أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - النص الحداثي وثنائية الهمين الخاص والعام:















المزيد.....

النص الحداثي وثنائية الهمين الخاص والعام:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 15:34
المحور: الادب والفن
    


النص الحداثي
وثنائية الهمين الخاص والعام:
إبراهيم اليوسف

لا يمكن للشاعر-أياً كان- وفي أي مرحلة تاريخية، أن يتنكر للأسئلة، والهموم، التي يستشعرها، سواء أكانت ذاتية، أم كانت تدور في المحيط، على اعتبار أن الشاعر هو المبدع الأول الذي انشغل بمعاناة الإنسان، منذ بداية وعيه، وحتى الآن، وهو ما وضعه في موقع المسؤولية الكبرى أمام الواقع، ليكون لسان حال محيطه العام، كما هو لسان حال ذاته، أو محيطه الذاتي، الأمر الذي جعل نص الشاعر مرجعاً لمن يريد أن يستكنه هواجسه، وإرهاصاته، و يستقرىء ملامح خريطة رؤاه، بتفاصيلها الدقيقة، أو بخطوطها العامة، على اعتبار هذا النص نواة ديوان عصره، ناهيك عن أنها مرآة تعكس كيفية تفاعله مع الواقع، وإن كان التفاعل، في حالتيه، يأتي تبعاً لدرجة حساسيته، وقدراته، ورؤاه.

وقد اكتسب اهتمام الشاعر، منذ تبلور خطابه الإبداعي، بهذه الدائرة التي تجمع بين المحيطين: الخاص والعام، مكانة مرموقة في مجتمعه، على أنها من عداد النخبة الفاعلة، فهو الشخصية الاعتبارية الفعلية، إلى جانب من هم معنيون بشؤون من حولهم، لاسيما أن اعتبارات عديدة قد مكنته للعب هذا الدور، باعتبار أن امتلاك الشعرية مسؤولية عامة، على الصعيد الشخصي، والاجتماعي، والوطني، والإنساني، إذ تتطلع الأنظار إليه، في أية محطة يمر بها من حوله، إلى موقفه، وتصادي ذلك في إنتاجه الإبداعي.
وللتدقيق-هنا- فإنه لابد من التوكيد، أن هذه المسؤولية إنما هي"أخلاقية" قبل أي اعتبار، منطلقها منظومة المفاهيم التي يرتكز عليها، بما يجعله يتحسس ضرورة أن تكون له كلمته، في أفراح أهله، و أتراحهم، على حد سواء، وإن كان هناك، من يريدون، ومن خلال قراءاتهم الخاطئة، لوظيفية الفن، يرون أن هموم الأدب والفن إنما لا تتعدى جماليتهما، غير المتقاطعة بما هو معرفي، كترجمة لما عرف ب"الفن للفن"، وهي مقولة لم تصمد طويلاً أمام فهم الدور الحقيقي للإبداع، هذا الدور الذي ينظر إليه-عادة- من قبل محيطه، وعليه ألا يفرط به البتة.
داخل المكان
داخل الزمان
ثمة ذرائع يقدمها بعض شعراء الحداثة، وما بعدها، بدعوى أن من سمات النص الإبداعي، أنه لا يرتبط بفضائه الزمكاني، وهو مفهوم انهزامي، لا أكثر، من لدن هؤلاء في عدم مقاربة ما يترتب على خطابهم من الإطلاع به، ومعالجته، وذلك لأنه لا يوجد هناك أي إبداع منبت عن ترابه، ومكانه، كما أن لا إبداع منبت عن متلقيه، وأن مدى نجاح الشاعر في الارتباط بهذا الفضاء، يجعله قادراً على امتلاك" جواز مروره" الإنساني، بل إن فشله في حوار طرفي هذه الثنائية، يجعل من عالميته مجرد وهم لا أكثر، بل وقفز من أسئلة الواقع، بل أن هناك حقيقة وهي" الإبداع ليس خارج التاريخ"، بل أن الارتباط الوثيق من لدن المبدع بالواقع يحدد جدواه وأهميته.

سلطة الشاعر
سلطة النص:
أجل، استطاع الشاعر، أن يكتسب احترام من حوله، ليس من خلال وظيفة المتعة الجمالية لنصه الشعري-فحسب- وهو أحد مقوماته، بل من خلال الدور الذي يؤديه هذا النص، والمسؤولية التي تقع على كاهل منتجه، توفرها للشاعر دواع عديدة: رهافة أحاسيسه- عمق قراءته للواقع- استشعاره العالي بما يهم العامة من حوله وهو من بينهم- قوة حضوره في الحياة الاجتماعية..وغير ذلك الكثير من المقومات التي تتوافر فيه، ناهيك عن جماهيرية خطابه المفترضة، لاسيما عندما تمتح من معين الشاغل العام، وهي جميعها وشائج غير عادية، تربطه بالواقع، والناس، يضاف إلى ذلك أمر آخر مهم، وهو أن موقعه في الإنتلجنسيا، يجعله من عداد هؤلاء الذين يتمكن خطابهم من أن يجسر بين السلطة الفعلية، ومن هم في دائرة عنايتها.
هذه المكانة الرمزية الرفيعة للشاعر، ذي السطوة على دائرة قرائه التي يلتقي فيها: العامة والخاصة، حملته مهمة رصد الواقع، بكل تفاصيله، من دون أن يتخلى عن فنية ما ينتجه، بحيث يلتقي في نصه: الجمالي والمعرفي، عبر معادلة واضحة، وإن كنا نجد حالات كثيرة، تبين الفصام بين طرفي المعادلة هنا، إذ أن التوفيق بينهما يتطلب تجربة عميقة، ومهارات كافية في الوقت ذاته.

الدور النبوئي للشاعر:
إن السمة الأكثر بروزاً في مهمة المبدع، هي أنه لا يتوقف عند حدود التفاعل مع واقعه، ورصده-فقط- وإنما هو مطالب، نتيجة عمق رؤاه، وحدسه، وقوة نبوءته، أن يتطلع إلى المستقبل أيضاً، في حدود الأدوات التي يحاورها، قبل أن يخرج بموقفه الجمالي، حيث هنا-تحديداً- تكمن فرادة المبدع، وأهميته، وهي نبوءة تنأى عن التجديف، والتكهن، والشعوذة التي قد يربط بعضهم بينها ودور الفنان، في إطار تشويه صورته.
الذات والعام:
لابد لنا من معرفة مسألة، هي في ذروة الأهمية، وهي أن بعض المبدعين يغرق في أحد بعدي ثنائية : الذات والعام، لدواع عديدة، ومن بينها هيمنة ما هو آيديولوجي يدفع بهم للتنكر لأسئلة الذات، أمام لا أبالية آخرين، قد يغرقون في الذات، حيث نحن أمام حالتين غير سليمتين، إذ أن المبدع الأكثر تأثيراً، عبر خطابه، هو الذي يستطيع الموازنة بين أسئلته، وهواجسه الذاتية، وما هو عام، على اعتبار أن كلاً منهما يؤثر في الآخر، و يتأثربه.

هروب الشاعر


طبيعة المبدع، تخوله، أن يكون الأكثر جسارة أمام ذاته والمحيط، إذ أن الدور المنوط به، يجعله أمام مسؤولية عدم غض النظر، عن كل ما حوله، يتناوله بروح ذلك الآسي المهجوس باستطباب سواه، بعيداً عن أية دواع أخرى، خارج هذا المفهوم، وهو ما يجعله محط تقدير دائرة قرائه، أنى كانت مواقعهم. إن هذه الثيمة لا تتحقق إلا كنتاج للجرأة التي يتحلى بها المبدع، في الحالات العادية، دون أن يضخم في ذاته الروادع الاحتياطية التي تجعل خطابه هشاً غير ذي جدوى، بل أن أي انكفاء عن تناول ما يراه، ويستشعره، يعد تراجعاَ عن دوره الحقيقي الذي يطلع به.

بعيداً عن عمى الألوان:
ومؤكد أن لدى المبدع استراتيجيته التي لابد له من أن يعتمدها، وهي أنه عليه أن ينظر إلى اللوحة من حوله، بمكوناتها، عامة، بل بتفاصيل ألوانها، من دون أن يولع بانتقائياته، وبتسراته غير المسوغة، حيث ثمة ما هو مضيء، كما أنه ثمة ما هو معتم، لذلك، فإن أي انغلاق من لدن المبدع على ألمه، وحزنه، والتغاضي عن لحظات فرحه وألقه، يجعله يمارس عنفاً مع الذات، ومحاولة للنظر بعين واحدة، بما لا يليق بدوره الاستشرافي الفريد، وفي مثل هذا الاستخدام، في الانفتاح على الحياة، بكل جوانبها.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانشقاقات وفلسفتها الكسيحة
- طه حسين صوت استناري مدو في وجه الظلامية
- ساعة قامشلو
- إشارات لصباح الأب..
- خيانة المثقفين
- الحنين إلى الاستبداد
- حين يكون كلاهما ذاكرة للآخر: الوطن والكاتب المفكرمنح الصلح ح ...
- يحدث في ماتسمى ب «النخبة الثقافية» للأسف:
- نصوص خارج الإيقاع
- آرين ميركان:
- جهاد أسعد محمد:
- رسالة منح الصلح
- عذراً لقد أخطأت يانوبل جائزة غيرمهمة ورفضها أكثرأهمية...!
- الفيلسوف أحمد البرقاوي يفكك مشكلة الأنا والذات في مواجهة ثقا ...
- ساعة مشعل التمو:
- بطولات المدن
- -رسائل إلى أيان-:
- لمن أكتب؟
- في رثاء الشاعر الذي استشهد مرتين:
- صمت المثقف


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - النص الحداثي وثنائية الهمين الخاص والعام: