أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميثم الجنابي - الحداد الرسمي لفاجعة الكاظمية = مأتم ابدي + ثلاثة أيام














المزيد.....

الحداد الرسمي لفاجعة الكاظمية = مأتم ابدي + ثلاثة أيام


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1307 - 2005 / 9 / 4 - 14:23
المحور: حقوق الانسان
    


لقد أبدعت الحضارة الإسلامية "ثقافة البكاء" ورفعتها إلى مصاف الفضيلة لا لفرط رغبتها بالبكاء ورؤية الدمع في العيون، بقدر ما أنها أرادت أن تعمق الأبعاد الوجدانية في الإنسان من خلال إبراز قيمة التأمل العميق بمعنى الوجود. وهو الحال الذي يتمثله كل فعل وجداني عميق. كما انه الحال الذي يتغلغل في الوجد الإنساني حالما يرى بقلبه لا بعينيه فجيعة مؤلمة ومأساة كبرى وانتهاك لقيمة الحياة ومعنى الموت. باختصار لكل ما يلامس الأفئدة من حيث هي أوعية إنسانية لا أوعية "سياسية".
وحالما نتأمل الموقف "الرسمي" من فاجعة الكاظمية، فان المرء يجد صعوبة في كظم الغيظ مما جرى ويجري وسوف يجري. فالثقافة العربية الإسلامية نفسها قد أبدعت اسم الكاظم من تمثلها لمعنى الصمود في مواجهة الصعوبات، انطلاقا من أن كظم الغيظ هو مظهر الحلم وتجليه الفعلي. وليس مصادفة أن يرفض النبي محمد البكاء وتمزيق الملابس ونثر التراب على الرؤؤس لموت أيا كان. بل انه طلب مرة بحث التراب في أفواه النساء اللواتي بدأن بالصراخ وشق الدروع (الملابس) لموت حمزة. لكنه لم يظهر بمظهر الجعفري في أزياءه الفاخرة وربطة عنقه الأنيقة وابتسامته المزيفة في "تفقد" الجرحى!! وهو "الإسلامي" الذي لا يفارق لسانه التشدق المفرط بالعبارات الإسلامية الفارغة.
إن المقصود بالجعفري هنا ليس "رئيس الوزراء" بل المظهر الخارجي المعبر عن حقيقة النخبة السياسية العراقية المتربعة على مقاليد الحكم، أي الصورة التي تعبير بصورة نموذجية عن زيف النخبة السياسية التي تجد في اغتيال العقل والضمير والناس فعلا واحدا هو ضمان الاستمرار في "زمن الفجيعة" وتوظيفها بالشكل الذي يجعل من تاريخ "الشيعة" سلسلة لا تنتهي من الموت البطيء. كما لو أنها تريد القول، بان حياتنا هي مأتم كبير زائد مآتم صغرى!! وهي "إرادة" لا علاقة لها بالإرادة! إنها من فعل تريد، أي ترغب في فعل كل ما شانه تطويل زمن الخديعة والفجيعة. فهو الأسلوب الذي يبرر ويستجيب في نفس الوقت لذهنية المؤقتين الجدد، أي النخبة السياسية المتسلطة بقوة الانحطاط الشامل والاحتلال الكامل للعراق.
وبهذا المعنى لم تكن ثلاثة أيام إضافية للحداد، وليس بإمكانها أن تكون نتاجا لتلقائية الوجدان الإنساني العميق، بقدر ما هي جزء من "تكنولوجيا" الزيف السياسي والرياء الطائفي لتمديد حالة "المؤقت" في كل شيء. وهي أيام ثلاثة مهمتها الهمس في وجدان العوام، بان حياة العراقيين الأخرى هي سعادة وأفراح. أما غايتها الفعلية فهي توظيف الحزن الجماعي بالشكل الذي يجعل منه طاقة الابتزاز السياسي. والقضية هنا ليست فقط في أن الموت الجماعي للمواطنين الأبرياء على "جسر الأئمة" لم يكن حالة خاصة أو طارئة في ظروف الاحتلال وسيادة النخبة الطائفية والعرقية، بل وفي "توقيته" السياسي والدعائي لإظهار القوة ضد الخصوم المفترضين.
بعبارة أخرى، إننا نعثر في هذه الممارسة "السياسية" على نموذج "التكنولوجيا القذرة" في تحويل موسى الكاظم، أي النموذج الرفيع لكظم الغيظ، إلى أداة لتفجير الغيظ الطائفي، في وقت اشد ما يحتاج العراقيون فيه إلى الوحدة المعقولة بمصالح العراق الجوهرية ومواجهة الدستور الملغوم بمواد "سامة". بينما لا تجد النخبة المؤقتة في ظروف العراق الحالية أفضل من السموم لكي تعالج جسد العراق المريض! أنها القوة التي تتقن معنى "السم دواء" و"داوني بالتي هي الداء" غير أنها شأن كل قوة مؤقتة عادة ما تجعل من الأفكار السليمة والعبارات الجميلة أسلوبا لتمرير الرذيلة. وذلك لأنها تستعمل السم كما هو وليس بعد تحويله إلى دواء. وهو أسلوب يعبر من حيث مقدماته الفعلية في ظروف العراق الحالية عن خواء النخبة السياسية والانحطاط الاجتماعي العام، أما في محصلته فانه سوف يضع الجميع أمام هاوية السقوط الكبرى. وهي نتيجة تتحمل النخبة مسؤوليتها التاريخية بشكل عام والنخبة السياسية بشكل خاص، لأنها هي التي تقف على الدوام وراء صعود الأمم وسقوطها، وارتقاءها وانحطاطها.
بهذا المعنى يمكن النظر إلى "أيام الحداد الثلاثة" على أنها مجرد ثلاثة أيام إضافية في زمن السلطة السيئة للنخبة السياسية الخاوية. وثلاثة أيام في "نجومهم" اللامعة على خلفية آلام الناس الأبرياء واليتامى والجرحى. أما في الواقع فان لمعان "نجومهم" ليس أكثر من بقايا ضياء عابر لنجوم اندثرت من زمن طويل.
أنها ثلاثة أيام إضافة من الحزن المزيف والرغبة الفعلية في "مأتم" دائم لأنه يعمي عيون الجمهور من رؤية ما يجري، ويلهي عقولهم من تأمل المستقبل، ويشغل ضمائرهم بموتاهم لا بحياتهم. ذلك يعني أنها أنها ثلاثة أيام إضافة من حياة نخبة مزيفة تضاف إلى زيفها الدائم!
كل ذلك يجعل من الأيام الثلاثة "للحداد الرسمي" مجرد ثلاثة أيام إضافية على المأتم الأبدي للعراق. وهي مفارقة مذهلة للعقل والضمير العراقيين. إلا أنها حلقة فيما يبدو ضرورية من اجل نمو الوعي السياسي والاجتماعي العراقي الوطني من اجل كنس كل هؤلاء المؤقتين الجدد من حلبة الحياة السياسية في العراق. فالعراق بحاجة إلى حياة عادية تنتهي بموت عادي وليس بحاجة إلى حياة أبدية في مآتمها!



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر الأئمة أم طريق المذبحة المقبلة للانحطاط السياسي العراقي
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية-6 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 5 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 4 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 3 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 2 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 1 من 6
- حق تقرير المصير- في العراق – الإشكالية والمغامرة
- هوية الدستور الحزبي ودستور الهوية العراقية؟
- أشكالية الانفصال أو الاندماج الكردي في العراق-2 من 2
- إشكالية الانفصال أو الاندماج الكردي في العراق+1 من 2
- الخطاب القومي الكردي في العراق - التصنيع العرقي 2 من 2
- الخطاب القومي الكردي في العراق - الهمّ الكردي والهمّ العراقي ...
- مرجعية السواد أم مرجعية السيستاني? 9 من 9
- الأهمية الفكرية للمرجعية-8 من 9
- الاهمية السياسية للمرجعية 7 من 9
- الأهمية الروحية للمرجعية 6 من 9
- المرجعية الشيعية ومرجعية التقليد - الواقع والآفاق 5 من 9
- المرجعية الشيعية - الفكرة والتاريخ الفعلي 4 من 9
- فلسفة المرجعيات في التراث العربي الإسلامي3 من 9


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميثم الجنابي - الحداد الرسمي لفاجعة الكاظمية = مأتم ابدي + ثلاثة أيام