أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - حين يكون كلاهما ذاكرة للآخر: الوطن والكاتب المفكرمنح الصلح حياة حافلة بالأحداث















المزيد.....

حين يكون كلاهما ذاكرة للآخر: الوطن والكاتب المفكرمنح الصلح حياة حافلة بالأحداث


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 19:58
المحور: الادب والفن
    




ترك غياب المفكر اللبناني منح الصلح"1921-2014" فجوة جد واسعة ، في المشهد اللبناني عامة، على اعتباره أحد شهود الإنتلجنسيا اللبنانيين، وقد عاصر خلال سني حياته المديدة، العامرة، أهم الأحداث التي عصفت بتاريخ هذا البلد، إلى الدرجة التي يعد فيها الرجل ذاكرة وطنه، كما أن وطنه هو ذاكرته، عبر علاقة جدلية، لافتة، لا يتلكأ متابع الخط البياني لعقود عمره في اكتشافها، باعتبارها السمة البارزة في حياته، ناهيك عن أنه، صورة عن ذلك الأنموذج من المثقف الملتزم بأهله، ومكانه، في أوضح مثال حقاً.
ورغم الأحداث العاصفة التي تعيشها لبنان، في هذه الأيام-تحديداً- كأحد أشكال الاكتواء بألسنة النار التي لا تفتأ تصله من دمشق، عاصمة توأمها، ما جعلها تدفع ضريبة باهظة، لاسيما منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن، فإن مصدراً آخر لألسنة النار، باتت تظهر تترى للمتابع، منذ أن وضعه الظلاميون نصب أعينهم، كي يوازنوا معادلة الخراب بين كفتي العاصمتين، على نحو متساو، في الميزان، وهو ما بات أول تهديداته الجدية أمام العيان، كي يكون هؤلاء طرفاً آخر، إلى جانب التحديات الداخلية، والخارجية، لنكون أمام متوالية من الاضطرابات، منها ما تتم على أيدي بعض أدوات هذا التهديد، ومنها ما يتم من قبل لاعبي السيرك الدموي على نحو مباشر، وهو ما تلتقط ذبذباته إسرائيل المتربصة، المعنية باستدامة الفوضى، والدمار، والقتل،في إطار المحو من الجذور.

المدرسة الأولى:
ولد منح الصلح في أسرة علم وثقافة ومعرفة، وكان والده الشيخ أحمد باشا الصلح أحد أعلام لبنان البارزين، وله حضوره في تاريخ لبنان، في مفاصله الأولى، لاسيما عندما كان لبنان كغيره من بلدان المنطقة رازحاً تحت نير الاحتلال الأجنبي، بمختلف مسوغاته، إذ لم يتوان الشيخ الصلح عن ترجمة تفكيره بشؤون بلده، عبر الوسائل والمنابر التي كان يمكنه أن يقول كلمته فيها، ومن هنا، فإنه لمن الطبيعي أن يتشرب ابنه منح، بهذه الروح الوطنية العالية، وهو يفتح عينيه في هذا البيت الوطني الذي كان عنواناً لكل الغيارى الحريصين على واقع ومستقبل إنسانه، بل إن الفتى، مابرح أن يلعب دور المستشار لأبيه، في الكثير من القضايا المستجدة، التي تعرض عليه، أو تظهر على مسرح الحدث، حيث أن كلاً منهما منتم إلى ثقافة ذات مقومات خاصة بينها، وإن كان العمود الفقري فيها كلها واحداً.
لقد ارتفع صوت الشيخ الصلح، عالياً، في ما يخص قضية الاستقلال، وكانت تتطلب جرأة عالية، بل كانت مدعاة خوف، وخطورة، لاسيما أن مصائر كل من نادوا بالوجه المستقل، بعيداً عن وجود الأجنبي، كانت تواجه بما لا يحمد عقباه. هذه النقطة-تحديداً- حسبها بعض المراقبين من عداد تأثير روح الجيل اللاحق على الجيل السابق، بل وبوضوح أكثر، فإن الفتى منح، هو من آزر أباه، في رسم هذه الرؤية، انطلاقاً من قراءاته الخاصة التي كانت تتطلب جرأة في الرؤيا، ومغامرة في التعبير عنها، في تلك المرحلة المحفوفة بالتوترات، و الصراعات، والتجاذبات وغيرها من الوقائع التي كانت تشكل الملامح الرئيسة لها.
العقل المؤسسي:
صحيح، أن الجمعيات، والمؤسسات، والمنتديات الأولى في حياة لبنان، تمتد إلى زمن أبعد، من المرحلة التي فتح خلالها عينيه على الحياة، إذ أنه وفي ظل الحكم العثماني للمنطقة، فإن مثل هذه المراكز قد ظهرت، لتمارس المهمات الموكلة إليها، بيد أن الفتى منح الصلح، أدرك أن القدرات الفردية مهما كانت بارزة، جبارة، بيد أنها تحتاج إلى الفضاء المؤسسي الذي يوظف ما هو فردي ضمن إطار ما هو جماعي، ورغم انتماء الرجل في وقت مبكر من حياته إلى جمعية المقاصد الإسلامية، فإنه اشترك في بناء عدد من المؤسسات، بل كان المبادر في تأسيس بعضها، ومن هذه المؤسسات: نقابة الصحفيين- المؤتمر القومي الإسلامي- اللقاء اللبناني الوحدوي، وقد تكون" دار الندوة" التي أسسها بنفسه1987، وترأسها منذ العام1992 أكثرها بروزاً، وفعالية، وحضوراً، من خلال الدور الذي لعبته، على امتداد أكثر من ربع قرن من الزمن.
مؤكد، أن ثقافة منح الصلح كانت مركبة، فهي خضعت لتأثيرات عديدة، حيث أحد أبعادها تشكل في فضاء الحكم العثماني، لاسيما أن لأسرته موقعها ضمن هذا الفضاء ذي المنظومة الخاصة من المفاهيم التي تم ترسيخها، عبر أدواتها، ويبدو أنها لم تنقطع من حيث سطوتها، ليس في حياة بعض رموز الأسرة، بل وعلى شخصه، حيث كان ابن ثقافة محددة، تشكلت في الفضاء عينه، بعد أن تشربت بالمفاهيم المستجدة، لاسيما في بعدها"العروبي" كمصطلح، كنتاج لمزاوجتها بين طروحات ميشيل عفلق" 1910-1987 "، وجمال عبد الناصر" 1918-1970 ". إذ ثمة صوفية- من نوع آخر- كان يعيشها، عبر كلمته المدونة، أو الشفهية، حيث لها وعليها، في آن، وإن كان الرجل لا يساوم البتة على"إنسانه العربي"، وقضاياه، بكل المحطات التي عبرها،إجبارياً، من دون أن يرتقي الواقع إلى مستوى التخييل السياسي، المحلوم به .

بنية الخطاب الصلحي:
تأسيساً على ذلك، يمكن تحليل بنية الخطاب الصلحي-إن جازت التسمية- على أنها تعود بأرومتها إلى مكونات، قد تكون متناقضة في طبيعتها، بيد أنها باتت تلتئم في خطاب واحد، لا يترك المجال أمام تقويمه، في زحمة الخطابات المتناقضة، إلى حد محو الهوية، أو المغالاة فيها، على حد سواء، في غمرة الأحداث العاصفة الكبرى، ومن بينها"قضية فلسطين" و أحداث الحرب اللبنانية، وما ترتب على ذلك في مابعد، بحيث أن غبار الحرب، ورائحة بارودها، بل وروائح جثث ضحاياها، وما يرافقها من ضجيج-عادة- كان يحول دون استقراء تفاصيل كل خطاب على حدة، بما يلزم من أدوات نقدية كافية، لتبيان ما له وما عليه، وهو ما يمكن أن يتم على نحو واضح، وعلى طاولة التشريح، في أي مختبر نقدي، بعد أن تستقرا لأمور في المنطقة على نحو عام، وفي لبنان، عاصمة الحضارة، والرقي، والثقافة، على نحو خاص.

معادلة الأطراف الصعبة:

ثمة مفردات عدة، تظهر أثناء قراءة معادلة المفاهيم التي انطلق منها المفكر منح الصلح، وهي تتردد ضمن الفضاء الوطني والقومي والإسلامي، ويعد المفكر الصلح، أحد هؤلاء الذين أجادوا التعامل مع هذه المفردات، في خطابهم، حيث يجد متابع سيرته للهم الوطني فضاءه، بما يليق، وفق مستجدات، واستحقاقات، كل مرحلة زمنية، بل سيجد أن للهم الفلسطيني الذي عده كثيرون من النخب العربية: المركزي، فضاءه أيضاً، دون انقطاع عن الفضاء الإسلامي الذي كان يخضع للتجاذبات المريرة التي مر بها لبنان على نحو خاص، أثناء اشتعال أوار الصراع المفتعل بين بعض مكوناته، في محاولة للنأي بهذا المكان، عن الإطلاع بدوره الرئيس، والمشاركة في الأسئلة الأكثر حساسية.
منح الصلح مفكراً؟:
هل كان منح الصلح، الإعلامي، والسياسي، والكاتب، وقبل ذلك المواطن، سليل الأسرة العريقة مفكراًُ حقاً؟، هو سؤال يمكن طرحه، أثناء أية محاكمة لطبيعة خطابه الذي قدمه، وهنا، فإن مصطلح"المفكر" يغدو في هذا المقام على المحك، بمعنى أننا نغدو مطالبين، بإعادة قراءة خطابه، ومن جديد، لنعرف " ما الذي أعاد صياغته من جديد؟، وما الذي أعاد تقديمه كما هو؟، بل وما الجديد في كل ما قدمه؟" وهي أسئلة ثلاثة جديرة، بأن يضعها أي منا نصب عينيه في موقع تفكيك خطاب الرجل، من دون أن نبخسه حقه، لاسيما أن المفردة الرئيسة، في خطابه هو"السياسة" التي لم يجد في نفسه، ما يشجعه، للإقدام على مغامرة جعلها معبراً، أو سلماً، للوصول إلى سدة المسؤولية، وهي من النقاط الأكثر بروزاً في سجله، كمثقف، وإن كان في لجوئه إلى تفاصيل ما هو سياسي، في ما هو ثقافي أو فكري، ما يدل على أنه من عداد النخبة الأكثر تفاعلاً مع واقع إنسانه، بغض النظر، عن أي تقويم، لطبيعة الموقف، من جهتي السلب، أو الإيجاب، هنا أوهناك.
عينان على الوطن:
ورغم أن المفكر منح الصلح، قد عاصر، كما هو معروف أهم الأحداث السياسية التي عاشها إنسانه، عبر القرن العشرين، وبدايات القرن الحادي والعشرين، إلا أن اللحظة التي أغمض فيها كلتها عينيه، كانت الأكثر عصفاً، ودرامية، على الإطلاق، حيث لبنانه في مرحلة فوضى-غياب الرئاسة- نتيجة الصراعات السياسية الساخنة التي تتم، بحكم دوائر تأثيرها، وأدوات هذه التأثير، بل أن خطي: النار والدم اللذين، تم تهديد المنطقة بهما، كان يسيران متوازيين، إلى أن وصلا مكانه، هذا المكان الذي كان يحرص عليه، عبر خطابه، في أن يكون عامل طمأنينة، وطنية، وإقليمية، وعالمية، كما هو لائق، به، بيد أنه-وفي الزمن الداعشي- باتت ترجمة النسخة المحلية، من الفوضى الخلاقة، تترك وراءها كل هذا الركام، والأشلاء، والأجساد المشوية، والسبايا، ممن تقدمهم نشرات أخبار فضائيات العالم، في بيوتنا، ومكاتبنا، بحيث لا مهرب من المسؤولية-البتة- إزاء ما يدور، ليكون العالم كله، على صفيح نار ساخن، كما أريد له ذلك..؟




#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحدث في ماتسمى ب «النخبة الثقافية» للأسف:
- نصوص خارج الإيقاع
- آرين ميركان:
- جهاد أسعد محمد:
- رسالة منح الصلح
- عذراً لقد أخطأت يانوبل جائزة غيرمهمة ورفضها أكثرأهمية...!
- الفيلسوف أحمد البرقاوي يفكك مشكلة الأنا والذات في مواجهة ثقا ...
- ساعة مشعل التمو:
- بطولات المدن
- -رسائل إلى أيان-:
- لمن أكتب؟
- في رثاء الشاعر الذي استشهد مرتين:
- صمت المثقف
- مرافعات صامتة للغة صاخبة:
- ثنائية الجمالي والمعرفي في النص الفيسبوكي:
- الإرهاب على الأبواب المطلوب استنفاركل الكتاب الغيارى
- كوباني غراد
- قلعة كوباني
- مابعد داعش
- ثلاثية المكان الكردي:قامشلوكامه


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - حين يكون كلاهما ذاكرة للآخر: الوطن والكاتب المفكرمنح الصلح حياة حافلة بالأحداث