أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - سد النهضة وسنوات الاخوان العجاف















المزيد.....

سد النهضة وسنوات الاخوان العجاف


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تشغل قضية بال المصريين مؤخراً، وتستحوذ على المساحة الأوسع من اهتماماتهم، وتزيح ما عداها جانباً، قدر قضية “سد النهضة الإثيوبي”، التي تجاوزت حدود النخب السياسية والأكاديمية إلى الجماهير على اختلاف خلفياتها الثقافية والاجتماعية، والتي مثّل لها هذا الأمر تحدياً حقيقياً، وجعلها تستشعر الخوف على الأمن المائي لمصر، وكيف أنه صار مهدداً بقوة، وأن المستقبل القريب، وليس البعيد قد يكون حاملاً معه سنوات عجافاً وأعوام رمادة .
ربما ردة الفعل القوية وحالة الغضب التي خرجت من نطاق الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى أحاديث منزعجة في الشارع وأماكن العمل وحتى داخل البيوت، وتطورت إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة الإثيوبية بالقاهرة، مردها عدم الثقة في نظام الإخوان الحاكم ومدى كفاءته في التصدي لهذا الخطر، بالإضافة إلى الأجواء التي أحاطت بالإعلان الإثيوبي عن تحويل مجرى النيل الأزرق، والتوقيت نفسه، حيث جرت هذه الخطوة في أعقاب زيارة للرئيس المصري محمد مرسي لأديس أبابا، ما اعتبر دليلاً على ضعف القيادة المصرية، واستهتار الدول الصغيرة قبل الكبيرة بمكانة مصر تحت حكم الإخوان، وكيف أن انشغال هذه الجماعة ب”مشروع التمكين الإخواني” يعرض مصالح مصر والمصريين للخطر الجسيم، بالإضافة إلى تصريحات لوزير الري تم اعتبارها تساهلاً مع الإثيوبيين، وتعطي الضوء الأخضر لمواصلة هذا المشروع المهدد لأمن مصر المائي، فضلاً عن تصدر عصام الحداد مسؤول الاتصالات الخارجية بجماعة الإخوان، الذي أسند إليه منصب مساعد الرئيس، المشهد في هذه الأزمة، بديلاً عن وزير الخارجية، وخبراء الموارد المائية ذوي الكفاءة العالمية والخبراء الاستراتيجيين، بل وتصريح الحداد بأن “معارضة سد النهضة تعزز صورة سلبية لمصر في إفريقيا”، في الوقت ذاته لم نر اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، وحتى اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بوزيري الدفاع والداخلية ومدير الاستخبارات تم الإعلان عن أنه مخصص لدراسة الأوضاع في سيناء في الأساس، فيما لم يُسمع صوت رئيس الوزراء هشام قنديل الذي كان وزيراً سابقاً للري، وأحد المسؤولين من قبل عن ملف التفاوض مع دول حوض النيل، وتم فقط إصدار بيان تمت الإشارة فيه إلى أنه التقى نظيره الإثيوبي على هامش مؤتمر باليابان، وحين تحدث متأخراً كرر موقف من سبقوه من مسؤولي الإخوان في الاتكاء على التطمينات الإثيوبية المشكوك فيها، والتي لا يمكن التعويل عليها .
وفي المجمل كانت كل التصريحات الرسمية منذ الإعلان الإثيوبي المثير للجدل ولمخاوف المصريين، تميل للتهدئة والتقليل من خطورة الموقف، والانتظار لحين صدور تقرير اللجنة الثلاثية المعنية بدراسة تأثيرات هذا السد، الذي لا قيمة له مع دولة تقوم بفرض أمر واقع على الأرض، ما أثار استياء الرأي العام المصري والذي رأى في الأمر عدم تقدير صحيح للأمور، واستهانة بخطورة ما يجري .
ومن الطبيعي في مثل هذه الملفات الحساسة أن القيادة السياسية الكفء عليها إظهار القوة والحسم في قضية لا تقبل أي تقاعس أو تهاون أو تهوين، خاصة أن مصالح الشعوب تحتاج لإرادة سياسية وإدارة فعالة وقوة تحميها وإشعار الآخر بفداحة الثمن الذي سيدفعه حال تجاوزه الخط الأحمر للأمن المائي المصري، وليس الرهان على تطمينات الآخر الذي يلعب على عنصر الوقت لتمرير مشروعه، والذي يمضي في مخططاته غير عابئ بالمخاوف المصرية، ودون تشاور جدي حول سبل تحقيق المنافع المشتركة، ومن الواضح أن مصالحه تتضارب مع مصالح مصر، إلى جانب أنه تربطه علاقات وثيقة بدول لاتزال في الضمير الشعبي المصري في قائمة الأعداء، وفي مقدمتها الكيان الصهيوني، الذي تعبث أياديه في ملف حوض النيل منذ وقت بعيد، ويدعم كل التحركات التي تمثل ضغوطاً على مصر وتهدد أمنها المائي، خاصة بعد فشله في إيصال ماء النيل لداخل “إسرائيل” .
وربما ما يجعل التهديدات جدية وليست فزاعة أو “مشكلة نفسية خاصة بالمصريين” حسبما اعتاد السفير الإثيوبي في القاهرة على توصيف الموقف، هو الزيادات المتتالية في السعة التخزينية للسد، وعدم القيام بدراسات فنية كافية، وسط حديث عن عدم ملاءمة التربة لمثل هذا المشروع وإمكانية انهياره وتهديد إثيوبيا وجيرانها بالغرق وسط زيادة منسوب المياه، وحين انخفاضها أو موجات الجفاف سينعكس بالسلب على حصة مصر المائية ومن ثم قدرة السد العالي على توليد الكهرباء، إلى جانب أن ثمة علامات استفهام بل وريبة إزاء رفض القبول بتعاون مصري، رغم الخبرة الواسعة لمصر في هذا المجال، ومساهمتها من قبل في مشاريع مائية في إثيوبيا، وفي غيرها من دول حوض النيل، علاوة على وجود مخطط إثيوبي لبناء أربعة سدود على مدى العشرين عاماً المقبلة، وإحياء مشاريع قديمة قام بدراستها الأمريكيون للضغط على الزعيم المصري عبدالناصر في أعقاب تحديه الغرب والشروع في تأميم قناة السويس وبناء السد العالي، والأكثر من هذا هو نكوص إثيوبيا بتعهداتها السابقة، سواء التي جرت في ظل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، أو تحت حكم المجلس العسكري وحكومة عصام شرف التي سعت لتحسين العلاقات مع الجانب الإثيوبي من أجل ضمان الأمن المائي المصري، وذات الهدف تحركت من أجله بعثة الدبلوماسية الشعبية التي قامت بزيارة عدة دول إفريقية، منها إثيوبيا، غير أن أديس أبابا لم تأخذ هذه المبادرات الرسمية والشعبية في الاعتبار، وسعت لاستغلال الظرف السياسي الذي تمر به مصر منذ اندلاع انتفاضة يناير ومناخ عدم الاستقرار والصراعات الداخلية في الإعلان عن “سد الألفية” الذي تغير ل”سد النهضة”، ثم الشروع بالفعل في تنفيذه وتوسعة سعته بشكل ضخم يتجاوز المعلن عنه سابقاً مرتين تقريباً .
ويجب عدم أخذ مشروع السد بمعزل عن “اتفاقية عنتيبي” وقيادة إثيوبيا لدول حوض النيل في مواجهة مصر والسودان بغية الانقلاب على الاتفاقات السابقة التي تضمن الحقوق المائية لكل من دولتي المصب، وتحدد حصتهما المائية، فضلاً عن التفاهمات المشتركة والمبادرات التي تنص على ضرورة التعاون الجماعي للاستفادة القصوى من مياه النيل، وعمل مشاريع تكفل تعظيم الاستخدام للفواقد التي تضيع في الغابات، أو تتسرب أو تتعرض للبخر والإهدار طوال رحلة النهر الطويلة .
وربما تواتر الحديث الإثيوبي بشكل خاص عن أن حقوق مصر والسودان المائية تحتاج لمراجعة، بحجة أنها ترجع لميراث استعماري، أو أن المياه ثروة طبيعية مثل النفط، ومن ثم يجب تسعيرها وبيعها، أو الاستفادة منها في توليد كهرباء يتم تصديرها للخارج، بل وعرض الأمر على مصر كما لو كان فرصة، أو إغراء لشراء سكوتها، ومن قبل دعمها القوى، إلى جانب الكيان الصهيوني وواشنطن، لانفصال السودان، والتواجد العسكري الإثيوبي في الصومال، ما يعكس سوء النوايا، وأن ثمة خطراً حقيقياً يواجه مصر بشكل حقيقي، وتوسعة للنفوذ الإثيوبي على حساب حصار الدور المصري أكثر في إفريقيا، وتهديد الأمن الوطني لهذه الدولة العربية والإفريقية الكبيرة .
ومن باب الموضوعية عدم تحميل كامل المسؤولية عن هذه الأزمة الراهنة للقيادة السياسية الحالية، بحكم أن للقضية جذوراً قديمة، ولها أبعاد سياسية وإستراتيجية وحسابات خاطئة ودوائر أولويات للحركة الدبلوماسية غير منتجة، تبدأ منذ حقبة السادات واستفحلت في عهد مبارك، من إهدار للاستثمار السياسي والثقافي والاقتصادي المصري في عهد الزعيم عبدالناصر في إفريقيا، وترك الفناء الخلفي لمصر وأمنها الوطني يعبث فيه الكيان الصهيوني، والتوجه نحو أمريكا والاتحاد الأوروبي، والاستعلاء على الأفارقة، فضلاً عن تقزيم دور ومكانة مصر الذي سمح بتجرؤ أي دولة مهما كان حجمها على تهديد مصالح مصر .
صحيح أن مبارك في سنواته الأخيرة أدرك خطورة الابتعاد عن إفريقيا ومدى صلته بتهديد الأمن المائي المصري، وأن مدخل التعاون الاقتصادي والفني قد يكون مفيداً في تصحيح أخطاء الماضي، غير أنه كان قد فات الأوان، وشبت الدول الإفريقية عن الطوق، وبدأت تشعر بأهميتها وقيمة ما تحت أيديها، ووجدت من يغذي طموحها لتجاوز دولة بحجم مصر، فيما دخلت دول عديدة على الخط إلى جانب الكيان الصهيوني، مثل الصين، إلى جانب الوجود الأمريكي والأوروبي بالطبع، وكل هذه القوى تمكنت من ملء الفراغ المصري، وتقديم ما لا يمكن أن تقدمه مصر المثقلة بأزمات اقتصادية متواصلة، التي صارت حركتها الدبلوماسية أبطأ مما ينبغي، ولا تأخذ القضايا المصيرية بالجدية الكافية .
فالأمر يتطلب استخدام كافة أوراق الضغط، وإبداء قدر من المرونة مع الحسم، وسرعة الحركة، وإشهار “العصا والجزرة” في وجه إثيوبيا وباقي دول حوض النيل، على النحو الذي يحقق المصالح المصرية ويوفر ضمانات حقيقية لصيانة أمنها المائي حالياً ومستقبلاً .
وتبقى هذه القضية التي تمس مستقبل مصر وأمنها المائي اختباراً حقيقياً لنظام الإخوان الحاكم، وإن كانت الشكوك تحيط بمدى قدرتهم على التعاطي مع ملف بهذا التعقيد والخطورة، بعد فشلهم في ملفات عديدة داخلية وخارجية وانشغالهم بمصالحهم الخاصة الضيقة على مصالح الوطن والمواطن .



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -صفقة الكردستاني- الجار الذي يتجاهل جاره
- سيناريوهات الازمة السورية تتصارع
- ليبيا والأمن المفقود
- مادورو.. اختبار الشافيزية الصعب
- انتخابات الرئاسة الايرانية ضبابية
- الملف النووي الايراني.. محلك سر
- الاخوان وصفقة رجال القذافي
- سوريا.. الحل العسكري يتقدم
- شبه الجزيرة الكورية تحت كابوس الحرب
- فنزويلا وتركة شافيز الثقيلة
- ملف ايران النووي.. العصا والجزرة
- السلفيون والأخوان:-الأخيار- في مواجهة -الأغيار-
- بيونج يانج والتحدي بالسلاح النووي
- اختراق سياسي للأزمة السورية
- الهند وباكستان.. هدوء ما بعد العاصفة
- سوريا إلى نقطة الصفر
- تونس في مواجهة الافلاس والعنف
- الجحيم السوري يفيض على الجيران
- ثورة الياسمين تضل الطريق
- غموض المشهد السوري مجددا


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - سد النهضة وسنوات الاخوان العجاف