أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - محور الشر.. كاترينا وبوش















المزيد.....

محور الشر.. كاترينا وبوش


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمام نزق الطبيعة وما تصنعه من كوارث.. تختفي الخلافات بين البشر، مهما كانت هذه الخلافات سياسية أو دينية أو اقتصادية.
ولذلك.. فإن الخلاف السياسي بين العرب وبين الإدارة الأمريكية لا يصبح له محلا من الإعراب أمام الكارثة المروعة التي ألمت ببعض الولايات الأمريكية التي ضربها إعصار »كاترينا« المدمر.
وإذا كان التساند بين البشر - علي اختلاف أجناسهم ودياناتهم وقومياتهم وألوان بشرتهم - هو الذي يحتل مكان الصدارة في مثل هذه الأوقات العصيبة، فإنه غني عن البيان أن »الشماتة« - حتي في أسوأ الاعداء تصبح من ضمن المشاعر البدائية المرفوضة والمستهجنة التي لا يمكن تبريرها بأي حالة من الأحوال.
ولهذا رفضنا رفضا قاطعا تلك الأفكار المريضة والسقيمة التي تبناها البعض منا إبان التسونامي الذي ضرب بعض البلدان الآسيوية مؤخرا بحجة أن الناس في تلك الأنحاء التي ضربها التسونامي »غارقون في الرذيلة« وقلنا إن مثل هذه التفسيرات السخيفة تسيء إلينا وإلي حضارتنا العربية وأن الإسلام برئ من هذه التخاريف الغليظة والفظة وسميكة الجلد والتي تضعنا نحن العرب والمسلمين خارج دائرة الإنسانية.
وينطبق نفس الأمر علي إعصار »كاترينا«، فرغم ما بيننا وبين الادارة الأمريكية من خصومات وعداوات لها ما يبررها، فإننا نرفض أي شكل من أشكال الشماتة في إخواننا في البشرية الذين تضرروا من هذا الاعصار المخيف، بل إننا نطالب بألا تتأخر بلداننا العربية عن تقديم يد المساعدة المادية والمعنوية للمواطنين الأمريكيين ضحايا هذه المأساة.
وامتدادا لهذا المنطق لم نفاجأ بأن دولا وزعماء بينهم وبين الرئيس الأمريكي بوش أكثر مما صنع الحداد كانوا في مقدمة من مدوا أيديهم بعروض المساعدة، من هؤلاء - مثلا - الرئيس الكوبي فيدل كاسترو - الذي لم يتوقف بوش عن التحريض علي اغتياله والإطاحة بنظامه والاصرار علي الاستمرار في حصار بلاده اقتصاديا - ومع ذلك فإنه عرض علي الولايات المتحدة إرسال 1100 طبيب مع 4.26 طن من الأدوية لمساعدة ضحايا إعصار كاترينا وأكد كاسترو أن هذا الاقتراح يندرج في إطار »روح التعاون الحقيقي«، مضيفاً أنها »بادرة صادقة، بادرة سلام غير مشروطة« واستطرد قائلا »نحن نعارض كلياً أية مواجهة مع الولايات المتحدة وحكومتها، ولا نطلب شيئاً، ولا نمارس هذا النوع من السياسة الذي يمارسونه«.
نفس الشيء فعله رئيس فنزويلا، هوجوشافيز، الذي لا تتوقف إدارة بوش عن التحريض ضده بجميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
ويجب أن نكون نحن العرب في نفس السياق الذي يضع الأولوية لثوابت الإنسانية علي متغيرات السياسة باعتبار أن هذه الثوابت الإنسانية هي المبدأ الأكبر في حالات الخطر المشترك ضد جنون الطبيعة.
وبعيداً عن مشاعر الشماتة المرفوضة، وفي ظل التضامن مع منكوبي الإعصار »كاترينا«، نعود إلي تناول هذا الإعصار ـ الكارثة ـ الذي كشف عن نقاط ضعف العملاق الأمريكي.
فمتابعة تفاصيل ما حدث، يجعلنا نظن أننا في دولة من دول العالثم الثالث، وليس في الولايات المتحدة أقوي دولة في العالم، والقطب الوحيد المهيمن علي النظام العالمي.
فجثث الموتي تتعفن في الشوارع، والأطفال يموتون جوعاً، والفوضي تعم مدناً بأكملها، والأدهي والأمر أن المسلمين يعيثون فساداً في مدن مثل نيو أوليانز ويقومون بأعمال السلب والنهب، في صورة أبشع بكثير من صورة بغداد بعد سقوطها في يد قوات الاحتلال الأمريكية.
وراقب العالم مذهولاً أقوي دولة في العالم وهي تتعثر في مواجهة الكارثة التي خلفت مئات الآلاف من سكان نيو أورليانز دون مأوي أو طعام، والتي وصفتها إحدي سكان نيو أورليانز بـ »الهولوكوست«.
ووصل الحال بـ »تيري ايبرت«، أحد المسئولين عن عمليات الطوارئ في نيو أورليانز إلي أن يقول إن »هذا عار وطني«
وهو قول يمكن أن نفهم أبعاده إذا ربطناه بقول مواطن سيريلانكي، يدعي ساجيوا شيناتاكا (36 عاماً) في كولومبو »أنا أشعر بالاشمئزاز.. فأثناء التسونامي الذي ضرب بلادنا لم يتعرض سائح واحد للسلب. والآن وفي ظل ما يحدث حالياً في الولايات المتحدة يمكننا أن نري بسهولة أين يقع الجزء المتحضر من العالم..!«.
والأخطر أن ما حدث ـ ويحدث ـ في الولايات المتحدة، لم يكشف فقط عن الفوضي والعشوائية في عمليات الانقاذ التي لا تليق بدولة عظمي، بل كشف عما هو أخطر ألا وهو »الفضيحة العنصرية«.
فحسب جريدة »فاينانشيال تايمز« نجد أن أغلب ضحايا إعصار كاترينا كانوا من الفقراء والعجزة والسود.
وحسب شبكة تليفزيون CNN الأمريكية فان حدة الغضب والاستنكار والاستهجان تتصاعد في مدينة »الجحيم علي الأرض« ـ أي نيو أورليانز ـ من تجاهل الإدارة الأمريكية لحجم المأساة ومعاناة سكان المدينة الذين يشكل السود أغلبيتهم. وألقي العديد من القادة الأمريكيين السود بتبعة التلكؤ والتقاعس في الاستجابة للكارثة علي سياسة التمييز العنصري.
ووجه القس جيسي جاكسون انتقاداً حاداً للرئيس بوش مثيراً قضية التمييز الحساسة، قائلاً إن: »هناك عدم مبالاة تاريخي لآلام الفقراء والسود.. ويبدو أننا نعتاد سريعاً علي معاناة السود«.
زاوية ثانية كشفت النقاب عنها فضيحة »كاترينا«، هي مسئولة السياسة الخارجية الامبراطورية لادارة بوش عن ضعف الامكانيات اللازمة لمواجهة الاخطار الداخلية، سواء كانت هذه الأخطار ممثلة في كوارث من صنع الطبيعة أو من صنع الانسان.
وعلي سبيل المثال عزت صحيفة »نيويورك تايمز« الأزمة التي كشفت عنها فضيحة مواجهة »كاترينا« إلي ارسال الحرس الوطني إلي العراق حيث ينتشر ثلث أعضاء الحرس الوطني في لويزيانا، وهو ما دفع الجيش الأمريكي، علي ما يبدو إلي الاعلان عن أنه يعمل علي تسريع عودة لواء منتشر في العراق إلي الولايات المتحدة..
وفيما يشبه الاعتراف العلني بذلك أعلنت مصادر رسمية أمريكية أمس الأول عن استدعاء 300 طيار من القوات الموجودة في العراق وافغانستان للمساعدة في مواجهة الكارثة الفاضحة داخل الولايات المتحدة.
وهكذا تتضح العلاقة بين خطايا السياسة الخارجية وفضائح السياسة الداخلية، حيث انفق الرئيس بوش مليارات الدولارات علي حربه الاستعمارية في العراق، وارسل آلافاً مؤلفة من قواته المسلحة إلي الخارج لاحتلال أراضي الغير، تاركا أراضيه مكشوفة أمام الاخطار الداخلية.
كما اتضح أيضا أن هؤلاء المحافظين الجدد الذين استولوا علي مراكز صنع القرار في واشنطن، لا يتبنون فقط سياسات خارجية معادية لشعوب مسالمة، وانما يتبنون أيضا سياسات داخلية عنصرية وطبقية معادية للسود والفقراء بدليل ان الاغلبية الساحقة من ضحايا اعصار كاترينا كانت من هؤلاء، أي من السود والفقراء.
واتضح كذلك أن هذه العنجهية الشديدة والغطرسة منقطعة النظير للإدارة الأمريكية، التي تنتحل لنفسها الوصاية علي الكرة الأرضية وعلي البشرية بأسرها، تخفي ترهلا داخليا بشعا كشفته تداعيات »كاترينا« التي أظهرت الولايات المتحدة بصورة رثة وقبيحة تشبه أكثر دول العالم الثالث تخلفا.
ويبدو أن الأمور ستحقق نبوءة جريدة »ديلي ميل« البريطانية التي قالت تعقيبا علي ما يحدث بعد إعصار كاترينا ان »الرئيس بوش الذي تتهاوي شعبيته بسرعة كبيرة يدفع ثمنا باهظا لجنونه العسكري«.
بينما قالت موظفة في شركة عالمية في كوريا الجنوبية »ربما كان ما يحدث عقابا لما فعلته أمريكا بالعراق«.
واضافت »أن كثيرا من الناس الذين أعمل معهم يفكرون بهذه الطريقة«.
هذا التفسير الميتافيزيقي الذي صنع في »كوريا الجنوبية« ربما تكون له امتدادات عربية، لكنه تفسير خاطئ لأن العقاب لم يحل بمن شنوا الحرب علي العراق وانما حل - كما قلنا - بالفقراء والسود الذين لا ذنب لهم فيما جري ولا ينبغي تحمليهم وزر سياسة بوش وزعانفه من المحافظين الجدد المتطرفين.
بعبارة أخري.. نحن وفقراء أمريكا وزنوجها ضحايا لنفس »محور الشر«.. بوش وكاترينا.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء الثقة .. اليوم وليس غداً
- -الجمهورية- تستعيد ذاكرتها.. ودورها التنويرى
- قطار الديمقراطية الذي تلكأ كثيرًا قبل دخول محطة مصر
- الدين لله والوطن للجميع.. أمس واليوم وغدًا
- المبادرة الغائبة
- المنافقون.. اخطر أعداء مبارك
- استنساخ الكهنة!
- تراجيديا الكولونيل والشيخ
- دموع في عيون استعمارية
- (1-2) الدين.. والسياسة : سؤال وقديم إجابات معاصرة
- واقع الحال في مصر.. دون مساحيق تجميل
- الأسلحة الفاسدة
- الصحافة القومية .. سقطت فى أول امتحان
- مبارك يطبق شعارات المعارضة .. برجال الحزب الوطنى
- أهميــة العلــم.. يــا نـــاس!
- شارون يطلب مساعدة مصر في مكافحة الإرهاب!
- شرم الشيخ ترتدي ملابس الحداد.. ولا عزاء للمتهاونين
- رياح التغيير تهب علي الصحافة القومية
- وزير الصحة .. مصطفى النحاس باشا!
- ! مطالبة علي الهواء باستقالة وزير الخارجية


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - محور الشر.. كاترينا وبوش