الأزهري محمد عمارة بين المستحيل والممنوع ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 16:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الأزهري محمد عمارة بين المستحيل والممنوع ..
رغم أن موسى لم يضرب بعصاه البحر ، كما ظهر في الفيلم الهوليوودي "موسى " والذي شاهدهُ أفراد من عائلتي ليلة أمس (لم أكن معهم لأسفي البالغ )، إلا أن البحر إنشق وعبر بنو إسرائيل لجته وخاضوا غماره سالمين غانمين إلى أرض الميعاد ، متبوعين بفرعون وجيشه الذي أهلكه رب موسى .
وكلما صورت هوليوود فيلما عن إحدى قصص العهد القديم ، تثور ثائرة رجال الدين المسلمين ، ويشنون هجوما تكفيريا في اقصى درجاته ، وساخرا في درجاته الدنيا من الفيلم وصانعه ، وممن قام بدور أحد الأنبياء ، تمثيلا .
لكن ، وبدون أن أُكلف نفسي عناء البحث والسؤال ، فإنني أعرف بأن اليهودية والمسيحية لا تحرّمان تصوير الأنبياء بما فيهم عيسى وموسى ، وكذا بقية الديانات غير السماوية ، كالبوذية وغيرها التي "تتعبد " كما يُخيل إلي بالرسم والتصوير ، النحت والتماثيل .
أما المُسلسلات والمقالات الساخرة فحدث ولا حرج ، على غرار المسلسل الساخر، اليهود قادمون والذي تبثه القناة الأولى الرسمية في سلطة البث التلفزيوني الإسرائيلي . وكنتُ قد كرستُ له مقالا صغيرا ، هذا رابطه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=443694
وفي إحدى حلقات المسلسل يجتمع بينوكيو (الصبي الخشبي ) مع سيدنا يونس في بطن الحوت ، ويتبادلان الحديث ، ويتسائل بينيكيو عن صحة كل ما ورد في العهد القديم ،فيؤكد يونس صحة جميع القصص . لكنه لا ينتبه إلى أن أنفه قد إستطال .....!!
ولا ننسى بأن العهد القديم ، لم "ينزّه " أحدا من أنبياء التوراة .. إلا ألمسلمون المعاصرون ..فإنهم ينزهون رجالا مشكوك في إسلامهم أصلا . ما عدا الشيعة التي لا "تعصم " سوى الائمة ومع ذلك تُبيح تصويرهم وتمثيلهم ، ويتقول البعض بأنه لدى الشيعة صورة للنبي محمد ، رغم أنهم يُنكرون ذلك .
وتساءل د. عمارة في مقاله الافتتاحي لمجلة “الأزهر” (عدد ربيع الأول 1436 هـ): هل حياة الأنبياء والمرسلين مجرد واقع حتى يمكن محاكاتها بالتمثيل؟ أم أن فيها جوانب وعوالم خارقة للواقع، ومتجاوزة لهذا الواقع تجعلها مستحيلة المحاكاة والتمثيل؟
ورغم أن النص المقدس يؤكد ويعود ويؤكد على بشريتهم ، إلا أن المُزاودة على ألنص المقدس ، هي هواية المحسوبين على الإكليروس الإسلامي ، على سبيل المثال في تحريم الخمر غير المنصوص عليه ، وكذا في الرجم .
لكن لنتفق مع الدكتور عمارة بأن حياة الأنبياء ليست مجرد واقع ، بل ، هي سلسلة متواصلة من العوالم الخارقة فهل يعجز الفن السينمائي عن تصوير هذه العوالم ؟ لقد أصبح بإمكان تقنيات التصوير أن تحقق المعجزات وما وراء المعجزات ، وهذا ما يعلمه دكتور عمارة بالتأكيد . لكن السؤال ليس عن قُدرة التكولوجيا بل عن عدم تقبل الإكليروس لفكرة أنسنة الأنبياء ، الذين قالت فيهم النصوص بأنهم بشر مثلنا يوحى إليهم ..!!

وتابع د. عمارة: “إن الأنبياء والرسل – مع أنهم بشر - يلح القرآن على تأكيد بشريتهم – فإن الوحي اليهم، وظهور المعجزات على أيديهم قد جعل لهم أدوارا وأحوالا ومقامات اجتمع فيها الالهي مع البشري، وامتزج فيها الواقعي مع المعجز المفارق للواقع، ولما كان الإلهي وأيضا الاعجاز والمعجز المفارق للواقع وللمعتاد – وفيه تتمثل الجوانب الاعرض والاهم في حياة الأنبياء والمرسلين – مستحيلا وعصيا على المحاكاة البشرية والتمثيل الانساني، فإن تمثيل أدوار الرسل والأنبياء مستحيل ومن ثم ممنوع″-;-.
الغريب في أمر الدكتور عمارة بأنه بدأ يتحدث لغة الصوفية ، التي يتهمها الإكليروس السلفي بتهم كبيرة وصغيرة . هل يؤمن عمارة بنظرية الحلول مثلا ؟ أو بنظرية وحدة الوجود ؟؟ هذا ما يُستشفُ من كلامه السابق . سيؤمن بكل شيء ، إلا تصوير الأنبياء وتمثيل أدوارهم .........
لكن يبقى السؤال الأهم :هل تمثيل الأنبياء ،تشخيصهم وإداء أدوارهم مستحيل ؟ بالقطع لا ، فبقراءة أوصافهم من كتب التراث يستطيع من شاء أن يتخيل مظهرهم ، ومن كتب السيرة يستطيع من يُريد أن يتعرف على نمط حياتهم. القضية ليست في إستحالة التصوير أو التمثيل ، بل هي في رفض الإكليروس التنازل عن "مُسلّمات " هو واضعها لغايات في نفوس إعضاء هذا الإكليروس .
وفي النهاية ، هل يعني المنعُ التحريم َ...؟؟!!كما أن الإستحالة لا تؤدي بالضرورة إلى المنع ..

#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل