أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - شد بطون الفقراء وارخائها للأغنياء














المزيد.....

شد بطون الفقراء وارخائها للأغنياء


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 21:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سياسة التقشف، او ما يطلق عليها في بعض احيان سياسة شد احزمة على البطون، التي تعني كمفهوم عام، لجوء الدولة الى لتقليل ، بدأت اولى بوادرها، منذ وقت مبكر، بل حتى قبل ان تسن اجراءاتها؛ في قيام بعض مؤسسات الدولة التي توقفت عن الانتاج بفعل الفشل الحكومي، بحجب رواتب منتسبيها، ما اثر بصورة كبيرة على اوضاعهم المعيشية، ونرى مقابل ذلك تواصل رواتب السياسيين والمسؤولين وامتيازاتهم، من دون مشكلات تذكر، انتظاراً للتعليمات المتعلقة بما اسموه "الادخار"، اي انها ليست تحفيضا لرواتبهم الكبيرة، كما انها ستدخر لهم.
ان مثل تلك الاجراءات، تمثل شرخاً كبيراً في ميزان تحقيق العدالة الاجتماعية، وما يمثله ذلك من تهديد لأوضاع الناس المعيشية، وما يجره بالنتيجة من عدم الاستقرار المجتمعي و السياسي، وزيادة معدلات الجريمة، وحتى ادامة نسغ الارهاب وسطوته.
وبصريح العبارة نقول، لو كانت الدعوة الى التقشف، وما يسمى الادخار تجري في ظروف اعتيادية ينعدم فيها ضياع اموال بسبب الفساد وسوء التصرف الاداري والمالي، لمر الامر من دون اعتراضات، غير اننا نرى ان القضية ليست كذلك وسيكون الخاسر الاكبر فيها هو الانسان الاعتيادي بفقرائه وما يسمى بالطبقة الوسطى، اذا كان ثمة طبقة وسطى في حل من الفقر حتى الآن.
لقد لجأت دول عدة في مدد من تاريخها الى سياسات التقشف، ومنها مثلا ا و قبل مدة قريبة اليونان وغيرها، لكن تطبيق ذلك ترافق مع حملات فعالة لمتابعة مكافحة الفساد، وغسيل الاموال، وتقديم المفسدين الى المحاكم، وتغيير حكومات ووزراء، كما اقترن بزيادة معدلات الانتاج في المؤسسات الصناعية و في الزراعة؛ وبالنتيجة زيادة الايرادات التي تشكل احدى السبل الرئيسة لمعالجة مشكلات الموازنة، كما ان فرض الضرائب سيكون عند تحقق تلك الشروط، عاملاً داعماً وليس مثلما نفعل نحن حين نسعى الى فرض الضرائب من دون احياء الانتاج المحلي.
كانت هيئة النزاهة قد بينت في قوائم كشف الذمم المالية للمسؤولين، لشهر تشرين الاول الماضي، ان "نسبة استجابة أعضاء مجلس النواب الحالي لكشف ذممهم المالية لم تتجاوز 9 %، وان عدد المستجيبين 30 عضواً فقط من مجمل العدد الكلي لأعضاء المجلس البالغ 328عضوا، و ان نسبة استجابة اعضاء مجلس الوزراء بدورته الحالية هي 53.3 %، و من مجموع 30 وزيراً، لم تصل الى هيئة النزاهة سوى 16 استمارة".
اننا نرى ان عدم الاستجابة برغم قانونية الطلب، عوضاً عن انه بمنزلة الادانة للممتنعين فيما يتعلق بالتعامل مع اموال البلد والتستر بشأنها، وعلى مصادر الحصول عليها؛ يشير بأصابع الاتهام الى الرافضين ويزيد الشكوك من عدم سلامة اوضاعهم المالية، ويلقي ضلالاً من الشك على مستوى العدالة الذي ستحققه عملية التقشف وشد الاحزمة؛ ولن نذكّر بكميات الاموال الهائلة التي ضاعت طيلة السنوات السابقة؛ فذلك امر حقيقي اعترف به المسؤولون انفسهم.
لقد غدت التساؤلات تطرح في الشارع العراقي ومفادها، انه اذا كانت الاموال تضيع وتهدر بتلك النسب الكبيرة، فكيف نثق بالمسؤولين الذين يطالبوننا بشد الاحزمة على البطون، في حين ان بطون كثير منهم تتعاظم باستمرار؟!
لم تهمل المجتمعات السليمة، اي امر حين لجأت الى فرض التقشف في بلدانها، لمواجهة الازمة المالية وعجز موازناتها، وسعت الى عدم الاضرار بميزانيات افراد المجتمع؛ ومن ذلك، وبما انها رأت ان خفض الانفاق الحكومي يرفع نسب البطالة وان هذا يؤدي في البلدان الاوروبية الى زيادة في مخصصات إعانة البطالة، فانها لم تمس تلك الاعانات، بل توجهت لمنح الاعانات لعاطلين جدد تضيفهم بالضرورة عملية التقشف.
وهذه المشكلة طبعاً، لن يعاني منها العراق، لأنه لا يطبق نظام ضمان اجتماعي واعانات فاعل؛ ولقد طبقه طيلة السنوات الماضية على استحياء، كما ان تطبيقه لم يخلو من التجاذبات السياسية والملفات الوهمية والفساد لاداري و المالي.
ان وضع العراق فيما يتعلق بالسياسات التقشفية، لا يمكن مقارنته حتى بدول الخليج المجاورة التي تأثرت حتما بانخفاض اسعار النفط، ويشير المراقبون والمحللون الاقتصاديون الى ان "التقشف في تلك البلدان لم يحدث ولا تلوح له أي بوادر، فقد صمدت الدفاعات الاقتصادية التي أقامتها دول الخليج في أعقاب الأزمة المالية العالمية قبل خمس سنوات للتصدي لمثل هذا الهبوط في أسعار النفط"، مشيرين الى ان " المستهلكين مازالوا ينفقون المال والشركات مازالت تستثمر والحكومات تعلن ميزانيات قياسية الحجم لعام 2015"، ملمحين الى ان بمقدور تلك الدول، ان "تغطي العجز في الميزانية لمدة تتراوح من أربعة أعوام إلى 14 عاما وذلك من دون اللجوء إلى الاقتراض مع الإبقاء على ربط عملات دول المجلس بالدولار الأميركي".
اننا لسنا ضد اجراءات او سياسات التقشف، لانقاذ الموازنة من عجزها ومعالجة المشكلات المالية والاقتصادية في العراق، ولكننا نحذر من ان تعود بالضرر على الانسان العراقي؛ مثلما عملت سياسات النظام المباد غير المدروسة ومنها لجوئه الى الانفاق العسكري على تدهور قيمة العملة وفاقم معدلات التضخم، ودفع الانسان العراقي الى ان يعيش في تقشف وحرمان دائمين، من جميع مظاهر الحياة التي تليق بآدميته، في حين لم تمس اوضاع الحكام، وقد ادت تلك السياسات من ضمن ما ادت الى انتشار الجريمة وانهيار الطبقة الوسطى.
وهنا نقول، ان الجوانب الرئيسة في معالجة عجز الموازنة تكمن في أسس البناء الذي تقوم عليه الدولة والحكومة الآن، ومن ضمن ذلك سيادة مظاهر البذخ والاستيلاء على الاموال والاراضي من قبل كثير من المسؤولين، اضافة الى اوجه الصرف غير المنطقية ومنها الاصرار على الايفادات التي لا منفعة منها الا الترفيه عن الدرجات الخاصة والمسؤولين، لذا فان العلاج المطلوب يتوجب ان يلتفت اولو الأمر الى تلك الاسباب، وغيرها ويضعون حداً لها، و ان يلجم المسؤولون احزمتهم ويشدونها حول بطونهم، كما ان عليهم بالمقابل، ان يرخوا الاحزمة التي اضرت بالفقراء وذوي الدخل المحدود، كي تتحقق العدالة ويتساوى الجميع.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لدى العراقيين رأي عام حقيقي؟
- النفط الذي هرِمَ والزراعة التي أجدبت
- تونس تنتشل -الربيع العربي- من كبوته
- أبواب النواب مغلقة حتى حين
- مواسم القتل الجماعي.. ضحايا أبرياء و مبررات غير عقلانية
- السلم الاجتماعي هدف الديمقراطية و أساسها
- تحسين العلاقات مع الدول الأخرى مكسب للإنسان العراقي
- عن الموازنة مرة أخرى
- إشكالية المواطنة و عوامل جذب «التوطين»
- سوريالية الزمن العراقي الحزين
- لجان مجلس النواب المتكاثرة قرينة الإخفاق
- متوالية الموت العراقي.. هل من نهاية؟
- الوزراء الجدد ..العبرة فقط في النتائج
- وزارة العبادي.. مخاض عسير وتنافس ضار
- دماء سبايكر ومساعي إخفاء دلائل الجريمة
- المطلوب وزراء مستقلون مختصون
- فضائح مسؤولينا وحنكة الآخرين
- -ماراثون- الموازنة..لا نقطة شروع و لا خط نهاية
- في سبيل 10 وزارات فقط
- تسويق وجوه عتيقة فاشلة


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - شد بطون الفقراء وارخائها للأغنياء