أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - واقعنا العربي الإسلامي والداعشية














المزيد.....

واقعنا العربي الإسلامي والداعشية


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4621 - 2014 / 11 / 1 - 10:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أين جاءت داعش؟..كيف تكونت؟..هل هي نبت شيطاني ظهر فجأة في أوطاننا العربية هكذا؟..هل هي نتاج مؤامرة حيكت من قبل جهات خارجية لاترى إلا خدمة مصالحها؟..أم هي نتاج ما تشكل عليه واقعنا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا؟..أسئلة كثيرة تفرض نفسها ونحن نرى ما تمارسه هذه القوة ( نعم هي قوة) من أفعال شنيعة منافية لكل القيم الإنسانية ، لا تعبر إلا عن حقد فضيع يملأ نفوس مسؤوليها ومقاتليها ، وجهل مطبق بمعنى الحياة وما يجب ان تكون عليه مجتمعاتنا ، وما يجب أن تفعله للخروج من ربقة التخلف والانحطاط التي طال امدها..
في تصوري أن الداعشية ما هي إلا نحن..ما هي إلا نتاج ما نحن عليه..
فأنا حين أتأمل واقعنا العربي الإسلامي أجد ان كل ما هو عليه لا يمكن ان يجعل من الفرد فيه ذكرا كان او انثى إلا داعشيا.. الداعشية هي قيح تعفن هذا الواقع..
أنظمة مستبدة تعمل وبكل ما اوتيت من وسائل على تجهيل مجتمعاتها وإفراغ عقولها من كل معرفة عقلانية ، وجعل الفرد فيها لا يحس باية مسؤولية اجتماعية ، ولا وعي لديه بواقعه المحلي والعالمي سوى وعي حاجته البيولوجية..وجعله ايضا إنسانا يائسا وبالمطلق من إمكانية إحداث أي تغيير جماعي إيجابي يجعل مجتمعه يزدهر ويتقدم..بل على النقيض من ذلك، إيصاله إلى قناعة مؤداها ( اقفز تعيش.. غبي من لا يستغل الفرص) وهو ما يعني اندماجه العميق بعالم الفساد ، يعمل كل شيء ، شرعيا كان أو غير شرعي، من اجل أن يكون متقدما في الهرم الاجتماعي..
ولأن أغلبية أفراد المجتمع لا يمكنهم تحقيق ما يقفزون من أجله ، فإنهم يزدادون يأسا وحقدا على واقعهم..يضاف إلى ذلك أنهم محرومون بفعل ذلك الاستبداد السياسي المرفود بالاستبداد الاجتماعي الذكوري المتفاوت طبقيا بفضل نهب المال العام والرشوة وما إليها من سلوكات النهب والاغتناء غير الشرعي ، والمرفود أيضا بالاستبداد الديني الذي تمثله مختلف تنظيمات القوى الأصولية مستغلة جهل المجتمع وضياعه في اليأس والفوضى وفقدانه ثقافة الحماية مما يضره للتغلغل فيه أكثر ، ومستغله ايضا عواطفه الدينية وحرمانه من مختلف متع الحياة التي تغزوه بفعل الإشهار الشارعي او الإعلامي ، ومدخلة إياه من ثمة في التدين المفرط طمعا في ضمان الجنة والتعويض فيها عن تلك المتع التي هو متعلق بها كونها تغزو ذاته في كل حين ، دون ان تسمح له إمكانياته بتحقيقها..دون ان ننسى ما هو مسلط عليه من قمع جسدي ونفسي إلى جانب انواع القمع السابقة سياسيا ودينيا واقتصاديا..ودون ان ننسى ايضا ما وصلت إليه المنظومة التربوية في هذا العالم العربي من إفلاس ، جعلها فاقدة القدرة وبشكل مهول على تكوين الإنسان العاقل الواعي المسؤول..
تلك المنظومة المفلسة، وما قلناه عن مختلف انواع القمع تجعل الفرد العربي لا ينشأ ويكبر ليكون إنسانا يقبل التعايش مع الآخر ويحترمه ويتحاور معه بشكل سلمي عقلاني يراعي ما هو مشترك من مصالح بينهما ..على النقيض من ذلك تماما، لايجعل منه، وحتما ،إلا إنسانا انفعاليا عنيفا متعصبا ،إذا ما اتيحت له فرصة التعبير عن ذاته فإنه لا يعبر إلا بالشكل العنيف..ولا يقبل الآخر المختلف عنه، بل يناصبه العداء ويحاربه.. ولأن العاطفة الدينية ووهم الحل الإسلامي هما ما بسيطر على عقله ومشاعره فإنه يتصور انه الممثل الشرعي لذلك الدين وانه المطالب وجوبا بتطبيقه في الواقع العملي كفرد وجماعة ،وعلى أساس ذلك يبدأ حربه للمخالفين له..
ولأن الذين يعتقدون انهم يمثلون الإسلام الحقيقي ويعملون على تطبيقه ويحاربون المتقاعسين عن ذلك والمخالفين لهم تنظيمات متعددة ، فإن تلك الحروب تكون في الأساس بينهم كأفراد وتنظيمات..ولأن الأمر كذلك فإنه لا عجب ان يحدث ما حدث بعد قيام ما سمي بثورات الربيع العربي ، حيث سرعان ما اوصلت تلك الثورات المجتمعات التي قامت فيها إلى الحروب الأهلية كما هو الحال عليه في سوريا والعراق وليبيا حيث كان الاستبداد أشد ، ا واو صلتها على الأقل إلى بروز القوى الأصولية التي تحاول إشعال الحروب فيها ( المجتمعات) ،كما هو الحال في تونس ومصر ، حيث كان الاستبداد أقل نسبيا، والتعددية السياسية والمعرفية أكثر تواجدا مقارنة بدول الحروب الأهلية التي ذكرنا...
خلاصة القول: إن اوضاعنا السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية لا يمكن ان تكوِّن إلا الإنسان الداعشي..إننا كلنا، بشكل او بآخر داعشيون ، ما عدا قلتنا المحدودة جدا التي أمكنها الانفلات من فكر وسلوك الداعشيين نتيجة بناء نفسها على ما يمكن اعتباره أسسا عقلانية سليمة..



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يكون الدين في الواقع ؟
- عن الثقافي السائد..عن الثقافي البديل ..
- رغم المتاهة..هناك أمل في الحياة
- عميقا في البئر يغوص الحلاج
- يرمى النار على جثته
- في المهب هنا صخرة للصدى
- نار فينيقية
- من المسؤول عما حدث ويحدث في غزة؟
- ما فعلته الغريزة الجنسية وحوريات الجنة في قطعان الذكور العرب ...
- قصائد عربية
- ما وقع لي في مطعم العصر
- أعانق نارالسؤال ..أخيط المدى
- لعمي موسى ..لكرَمه
- هكذا حكم الجن اليهود البلاد
- لماذا يصر العرب على البقاء في الماضي؟.. لماذا يلازمون باب ال ...
- هكذا نحن..هكذا هم
- انتخابات 17 أفريل الرئاسية في الجزائر
- العرب بين رمل العقول ولفح السماء قراء ...
- كناباست..الشجرة التي رأت...تجربة نضال ميدانية
- الدروس الخصوصية..أسبابها ومخاطرها


المزيد.....




- أحلى قناة لطفلك.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات ...
- معارك -آخر الزمان-: كيف تؤثر العقائد الدينية في المواجهة بين ...
- سياسي يهودي من حزب مانديلا: بريطانيا مسؤولة عن فوضى الشرق ال ...
- ماما جابت بيبي.. استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لليوم السا ...
- سياسي يهودي من حزب مانديلا: شعب إيران لا يستحق الهجوم عليه م ...
- -في تهديد مباشر-.. ترامب: المرشد الأعلى الإيراني -هدف سهل- و ...
- ماما جابت بيبي.. استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- ترامب: المرشد الأعلى هدف سهل.. نعلم أين يتواجد
- باسم يوسف يثير جدلا بمنشور عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ف ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - واقعنا العربي الإسلامي والداعشية