|
دومينيك في كتابه: الإعلام ليس تواصلاً يقلب المفاهيم ويثيرالأسئلة
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 01:37
المحور:
الادب والفن
دومينيك في كتابه: الإعلام ليس تواصلاً يقلب المفاهيم ويثيرالأسئلة
إبراهيم اليوسف يثير كتاب "دومينيك وولتون" والمعنون ب "الإعلام ليس تواصلاً" والصادر عن دار الفارابي بيروت، فكرة استفزازية، تنسف مفهوم الإعلام وفكرته ودوره، المعروف أصلاً على أنه تواصل مع المجتمع، وإن كانت القراءة المتعمقة للكتاب، تبين عكس ذلك، لأنه من ألفه إلى يائه يبين بين الدور التواصلي للإعلام في خدمة الأمم والشعوب، لاسيما في أزمنة المحن والحروب والكوارث والويلات التي نعيش ذروتها الآن، حتى وهو يورد بعض التفاصيل المناقضة لهذا الاستنتاج المشار إليه، أثناء تشريحه للمشهد الكوني، ودور الإعلام والاتصالات فيه . يتألف الكتاب الذي جاء في 160 صفحة من القطع المتوسط من مقدمة وستة فصول وأخذت فصول الكتاب، وعلى التسلسل، عناوين هي: نظرية للتواصل والاتصال - التقنيات: بين الانعتاق والأيديولوجيا - مآثر الإعلام الإعلام وإخفاقاته - الحدود الجديدة لعدم التواصل - المعلومات والمعرفة: تعايشهما الضروري . يبين المؤلف في مقدمة كتابه أن المقصود من أن الإعلام خلاف التواصل أو الاتصال، هو أن الإعلام أمر جاد، بينا التواصل ليس كذلك، ولهذا فهو، وحسب رأيه حرفياً كما سيتم الالتزام به ما هو دأبنا في مثل هذه القراءات لتوخي المصداقية - يقول: "نعم للإعلام لا للتواصل" الذي تحوم حوله على الدوام شبهة الإغراء والهيمنة، ذلك هو "الروسم" أو الكلاشيه المترسخ في الأذهان، أما بالنسبة إليّ فإن ما أصبو إليه هو إثبات عكس ذلك، إن التواصل أعقد من الإعلام لأسباب محددة، وهو يجد أننا إذا اعتبرنا أن ليس للتواصل وجود من دون إعلام، فإن التواصل أصعب دائماً، لأنه يطرح مسألة العلاقة، أي مسألة الآخر . هذا فضلاً عن عدم ضمان النتيجة إذ إن المرسل قل ما يكون على صلة بالمرسل إليه، أو المتلقي، والعكس أيضاً، صحيح . برأيه، ومن ثم لأن هناك تناقضاً بين الشرعية التي يتمتع الإعلام والصورة المشوهة التي تلازم التواصل بينما يسبق للبشر، أن أمضوا مثل هذا الزمن الطويل، منذ نصف قرن، في محاولتهم للتواصل فيما بينهم، كما لم يسبق، سعياً منهم لبلوغ ذلك، أن أنفقوا مثل هذا الكم من المال من أجل الحصول دائماً على تقنيات راقية، ثم يتساءل: لماذا الحط من شأن هذا النشاط وانتقاده وتكريس هذا القدر الكبير من الوقت والطاقة والمال؟ وأن الحط من قيمة التواصل الذي طالما سعى كل منا إليه في حياته الشخصية والمهنية والسياسية والاجتماعية هو حط من قدر أنفسنا بالذات . ومن هنا، فالمؤلف يقول: لديّ النية أن أقلب "الروسم" السائد وتبيان كيف أن التحدي الحقيقي متعلق بالتواصل أكثر مما هو متعلق بالإعلام الذي يعتبر توافره غير كاف لإيجاد التواصل، إذ إن وجود المعلومات الكلي يزيد من صعوبة التواصل، بل إضافة إلى ذلك فإن ثورة الإعلام تقود إلى حالة من القلب في التواصل، وهو ما يجعله يوسم القرن العشرين بأنه "ليس قرن ثورة الإعلام"، بل قرن ثورة الاتصالات، ويواصل قائلاً: "ليس ثورة الرسالة إنما ثورة العلاقة، ليس ثورة الإعلام وتوزيعه بوساطة تقنيات راقية، إنما ثورة في شروط القبول أو الرفض، من قبل ملايين المتلقين المتباينين الذين نادراً ما يكونون على خط تواصل مع المرسلين" . ويرى المؤلف أن المتلقي هو الأكثر أهمية في عملية التواصل، وأن النقلة التي حدثت في الألفية الجديدة، مع الانتشار الهائل لوسائل الاتصال تكمن في تغيير مكانة المتلقي، بل ويرى المؤلف أن شرعية دور المتلقي باتت معترفاً بها، وهي في التالي شرعية "الغيرية" من مفردة ال "غير" أو الآخر، لأن هذه التغييرات التي تمت مع بداية هذا القرن انتقلت بضرورة التفاوض بين البشر إلى أمداء جديدة، نتيجة ثلاثية: الديمقراطية والانفتاح والتفاعل، ويجد أن للإنترنت مكانة جد مهمة - هنا - كأداة تعزز التعايش بين الناس، ويموضع هذه الرؤية في "صلب النظرية الديمقراطية والمجتمع المعاصر" . يركز المؤلف على مسألة اصطدام ثورة الإعلام بعقبتين يحددهما، حيث تتعلق الأولى بعدم التواصل مع الآخر، بينما تتعلق الثانية بعقبة المعارف، لأن توافر المعلومة، يتطلب مزاوجة ذلك بالحضور المعرفي، كما أنه يرى أن انتصار الإعلام على مدى القرنين الماضيين لم يكن ممكناً من دون الصحفيين الذين يعتبر وجودهم - بحسب رأيه حرفياً أيضاً - رموزاً، وضمانة لحرية الإعلام، ويقول "ليس ثمة أكثر سذاجة وخطورة من الظن أن كلاً منا سوف يصبح غداً صحفي ذاته بفضل أنظمة الإعلام، مما يبطل جدوى وشرعة وجود حقوق وواجبات المهنية" ويواصل في حديثه عن أهمية الصحفي، فهم "حماة وأبطال هذا النصر الذي حققته حرية الإعلام" وإن كان يرى أن هذا الانتصار، في مضمونه، ووسط العلاقات المهيمنة: "هش"، ويقسم المؤلف إلى ثلاث فئات فمنهم: النجوم، ومنهم الطبقة الوسطى الأكثر عدداً، ومنهم من دون بريق، وأن الفئة المهملة السفلى هم من الشباب الذين يؤدون مهماتهم - لا سيما بعد انتشار الإنترنت - في ظروف صعبة . وتعد خاتمة الكتاب الأكثر أهمية، إذ يلخص فيها رؤيته بشفافية، يجلي عنها ما قد يعتورها من بعض الغموض، لاسيما عندما يرى أن العالم بعد أحداث سبتمبر ،2001 لم يعد القرية الكونية التي رأى فيها "ماك لوهان" في السبعينات رمزاً لانتصار التقنية، لأنه بعد هذه المحطة "السبتمبرية" لم يعد لهذه القرية - والرأي للمؤلف - أي مكان إلا للعنف، ويجد أن العولمة ضيقت مساحة التعايش بدلاً من أن توسعها، وهو استنتاج جد خطر، بل يروح أبعد من ذلك عندما يتحدث عن ضرورة التنوع الثقافي، والإقرار بمبدأ التسامح، إلى أن يقف خاتمته بالقول: "ولهذا السبب فإن الإعلام والتواصل يمثلان إحدى أكبر مسائل مطلع هذا القرن، وهي مسألة السلم والحرب
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أغاني الإيزيديين مدونة ملاحمهم البطولية وتأريخهم وأحلامهم دي
...
-
مرثاة رابع أضلاع الشعر
-
الشاعروالصحفي الكوردي إبراهيم اليوسف:كل كائن في العالم مطلوب
...
-
ما العمل؟
-
هل كانت تتنبأ بما يحدث الآن من عنف?: دلباش تتناول دوامة ثنائ
...
-
حوارمع إبراهيم اليوسف حول تقاعس القوى الدولية في مواجهة داعش
-
وليمة الدم الإيزيدية
-
BYERPRESS حوارجريدة- مع إبراهيم اليوسف2-2
-
مائدة الدم
-
في ذكرى رحيله السادسة: محمود درويش سفيراً أممياًً للثورة
-
-كفرة- لاتكفيريون.فقط: يكتب نسخة قرآن معدلة..داعش تنظيم معاد
...
-
ليس دفاعاً عن بيشمركة الإقليم
-
نسخة مصححة أرجواعتمادها
-
إلى سيادة الرئيس مسعود البرزاني:
-
د.أحمد خليل وكتابة التاريخ كردياً...!
-
معجم حياة داعش الداخلية: فضائح معلنة ومستورة
-
حين يريق المثقف ماء وجهه: ظاهرة التكسب الثقافي أنموذجاً
-
ماراثون الفوضى
-
الكاتب وعودة الوعي: توفيق الحكيم أنموذجاً
-
العيد الذي ينساه أطفالنا:
المزيد.....
-
-الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد
...
-
بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب
...
-
كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا
...
-
إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
-
سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال
...
-
الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
-
من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام
...
-
دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-.
...
-
-سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر
...
-
البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة)
...
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|