أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - حرب الأنبياء..معارك دماء اشعلتها شارلي - مناقشة سيكولوجية (2-2)















المزيد.....

حرب الأنبياء..معارك دماء اشعلتها شارلي - مناقشة سيكولوجية (2-2)


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4702 - 2015 / 1 / 27 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حرب الانبياء..معارك دماء اشعلتها شارلي!
مناقشة سيكولوجية (2-2)
أ.د.قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

اوضحنا في الحلقة السابقة ان جوهر ما حصل في فاجعة اربعاء باريس هو اشعال النار بميدان الفكر واعلان المواجهة الصريحة بين الايمان والالحاد،وانها ستفضي الى معارك تسيل فيها الدماء سيسجلها التاريخ بعنوان (حرب الانبياء).
ليس في قولنا هذا مغالاة بل انه سيكون نتيجة حتمية لتفاعل جملة حقائق بينها حقيقتان:
الاولى، ان الفكر يتطور بجدلية ان الضد يخلق ضده النوعي عبر مراحل زمنية،بدأت بالتفكير الديني بوصفه الضد النوعي للتفكير الخرافي،ثم التفكير العلمي بوصفه الضد النوعي للتفكير الديني..لتصل الآن الى مرحلة اعلان الالحاد.
والثانية،حتمية سيكولوجية تقوم على مسلمة ان المكبوت لابد ان ينفجر في النهاية،وان المسكوت عنه لابد ان يعلن عن نفسه في الفرصة المناسبة.
كنّا تحدثنا عن الأولى بالحلقة السابقة في بعدها الفلسفي ونتحدث الآن عن الثانية بتركيز على البعد السيكولوجي.
كشفت حقيقة تداعيات واقعة شارلي انه جرى توظيفها لاشاعة فكرة كان مسكوتا عنها في العالم الاوربي هي ان الاسلام (دين عنف).وفي هذا خطئان،الأول..خطأ التعميم،اذ لا يصح تعميم ما قام به اثنان على( 1،6 ) مليار مسلم.فضلا عن ذلك فان القائمين بالجريمة(الأخوان كواتشي – سعيد وشريف) كانا بثقافة غربية اكثر منهما بثقافة اسلامية،فهما يدخنان الماريجوانا ويعشقان رقص الراب (وهكذا كان محمد عطا ،قائد عمليات 11 سبتمبر 2001 الذي كان يحتسي الويسكي في بارات هوليوود-على ذمة أريك دافيس في الوورد تربيون).والخطأ الثاني،اصدار حكم على الاسلام بأنه وحده دين عنف وان (المتطرفين،المتشددين) يوجدون في الاسلام فقط،ويغضون الطرف عما قامت به محاكم التفتيش من جرائم بشعة بأمر الكنيسة،وما قامت به منظمة كوكلوكس كلان التي رفعت الصليب المحروق رمزا لها، وعمليات القتل البشعة التي جرت في امريكا واستراليا على ايدي متطرفين مسيحيين.بل انهم يغضون الطرف عن الدور الكبير الذي تقوم به الكنيسة ،الآن، في امريكا اللاتينية ضد حرية شعوبها.
علينا ان نعترف بحقيقة سيكولوجية هي ان جميع المؤمنين بالاديان متعصبون لأديانهم،وان المتطرفين فيهم مصابون بحول ادراكي..كل فريق يرى ان معتقدات دينه مقدسة،وان السخافات توجد في معتقدات الدين الآخر..وهذه هي علّة (ألأحول عقل)..يرى ما هو ايجابي في دينه ويغض الطرف عما فيه من سلبيات،ويرى ما هو سلبي في الدين الآخر ويغمض عينه عما فيه من ايجابيات.
الفكرة الثانية التي اعادت شارلي احياءها لتعزيزها في العقل الاوربي هي ان الاسلام مهدد للديمقراطية..التي روجت لها اجهزة الاعلام الغربية بعد ثورة خميني الاسلامية عام( 1979) واوحت بفكرة ان جذور العنف تكمن في هذا الدين تحديدا.وعمدت اجهزة الاعلام الامريكية في حينها،"وتعاملت الآن بحذر في واقعة شارلي"،الى تشكيل صورة عن المسلم كناقل للنفط او كارهابي بحسب تعبير (ادوارد سعيد)، وان الاسلام دين تطرف وارهاب على حد وصف (اسبوزيتو) مدير مركز التفاهم الاسلامي- المسيحي ،وان هذا الاسلوب يفضي الى تحريض المسيحيين ضد الاسلام والمسلمين ،والعكس صحيح بحسب باحثين امريكيين(امكتبور و آرمسترونغ).
وحقيقة سيكولوجية اخرى لم يدركها العقل الاوربي هي ان اللاوعي الجمعي يلعب الدور الأكبر في الجماهير المسلمة حين تعيش ازمة..وان معظم محتوى هذا اللاوعي هو معتقدات دينية تعمل في اوقات الأزمة على تولي العقل الانفعالي ادارة السلوك الجمعي فتندفع الجماهير نحو التظاهر لأثبات وجود (الأنا)، يتطور الى احتجاج واستفزاز الطرف الآخر..ينتهي بالمواجهة والعدوان والعنف والانتقام، لأن العقل الانفعالي لهذه الجماهير يعطّل لديها العقل المنطقي..فيكون الانتقام بلا حدود..ينجم عنها ان العقل الجمعي الاوربي سيختزل الاسلام الى خصم لدود! وتفعيل سيكولوجيا الرهاب من الاسلام(اسلاموفوبيا).
ومن بين اخطر (المسكوت عنه) الذي اعلنته شارلي، ان المسيحية تنظر الى (محمد )على انه قائد عسكري او مصلح اجتماعي وليس نبيا.هذا يعني ان جبهة خطيرة ستفتحها واقعة شارلي ،فاضافة الى الجبهة التي اعلنت بدء الحرب بين الايمان والالحاد،فان الجبهة الأخرى التي ستفتح هي المعركة بين (نبيين).فالاسلام يعترف بأن عيسى نبي،فيما الدين المسيحي لا يعترف بمحمد نبيا ،ما يعني ان المتشددين من المسلمين سيعمدون الى انتزاع اعتراف المسيحين بان محمد هو خاتم الانبياء..وهذا سيجر الى جبهة صراع اوسع تكون بين العالم الاوربي المسيحي والعالم الاسيوي المسلم..وقد بدأت بوادرها فعلا بموقف الحكومات الاوربية من المسلمين فيها،ومن العرب بشكل عام. فمع ان العالم الاوربي دفع تضحيات غالية ليصل الى ما وصلت اليه الحضارة الاوربية فان شعوبها لم تتخلص من شحنة التمييز العنصري لدرجة ان لايبزك شهدت تظاهرات في( 20/1/2015 )تصف المهاجرين المسلمين بانهم (حيوانات) فضلا عن ان مسلمين في دول اوربية يعيشون باسفل السلم الاجتماعي.
الخطأ القاتل الذي ارتكبته صحيفة (شارلي ايبدو)هي انها سخرت من اشخاص يعدّهم الناس انبياء. لم تدرك ان السخرية من شخص لن تفيد شيئا في تقدم البشرية او انضاج الفكر،تماما كما لو انك تنتقد الافلاطونية او الماركسية كفكر وتنتقد افلاطون وماركس كاشخاص.لو انها انطلقت من حقيقة ان في كل الاديان معتقدات تبدو لآخرين سخافات او اوهاما،وانها كانت موضوعية..لا تركز على معتقدات دين دون آخر..لكانت موفقة جدا في انضاج الفكر البشري والفكر الديني ايضا..ولكانت موفقة اكثر لو انتبهت ان تاريخ الاسلام ظهرت فيه حركات اتهمت بالالحاد والزندقة..اخوان الصفا مثلا..الذين درسوا كبار فلاسفة الاغريق وبثوا افكارهم سرّا بين الناس،فضلا عن المفكرين الذين احرقت كتبهم واضطهدوا او اعدموا.ويبدو ان الصحيفة كانت استعانت بمسلمين علمانيين او ملحدين اضطهدتهم انظمتهم الاسلامية.
والخطأ التقويمي الذي وقع فيه من يسخرون من الانبياء،انهم يطبقون عليهم معايير مرحلة فكرية متقدمة على مرحلة فكرية سابقة.بعبارة اخرى..يطبقون عليهم معايير الزمن الحضاري الحالي على زمن مضى عليه اكثر من الف عام..ما يعني انه لا يصح منهجيا ولا موضوعيا اصدار حكم على موقف او فكرة او ظاهرة او شخص بالمعيار المستخدم في غير زمنه.
ان كل الاديان بلا استثناء فيها معتقدات تبدو لآخرين سخافات،ولك ان تسخر من افكار او نصوص او تعاليم تنسب لهذا الدين او ذاك بهدف ممارسة دورك الايجابي في تنوير الفكر البشري.ولكن علينا ان ننظر الى الانبياء بان جميعهم يعدّون مبدعين ،اذا فهمنا الابداع بانه اضافة جديدة للمعرفة المتراكمة عبر تاريخ البشرية،او القدرة على ايجاد حلّ لمشكلة بطريقة جديدة وغير مالوفة،او انتاج نظرية جديدة او فكرة تحظى بالاهمية والقبول..ولا اظن ان احدا في التاريخ حظي بقبول الناس كما حظي به ثلاثة اشهر انبياء..موسى وعيسى ومحمد ،بدليل ان لهم اتباع يعدون بالملايين والمليارات مع ان اقربهم مضى عليه اكثر من (1400) سنة..ما يعني انهم مبدعون ينبغي عدم السخرية منهم كاشخاص.وبمفارقة نصوغها بتساؤل:اننا نعدّ شكسبير مبدعا لأن خياله خلق ابطالا اثاروا اعجابنا،فلماذا،بالمعيار الأدبي في الأقل وحتى المنطق الالحادي، لا نعدّ موسى او عيسى او محمدا ،مبدعا مع ان خيال كلّ واحد منهم قد خلق (الها) اثار ليس اعجاب الناس..بل عبادته!
وازاء ما يجري من تصعيد في الفوضى الفكرية والمعارك المتعددة الجبهات فان الامور ستؤول الى ان تمارس السلطة دورها في ضبطها، وستستغل الدول الكبرى ورقة الدين في اضعاف المجتمعات العربية والاسلامية من خلال اجهزتها المخابراتية ووسائل اعلامها،اذا لم تتوحد جهود المفكرين في العالم بغض النظر عن هوياتهم واديانهم في الدفاع عن المنجزات الحضارية الأوربية..والشرقية ايضا،معتمدين مبدأ توظيف حرية التعبير بما يخدم البناء لا التدمير.
في عام 1993 توقع هنتينغتون ان حروب المستقبل ستكون ثقافية وبأن مرحلة ما بعد الحرب الباردة ستكون مرحلة صراع الحضارات. ما كان في حسابات الرجل ان تحدث واقعة شارلي لتحول الصراع من حضارة اوربية ضد حضارة آسيوية الى عالم متعدد الانقسامات في جبهات متضادة واخرى متداخلة:العالم الأوربي مقابل العالم الآسيوي،المسيحيون مقابل المسلمين،المؤمنون الموجودون في كل الأديان وكل الحضارات مقابل الملحدين الموجودين في كل الأديان وكل الحضارات..في حرب اشعلتها شارلي وسيسجلها التاريخ باسم حرب الانبياء..وابشع الحروب وربما اسخفها هي تلك التي يكون الدين ساريتها!.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الأنبياء..معارك دماء اشعلتها شارلي - مناقشة فلسفية (1-2)
- فاتن حمامه وسعاد حسني..الضد وضده النوعي
- واقعة شارلي ايبدو الفرنسية..مداخلة للدكتور رياض عبد
- واقعة شارلي ايبدو الفرنسية..تحليل سيكوبولتك
- كتابات ساخرة..حكايتي مع الستوته!
- مؤسسة الفكر العربي..انجاز رائد
- الصباح تحتفي ب(حذار من اليأس)
- حكومات وبرلمانات ديمقراطية..تنهب شعبها!
- ازمة العقل العربي المعاصر
- الشخصية السياسية العراقية - دراسة تحليلية (3 -3)
- الشخصية السياسية العراقية - دراسة تحليلية (2 -3)
- الشخصية السياسية العراقية - دراسة تحليلية (1 -3)
- الدكتور حيدر العبادي - افعلها تدخل التارخ
- السياسييون وعلماء الاجتماع
- في سيكولوجيا خسارة الفريق العراقي
- القيم وصراع الاجيال في المجتمع العراقي- تحليل سيكوبولتك (3-3 ...
- القيم وصراع الاجيال في المجتمع العراقي- تحليل سيكوبولتك (2-3 ...
- المؤتمر الوطني للتربية الايجابية - طموح وتحديات
- القيم وصراع الاجيال في المجتمع العراقي- تحليل سيكوبولتك (1-3 ...
- ماذا لو خرج الحسين الآن في بغداد؟!


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - حرب الأنبياء..معارك دماء اشعلتها شارلي - مناقشة سيكولوجية (2-2)