أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - رغم المتاهة..هناك أمل في الحياة















المزيد.....

رغم المتاهة..هناك أمل في الحياة


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


قراءة في نص (ترجل في المتاهة) للشاعرة الجزائرية المميزة عفراء قمير طالبي

شعر السطحية/ لا البساطة يموت بأحادية دلالته/ فهمه..وحده شعر الأعماق ما يحيا بتعدد دلالاته/ فهومه ويتجدد باستمرارٍ أزمنةً وامكنةً وتعددَ قراء.. النصوص التي تحمل تعددها وتفرض التغلغل فيها لاستخراج لآلئها محدودة في هذا الزمن الذي تتكاثر فيه الطحالب الشعرية التي تتغذى على الكسل الفكري ولغة الخواء .. من تلك القلة ما تبدعه شاعرة الذكاء الحاد والصور المتفردة بخصوصيتها عفراء طالبي قمير..
بين يدي نصها الجديد المعنون بـ ( ترجل في المتهاة)..النص فروسي الأصل ( من الفروسية لا الفُرس)..عنوانه ينبئ بذلك..
يتشكل العنوان من ملفوظين بارزين ولفظ مضمر( فعل وفاعل مضمر وشبه جملة)..الفعل ماض ( ترجل)..كان راكبا ثم نزل من على صهوة فرسه ليسير بها راجلا..هل أحس بتعبها ففعل ذلك؟..هل هناك عامل خارجي ما دفعه إلى الترجل؟..من ذاك المترجل؟..
الترجل كان في المتاهة..المتاهة من التيه/ الضياع.. ..كان يغامر بطلا مغوارا..تلك الفروسية/المغامرة اختفت في الماضي..صار ضائعا..والمترجل كان العربي..فعل ترجل يحيل إليه..الفروسية صفة/ فعل عربي بامتياز كان..ينبئنا العنوان إذن بأن متنه سيحكي عن هذا العربي الذي كان يوما ما موجودا..ثم اختفى..ضاع في المتاهة ولم يعرف طريق الخروج منها حتى الآن.. في المتن تسرد الحكاية هكذا..
1- سار البطل في الخلاء..خلفه سارت فرسه..كانت الأرض حصباء جارحة..نظر إلى فرسه متألما..ذاك سر بطولته الذي كان ..سره الذي يحرص على الاحتفاظ به مذكرا نفسه به وآملا في استرجاعه.. وهنا تحرك القلب..خفق بشدة..الجنوب هو فيه..والشمال بعيد..الجنوب خراب.. أرض لا تلد الحياة.. قلبه مليئ بالحب إذن/ حب الحياة..الحياة في الجهة الأخرى/ شمالا..هناك حضارة العصر..هو في الجهة النقيض/ الجنوب، حيث التخلف وتيه اللامعنى..يحلم بالوصول إليها / الحياة لينجب منها طفله / المستقبل ..الفراش يحيل إلى ما يؤدي إلى الإنجاب/ إنجاب الطفل/ المستقبل..
واصل سيره البطيء..كان الصدى خلفه/ لا الصوت..لم يعد فاعلا..فعله كان صدى يغيبه المكان بعيدا بعيدا.. الفرس/ رمز بطولته وشجاعته/ الدليل عليهما حمحمت حنينا إليه / إلى امتطائه لها..ولم يكن الامتطاء ممكنا أبدا أبدا.. الفرس / البطولة ينزف دم حوافرها .. يلون الحصى ويجعلها تبدو جريحة هي الأخرى..هكذا تفيض الجراح فتصير الفرس جريحة والحصى جريحا..والبطل المترجل أيضا جريحا..هل صار الدم ذاك نهرا / طوفانا..واقع الحال عربيا يقول: نعم..الدم غزير في كل مكان من هذا العالم العربي.. 2- ولأن الدم صار نهرا/ حياتنا نحن العرب..كان لا بد أن يجدف البطل الذي كان ، والواهن الآن يأسا وتعبا ، ويحاول النجاة من غرقه..الأزمة كلها هي هذا التشرذم..هذه الأحادية الحصبائية/ الجفاف الروحي والجمود العقلي وغياب الإنسان..هذه الحمادة الاجتماعية التي لم تعد صالحة للعطاء..النهر ليس نهرا صافيا..النهر دم وجثث ونفايات لا حد لها..النهر اختناق..من هنا ينفث..ينفخ في الريح لعلها تحرك الماء..لعلها تسير به وتنجيه.. .يحيل الفعل ينفث أيضا إلى معنيين متكاملين نسبيا: الشعور بعمق الانكسار نتيجة شدة الهم ، والحقد الشديد على الحياة ..ومن في الحياة..هكذا تترسخ احاديته / تشرذمه..إذ بغير الإنسان فينا لا يمكننا بناء الحياة..الحياة في أساسها جمع تعدد وجود..والأحادية بأي معنى كانت تقتلها..ولأنه متعب جدا جدا باحاديته ، يتمنى لو أن له جناحين ليطير.. إنه متلهف، شديد الشوق ..لكنه لا يمتلك القوة، قوة قراءة الأرض ليعرف اتجاهاتها ويأخذ اتجاهه الصحيح..ويسير ولو بطيئا..الأرض حصباء ،متاهة لا اول لها ولا آخر..والنهر دوامات لا تتوقف عن دوارها أبدا أبدا..والبطل الضائع يضيع اكثر اكثر..
3- يدرك بطلنا المتعب الضائع أنه نازح..بإرادته او بغير إرادته حيث فرض عليه النزوح هو نازح ..ليس مهما.. النازح تعني الهارب من حال لم تعد تسمح بالحياة..بالأمان..بالأمل..حال يكتنفها الخوف اكثر ..بين صحراء الكف وحنائها تشابك كبير..الصحراء رمل/ شبه ملل متواصل ،شبه ممات..والحناء دلالة فرح/عرس/ حياة..بطلنا معلق بين البين..الصحراء هو فيها..والحناء يريدها لها ..بين الواقع والحلم يعيش..لكنه ضائع لا يعرف الطريق ولا كيف يصل إليها..شجت رؤاه..يحدث الشج عادة في الرأس..يفقد الممشوج القدرة على التفكير والتصور ..تصير رؤاه ، أفكاره وأحلامه غامضة..تائهة.. تختلط الأمور عليه فيزداد تيها وضياعا..يصير اكثر غربة عنه وفيه..عن العالم كله..العالم في واد وهو في واد آخر..العالم في واد الحياة..وهو في وادي موت الحياة..رغم الوشمة الزرقاء على زنده.. و.. في عالم عربي بني منطلقا على الترحال( وما زال إنسان حاضره بدوي العقل والسلوك) كان الوشم وسيلة يعرف بها من يضيعه ذاك الترحال..بطلنا أيضا راحل/ ضائع يحتاج إلى من يدله عليه..ا
الوشم أيضا يستعمل في عالمنا العربي - الموبوء بذكوريته وشرفه التي تمثله المرأة عادة - يكتب العاشق الحرف الأول من اسمه والحرف الأول من اسم من يحب على زنده ،دلالة على بقاء ذلك الحب إلى الأبد، خاصة إذا لم ينل المحب من يحب بحكم عادات وتقاليد ما..بطلنا أيضا عاشق..للحياة.. الآخرون يحرصون على حرمانه منها..الآخرون نحن وهم..نحن بأحاديتنا / تخلفنا ..الآخرون بمصالحهم في آنهم ومستقبلهم..مشرد هو إذن..منذ سنوات لا حد لها مشرد..وفي الأفق المرئي مشرد أيضا..إنه النهر/ توامه..لا فرق..النهر عربي..والبطل عربي..والمتاهة واحدة..لكنه يصر على أن يكون ماء..حتى ولو كان ماء آسنا..حتما ستمطر الحياة وتغسل ماءها..الأمل باق..لا يفنى..والحياة لا تعرف المستحيل..والشمس ستبزغ حتما لتريه الطريق..
– لعب الفعل الماضي الدور الأساس في حركة الأحداث..ذاك امر منطقي..العربي لا يعيش في راهنه إلا على الماضي..
في المقطع الأخير انفجر الضمير (أنا ) بقوة..كل الجمل الشعرية فيه حركها الأنا..كأن المتكلم / البطل الواهن يحس باختناقه الشديد..كانه يستجمع قوته ليخرج إلى السطح من قاع النهر..ليفلت من دوران دواماته المدوخة له..لست وحدك أيها النهر موجودا لتتحكم فيَ وتفعل ما تشاء..أنا أيضا موجود..لي إرادتي التي بها أصل إلى ضفة الشمال..هو يحلم..لا شك..لكنها الحياة..
النص مؤلم جدا جدا..
بالسرد القصصي وجموح الخيال تشكل والتأمت اجزاؤه..تلك خاصية فنية مهمة جدا في بناء كل نص حي متحرك ينشد الارتباط العميق بحاضره..
سعدت كثيرا بقراءة نصك عفراء..
شكرا جزيلا لك..
تنبيه لا بد منه:
قراءتي كانت لما وصلني من الشاعرة وهو لا يتجاوز المقاطع الثلاثة..بل توقف عند الجملة (أنا توأمك أيها النّهر!!!)..ما أضافته بعد ذلك يستدعي ربما إعادة نظر في القراءة كلها...العنوان أيضا كان (ترجل في المتاهة )..لكنه في نصها المنشور صار( ارم نردك في المتاهة)



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عميقا في البئر يغوص الحلاج
- يرمى النار على جثته
- في المهب هنا صخرة للصدى
- نار فينيقية
- من المسؤول عما حدث ويحدث في غزة؟
- ما فعلته الغريزة الجنسية وحوريات الجنة في قطعان الذكور العرب ...
- قصائد عربية
- ما وقع لي في مطعم العصر
- أعانق نارالسؤال ..أخيط المدى
- لعمي موسى ..لكرَمه
- هكذا حكم الجن اليهود البلاد
- لماذا يصر العرب على البقاء في الماضي؟.. لماذا يلازمون باب ال ...
- هكذا نحن..هكذا هم
- انتخابات 17 أفريل الرئاسية في الجزائر
- العرب بين رمل العقول ولفح السماء قراء ...
- كناباست..الشجرة التي رأت...تجربة نضال ميدانية
- الدروس الخصوصية..أسبابها ومخاطرها
- العرب بين ثقافة الموت وثقافة الاستهلاك
- لا عيد هذه السنة..لا أضحية ....قصة قصيرة
- هل يعود عهد مبارك؟


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - رغم المتاهة..هناك أمل في الحياة