أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - ثنائية الجمالي والمعرفي في النص الفيسبوكي:















المزيد.....

ثنائية الجمالي والمعرفي في النص الفيسبوكي:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 15:20
المحور: الادب والفن
    


ثنائية الجمالي والمعرفي
في النص الفيسبوكي:

لا يخفى على أحد البتة، أن شبكات التواصل الاجتماعي، بشكل عام، و ومن ضمنها الفيسبوك، قد باتت الأكثر استقطاباً لدائرة المتفاعلين معها، ضمن العمارة الكونية حيث تتعدد أغراض هؤلاء، من ذلك، كما هي سمة العلاقة-عموماً- مع العالم الافتراضي كله، لاسيما أن المقاربة بين الواقعي والافتراضي باتت تتلاشى، وهو ما لم يتم الانتباه إليه من قبل كثيرين، وتعود أسباب ذلك إلى مدى تطويع الشبكة العنكبوتية لحاجات الكائن البشري، بحيث باتت تستطيع الإجابة عن أسئلته كلها، سواء أكانت معرفية، أم فنية، أم اجتماعية، أم اقتصادية، بل وحتى عسكرية، على اعتبار أن الغرض الرئيس لاختراع الإنترنيت، في بداياته، أي في ستينيات القرن الماضي- حيث سيحتفل في العام 2019 بمرور نصف قرن على ولادته-كان من أجل مهمة خدمة الحربية الأمريكية، وإن لم يدخل حيز التطبيق العام إلا بعد عقود زمنية.

وبدهي، أن مجرد تسمية عالم الإلكترون، بكل مفرداته، ب"العالم الافتراضي" يلفت الانتباه إلى وجود عالم مواز لعالمنا الواقعي، بكل تفاصيله الصغيرة منها، والكبيرة، في آن، عالم يموج بأصداء الحياة، بصورة الحياة، بانعكاسها، عالم يكاد يكون صورة طبق الأصل عن عالمنا، لقد صار بمثابة معين لديمومة النسخة-الواقعية-من العالم، وصار ذاكرة له، بل وموازياً له، ومتواشجاً معه، إلى تلك الدرجة التي نكاد نفشل في أن نفصل بين حدوديهما، في يومياتنا، ومعارفنا، إلى حد اللبس والتطابق.

ضمن هذا الإطار، فقد جاء الفيسبوك كأحد مفردات ثورة المعلومات، من خلال الدفق اليومي ليس لما هو في حدود المعلومة-فقط- بل ما يطفح ببعديه: المعرفي والجمالي، فإلى جانب أن الفيسبوك عبارة عن بوابة كونية مفتوحة على امتداد الأربع والعشرين ساعة من اليوم، تتيح لمليارات سكان العمارة الكونية من التواصل مع بعضهم بعضاً، عبر تبادل المعلومة، في إطار المفردة، أو الصورة، فإنه في الوقت ذاته فضاء مفتوح للإبداع، بات يستقطب نسبة عالية من الساردين والشعراء، كما هو مفتوح أمام سائر الفنون الأخرى المرئية، والمسموعة.


وإذا كان الفضاء الفيسبوكي له غوايته بالنسبة لكل من يقع في شباكه، على اختلاف درجة ثقافته، أوسنه، أومكانه، فإن المبدعين-عامة- وجدوا لاسيما بعد نجاح الفيسبوك في تحقيق اختراقات يومية، منذأن أن استطاع الدخول في حيز التداول، وصار مفردة يومية تعيش مع أفراد الأسرة، صغيرها و كبيرها في آن، بل وإن ذلك تم في الوقت الذي صار يتم الحديث، وعلى نحو عالمي، عن انحسار المدونة الورقية، لصالح المدونة الافتراضية، إذ لم يرد هؤلاء المبدعون أن يبتعدوا عن الاستفادة من هذه التقنية الكونية الكبرى، بل صار يعنى بإيصال خطابه عن طريقها، وإذا كان هذا حال المبدع المعروف، ذي الحضور الفعلي في مرحلة ما قبل انتشار هذا المنبر الافتراضي، فإن نسبة كبيرة ممن يمتلكون أدوات الموهبة، احتضن هذا العالم إبداعاتهم الأولى، وصار لبعضهم حضوره إلى جانب المبدع الذي عرف من قبل، اعتماداً على المدونة الورقية، الأمر الذي خلق حراكاً غير مسبوق في تاريخ الخطاب الإبداعي، على صعيدي: الإرسال والتلقي، مادام أن العالم الافتراضي هو عالم التلقي، وأن في المقابل، لا يمكن تصورأي تلق من دون عملية إرسال.

مفهوم المعرفي والجمالي في الخطابين التقليدي والحداثي:


من يعد إلى الإبداع عبر التاريخ، يجد أنه قد حقق شرطين رئيسن معاً، وهما: الفائدة والمتعة، دون أن يتخلى أحد طرفيه عن الآخر، في متوالية جمالية معرفية، بيد أن النظرة إلى هذين الشرطين، قد اختلفت مع الزمن، لاسيما بعد أن تم توظيف الأدب في خدمة التعليم، حيث وظفه بعضهم كأداة، في سبيل خدمة ما هو معرفي، ما خلق الكثير من اللبس في جملة المفاهيم، ومن بينها ما يخص العلاقة بين المعرفة والجمال، ضمن إطار النص الإبداعي، وهو أحد أسباب ردود الفعل من قبل المدارس الإبداعية الحديثة التي انحازت إلى ما هو جمالي، لاسيما في بعض منها، إلى درجة إلغاء بعضها لدور المعرفي، إذ تم ترويج مقولة"لا يمكن للشعر أن يكون وسيلة لمحو الأمية"، وغيرها من المقولات المشابهة التي راحت تضع الشعر-على نحو خاص- في أحد أبراجه العاجية، ليكون فن الأنتلجنسيا، بل صار تدريجياً فن"نخبة النخبة"، وهو ما جاء على حساب جماهيريته التي كاد أن يجهز عليها.



وهنا، نجد أنه قد تباينت الآراء إلى حد التضارب، في ما يخص دور ثنائية المعرفي والجمالي، في الآداب والفنون، حيث قلل بعضهم من شأن المعرفي لصالح الجمالي، بل رأى آخرون أن ماهو معرفي ضروري في العملية الإبداعية، مقل من راحوا يؤكدون أن المعرفي والجمالي ليسا إلا بمثابة الجناحين بالنسبة إلى الطائر، لا يمكنه التحليق دونهما معاً.


ومن يعد إلى الإبداعات الأدبية-سرداً وشعراً- يجد أن من سمات الأول منهما الوضوح، كما هو تعريفه التقليدي من قبل النقاد-وأن من سمات الشعر أن يكتنفه بعض الغموض، وإن تراوحت ترجمة الغموض على أيدي الشعراء مابين ما هو بسيط، وما هومسرف، أو متماد فيه، إلى درجة الإبهام، والاستغلاق، والتلغيز.

ليس بإمكان أي نص-في الحقيقة-أن يرتقي إلى مستوى النصية التي تحقق شروط-الخطاب الإبداعي- في ما إذا كان خاوياً من الناحية المعرفية، وإلا فإننا نكون هنا أمام محض مفردات، خارج دورها الدلالي، حيث هناك شروط لدور المفردة في الجملة، بما يفتح الآفاق لخلق علاقات جديدة، ومعان جديدة، بعيداً عما هو مستهلك، وهنا يكمن سر اختلاف الكلام عن اللغة، أو الشفهي عن المدون، حيث أن الشفهي عام، بينما المدون خاص، أي أن روح الإبداع تتجلي في الثاني منهما، باعتبار أن الأول مشترك بين عامة المتحدثين. وإن اللغة في الخطاب، تدخل في إطارالبنية الشكلية، فإن جماليته تعد روحه الحقيقية التي بها ينبض بالحياة، وبها يستطيع أن يحقق صفة تجاوزالذات والآخرالمطلوبة من أي خطاب إبداعي عادة، لذلك فإن المعادلةالإبداعية لاتتحقق في أي نص، في ظل غياب العنصرالجمالي، هذا العنصرالذي هوعلامته الفارقة التي تميزه عن سواه.


مفهوم الجمالي والمعرفي في خطاب مابعد الحداثة:

كرس خطاب"ماب عد الحداثة" ثيمة التركيز على العنصر الجمالي، على حساب العنصرالمعرفي، وهو ماأزاد الهوة بين النص ومتلقيه، حيث راحت دائرة جماهيريته تتقلص، بل كان ذلك سبباً في انكفاء الإبداع الشعري، من خلال وجهات نظربعض النقاد الذين يرون أن العقود الزمنية السابقة كانت تحفل بأسماء الشعراء المائزين، بل يمكننا أن نضيف في هذا المقام، أن رحيل شاعرمن طرازمحمود درويش، لم يترك فراغاً هائلاً، فحسب، وإنما راح يدعووفي ظل عدم ظهورمن يستطيع أن يحقق حضوره الإبداعي، للتساؤل"هل حقاً لم يعد يظهرشعراء كبارمنذ مطلع العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، على نحوأخص..؟.

ويبدو أن الانتشار المعلوماتي الهائل، لاسيما من خلال شبكة التواصل الاجتماعي التي يعد الفيسبوك أنموذجها الأبرز،ولجوء المتفاعلين فيسبوكياً إلى التواصل مع بعضهم بعضاً، دعانا لنكون أمام نصوص هائلة في الفيسبوك، بينها"الغثّ" والسمين" في آن، وإذا كان الغث-في الأصل- هو الأكثر-وهو أمرطبيعي- مادام أن في مكنة كل من لديه"خط إنترنيت" و"جهاز كمبيوتر" و"حساب فيسبوكي" أن ينشر مايريد في هذا الفضاء، فهوماجعل النصوص المائزة أشبه ب"إبرة الذهب" الأسطورية التي تضيع وسط ما هو مكرر بلا هوية أو بصمة إبداعية من "جبال القش"غيرالإبداعية، إلا أنه ورغم بون المسافة/ المفارقة بين حالتي"الذهب" و "القش"،إلا أن كلاهما موجود، بل أن كثرة الكتابات الغثة، جاء استجابة لواقعة ما بعد" حرية النشر" التي يحققها النشر الإلكتروني، وصارفي إمكان كل متحرر من أميته أن يغدو كاتباً وناشراً.

وبعيداً عن التأثير السلبي لمثل هذا الواقع على الذائقة الشعرية، إلا أن الشاعر المتمكن من أدواته صار يتفهم متطلبات المتلقي الافتراضي الذي لا وقت لديه لقراءة المطولات التي لها موقعها في المدونتين: الورقية أو الإلكترونية، حيث أن هذه الأخيرة ذاتها قد غدت تقليدية أمام واقع النشر ما بعد الحداثي الذي عزز حالة إسقاط الرقابة، وبات يستفيد منها أردياء الموهبة وممتلكوها معاً. وهوقد يحفز-ولو ضمن حدود ضيقة- لبعض أصحاب الكتابات غير الإبداعية أن يشتغلوا على أدواتهم لتقديم نصوص تنبض في الحياة، كما أنها-في المقابل- باتت تدفع الشاعر الأصيل إلى كتابة نص مكن التداول من قبل المتلقي الافتراضي.

ونجح-بحق-عدد من الشعراء المتمكنين في تأسيس جماليات النص الفيسبوكي، وإن كان فيه الكثير من خصائص قضية الومضة، أو اللقطة، أو الفلاش، أو السوناتا، أو الهايكو، بيد أن السمة الأكثر بروزاً في هذا النص هو أن الناص يحقق ثنائية"الجمالي المعرفي، إذ بات لزاماً عليه أن يحقق تمايز نصه، عن هذا الكم الهائل، وهولا يتم إلا من خلال عمق الموهبة، و أصالتها، كما أنه مطالب بأن يركز على ما هو معرفي، لأن متابع الفضاء الإلكتروني عام، وليس متخصصاً، ولهذا فإننا هنا أمام سطوة المتلقي التي من بين أدواتها فرض الجانب المعرفي، من دون التخلي عن الجانب الجمالي.

فصل من مخطوط"إبرة الذهب"
في جماليات النص الفيسبوكي"



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب على الأبواب المطلوب استنفاركل الكتاب الغيارى
- كوباني غراد
- قلعة كوباني
- مابعد داعش
- ثلاثية المكان الكردي:قامشلوكامه
- حنجرة غيرمستعارة
- عنق الثقافة وساطور أبي بكرالبغدادي في رصد مواقف داعش من التع ...
- التنكيل الثقافي:
- شنكالنامة
- موسم الهجرة إلى* الجهات الخمس..!
- الكائن الإلكتروني
- ثنائية جلد الذات والآخر وإشكال فهم غزو شنكال..
- لصوص ليس في صالحهم نجاح الثورة السورية
- ثورات الكاسيت...!
- شريط الكاسيت...!
- الكتابة ثم الكتابة: إلى جيمس فولي تعال علمنا أكثر...!
- دومينيك في كتابه: الإعلام ليس تواصلاً يقلب المفاهيم ويثيرالأ ...
- أغاني الإيزيديين مدونة ملاحمهم البطولية وتأريخهم وأحلامهم دي ...
- مرثاة رابع أضلاع الشعر
- الشاعروالصحفي الكوردي إبراهيم اليوسف:كل كائن في العالم مطلوب ...


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - ثنائية الجمالي والمعرفي في النص الفيسبوكي: