أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: زيت














المزيد.....

قصة: زيت


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4684 - 2015 / 1 / 7 - 12:49
المحور: الادب والفن
    


هما الآن في الطريق إلى البيت، يده على قلبه من حلمها المريع، ويدها على قلبها من حلمها، يجلسان متلاصقين في المقعد المجاور للسائق في الشاحنة الصغيرة التي تحمل الآن عشر صفائح من الزيت.
المرأة رأت في حلمها قبل ليلتين أن الجنود اعترضوا الشاحنة في وضح النهار، أمروا المرأة أن تقف بعيداً دون حراك، وأمروا الرجل أن يُنزل من الشاحنة كل صفائح الزيت، رأت في حلمها أن الرجل يصدع بما يؤمر به، تصطف الصفائح مرعوبة على الرصيف، يتأملها الجنود بصلف وازدراء. ثم يطلقون عليها الرصاص من فوهات بنادقهم، يندلق الزيت أخضر يانعاً من عشرات الثقوب التي أحدثها الرصاص في أجساد الصفائح، والمرأة تحاول أن تسد الثقوب بقطع من القماش الذي لا تدري من أين تكاثر بين يديها، وحينما لا تنفع محاولاتها تهجم على الجنود، تضربهم بقبضة يدها، يصوبون بنادقهم صوب صدرها، فتفيق من نومها وهي في ذعر شديد.
الرجل قال لها اهدأي يا بنت الحلال، هذه أضغاث أحلام، والمرأة قالت كيف أهدأ وأنا أراهم كل يوم ينعفون الطحين على البلاط. ويدلقون الزيت فوق الأغطية والوسائد في البيوت، والرجل ظل يروي لها الحكايات المسلية إلى ما بعد منتصف الليل حتى استكانت ونامت من جديد، الرجل لم ينم حتى الصباح، أشفق على المرأة وهو يتأملها في نومها المزعزع، إنه يعرف قلقها حينما يتعلق الأمر بمؤونة البيت ولقمة الأولاد.
هما الآن في الطريق إلى البيت، دقات قلبها تضج في ازدياد، (بعد منتصف الليل بقليل جاء دورهما. أخذت ماكنات الحديد في المدينة المجاورة تهرس حبات الزيتون الخضراء مثل حدقات العيون. الرجل يتابع الزيت الذي يتدفق في حشمة واعتدال. والمرأة تذكر اسم الله في صوت مسموع كي تحّل البركة ويتضاعف المحصول،ثم تركض في أرجاء المكان، تهيء المزيد من صفائح الحديد، والرجل يرمقها في إعجاب ويقول إنها كنز ثمين، ويقول إنها نوارة الدار.)
هما الآن في الطريق إلى البيت، ينمو في صدريهما قلق مستبدّ، والسائق الذي قدّر حرصهما على لقمة الأولاد، قال إنه يعرف طريقاً فرعياً يجنبهما نقطة التفتيش، والمرأة ارتاح بالها للفكرة فوراً، والرجل بعد تردد قال للسائق أن يفعل ما يريد.
هما الآن على مرمى حجر من البيت، ينقلان الصفائح الى الداخل، والمرأة تسكب الزيت في الصحون، تحضر خبز الطابون والزعتر، يأكل أولادها وأولاد الجيران ويشبعون، والمرأة يطمئن بالها إلى حين.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة: امرأتان
- قصة: مظلة
- قصة: فرصة
- قصة: انتظار
- ضد ثقافة التطرف
- قصة: عالم
- قصة: قطط
- دراسة نادية عيلبوني عن رواية فرس العائلة لمحمود شقير
- قصة: الشخص 3
- قصة: الشخص2
- قصة: الشخص1
- لقاء
- قصة قصيرة جدا: ملل
- قصة قصيرة جداً: بين اليأس والرجاء
- قصة قصيرة جداً: فضاء افتراضي
- قصة قصيرة جداً: ماء الخيال
- قصة قصيرة جداً: اقتراح
- قصة: عرس
- قصة قصيرة جداً: فرس
- سؤال


المزيد.....




- جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز
- صالة الكندي للسينما: ذاكرة دمشق وصوت جيل كامل
- وزارة الثقافة اللبنانية تنفي وجود أي أسلحة تعود لأحزاب في قل ...
- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: زيت