أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - الإنسان الحقيقة والإنسان الرمز














المزيد.....

الإنسان الحقيقة والإنسان الرمز


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4618 - 2014 / 10 / 29 - 13:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الإنسان الحقيقة والإنسان الرمز

لعل فكرة تصنيف الإنسان بين كونية الحقيقية وأفتراضية الرمز تأت من جوهر رؤية حداثوية ترسم معالمها فلسفة واقعية تتعامل مع متقارب فكري يفصل بين الوجود الذاتي والوجود الصوري الغرض من هذا الفصل تثبيت مفهوم البعد الأخلاقي التجريدي لقضية الإنسان بأعتبارها لب إشكالية الوجود منظورا لها من زاوية الوعي بها أولا والوعي بالوجود ثانيا , أي أن الرمزية التي نفترض أنها تمثل الوعي لا بد أنها تختلف عن حقيقة الوجود الإنساني بأعتباره واقع مطلق لا يمكن نكرانه ولا يمكن تعليله إلا من خلال تجريد المفهوم من الإسقاطات الذاتية للإنسان الناظر للحالة فهو يتكلم عن نفسه وعن وجوده وعن وعيه ,وهنا لا نضمن أن هذه الذاتية لا تخرجه من التجريد اللازم لدراسة الوجود المحض .
رمزية الوجود عندما يتناولها الدراس ينظر لها من خلال أفتراض أن هذا الكائن الإنسان لا ينتمي للدارس ولا الدراس يتعامل مع ذاته فهو منشغل بدراسة ظاهرة وفق منهج علمي يتجنب فيها التسليمات والتقريرات المسبقة بل وحتى الحقائق التي تبدو للكثير أنها من اليقينيات المطلقة في لحظتها , مثلا يتصور الدارس أن مجرد وجود الإنسان في هذا الكون يعط له شعور بالمحورية والفهم بأن من دواع وجود الوجود أنه فيع كائن عاقل يفسر ويعلل ويقيس ويدرس , ولكن هل تسأل هذا الكائن أو توصل للافتراض أن بعض الكائنات التي في الوجود مما نعرف أو تعرفها تقوم أيضا بنفس العملية وقد تكون لها أهداف ووسائل وتواصل أرقى منا لا تحتاج معه مثلا إلى الكتابة والقراءة والتأمل , هذه الفرضية ليست محالا ولا يمكن نكرانها بدون دليل علمي قاطع ,بل أؤكد أن كل كائن في هذا الوجود له وعي خاص بوجوده ووعي خاص بوعيه قد تختلف تفاصيله وأشكاله ووسائله ومبرراته عن ما يوجد عند الإنسان ولكن من الحتم أن وجوده ليس ترفا ولا عبثا ولا زائدا عن اللزوم .
حتى في النصوص الدينية التي تبدو للبعض أنها متخلفة قياسا لدائرة الفهم العميق في أكتشاف جواهر الأشياء والكشف عن قوانينها هي الأخرى تعترف أن حتى الجمادات لها أسلوب وعي ومبر للوجود والكثير من التفصيلات المدهشة التي تجعل من وجودها ضرورة من ضرورات نظام الكون المتكامل وبغيابها قد يشكل خطرا وخرقا لهذا النظام وهذا الترتيب الفذ , فليس من المستبعد أن نرى هذا الفهم منطلقا من أحتمالية أن الخالق المرتبط بالفهم الديني يقر لنا بأن الإنسان ليس محور الوجود وأن وعيه هو كل الوعي أو أتمها طالما أن الإنسان الحقيقي وليس الرمز يغالي بوجوده وبفرض أحيانا على الوجود مقاساته ورؤاه على أنها الحقيقة التي لا تقبل التأويل لأنه يرى مركزيته ويسقط وجوده الذاتي على هذه النتيجة .
هنا نتساءل ما فائدة أن يعمم الإنسان الحقيقي فكرته على الوجود ومن منح له ذا الحق ومن خوله أن يتكلم بالمطلق طالما أن الأحتمالات قائمة بل وشبه واقعية ومقبولة وممكنة , علينا أن نلجأ للرمز الأفتراضي ونتعامل مع الإنسان ليس كمحور قضية بل جزء من دائرة كبرى من القضايا الجزئية التي تشترك في الكثير من التفاصيل والروابط البينية متصلة بشيء واحد ومرتبطة به هو الوجود الواعي لنصل في النتيجة إلى هدف قد يمنحنا الكثير من الأفق الذي يسمح بالخروج من الدائرة الضيقة ويفتح أفاق لفهم أوسع وأكثر تحررا وواقعية من الفهم التقليدي للوجود الإنساني الخاص ووجوده العام في الوجود الكوني الشامل .
إن حدود المعرفة في ظل حداثوية التفكير التأمل وما تفرضه الفلسفة البعدية من مقولات تتعلق بتعرية العقل وفك أسره وتوسيع دائرة الممكن والمعقول بتخفيف وتوهين الحدود بين الواقع والخيال تفرض على الباحث والدارس لموضوع الإنسان أن يمنح نفسه الحرية المتناسبة مع أهمية دراسة الإنسان كرمز أو ترميز الموضوع وتجريده من الذاتية والتقليدية المتغلغلة في العقل ونظامه المتسامح مع التسليمات الكلاسيكية والبديهات التي تعرقل البحث وتحاول الإمساك بتلابيب الفهم الحر واللا تقليدي لكل القضايا , وعلية أن لا يخشى أي طرح أفتراضي يتعلق بأي موضوع خشية عدم القدرة على البرهنة أو الفشل فيعا , العلم لا يعتني كثيرا بالفشل بقدر ما يعتني بمواصلة البحث والدراسة والتعمق والغوص والتجديد والتنويع في طرق الإثبات والبرهنة العلمية .
كثيرا من القضايا نجح العقل الإنساني بتحويلها من عالم الواقع الحقيقي لعالم الأفتراض ليتخلص من الكثير من الضغوطات والمثبطات التي تعرقل قدرته على تناول الموضوع بجدية أكثر , والتاريخ العلمي للإنسان كما هو التأريخ الفكري لا يخلو من الشواهد المؤيدة لترميز القضايا وتحويلها إلى واقع قابل للأفتراض , بل تجرأ الإنسان أكثر حينما لا مس قضايا تبدو أكثر أهمية وقدرة على التأثير في المجتمعات ونجح في ذلك منها موضوع الدين والعقيدة والأخلاق والقيم وصولا إلى عالم النانو نت الذي يمثل اليوم النموذج المحتذى به بالترميز كمصفوفات رقيمة حولت الواقع إلى طاقة قادرة على التعبير عن نفسها وأنتاج ما لا يمكن تصوره في السنين الماضية القليلة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الأستقامة في السلوك والممارسة الحياتية
- محددات الأستقامة
- في معنى التأدب
- أساسيات التأدب والتأديب
- لماذا نحب الحسين ؟.
- تنوع الدين ووحدة التدين البشري
- محمد وعيسى وعلي
- فلسفة ما بعد العولمة ح2
- فلسفة ما بعد العولمة ح1
- الأنا والهوية المجردة في المفهوم الغربي والشرقي لها
- تناقضات العولمة ج1
- تناقضات العولمة ج2
- لا يا مطر
- التأريخ يبدأ من آدم المتعلم
- لم يكن قبل آدم المتعلم إنسان
- هل حقيقي أن ابن آدم هو أول إنسان ؟.
- حقيقة الخلق الأول
- أبن آدم أول من زرع وحصد وسكن البيت
- الماء وأشياء أخرى
- الصلاة البعيدة _ قصة قصيرة


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - الإنسان الحقيقة والإنسان الرمز