أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عباس علي العلي - في معنى التأدب















المزيد.....

في معنى التأدب


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4616 - 2014 / 10 / 27 - 21:38
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



التأديب مرحلة متقدمة تصلها النفس البشرية وهي في طور الأرتقاء الأيماني تنصرف الى النفس الرابعة وتتحكم بقواها التي في جمعها تبدأ من الله وتعود إليه في جميع ما تنتج من سلوكيات ,وهذا التعلق والأرتباط مرده الى الحدود التي ألزمت النفس الكلية ذاتها من خلال خصيصتيها التسليم لأمر الله والرضا بهذا التسليم من حيث هو فعل ومن حيث هو نتيجة للإيمان ,فيكون التأدب هو تأطير لسلوك القوى الخمس من النفس الألهية التي تساير وتتوافق مع كل الإيمان ولهذا يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله((أدبني ربي فأحسن تأديبي)),وهو في حقيقته خلق يتخلق به الإنسان بما بنيت عليه النفوس السابقة وخاصة الناطقة الثالثة التي ضبطنها بالتعليم والتعلم وفق المنهجية الإيمانية الحقة .
فصار التمهيد بذلك مهيأً للنفس الكلية أن تنطلق بأخلاقياتها السلوكية وفق أخلاقيات مثالية كاملة مكتملة تمثل جوهر وحقيقة السلوك الإنساني الذي يريده القرآن {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159.
هذه الأخلاقية التي يصف الله تعالى بها رسولة تمثل القيمة الكلية للسلوك الذي تأدب به الرسول صلى الله عليه وأله وسلم كونه النموذج الذي يمكن القياس عليه وفي ضوئه تتحدد السلوكيات الخلقية للمؤمنين, {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21.
هو المثال وهو القدوة التي أكتمل تأديبها تحصيليا بالنتيجة وتكوينيا بالأسباب الذاتية(العصمة) ليس مثالا منفردا ولا إستثناءا عن القاعدة بل القاعدة الرئيسية هو وجوب أن يكون الناس كلهم بهذه الدرجة وهو سعي الرسالة الإيمانية وهو من أماني الأنبياء والرسل الا من تولاه الشيطان فأزله وضلله لذلك نجد النص القرآني يشير الى دور الشيطان الأفسادي من خلال تدخله بهذه الأمنيات ومحاولة تخريب السعي ارسالي النبوي نحو هذه الغائية الكلية {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52.
الشيطان يسعى ويخرب الأماني والله يحكم مايريد وهذا ما ننتظره أن يتحقق على يد أخر الأوصياء الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف ليملاء ألارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا بما كسبت أيدي الناس وليس من خلال ما يقول الجبريون من أن الأنسان محكوم بقدره الذي صاغه الخالق فهو مجبر على السير وفق ما يريد الجابر الجبار وبذلك ينزعوا حرية الأختيار وقدرة العقل على صناعة الوعي وصياغة القدر وفق مبدأ الرضا والتسليم ويعني هذا أن الجبريون إنما هم معطلون لقوى النفس الكلية التي ترفع من إنسانية الإنسان وتضعه في مقام التكليف والخيار الحر بين السعادة والشقاء تكسبا وتحصيلا.
إن وجود المثل العليا من التصرفات السلوكية التي هي نتاج طبيعي للتأدب والتأديب وفق المعايير اللإيمانية والتي يمثلها الرسول صلى الله عليه وسلم والعترة الطاهرة التي أوصى الرسول بالتمسك بها مع القرأن كونهما يمثلان الثقلين الأكبرين من المثل الألهية التي نبه عليها النص القرآنب بقوله {لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }النحل60.
عندما تكون المثل العليا لله بمقام العائدية تكون أخلاقيات وسلةكيات النفس الكلية في نفس المقام فهي من الله وإليه تعود.من هنا كان التركيز على هذه النفس وقواها في إكتمال عملية تكوين وتشكيل وسيرورة الإنسان النموذج الذي يره الله ويسعى الإيمان لأن يصنعه ويحوله بالعبادة التي هي في حقيقتها الواسطة التي بها ينقل البشر من الحالة التكوينية البدائية الفطرية الى الحالة الفاعلية والتفاعلية مع الله وقيمه وأرادته.
يقول السيد محمد باقر الصدر في بحث ذكر سابقا (السنن التاريخية) (( المثل الاعلى الحقيقي وهو اللّه سبحانه وتعالى. في هذا المثل التناقض الذي واجهناه سوف يحل بأروع صورة كنا نجد تناقضا وحاصل هذا التناقص هو ان الوجود الذهني للانسان محدود، والمثل يجب ان يكون غير محدود فكيف توفير المحدود وغير المحدود وكيف يمكن التنسيق بين المحدود وغير المحدود، هذا التنسيق بين المحدود وغير المحدود سوف نجده في المثل الاعلى الذي هو اللّه سبحانه وتعالى.. لماذا؟ لان هذا المثل الاعلى ليس من نتاج الإنسان، ليس افرازا ذهنيا للانسان، بل هو مثل أعلى عيني له واقع عيني، هو موجود مطلق في الخارج، له قدرته المطلقة وله علمه المطلق وله عدله المطلق. هذا الموجود العيني بواقع العين يكون مثلا اعلى لانه مطلق لكن الإنسان حينما يريد ان يستلهم من هذا النور، حينما يريد ان يمسك بحزمة من هذا النور، حينما يريد ان يمسك بحزمة من هذا النور، طبعا هو لايمسك إلاّ بالمقيد، إلاّ بقدر محدود من هذا النور إلاّ انه يميز بين ما يمسك به وبين مثله الاعلى، المثل الاعلى خارج حدود ذهنه، لكنه يمسك بحزمة من النور، هذه الحزمة مقيدة لكن المثل الاعلى مطلق)).فالباحث يرد المثل الى الله بأعتبار المطلقية وبأعتبار الكلية من خلال كون المثل من الله وإليه تعود فهي بحقيقتها إسناد الأعتبارية للمسى وليس للأسم فالمسمى مطلق والأسم مقيد.
التأديب والتأدب بموجب المثل العليا التي سنها الله وجعل وعائها التكويني في ذاتية الأنسان وفي تكوينه الطبيعي (النفس) فهي يمثل حقيقة الخيار والأختيار الإنساني لكدحه وكسبه التحصيلي بما تعلم وفهم وفكر وكلها من مظاهر القوى النفس الثالثة الناطقة التي هي إن صلحت بما يضبطها يكون الإنسان أكثر قدرة وقابلية للتأدب والتأديب بهذه المثل.
ونعود مرة أخرى لبحث السيد الشهيد الصدر لنبين هذه الحقيقة((فان السير نحو هدف يفترض حتماً طريقاً ممتدا بين السائر وبين ذلك الهدف، وهذا الطريق هو الذي تحدثت عنه الآيات الكريمة في المواضع المتفرقة تحت اسم سبيل اللّه واسم الصراط واسم صراط اللّه، هذه الصيغ القرآنية المتعددة كلها تتحدث عن الطريق الذي يفترضه ذلك السير وكما ان السير يفترض الطريق، كذلك الطريق يفترض السير أيضاً وهذه الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }الانشقاق6, تتحدث عن حقيقة قائمة، عن واقع موضوعي ثابت، فهي ليست بصدد ان تدعو الناس إلى أن يسيروا في طريق اللّه سبحانه وتعالى، ليست بصدد الطلب والتحريك كما هو الحال في آيات أخرى في مقامات وسياقات قرآنية أخرى.
الآية الكريمة لا تقول يا أيها الناس تعالوا إلى سبيل اللّه، توبوا إلى اللّه، بل تقول: (ياأيّها الإنسان انّك كادحٌ إلى ربّك كدحاً فملاقيه)، لغة الآية لغة التحدث عن واقع ثابت وحقيقة قائمة وهي أن كل سير وكل تقدم للإنسان في مسيرته التاريخية الطويلة الأمد، فهو تقدم نحو اللّه سبحانه وتعالى وسير نحو الله سبحانه وتعالى هذا التقدم بقدر فاعليته وبقدر زخمة هو اقتراب نحو اللّه سبحانه وتعالى، لكن فرق بين تقدم مسؤول وتقدم غير مسؤول حينما تتقدم الإنسانية في هذا المسار واعية على المثل الأعلى وعياً موضوعيا يكون التقدم تقدماً مسؤولاً)).
المثل هذه محددة وممنهجة تحت مسميات عديدة منها الصراط المستقيم ومنها أمر الله ومنها حلال الله ومنها الحق ومنها العدل والأحسان وكثير من التعابير القرآنية التي ساقها الكتاب الكريم لتدل على السبل المؤدية للمثل العليا وهي في جملتها تتوافق مع قوى النفس الكلية الألهية وتكشف عن حقيقة العلم الرباني الألهي الذي يمثل ثقله الأكبر كتاب الله وثقله الأخر علم أهل البيت عليهم السلام وأولهم وعظيمهم الإمام علي عليه السلام بما أستودع من علم الله وما علمه رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساسيات التأدب والتأديب
- لماذا نحب الحسين ؟.
- تنوع الدين ووحدة التدين البشري
- محمد وعيسى وعلي
- فلسفة ما بعد العولمة ح2
- فلسفة ما بعد العولمة ح1
- الأنا والهوية المجردة في المفهوم الغربي والشرقي لها
- تناقضات العولمة ج1
- تناقضات العولمة ج2
- لا يا مطر
- التأريخ يبدأ من آدم المتعلم
- لم يكن قبل آدم المتعلم إنسان
- هل حقيقي أن ابن آدم هو أول إنسان ؟.
- حقيقة الخلق الأول
- أبن آدم أول من زرع وحصد وسكن البيت
- الماء وأشياء أخرى
- الصلاة البعيدة _ قصة قصيرة
- الإنسان أبن آدم والحيوان شبيه الإنسان
- مفهوم قضية الخلق في النص الديني
- قراءات في أساطير الخلق الأولى ح3


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عباس علي العلي - في معنى التأدب