أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل حسن الدليمي - عين على داغستان وقلب في بغداد















المزيد.....

عين على داغستان وقلب في بغداد


كامل حسن الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 01:12
المحور: الادب والفن
    



قراءة في مجموعة الشاعرة " نسيم الداغستاني" نسيم مرت من هنا
كامل حسن الدليمي
العالم قصائد شعرية لكل شعب قصيدة ترددها مخيلة شاعر، وتموسقها حنجرة مغني حدّ الاطراب ،وينفخ الشاعر العراقي في ناي حزين ورثه من تراكم الهمّ الجمعي لاسلافه ،قصائدنا بكائية في فرحها ألم شفيف ، وفي حزنها توجع لذيذ , والشعر تلك اللغة المشتركة بين سكان الارض توحده ، وصفا، وشكوى، ورثاء ونسيب وتشبيب بالحبيبة او الحبيب المتخيل، وفي وطننا الناطق بلغة الضاد اين سمعت الشعر وعيته وأطربك قدر اهمامك بتأثيره.
وما كان الشعر يوما حكرا على الذكورة بل ان هناك شاعرات من كل جهات العالم حفرن اسمائهن في تاريخ الادب , ولو تصفحنا تاريخ الادب العربي لوجدنا سماواته زاخرة بالنجوم الابواب ( شعرا , قصة , وراوية , وامثال, وحكما , ...)
ومتى رقت الامة ازدهرت ادابها وفنونها وشهدت عصور انفتاح الدولة العربية الاسلامية تجارب مرموقة في مجال الشعر حتى صارت بعض من الشاعرات ندا حقيقيا للرجل لما للمراة من خصائص جمالية ورقة وعذوبة في تعاملها مع الطبيعة ومفرداتها المادية والمعنوية.
والمراة ان صارت شاعرة فستكون اكثر سحرا وارق مفردة وانقى صياغة معبرة بذلك عن كينونتها .
ليس هذه المقدمة تنظيرية بقصد الشروع في المفاضلة بين ما تعطيه المراة في هذا المجال وما يعطيه الرجل، إن هو الا ترجيح لرقة مشاعر المرأة مقابل مشاعر الرجل وتلك طبيعة فسلجية مفروغ منها، مع الاعتراف بان مجتمعنا العربي ذكوري بإمتياز، لا يؤمن باطلاق كامل الحريات للمراة كي تعبر عن ذاتها ، انما الامر مفتاح للولوج لعالم شاعرة من بلاد الادب والفنون الحضارة والتاريخ بغداد السلام .نعم هي الشاعرة "نسيم الداغستاني" المبهرة في عطائها الشعري وكانها قد ورثت حرفة الشعر من خلال تحليقها في عوالمه الفسيحة منقبة في دهاليز اللغة عن المفردة الساحرة والمعنى البليغ والفكرة التي تحقق مبدأ الدهشة اذا اعترفنا ان الشعر ادهاش المتلقي قبل كل شيء ومباغتته بالمعنى المضمر مطلقا، ورغم ان نسبم قوقازية الا انها عراقية بغدادية ولدتها بغداد لترضعها دفئا ممزوجا بلون ماء دجلة الرقراق وتعمد جسدها بلون الطين الذهبي وتمنح وجهها ابتسامة صباحاتها نعم نسيم من قبلة العلوم والاداب والفنون بغداد المحبة والسلام .
التقيت الداغستاني في الدورة الخامسة عشر لمعرض بيروت للكتاب والذي حضره جمع غفير من مفكري وادباء العرب وهي تحضر لاحياء حفل توقيع مجموعتها الموسومة (نسيم مرت من هنا) الصادرة عن الدار العربية للعلوم – ناشرون، بطبعة أنيقة تعبر عن حرفة ومهنية تلك الدار، وبوصفي محبا للشعر اتذوقه كما الايام حلاوة ومرارة وحزت الطعمين معا، فقد ضجت المجموعة بالالفاظ اليسيرة والمؤثرة والافكار المعبرة عن جرءة المراة بولوج عوالم عجزت كثير من شاعرات العرب الاقتراب منها وهذا هو طعم الشهد في قولها، اما المرارة النقية التي تلمستها ا فهي ذلك الحزن الغائر في اعماق نفسها وكانها حملت هم الوطن في حلها وترحالها،وموسقت الوشائج الاجتماعية على وتر حزين.
ولمتصفح مجموعة الشاعرة يجد بلاغة في القول ويكتشف في ذات الوقت ان المسكوت عنه عند الشاعرة لم يزل في مخيلتها قالته ولم تبح به خجلا، او هي بانتظار قوله بقادم الايام، ورغم اني لست ممن تغريه بهرجة القول في الشعر، وغرائبية المفردات بل تغريبها في زمن سيادة الرديء وقلة العذب الا انني صدمت حينما طالعت بعض النصوص وهي تؤرخن لازمان مرت من عمر الشاعرة او استكناه لما ستكشف عنه قابلات الايام . خاطبت الشاعرة الارض وخاطبت السماء ،شاكية ومعترضة وكاشفة عن فضاءات مازالت معتمة، وفي آخرى تتمرد على واقعها المرير مترجمة معاناة الانسان في زمن سلبه انسانيته وتوجه به نحو جاهلية بغيضة، انسان يبحث عن اشباع الرغبة وحسب خصوصا في عالمنا العربي الضاج بالصراعات ولايعد مجديا الحديث عن المجموعة مالم يعزز بالاستشهادات وتاكيدا لزعمي الذي لايعبر الا عن وجهة نظري او انطباعي الخاص، ولا أدعي النقد والتحليل، وليس بالضرورة ان يكون هذا الانطباع مرضيا للاخرين ممن وقعت المجموعة بين يديه وقرئها بحيادية وعلمية قدر سعة افقه وذائقته تقول الشاعرة في رؤوس اليقطين, :
يقولون :" ان النساء يلدن رجالا/ والرجال براس يقطين" .
ولكم تتولد من هذا المعنى دلالات وتاويلات مختلفة خصوصا ما أسفر عن تلك الولادة ووفقا لرأيي المتواضع : كانت نسيم قاسية على الرجل بعض الشيء، فقد وصفته ( براس يقطين) وغالبا مايكون راس اليقطين اجوفا وطبيعته اسفنجية بمقدورها امتصاص كل شيء وهو استغراق في التكنية التي جعلت من الرجل ناهبا كل شيء ومفرزا مازاد عن حاجته، وهذا الحكم يحمل جرأة فيها الكثير من الصحة ومطايقة الواقع.
ولو انتقلنا الى كناية اخرى في ذات النص لوجدنا ان هناك مباشرة او تصريحا بنتيجة اليقطبن التي استهدفت الوصول اليها فهي تقول:
( فاليقطين بارد/ وجاهز للاكل /والسكين يلمع على الطاولة كالطاووس ص11)
وهنا قد تحول اليقطين للمرحلة الاخيرة محدثة علاقة تكاملية بين اليقطين وبين ادوات تجهيزه ليصبح ذا جهوزية فالعلاقة بين السكين واليقطين علاقة استنفاذ للقدرة على الفعل ولايشكل شيئا بوجه السكين .
ولعل النص الذي كان اكثر اثارة ( ابي فوق المكتبة وقد تناولت في هذا النص ذكريات الطفولة صورة والدها وهو يتنقل بها من سنة لاخرى يرقب تخطيها عتبات الطفولة الى اليفاعة والشباب ومستلهمة من تلك الذكريات ما يمدها بالقدرة على المواصلة تقول :
قل يا ابي لما زعت الثورة في قلبي : ولما اصبحت في دينك العنفواني راهبة لما انتشلتني من انوثتي والوان الغوى وصيرت الجمال في عينيك وجه عامل وانامل عاملة مخضبة بالحبر انا مازلت احتفظ ببعض القبل حين الضحك وحين البكا ص16.
والذي تحمله نسيم تجاه والدها تلك الابوة الحنونة شكلتها بقايا الذكريات من زمن البراءة والعفوية الى زمن التعقيد والقسوة وهي صورة استرجاعية كما الزجاج تكسرها قسوة الايام .
ولا يمكن بهذه العجالة بلوغ ماسعينا تسليط الضوء عليه من نصوص واعية يقابلها بعض النصوص المرمزة بذكاء منها نص" رنين الهاتف" الذي يبدو نصا عاديا جدا للمتلقي في باديء الامر لكنها تضرب فيه ضربة الفارس في ثلاثة ايقونات شعرية غاية في الادهاش تقول:
جميع الهواتف ترن / ثم تعدد تلك الهواتف حتى تفاجئنا بقولها :إلا هاتفي ،ارقامه شيفرة كانت تستعمل بين غواصة روسية ، وجاسوس الماني/ص81.
ورغم كل هذه الجمالية والثراء الا ان وجود بعض المفردات قد اثقل كاهل بعض النصوص خصوصا تلك السجعيات لكنها لم تؤثر على مستوى النص أو تعطل وصول الرسالة للمتلقي .
وإذ أشير في انطباعي هذا لمجموعة شاعرة متيقن من براعتها وقدرتها على عطاء الاجمل لايسعني إلا ان اصفق من القلب متمنيا لها المزيد من الابداع .



#كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة مع شاعر
- الدين بين الشعبوية والنخبوية
- معلم النزاهه
- دريد الوسخ
- سكينه أم الكيمر
- بغدادية بلا زيف
- قراءة في كتابالهيرمينوطيقيا ...
- مواسم المطر
- معارك اللسان
- ذياب شاهين بين المرأة والوطن
- إمارة البنفسج
- قراءة في مجموعة صادق الطريحي
- مصائد المغفلين
- قتل أباه وكبّر
- مياسة الحفافة والثقافة
- كوثر وحقوق الانسان
- كوثر والحلاقة
- خبّازة من حيّينا
- يتقاطع وسياسة صحيفتنا
- من ابي ضرغام لابن آوى


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل حسن الدليمي - عين على داغستان وقلب في بغداد