أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - الأنا والعولمة ح2















المزيد.....

الأنا والعولمة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4618 - 2014 / 10 / 29 - 22:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


علينا أن نتصور ذاك العالم الذي بدأ يتشكل من جديد عالم ما بعد العولمة عالم أنسنة الكون عالم العودة إلى الذات المفكرة الذات التي تسعى لأن تبلور وجودها وبهذا الوجود تبلور مفهم الذات الأخرى عالم تسطع به نور الروح نور الأخلاق, قد يحث هذا الآن أو غدا الزمن الذي يجب أن يتسارع معقود على أن نعي ونسعى للوعي به وكلما اقتربنا من الجانب الروحي من الذات كان الزمن أقصر والتبلور أسرع.
أننا بالتأكيد نريد تحديد هدفنا في أن نزيد من فضاء الحرية الفردية ولكن بوسائل جماعية لكن دور الفرد في الثورة الآن لم يجر استكشافه بعد بشكل يسمح له أن يعلن عن وجوده وحيث يتوحد الإنسان الواقعي بحرية أكيده غير منقوصة ولا مستلبة من الأخر يساعد في سعيه لمصالحه الخاصة التي لا تتناقض مع مصلحة الأخر ويقونن هذه الفكرة مع معرفته التامة بالأنا الكاملة الأنا المتسامحة, وهذا ما لم يتم بناؤه من قبل الناس "الذين يملكون أنفسهم" فسيكون من السهل هزيمته أو توجيهه في اتجاه كوني تتجرد فيه الهوية كما في العولمة الأن وحدهم البشر الذين وجدوا أنفسهم فعلا ويعرفون أنهم يقاتلون في سبيل أنفسهم لا يستسلمون بسهولة ولا ينقادون لفرض الأنا المزاحمة الأنا السيد.
قد يحسب البعض أن العولمة الآن هي شكل من أشكال التشاركية المفيدة التي تكبح الرأسمالية القديمة وصورتها الكريهة الاستعمار السياسي والاقتصادي بالآلة العسكرية, وهذا وهم حقيقي فنحن في مرحلة جديدة من الرأسمالية الطاغية التي لا تعترف بالحدود ولا تقر بالسيادة الدولية كما كان معمول بها من قبل ,أن تتشكل العولمة بعد انهيار المعسكر الشرقي فالمنعطف النيوليبرالي الذي حوَّل الرأسمالية نفسها،(فكرة الحرية وتقدير الذات) لكن هذه الأفكار تتطور بطريقة ما لتفرغها من محتواها فعوض تحرير الناس بالسماح لهم بتحقيق ذواتهم تم خلق مبررات جديدة لكبح جماح الذات بأشكال جديدة من مرونة العمل وتوسيع دوائر السيطرة بالشكل الذي لا مجال معه لإثبات الواقع الأخر الواقع المستضعف أساسا من فعل التشابك في العلاقات الدولية وارتباطها بالمركز الرأسمالي الجشع.
هناك تناقض كبير تعيشه الرأسمالية في طورها الجديد (العولمي) ليس بسبب الرفض ولا بسبب أن الفكرة غير قابلة للعيش ولكن بسبب أسها الذي تم البناء عليه (فكرة المزاحمة ونظرية العبد والسيد) المتأصلة بالأنا الغربية والشمالية هذا المأزق يتخذ صور عديده منها الانهيار الأقتصادي الذي جاء عكس تصورات نظرية العولمة فكل التعاريف التي طرحتها بشكل معياري نجده اليوم حلم لا يمكن التحقق من الوصول إليه بالرغم من التوسع الهائل في الوسائل والسبل المادية والضغط الاعلامي والفكري المصاحب له وحتى النظريات الفكرية التي وجدت في العولمة حاضن لها نراها تتداعى ومنها مثلا مفهوم صراع الحضارات ليحل محله حوار الحضارات حوار التكافؤ والتناظر.
كل المفاهيم المعرفية والمصطلحات المعيارية التي تعلقت بالحرية واحترام تحقيق الذات والتي تم ترويجها عالميا بطريقة شبه أيديولوجية من طرف النظام الرأسمالي نفسه ،لكي تساعد على الرفع من القوى الإنتاجية كشعارات للطور المتجدد من الرأسمالية المعولمة لتقترب أكثر من تحليلات لوك بولانتسكي الذي لا يشتغل بمفهوم الأيديولوجية لكن يؤمن بالفكرة حيث أن المفاهيم المعيارية تنتج في الواقع نقيضتها أو تفرغها من محتواها كلما تعرضت للتجريب والنقد الذي يفكك الأشياء ويهدم أسسها ليعيد قراءتها ويبني شكل أخر من الفكر أن المجتمعات تحافظ على استقرارها عن طريق صراعات مجموعاتها من أجل الاعتراف هذه الفكرة هي التي انطلقت منها في تصوري حول الاعتراف المتبادل، فجميع المجتمعات تتمحور حول دوائر الاعتراف وتسعى لها لكي تسمح لأفرادها بالدخول في اعتراف متبادل لتبني عالم إنساني أكثر وأخلاقي أكثر.
في حوار مع الفيلسوف والمفكر الأقتصادي الاستاذ عمر أكتوف أجري معه مؤخرا يشير إلى الحقيقة السالفة في زيف بعض المعايير الفكرية التي ابتدأت بها العولمة وفرضتها فهو مثلا يفرق بين الاقتصاد الحر وبين الحرية الأقتصادية كما تجلت في الممارسات الأقتصادية اليوم مما أبعدها عن المعنى المعياري للتوجه نحو اللا أخلاقية في تصرفها وتثبيت حدود المعنى لدى زعماء المال العالمي الذي يمنهج الفكر الأقتصادي بشكل أيديولوجي ويضيف مثلا على هذه النظرية قول مستنتج منها يشير إلى التبادلية بين الإنتاج والبيئة وهذا ما أهملته سياسات العولمة المعاصرة ((إن المشكل الأكبر في نظري هو أن هذا الادعاء الكوني يحمل معه الاعتقاد بأن العالم كله يحب الهامبرغر على الطريقة الأمريكية، وأن الجنس البشري في كل مكان تحركه نفس النوازع وهذا هو الخطأ الكبير الذي تدفع ثمنه اليوم الإدارة والتدبير على الطريقة الأمريكية، والذي لطالما تم تقديمه نموذجاً كونياً دون أدنى جهد لفهم ما معنى الخصوصية، واختلاف الآخر يمكننا صنع السيارات أو (السندويتشات) في أي مكان في العالم، لكن النجاح في ذلك يتوقف على جعل هذه المنتوجات متناسبة من حيث الجودة والقيمة مع المنطقة والإقليم)) .
إذا نحن نشهد تبدل بالمفاهيم المعيارية التي تقوم وقامت عليها العولمة هذا التبدل ليس مظهرا فقط بل أنه جوهريا ويتصل حتما بأسس النظام العولمي وما يمكن أن تستبعه من نتائج خطيرة قد تقوض كامل بناء النظام فلكل رؤية قواعد تستند عليها في تبرير وجودها وعندما تتغير القواعد تتغير الصور المتأتية عنها وبالتالي تعطي مفاهيم مغايرة تماما للأصل قد تكون هذه المفاهيم في بعض أوجهها ليست مصاديق للفكرة الأولى وللافتراضات المبدئية هنا تكمن الإشكالية وتكمن أيضا ضرورة البحث عن الصور الجديدة الناتجة وهو ما هو العالم الذي تستهدفه أو تسعى لصنعه أيا كانت النتائج فهي بالمؤكد صورة متطورة أو خارج أطار العولمة التي جادت بها سنوات أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
إن حضور التناقضات في البنيان العولمي مع إتباع السنة التأريخية التي تلغي مبدأ الثبات الحركي للفكر وللحضارة وللتجربة الإنسانية العميقة التي أظهرها التبدل والتحول المستمر في حياة الإنسان وخاصة ما هو قريب من الذاكرة تحول الحداثة وما بعد الحداثة وظهور مبدأ الحداثة الانعكاسية وتطورهما نحو ظهور فكر العولمة, كل تلك المبررات تتيح لنا أن نصيغ شكلا من أشكال العالم لما بعد العولمة ولما بعد وبَعدَ العولمة أنه عالم يعود عن مسار الفردية والقطبية الواحدة نحو مبدأ التشاركية في الانطلاق نحو أنسنة الوجود بدل الوجود الكوني المتأطر بقراءات فرضها واقع تشكل في لحظة انهيار معنوي لجانب مهم من طرفي القوة المحركة والدافعة للتطور.
إن أنسنة العالم الكوني والأخذ بضرورات الجانب الروحي وإعادة الاعتبار الحقيقي له ليس فيه تناقض مع التجديد والسعي الحقيقي لأن تكون الحياة الإنسانية أفضل, لقد صاغ الجانب الروحي وعلى مر التاريخ وخاصة تلك الأسس التي تفهم حقيقية الإنسان والتي نجحت بأن تسير فيه عبر الزمن التأريخي دون أن تصطدم بما يمنع من التطور, صاغت وبلورت خطوط الحركة التي نتجت نهاياتها اليوم ما نحن عليه, لقد كانت محرك عظيم دفع عجلة التأريخ دون أن ينكر أحد هذا الدور لكن ما يمكن الحذر منه هي تلك الإسقاطات اللا تنتمي له والتي أدعت زورا تلك المكانة أو أن البعض ألصقها عنوة بالجانب الروحي, الرفض ليس حلا دوما لتلك الإشكالية, الحل وحده بالنقد الموضوعي الذي يسبقه نقد ذاتي للمنهج والوسائل والمقدمات, إنها الوعي بأحقية التجدد وحرية الروح في أن تكون جزءا من الحل.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان الحقيقة والإنسان الرمز
- مفهوم الأستقامة في السلوك والممارسة الحياتية
- محددات الأستقامة
- في معنى التأدب
- أساسيات التأدب والتأديب
- لماذا نحب الحسين ؟.
- تنوع الدين ووحدة التدين البشري
- محمد وعيسى وعلي
- فلسفة ما بعد العولمة ح2
- فلسفة ما بعد العولمة ح1
- الأنا والهوية المجردة في المفهوم الغربي والشرقي لها
- تناقضات العولمة ج1
- تناقضات العولمة ج2
- لا يا مطر
- التأريخ يبدأ من آدم المتعلم
- لم يكن قبل آدم المتعلم إنسان
- هل حقيقي أن ابن آدم هو أول إنسان ؟.
- حقيقة الخلق الأول
- أبن آدم أول من زرع وحصد وسكن البيت
- الماء وأشياء أخرى


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - الأنا والعولمة ح2