|
تمسكن كثيرا و لم يتمكن اخيرا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 12:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من البديهي ان كل من يتقدم خطوة و يجد نفسه في موقع مغاير يجب عليه ان يسلك ما يلائم الوضع الجديد له، اي ما يُفرض عليه دون ارادته، و عليه ان يتبضع وفق ما تموضع و به يتغير و يتلائم مع ما استجد . هذا ما ينطبق في اكثر الاحيان على الواقع السياسي و من يعتلي السلطة و ما تفرضه عليه و تستوجب التعامل مع الجميع المختلف مع البعض بخط و منهج عام و لا بخلفية خاصة بالشخص . لو اعدنا النظرفي السلطات و الاحزاب التي استلمت السلطة و القيادات التي بدات مشوارها مع تسلم السلطة التنفيذية دون خبرة من قبل او دون تواجدها في معارضة مسالمة مؤمنة بالتغيير المدني، نجد كثير منهم يسايرون حالهم بتمسكن و احترام الذات و الدقة والجهد و الاهتمام بالامور العامة بداية و من ثم يسترخون سواء في تنفيذ المباديء الاساسية التي ادعوها او في الخطوات السياسية التي يتبعونها الى ان يستقون و ينفذون ما يؤمنون شخصيا دون اي اعتبار للمصلحة العامة . عايشنا النظام البعثي الدكتاتوري في سنواته الاولى في السلطة، و كيف بدا بالتحالفات مع الجهات المختلفة الى ان تمكن منهم في اول فرصة انتهزها للقضاء عليهم من جهة، و ما ابداه من ملاطفة الشعب و انهمك في خدمته الى ان ادخله الحرب و كبده ضحايا لا تعد و لا تحصى من جهة اخرى، فتمكن و ظلم و و اقتدر و لم يحتكم الى القانون، و اصبح كل ما يمت بالعراق فردا لا غير، و اخيرا لقى مصيره المحتوم المنتظر من هكذا نظام . بعد السقوط، حدثت فوضى الى ان خففت الحال قليلا و اعتلى السلطة الحزب الذي كان معروفا و له صولاته و جولاته مقارنة مع الاخرين ايام البعث لا ينكرها احد، و لكن بعد مرور مدة قليلة طفحت الى السطح ما كان مختبئا في كينونته، فبرز دور الشخص و التفرد، و تغيرت حال هذا الحزب بعدما حصلت التغييرات الجذرية في داخله و حدث له ما يحدث في الاحزاب الاخرى و حتى العلمانية في منطقتنا من صراعات و منافسات و صعود لمع الشخص القائد بدلا من الفكر وا لفلسفة و المنهج، و حدث ما يمكن ان نعتبره انقلابا و اُبعد الامين العام و حل محله الصقر الذي طمح بكل شيء و خسر اخيرا كل شيء، و خسر حزبه معه و تلقى ضربة لا يمكن ان يعوضه ابدا، اضافة الى التكتلات والخلافات التي اوقعت حزب القائد في محل لا يمكن ان يعتبر كبوة و ينهض منها في القريب العاجل بل نكسة كبرى و سقوط . ما نراه ان امين العام الحزب السيد المالكي بعد تفرغه تقريبا من السلطة التنفيذية توجه الى ممارسة الطقوس الدينية و الحزبية و طرح ما يعمل عليه هنا و هناك، و يريد الاستنهاض ان تمكن منهم، فيراهن على ماهية و فلسفة و نظرية حزب الدعوة الثابتة اليوم بعدما لم يتبعها مثقال ذرة عندما كان في قمة هرم السلطة و لم يختلف عن اي قائد علماني بمثقال ذرة، و تناسى ان الحزب السياسي يجب ان يتغير دوما مع المستجدات المرحلية التي تحصل دون التاثير على الثوابت الدينية حسب منهج حزبه، و لم يعتبر من التاريخ و كان منشغلا في التدبير للدورة الثالثة و دعا الحزب خلفه بعد ان وصل الى قمته و استلم رئاسة السلطة العراقية، و اليوم يعود اليه بعدما استبعد عنها رغما عنه . و الان يتكلم عن تطبيق الشريعة و ما يؤمن به حزب الدعوة بعدما تكلم عن الدولة المدنية و العراق الديموقراطي المدني ظاهريا اثناء توليه السلطة، و هذا ما يدل على مدى تمسكنه و هو على قمة السلطة لغاية اخرى و لحين تمكنه و تطبيقه لها . بينما الان يدعي كثير من السمات الطيبة التي اهملها و هو على قمة السلطة الحزبية و التنفيذية، فعهده شهد اكبر عمليات الفساد التي لم يشهد العراق لها المثيل من قبل، و الاحتكاكات و الاحترابات و الخلافات و تحايل وصل الى اعلى درجاته، و اليوم يريد التزهد و يؤكد على ترويض النفس و التاكيد على الاخلاق، و هذا يمكن ان نعتبره انه يمثل من يرتكب خطايا و جرائم كثيرة في حياته و يريد في اخر ايام حياته ان يتوب لينعم بالجنة. و اعتقد ان المالكي يريد بما يفعله الان و يدعيه لحزبه لغرض الصراع و استلام السلطة ثانية ان تمكن و ليس لوجه الله. و لكن عجلة التاريخ ستسير و لا يمكن ان تتوقف او يعيد التاريخ نفسه مرة اخرى مهما تفنن المغرضون . ان السيد المالكي لو تمسك بالمباديء التي يدعيها اليوم لم تصل حاله لهذا اليوم، و ربما كان اليوم في احسن احواله و ان لم يبق على هرم السلطة . و لكن اعتقد ان الاحسن له ان يتزهد كما يؤمن و يعتني بالفكر والفلسفة الدينية التي يحمله نظريا خير من دخوله مرة اخرى في الصراع الحزبي و المنافسة، فلا يمكنه الاستخفاف بعقول حتى المغفلين . و ان تمسكن في بداية تسلمه السلطة و تمكن قليلا الا انه لا يمكن ان يتمكن الان في تحقيق مرامه ثانية، فخير له ان يهتم بركضة الطويريج السنوية و ما تضمنه له ولحزبه .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الايات القرانية حمالة الاوجه ؟
-
من يحكم العراق هو المومن و الفريضة العارفة
-
ربما التاريخ يعيد نفسه
-
ثراء شيوخ العشائر العراقية على حساب رجالهم
-
اين نحن في وضعنا الكوردستاني و الى اين نسير ؟
-
اهمية المهرجانات في تفاعل المثقفين
-
العراق لا يحتمل ما طبق في ايران
-
القانون ليس لحماية المراة فقط
-
الكورد لن يطلبوا حرق كتب سعدي يوسف ابدا
-
عراقيل امام علاقات تركيا و العراق
-
الشراكة العادلة ام دولة كوردستان برسم المجهول
-
لماذا تدان كوردستان وحدها على ابسط خطا ؟
-
كيف نحارب الدجل و الخرافة ؟
-
سيرأس اوجلان دولة كوردستان
-
شطحات اردوغان مستمرة
-
قادة الكورد لا يقراون
-
المشكلة في الدين ام في الواعظين ؟
-
يُظلم الاصيل و يحكم الدخيل
-
اساس المشكلة الاسلام السياسي ام الديموقراطية ؟
-
ما الغموض في التعامل مع كوباني
المزيد.....
-
بايدن: لا سلاح لإسرائيل في حال دخول رفح
-
شاهد: سفير روسيا في ألمانيا يشارك في تكريم أرواح ضحايا الحرب
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على أنفاق شرق رفح ويشير إلى معا
...
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مبان تضم جنودا إسرائيليين..
...
-
هل إدارة بايدن جادة بتعليق تسليم الذخائر الثقيلة لإسرائيل؟
-
المقاومة العراقية تعلن استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية شمال ط
...
-
سمير جعجع: من أخذ قرار الحرب في جنوب لبنان عليه أن يعيد ترمي
...
-
مصر.. تأييد حبس مدير الحملة الانتخابية لأحمد الطنطاوي سنة مع
...
-
وفد حماس يغادر القاهرة دون نتائج
-
الخارجية الأمريكية تعلن عن شحنات أسلحة جديدة إلى كييف
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|