أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: فرصة














المزيد.....

قصة: فرصة


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


تجلس في الناحية اليمنى من المقعد الخلفي للسيارة الفارهة، يرسل السائق المتمرس بين الحين والآخر نظرات خفية صوبها عبر المرآة، فلا تعيره انتباهاً، غير أنها تتعجب من جرأته ولا تسقطه في النهاية من حسابها، فقد تحتاجه ذات يوم، تتفحصه خفية، فلا تنفر من هيئته، ولا تفكر فيه الآن.
تجلس في مهابة واتزان، عليها جاكيتة حمراء تنفتح على تنورة سوداء مشقوقة من كلا الجانبين، فهي حريصة على أن يبدو شيء من بياض فخذيها كلما مشت أو جلست، لأنهما متعة للناظرين وفق شهادة صديق زوجها الموظف الكبير في إحدى السفارات، الذي باح بهذا الأمر بعد أن تعتعه السكر في إحدى السهرات.
ترنو عبر زجاج السيارة الملون إلى الخلق الذين يتكاثرون في طرقات الحي القميء الذي لا بد لها من اجتيازه، كلما غادرت بيتها الريفي الأنيق، إلى قلب المدينة لزيارة أرقى محلات الأزياء، أو للمشاركة في حفل خيري تقيمه سيدات المجتمع بين الحين والحين، للظهور على شاشة التلفاز، ولاستعراض أجسادهن أمام أعين الفضوليين والفضوليات.
ها هي الآن تتأفف من روائح الحي، والسائق يشاركها التأفف، فكأنه كان ينتظر الفرصة السانحة للدخول معها في حديث، غير أنها تصدّه، تأمره بأن يسرع قليلاً قبل أن يبدأ الاحتفال، ثم تنهمك في التفكير: غداً صباحاً ستدعو سائقها القديم، طبيب المستشفى الأهلي، ومراسل المجلة المصورة للمثول بين يديها في الحال، فقد أصبح في حكم المؤكد أن يتبوأ زوجها منصباً مرموقاً سيعلن عنه هذا المساء. الموظف الكبير في إحدى السفارات طمأن الزوج منذ أيام حول هذا الأمر بالذات، لذلك ستخبر سائقها القديم بأنها ستقطع لسانه إن هو باح بشيء مما يعرفه عنها فيما مضى من أيام، ستأمر طبيب المستشفى الأهلي أن يطوي إلى الأبد أمر قضائها ليلتين في مستشفاه قبل عام، حينما كان زوجها في بعثة طويلة خارج البلاد، فلم تسافر معه لأمر ما، أما مراسل المجلة المصورة، فسوف تغدق عليه مالاً لكي ينشر تحت صورتها أحلى كلام، كلّ أسبوع أو أسبوعين، أو كلما دعا إلى ذلك داع.
تصغي إلى نشرة الأخبار قبيل بدء الاحتفال، فلا يظفر زوجها بالمنصب الموعود، تبكي وتبكي معها الصديقات، تغادر الاحتفال بعد بدئه بلحظات، تجلس في المقعد الأمامي للسيارة، تمعن في البكاء وقتاً، ثم تميل على كتف السائق، تريح رأسها هناك لعلها تنسى بؤس العالم وشروره، والسائق المذهول أمام ارتعاشات الجسد، يرتبك، يركض مبتعداً عن المرأة، ويختفي دون أن يعرف أحد عنه شيئاً حتى الآن.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة: انتظار
- ضد ثقافة التطرف
- قصة: عالم
- قصة: قطط
- دراسة نادية عيلبوني عن رواية فرس العائلة لمحمود شقير
- قصة: الشخص 3
- قصة: الشخص2
- قصة: الشخص1
- لقاء
- قصة قصيرة جدا: ملل
- قصة قصيرة جداً: بين اليأس والرجاء
- قصة قصيرة جداً: فضاء افتراضي
- قصة قصيرة جداً: ماء الخيال
- قصة قصيرة جداً: اقتراح
- قصة: عرس
- قصة قصيرة جداً: فرس
- سؤال
- قصة: انفصال
- قصة: نقطة الحدود
- قصة: قط


المزيد.....




- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...
- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: فرصة