|
المشكلة في الدين ام في الواعظين ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4635 - 2014 / 11 / 16 - 11:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كم من وقت قضيناها في الجدل الدائر حول ايهما المشكلة الدين ذاته ام حامليه و مداوليه و مروجيه و الواعظين بما يحمل من الاوجه عند بعضهم فكرا و عقلا و توجها، و الدين واحد ليس له امكانية التفسير ليقبل التعددية و لا يمكن ترويجه و نشره باشكال او طرق او توجهات مختلفة، الادعاء بان له معنا و مضمونا واحدا هو الصح و الباقي انحراف و بدعة و خروج عن النص . ليس الاسلام لوحده انما الاديان كافة و خاصة ما تُعتبر سماوية منها متنوعة اليهودية بعهده القديم و النسخ و ما حصلت فيه التغيير و المسيحية التي يمكن ان نقسمها الى اجزائها الاربعة اي ما سميت باسم من ربما كتبه و حمله و سمي باسمه، و الاسلام بقرانه الذي تفرع منه المذاهب الذي يحمله اسم مدعيه و مروجيه من المجتهدين . كان الدين اصل المشكلة منذ بداياته، كونه يحمل بذرة الاقتداء بالذات و التعصب و انكار و نفي الاخر دون نقاش او التعمق في الاصح، و منذ اعتماده فكرا و فلسفة و ايديولوجيا و منهجا للسلطة بداية اصبح عملا للخراب و الحروب لا تحصى و لا تعد و راح ضحيته الملايين في تاريخه . لقد تغييرت الامور في المناطق الحاملة للدين المسيحي لحد كبير بحيث اعيد هذا الدين الى مكانه الصحيح و ابعد عن المكان الذي اقحم نفسه فيه و ليس له، وهو السلطة، و فصل الدين عن الدولة هو المطلوب، و لا نتكلم عنه هنا . اما الاسلام دينا و سياسة و ايديولوجيا، لازال يرى حامليه انه لا يمكن فصله عن السياسة و السلطة و هو اصلا نشا للحكم و اقرار العدالة كما يدعي معتنقوه المتشددين . لنفترض اننا نؤمن بان الاسلام هو الدين الذي يجب ان يكون المصدر الوحيد للشريعة و علينا الالتزام به، فهناك يبرز ايضا خلافات بين التوجهات و المذاهب لا يمكن حصرها و تضيقها باي شكل كان. و به يمتد الجدال و الخلافات الى مالانهاية، كما حصل في التاريخ و العصور السابقة التي حكمت باسم الدين منذ عهد محمد و الخلافة و الامويين و العباسيين الى الامبراطورية العثمانية، و من ثم بروز الاسلام السياسي و الاخوان كاساس للعودة الى السلف، ناهيك عن حكومة ولاية الفقيه و ما تجتهد فيه من اجل تثبيت نفسها سلطة اسلامية محقة و ليس غيرها . لوعدنا 500 سنة الى الوراء نرى ان المسيحيين اقتتلوا و قضوا على اكثر من ثلث من انفسهم خلافا فيما بينهم، و وصلت لحال( ان لم تصبح اخي ساذبحك ) سيطرت على الوضع في حينه و دامت الحروب على اساس هذا التوجه و حصلت مذابح بين التوجهات المسيحية المختلفة . و الحروب الداخلية بين المسلمين حدث ولا حرج . هذا من الناحية العملية، اما الفكر و التوجهات الدينية المستندة على النصوص هي المفقس الاساسي لخلافات تصل الى الاقتتال و نفي الاخر فكرا و كينونة . اليوم يعيد داعش ما حصل قبل اكثر من خمس مئة سنة من هيمنة و سلطة المسيحية، وقبل الف و اربعمئة سنة من صدر الاسلام و الغزوات التي تليه و راحت ضحيته الالاف دون ذنب يقترفوه في مناطقهم . و يحدث هذا كله باسم الله و الدين و الشرائع . و يجب ان لا ننسى ان المسيحية الانجيلية الان في الولايات المتحدة يحملون بذرة الانانية و حب الذات و نفي الاخر كما يعمله الاسلاميين الان، و لا فرق بينهم و بين المتشددين الاسلاميين ان سمحت لهم الظروف العامة من قبل السلطة و الراي العام ذلك، ان لقوا فرصة فتمددوا و اخضعوا العالم لاوامرهم و ارشاداتهم المتطرفة . اي ان الدين اي كان اسلاما ام مسحيا ام يهودا يحمل بشكل ربما ليس بنفس القدر بذرات التطرف، و هذا ما يؤدي في النهاية الى الاحتراب و نفي الاخر دائما . كل الاجرام الحاصل باسم الاديان يعود الى عوامله النابتة في المصادر و الاسس و التعليمات الخاصة بكل دين، و لم يأت هؤلاء باي سبب خارج ما يحملون من الافكار و المعتقدات ليتقاتلوا من اجله، و السبب الاول و الاخير الكامن في صلب الحجج التي يروجونها في شرعنة القتال هو المصلحة الخاصة و الاستيلاء على السلطة فقط سواء كان ضمنا او علنا . و لم يصل اي منهم التوجه و التنظير للتوغل في العمل من اجل رفاه الناس و سلامته و معيشته رغم الادعاءات التضليلية التي يعلنها هؤلاء في حملاتهم الترويجية السلطوية الدينية . اذا، لو قارننا ما يحصل بنصوص المصادر التي يعملون وفقها لحد نفي و قتل الاخر، و يتعض بها المحترفون الدينيون في الحياة و ما يخلقونه من الخيال لتضليل و خدع الاخر، ليس الا وسلة للسيطرة و استلام السلطة التي توفر لهم وسائل الحياة الباذخة في اكثرها، و لم يكن فيهم يوما من زاهد دينيا قحا وان ادعى ذلك بنفسه لابعاد اللوم عن نفسه نتيجة سلوكه، و كم من صوفي نرى في التاريخ خدم و ادعى امورا و افاد به العالم و زهد و لم يكن له صلة بالدين، و انما كان ما ينطق به هو بعض الادعائات باسم الدين خوفا من حياته و سلامته فقط . اذا المشلكة الاساسية في الدين و افرازاته، هي النص و الدين بذاته و من ثم بحامليه و مروجيه و مدعيه من الواعظين المصلحيين .
#عماد_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يُظلم الاصيل و يحكم الدخيل
-
اساس المشكلة الاسلام السياسي ام الديموقراطية ؟
-
ما الغموض في التعامل مع كوباني
-
مراكز البحوث و قطر
-
تعامل ايران مع اللاعبين المحليين في دول المنطقة
-
ستزول سايكس- بيكو
-
مابين الشعارات و الواقعية في العمل
-
المثقفون في كوردستان و الهروب من الواجب
-
شرف المهنة لدى الموظف العراقي
-
اقول لبارزاني، من اين لك هذا ؟
-
رحم الله من عرف قدر نفسه
-
الشباب بين الامس القريب و اليوم
-
الكورد يفتقد حتى الى القوة الناعمة للدفاع عن نفسه
-
المراة بين السلاح و الكتاب
-
سردشت عثمان حي مع بنات كوباني يحارب داعش
-
هل لدى الكورد اوراق يستعملها امام بغداد ?
-
في ضوء المستجدات ماذا يشهد مستقبل الكورد ؟
-
من هو اليساري العراقي الشوفيني ؟
-
همٌ المواطن الكوردستاني و افعال قادته
-
حكم امريكا الجمهوري و ايران مابعد الخامنئي
المزيد.....
-
قوات الاحتلال تعتقل 12 مواطنا من محافظة سلفيت
-
أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
-
أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
-
عالم دين سني يطالب الأمة بالإستشهاد بطريقة الامام الحسين (ع)
...
-
خبيرة دولية: الحوار بين الأديان أصبح أداة لتلميع صورة الأنظم
...
-
رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا: الجزيرة صوت ال
...
-
الاحتلال يبعد مفتي القدس عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
-
دمشق.. انطلاق مجالس سماع -موطأ الإمام مالك- بالجامع الأموي
-
مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية ش
...
-
الهباش يدين اقتحام رئيس مجلس النواب الأميركي المسجد الإبراهي
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|