلق لا ينبغي أن يكون لأكثر من خالق واحد حتى يستطيع تدبيره بهذا النسق والدقة والنظام الذي نشاهده في الأجرام السماوية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة وفي الأجرام الدقيقة المتناهية في الصغر بحيث لا ترى بالمجهر ومع ذلك تخضع لنفس النظام الكوني من نواة ومدارات حولها وفضاء وخواص وتفاعل وتبادل وخمول,,, الخ.

12. أفرض أن مدعياً ظهر الآن وقال إنه هو الذي خلق هذا الكون وليس صاحب هذا القرآن الذي عرفته منذ أكثر من أربعة عشر قرناً دون أن يدعي أحد غيره الخلق لنفسه من قبل, وقد إستيقظ ذلك المدعي من ثباته العميق قروناً, ليدعي ذلك الآن بعد أن أُخِذَ منه سلطانه وملكه وخلقه سنين وقرون عدداً وهو لا يعي ولا يدري أو لعله لا يقدر أن يطالب به, بينما الذي فعل ذلك الإدعاء قد أنزل كتاباً موثقاً يتلى ليل نهار ويتعبد به,,, هل تصدقه ؟؟؟ فإن "سلَّمْنَا جدلاً" انك فعلت ذلك,, فما هي مرتكزاتك الأساسية والبينات الدالة على ذلك التصديق؟؟؟

13. هل ستطلب منه أن يقدم لك برهاناً كأن يخلق بشراً بمواصفات تختلف تماماً عن مواصفات البشر الحاليين؟؟؟ وهل ستطلب منه أن يوجد من العدم خلقاً حياً بحيث يظل كذلك بدون ماء ولا هواء ولا يكون مهدداً بالمرض والهرم والشيخوخة والموت والفناء والبعث بعد الموت والثواب والعقاب في حياة سرمدية كما يقول صاحب القرآن الكريم؟؟؟ أم لعلك ستطلب منه أن يخرج الشمس من الجنوب إلى الشمال ويكون لون قرصها أخضراً وشعاعها بنفسجياً, ويكون اليوم أكثر أو أقل من أربعة وعشرين ساعة، ولكل يوم قمره الخاص بحث تكون محيطة الأفق بالأرض بإنتظام،،،، و .... الخ,

14. إن لم يكن شيء مما سبق,,, فهل تصدق بأن هذا الكون ليس له خالق ومهيمن ومسير؟ فإن كان ذلك هو معتقدك,, فما تفسيرك لما تراه من غرائب وعجائب وإعجازات؟؟؟

لاحظ أن صاحب هذا القرآن الكريم قد إدعى كل شيء في الوجود والعدم في الدنيا وما قبل الدنيا وفي الآخرة,,, لنفسه هو وحده لا شريك له ولا ند, بل وهو الأكبر وما دونه عبداً له ومن خلقه, وهو المهيمن عليه, و (ناصيته بيده, ماضٍ فيه حكمه,, عدلٌ فيه قضاءه), وأنه المهيمن على كل شيء, وأنه هو الذي يحي ويميت ويبعث بعد الموت, وهو الذي يدير الكون بذاته لا شريك له ولا رفيق ولا ند ولا والد ولا ولد, وأنه سيقضي على كل هذا الكون في يوم موعود لا يعلمه إلَّا هو، فيعود كل خلق كما بدأه أول مرة.

فتكون الأرض يومئذٍ قبضته، والسماوات مطويات بيمينه, وهو الذي يضع الميزان بالقسط ويقول "لمن الملك اليوم؟" فلا يكون من يرد لأن الكل أموات, فيرد على نفسه فيقول "لله الواحد القهار".

فلنسمع لصاحب القرآن الكريم, وماذا قال عن نفسه وعن نبيه الخاتم لاحقا,,,,

فلا يزال للموضوع بقية

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناصر الإرهاب الشرعي ... والإبادة الجماعية-أ (تصحثح مفاهيم):
- عناصر الإرهاب الشرعي ... والإبادة الجماعية (أ):
- ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (تعليقات):
- ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ب):
- ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (أ):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (6):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (5):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (4):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):
- تكملة ... عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (2):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ع (ألم، كهيعص2):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ج):