أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - -ديما- رواية الهم الإنساني وتعرية المجتمع














المزيد.....

-ديما- رواية الهم الإنساني وتعرية المجتمع


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 19:43
المحور: الادب والفن
    


"ديما" رواية الهم الإنساني وتعرية المجتمع
محمود عبد الرحيم:
رواية"ديما" لأمل عفيفي الصادرة، مؤخرا، عن دار نشر"المصرية اللبنانية" ربما أهم ما فيها أنها تعرفنا علي روائية جيدة ومجتهدة لا يعرف الكثيرون، وفي ذات الوقت تكشف عن موهبة كتابة السيناريو، لأن الرواية تبدو كعمل درامي به تقنيات سينمائية من مؤثرات درامية كالتشويق والإثارة و ادخار التفاصيل وسرسبتها داخل العمل لتتكشفها تباعا والتقطيع المتوزاي بين الاحداث والخطين الدراميين الرئيسيين، مع قدر من الغموض وصولا للحظة التنوير وحل اللغز.
ورغم ان الرواية يمكن تصنيفها ضمن توصيف "الجريمة"، إلا أنها في السياق العام هي رواية إنسانية تتعاطى مع الضعف البشري وتبرزه، كما تتعاطف مع الفقراء ومعاناتهم وتدين التدين الشكلي الزائف وتوظيف الدين لتصفية الحسابات ولمصالح انتهازية
وتبدو الرواية مشتبكة مع الواقع وتعري المجتمع بجرأة، بإثارة جدل العلمانية والهوية الدينية لمصر والظلم الاجتماعي والفساد والمحسوبية التي تقود ليس فقط لإهدار الفرص والحقوق، ولكن لإفلات المجرم من العقاب أيضا، فضلا عن معاناة اللاجئيين السوريين خاصة السيدات في مجتمع شحيح الفرص ويعاني أهله، وغير قادرين على استيعاب من هم ظروفهم سيئة مثلهم، ويتعرضون لذات الاستغلال.
قد يكون الخط الرئيسي للعمل الذي ينهض على أخ مدمن ومحام فاسد يتآمران على الأخ الأكبر من أجل نهب ثروته ليس بالجديد، لكن ما يميز هذا العمل التفاصيل الإنسانية الثرية الدقيقة لحياة شاب فقير تعرض للظلم الاجتماعي وحرمه فقره من نيل فرصة عمل مناسبة وهو خريج الجامعة فتحول لسائق تاكسي، وحتى حين ارتضى بوضعه تعرض لوضع مآساوي وضغوط قاسية بمرض زوجته بالسرطان الذي لم يقدر على علاجها إلا بالتورط في جريمة قتل عبر اغواء المحامي له واستغلال ظروفه ونقاط ضعفه، وهو أمر يقربنا من الواقع اليومي لآلاف المصريين الذين يعيشون حياة بائسة إن رضوا بها فهي لا ترضى بهم وتذوقهم فوق عذاباتهم عذابات، خاصة حين يفترسهم المرض.
وأيضا ما يعطي جدة لهذا العمل، ويعطيه بعدا انسانيا كذلك الخيط الدرامي الآخر المتمثل في رصد معاناة سيدة سورية من اللاجئين في مصر تتعرض لكل الانتهاكات والمساومات، وتمر بتجربة في غاية القسوة، مع رسم صورة واقعية لحياتها، سواء في الوطن أو المنفى، واستدعاء لذكرياتها الحميمة وأحداث من وقت الرخاء أو الشدة هنا أو هناك.
ويبدو ذكيا، عملية الربط التي قامت بها الكاتبة قبل نهاية العمل بين الضعف الإنساني والتجربة القاسية لكل من بطلي الرواية السائق المصري بعد أن فقد زوجته بالموت، وعايش تجربة الموت بنفسه، والفتاة السورية التي أنقذها من الضياع، وحالة التضامن بينهما بمنطق "ان المصائب تجمعنا المصابينا"، وأيضا تؤكد ان الهم الإنساني واحد، وأنه حين نتجرد من انانيتنا ومخاوفنا نقترب من الأخر ونشعر به، وربما نمد له يد العون.

وتبدو لغة السرد سلسة ومتدفقة، غير أني لا احبذ ان تكون الحوارات الداخلية بلغة فصحي، حيث ان العامية هنا تعطي حيوية ومصداقية أكثر وايحاء بالواقعية.
كما لم يرق لي تعليق "الرواي العليم" على الأحداث، وعدم ترك التعليقات تأتي على لسان أبطال الرواية ذاته في بعض الأحيان، خاصة ما يتعلق بالجمل الاحتمالية، أو الاشارات الدينية التى تبدو كمواعظ ومن خارج السياق.
وإن كانت الكاتبة قد صنعت نهاية بها مسحة من الأمل الذي تحقق مع حصول "ديما" على فرصة حياة آدمية ومسكن تحتمي بين جدرانه، إلا أن حماية مخطط كل الجرائم عن طريق شخصيات متنفذة وعدم محاسبته وإفلاته من العقاب، قربنا أكثر من الواقعية، وصنع قدرا من التوازن، خفف من قتامة الواقع وحالة اليأس والاحباط، بدون مبالغة في التفاؤل أو التشاؤم.
لكن في الأخير، تبقى الرواية عملا جيدا يستحق القراءة وتستحق مؤلفتها التقدير والثناء على جهدها.
*كاتب صحفي وناقد مصري



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان ليسوا أهل حكم ولا ثورة
- -يحدث- ..تراجيديا الذاكرة المثقوبة
- براءة نظام مبارك و-اليوم الأسود- في تاريخ مصر
- مهرجان القاهرة السينمائي والاصرار على الفشل
- تونس ..استكمال للثورة أم ترميم للنظام القديم
- تسويق الحلم الكردي وسحق الذات العروبية
- الإخوان شركاء في -مذبحة رابعة-
- محاكمة-يناير-.. لا نظام الفساد والاستبداد
- عادت مصر للاتحاد الأفريقي وغاب -الدور التاريخي-
- صوت الاستحقاق الرئاسي يعلو على الدستور في مصر
- حين يدعم هيكل الديكتاتورية ويشوه تاريخ ناصر
- سد النهضة وسنوات الاخوان العجاف
- -صفقة الكردستاني- الجار الذي يتجاهل جاره
- سيناريوهات الازمة السورية تتصارع
- ليبيا والأمن المفقود
- مادورو.. اختبار الشافيزية الصعب
- انتخابات الرئاسة الايرانية ضبابية
- الملف النووي الايراني.. محلك سر
- الاخوان وصفقة رجال القذافي
- سوريا.. الحل العسكري يتقدم


المزيد.....




- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - -ديما- رواية الهم الإنساني وتعرية المجتمع