أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - أشكالية الانفصال أو الاندماج الكردي في العراق-2 من 2















المزيد.....

أشكالية الانفصال أو الاندماج الكردي في العراق-2 من 2


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1291 - 2005 / 8 / 19 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد اشرت في مقالي السابق، الى ان هناك حالة تتكرر من جانب القوى القومية الكردية في العراق مع كل انعطاف حاد وانقلاب مفاجئ في تاريخ الدولة والمجتمع. ووجدت في ذلك امرا هو اقرب إلى "مرض" منه إلى حالة طارئة. بمعنى ان هناك خلالا جديا في بنية الدولة والمجتمع والعلاقات القومية. اما الحصيلة العامة فهي تراكم وتداخل مجموعة من النوايا والممارسات التي يجري الإفصاح عنها علنا في الظروف الحالية للعراق من جانب قيادات الحركات القومية الكردية. كما أنها نوايا وممارسات واسعة الانتشار ومتغلغلة حتى مخ العظام في الخطاب والتثقيف السياسي والإيديولوجي القومي الكردي. بمعنى الإجماع على أن البقاء في العراق هو حالة تكتيكية، وانه مرهون "بظروف معينة"، وان للأكراد حق الانفصال وإقامة الدولة المستقلة. وهو واقع يشير إلى أن الأكراد ليسوا عراقيين. وهو أمر لا يعيبهم في شيء. فهو دون شك أيضا حق من حقوقهم!
غير أن لهذا "الحق" أبعادا عديدة منها ما يخص العراق بصورة جوهرية. والمقصود بذلك هو الجانب المتعلق بالقضية الكردية بوصفها قضية عراقية. فالأكراد هم الشعب الوحيد من بين شعوب المنطقة الذي لم يفلح بإرساء أسس دولته القومية. كما انه يعاني من إشكاليات جمة فيما يتعلق بوعيه الذاتي والتاريخي والدولتي. فهو الشعب الذي لا يمتلك تاريخا قوميا بالمعنى الدقيق للكلمة. من هنا ضعفه التاريخي وبقاءه محكوما بالنفسية العرقية التي تكمن فيها أيضا مأساة الأكراد القومية والتاريخية. وهي مأساة لا يمكن الخروج منها إلا برميها أمام عتبة الدخول للعراق. بمعنى أن الطريق الواقعي لتكامل الأكراد في قومية قادرة على الارتقاء إلى مصاف القومية الثقافية يفترض المساهمة الجوهرية في إرساء أسس الوطنية العراقية والاندماج الكامل بها. فهي ليست وطنية قومية ولا عرقية. إضافة إلى فوائدها العملية الجمة بالنسبة للأكراد الذين تعرضوا فعلا إلى غبن تاريخي هم أول من يتحمل مسئوليته الفعلية. فالأقوام والأمم عادة ما تدفع ثمن اقترافها للخطأ والخطيئة وفقدان الحكمة السياسية. وهو حكم يمكنني أن أطلقه بصورة تامة علينا نحن العرب. غير أن المأساة الفعلية بهذا الصدد تقوم في البقاء والعيش والعمل بمعايير الخطأ والخطيئة وتكرارها الدائم!!
وفيما يخص الأكراد فإنهم لحالهم من يتحمل ثقل المهمة التاريخية الواقعة على عاتقهم في الظروف الحالية. وهي مهمة لا يمكن حلها استنادا إلى رؤية تكتيكية. وهي "حكمة" فيما يبدو لم تتعلم الحركات القومية الكردية منها غير "توظيفها" السيئ. وهو تقرير يمكن ملاحظته في حال تأمل ودراسة ردود الفعل والسلوك السياسي للحركات القومية الكردية بعد سقوط التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية تجاه فكرة الدولة والفيدرالية والسلطة والانتخابات والتحالفات والنشاط السياسي ومستوى التفاعل مع "القضايا العراقية". إذ نعثر في كل هذه الجوانب على رؤية كردية فقط، بمعنى ضعف أو اضمحلال الرؤية العراقية العامة. وهو أمر لا معنى لإدانة الحركات القومية الكردية عليه، بقدر ما انه يشير إلى الحقيقة القائلة، بان الأكراد ليسوا عراقيين بالمعنى الدقيق للكلمة وان مستوى الابتعاد والاغتراب عن العراق، وبالأخص في مجرى العقدين الأخيرين جعل منهم "قومية مفطومة" عنه. من هنا لم تتعد اغلب محاولات القيادات السياسية للحركات القومية الكردية نفسية الغنيمة والأوهام "الكبرى" للحركة القومية. بحيث تحول العراق بالنسبة لها ميدان لتجريب "المطالب" و"الحقوق" و"الخطوط الحمراء" المتعلقة بالجغرافيا والمال والميليشيات والسيادة!!! بمعنى ممارسة مختلف أصناف السياسة غير العقلانية والانعزالية.
بعبارة أخرى إننا نقف أمام "مشروع كردي" في العراق لا علاقة له ببناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي الاجتماعي. بمعنى أن همومه الجوهرية هي "القضية الكردية". وهو أمر يشير إلى أن الحركة القومية الكردية لم تدرك الأبعاد الاجتماعية في فكرة الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي السياسي والمجتمع المدني. وهي نتيجة مرتبطة أساسا بطبيعة التوجه القومي الكردي الذي تطغي عليه الأبعاد العرقية. وهو بعد يتضح في ظروف العراق الحالية من خلال الحقيقة القائلة، بأن الحركة القومية الكردية تعمل من حيث الجوهر ليس من اجل دمج الأكراد بالعراق، أي ليس من اجل جعلهم عراقيين بالانتماء والاشتراك، بل من اجل فصلهم القومي العرقي من خلال التوكيد والتشديد على "العراق" و"كردستان". وهي نفسية وذهنية وإيديولوجية تشحذ الأبعاد الدفينة القائلة بان الأكراد ليسوا عراقيين لا بالأصل ولا بالفرع ولا بالانتماء الوجداني والعمل الاجتماعي. إن بؤرة التوجه الفعلي والباطني و"الملهم" للحركات القومية الكردية هو "كردستان". ومن ثم لا يعني استمرار هذا السلوك بالنسبة للعراق سوى إعادة إنتاج مختلف أشكال اللاعقلانية النظرية والعملية. وذلك لان السلوك الفعلي للحركات القومية الكردية في ظروف العراق الحالية لا يفرز في الواقع سوى نفسية العرق وذهنية الانفصال وأيديولوجية الانعزال. وهي عناصر لا يمكنها العمل على إرساء أسس الهوية الوطنية الثقافية للعراق. وهو واقع يفرز بالضرورة إشكالية المفترق الحاد القائم أمام الحركات القومية الكردية لسلوكه، وهو أما الاندماج الوطني (الثقافي) الشامل على أساس مقومات الدولة الشرعية والمواطنة أو الانفصال العرقي. أما المراوحة والدجل والمخاتلة فهو تعطيل في تاريخ الدولة الشرعية والتقدم الاجتماعي.
فإذا كان الجانب الخاص بالحركة القومية الكردية هو جزء من ذاتها القومية، ومن ثم تتحمل تبعات ما تقوم به، فان بقاءها في العراق يجعل منها طرفا في صراعاته الداخلية. ومن ثم نقل ما أسميته بنفسية العرق وذهنية الانفصال وأيديولوجية الانعزال إلى ساحة الصراع السياسي العراقي. في حين أن الحاجة الكبرى للعراق في ظروف انتقاله إلى الديمقراطية تقوم في تكامله السياسي الوطني المبني على أسس الرؤية الاجتماعية والحقوقية. بمعنى تخليصه النهائي من ثقل الأيديولوجية القومية العرقية أيا كان شكلها وشخوصها. بمعنى أن العراق بحاجة إلى نقل صراعه الدموي الحالي إلى صراع اجتماعي سياسي. فهو الصراع الوحيد القادر على صنع الحرية والنظام. فالعراق ليس بحاجة إلى صراع عرقي. وهو الأمر الذي يطرح بإلحاح أمام الحركة القومية الكردية مهمة الاختيار التاريخي النهائي فيما يتعلق بالعراق: أما الاندماج الوطني (الثقافي) على أساس المواطنة والديمقراطية والحقوق المدنية، وإما الانفصال العرقي.
وهو اختيار يشكل مضمون الحرية الفعلية للعراق، بمعنى تخليصه من إحدى المشاكل المزمنة في تاريخه السياسي الحديث. فالخيارات الكبرى محدودة بحدود المفترق العام. والسؤال الرمزي عما إذا كان بإمكان الأكراد الاندماج الطبيعي والطوعي والفعلي في الهوية العراقية أم لا هو جزء من هوية الاختيار السياسي الاستراتيجي والقومي للأكراد. وهو اختيار يمكنه التحقق بهيئة اندماج طبيعي وطني ثقافي بالعراق في حالة ارتقاء الحركات القومية الكردية إلى مصاف الرؤية الاجتماعية والثقافية. وهو ارتقاء صعب للغاية بالنسبة للحركة القومية الكردية المعاصرة، لكنه ممكن. وصعوبته تقوم أولا وقبل كل شيء في عدم حسم الخيار التاريخي للحركات القومية الكردية موقفها العام من مشكلة الانتماء والاندماج. من هنا تعلقها المتأرجح بين "كردستانات" جزئية لكنها واقعية و"كردستان كبرى" لكنها وهمية، بمعنى عدم تحررها بعد من "خريطة كردستان الكبرى" التي لا يمكن جمعها إلا في خيال الرغبة القومية وأحلامها. أما بالنسبة للعراق، فانه بحاجة إلى خطة عملية واضحة وليس إلى أحلام أي كان مصدرها وشكلها ومستوى "تأسيسها". بعبارة أخرى، إن الحراك السياسي العراقي يدفع في هذا المجال "القضية الكردية" إلى الأمام بوصفها قضيه خياره الاستراتيجي في بناء الدولة الوطنية والنظام السياسي البديل. ومن ثم تتراكم أهمية حسمه النهائي لهذه القضية من خلال وقوفه أمام مفترق حاد أيضا، وهو المطالبة بالاندماج الوطني الثقافي للأكراد فيه أو "فطمهم" عنه. بمعنى تراكم الهواجس والمشاعر والرؤى السياسية عما يمكن دعوته بتحرير العراق من ثقل "المشكلة الكردية". وارتقاء هذه المشاعر إلى رؤية سياسية ترى في هذا النوع من التحرر مهمة وطنية كبرى.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الانفصال أو الاندماج الكردي في العراق+1 من 2
- الخطاب القومي الكردي في العراق - التصنيع العرقي 2 من 2
- الخطاب القومي الكردي في العراق - الهمّ الكردي والهمّ العراقي ...
- مرجعية السواد أم مرجعية السيستاني? 9 من 9
- الأهمية الفكرية للمرجعية-8 من 9
- الاهمية السياسية للمرجعية 7 من 9
- الأهمية الروحية للمرجعية 6 من 9
- المرجعية الشيعية ومرجعية التقليد - الواقع والآفاق 5 من 9
- المرجعية الشيعية - الفكرة والتاريخ الفعلي 4 من 9
- فلسفة المرجعيات في التراث العربي الإسلامي3 من 9
- مرجعية الروح المتسامي ومرجعية النفس السيئة 2 من 9
- فلسفة المرجعية والمرجع في العراق1 من 9
- الديمقراطية في العراق - خطوة إلى الأمام
- الفدرالية القومية في العراق - خطوة إلى الوراء
- النخبة السياسية في العراق – الهوية المفقودة
- هل العراق بحاجة إلى مساعدات؟
- جنون الإرهاب الوهابي - خاتم الإرهاب التوتاليتاري 4 من 4
- جنون الإرهاب المقدس – الحنبلية الجديدة 3 من 4
- جنون الإرهاب الأصولي – تحطيم العدل والاعتدال 2 من 4
- جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - أشكالية الانفصال أو الاندماج الكردي في العراق-2 من 2