عادات ريفية - 1

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 4654 - 2014 / 12 / 6 - 04:18
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

عادات ريفية - صيدناوية – 1
لكل شعب من شعوب الأرض عاداتُه وتقاليدُه التي تنمو وتولد من البيئة ونمط المعيشة , في الطعام والغذاء والتربية والحِرَف والمهن والعلاقات بين بعضهم البعض ,, وقد تتأصل هذه العادات أحياناً لتصبح قانوناً وأعرافاً يصعب التخلي عنها بسهولة - رغم سلبيتها – وحسب قربها أو بعدها عن المدن والمراكز الحضارية المنفتحة على التواصل والإختلاط بالشعوب والحضارات الأخرى ..
العادات والتقاليد الشعبية قاموس كبير ومدرسة بدائية أولية قبل انتشار المدارس والعلم والجامعات وهي لا تعد ... فمن عادات ريفنا الشعبية الكثيرة والمتنوعة ,
عادة تقييد أطراف الطفل بالأقمطة .. منذ اليوم الأول للولادة حتى الشهر السادس تقريباً , كانت مُتبّعة في بلدتنا صيدنايا لدى الأمهات , حفاظاً على النظافة أولاً , وحتى لا يجرح أو " يهبش " الطفل وجهه بحركاته غير الواعية واللاإرادية , وجعل الطفل مستقيم دون التواءات في الظهر ويساعد في الطول لإعتقادهم بأنه الأسلم والأفضل صحياُ وتربوياً لجسم الوليد ,, وربما لأسباب أخرى ... !؟
كانت هذه العادة التربوية الصحية , " القمعية " - لا أدري , منتشرة لدى الأمهات قديماً , ولا إمرأة من نساء البلد تشذّ عنها ,,




أتذكرأن كل أبناء الجيران والأقارب وإخوتي أيضاً , مُورس عليهم هذه الطريقة من " التكتيف " , وكنت ألمُساعدة والشاهدة على والدتي في ذلك , حتى أتبعتها أنا ايضاً مع أبنائي وبناتي حتى الشهر الثالث تدريجياً فالرابع من ولادة الطفل .
فقد كانت الأم الحامل تهئ اللفة المُربعة من القماش الأبيض والمطرزة على الجوانب المسمّى " المَدهَنة " , لكي تلفّ الطفل فيها بوضع يديه ورجليه داخلها دون حركة , ثم ربطها بالرباط الأبيض بعد أن تحمّمه وتنظفه وتدهن جسمه بزيت الزيتون البلدي مع بعض التمارين الرياضية الخفيفة , ثم تطعمه من ثدييها لينام بهدوء , إما في سرير الخشب الخاص له أو بسرير المرجوحة مع مرافقة أنغام الحدو والغناء .
-------


نظريات الأطباء الجديدة والعلم والبحوث , أثبتت ضررهذه العادة والتقليد الضرورة - نتيجة البيئة والمواد المتوفرة في ذلك الزمن القديم – ونتائجها النفسية والجسدية في حرية الحركة للطفل وسرعة النمو لست أدري ؟
هل هذا الأسلوب الأولي البدائي " الموميائي " كان يدخل ضمن تربية القيود الثقافية والإجتماعية لأطفالنا وأجيالنا القديمة ؟
اليوم حقا , اختلفت كل هذه التقاليد الموروثة , فمنذ اليوم الأول لولادة الطفل فهو حر لا يعرف الأقمطة ولا اللفّ والضغوط والأسر .. ولا من يحزنون !
فمع تطور الحياة الإجتماعية والعلمية والثقافية , وتطوّر أسرّة النوم الصغيرة للأطفال , وفوط النظافة ( البامبرز وتوفر الماء للمنازل بسهولة وكثرة ومواد التنظيف ) وغيرها من الأسباب ونمو الوعي الفكري والثقافي والصحي , تخلت الأجيال الجديدة من الأمهات عن التقميط والقماط وحجز حرية الطفل في مرحلته الأولى ..........
حبذا لو يستمر الوعي والتطورنحو الأفضل والأنظف والأرقى , ونحن نمر في عصر جديد منفتح على العالم الواسع ليشمل كل مراحل حياة الإنسان , في تكوين وتنشئة أطفالنا على حب الحرية ورفض القيود الفكرية السلبية والظلم وعبادة الأصنام السياسية الإستبدادية , وإعطاء الأطفال المساحة والمجال الأرحب للتعبير عن ذواتهم بشكل صحيح , وتطوير تقاليدنا الشعبية الإيجابية وانتقاد السئ المتخلف والفاسد الخاطئ منها .. حتى نبني وطناً حراً سيداً , ومواطن حقيقي سوي مبدع وصالح ..!
مريم نجمه / هولندة

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل