أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - بطولات المدن














المزيد.....

بطولات المدن


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 13:04
المحور: الادب والفن
    



بطولات المدن

إبراهيم اليوسف

هل يمكن للمكان أن يلعب دورالبطل في قصة؟، أورواية؟، أومسرحية؟، أوفيلم سينمائي؟، يمكن لهذا السؤال، بتشعباته أن يثار، في إطارالنقدالأدبي، مادمنا نتحدث-عادة- عن أدوارالشخوص، رجالاً، ونساء، أطفالاً وشخوصاً، ليس على صعيد البسالة وحدها، بل وفق معايير ومقاييس أخرى،حيث أن بطل العمل الأدبي أوالفني له شأن آخر، عادة، على اعتبارأننا اعتدنا أن البطل في أي عمل إبداعي، إنما هوامرؤمن لحم وعظم، لاأكثر.

ولعل تطورالأدب والفن، لاسيما في محطاتهما الحداثية ومابعد الحداثية، جعلنا أمام مفاهيم جديدة، في مطلعها، كي نعيد استقراء مفهوم"البطولة"، في ضوء ثنائيتي"التشيؤ" و"الأنسنة"، ليكون هناك جماد ما بطلَ أي أثرإبداعي، ومن هنا، فلعل شجرة قد تكون بطلة قصة، ولعل باب بيت يكون بطل رواية، وهكذا بالنسبة لقميص رجل، أوعطرامرأة، أو أي شارع، أو أي حي، أو أية مرآة، وتطول قائمة الجمادات التي نبصرها، من حولنا، صغيرة كانت أوكبيرة.

لقد استطاع المكان أن يقدم أوراق اعتماده، لحضوره في النص الإبداعي، لاسيما بعد بلورة مفهوم"جماليات المكان"، وإن كان حضوره في الأصل سابقاً لتنظيرات" غاستون باشلار" في هذا الإطار، عبراستقراءاته الابستمولوجية، على نحوتطبيقي، بحيث بتنا نفرق بين مفردات الأطلس الجغرافي، و المكان الفني، وفق هذه التصورات الأولى، وهوماجاء بالمكان إلى ماتحت الأضواء، أوطاولة التشريح،كي يتم الالتفات إليه، وفق مداخله المستحدثة، وهي تفتح أمامنا آفاقاً جديدة، يمكن أن نغوص من خلالها في مفردات المسرح الذي نعيش عليه، في فضائنا الشاسع العصي، وهو يقدم خطوط تفاصيله، مع تطور رؤيتنا، دون أن تنفذ، وكأنها تفاصيل تتناسل، وتتشعب، طرداً مع سيرورة دورة الزمن.

من يتابع وسائل الإعلام المرئي، على نحوخاص، دون أن نلغي دوربقية وسائل الإعلام، مقروئها، ومرئيها، على نحوعام، يتضح له هذا الثراء العياني للحضورالمكاني، إذ بات يتعايش معنا، على نحوجلي، يؤثرفينا، ويتأثربنا، إلى مالانهاية، لاسيما أنه وفي موازاة في دورة بطولات الشخوص الآدميين، وهم يصنعون مآثرهم، وملاحمهم، وإنجازاتهم، ليصنع كل منهم هويته، بعلاماتها الفارقة، بما يذوبها في فضاء الأسطرة، أحياناً، فإنه-وفي المقابل- ثمة تصاعد للمكان، عبرالخط البياني المرصود، إذ باتت الأمكنة المركونة في الظل إلى وقت طويل، تظهرتترى، الواحدة منها تلوالأخرى، وهي تقدم تفاصيل ملامحها، كي تلتصق بضميراللحظة، تتسلل إلى وجداناتنا، نستحضرأفراحها، وآلامها، وأوجاعها، ويومياتها، ونستمع إلى أغنياتها، أحلامها، كي نتآلف معها، وكأنها من ضمن عداد معارفنا الآدميين، بل من عدادأسرنا، وأهلينا، وذوينا، ومحيطنا.

سلسلة أسماء الأماكن لاتفتأ، تجسرنحونا،دون انقطاع، إلى الدرجة التي باتت تشكل خريطتها، من جديد، وكأننا صرنا نعرف مدن العالم للتو، بعيداً عن تباهينا بمعرفة أسماء عواصمها-فحسب- فكم كانوا هؤلاء الذين يعرفون اسم"كوباني/عين العرب" من قبل محاولات المهووسين بإطفاء أضواء الشمس، كي تتكاثركائناتهم، في طحلب المستنقعات، المعتمة، وعطبها، صانعة معجزتها، معجزة أبناء مكان عزل، محاصرين من الجهات كلها، تخبىء ابنته في مخزن سلاحها الفردي البسيط رصاصة واحدة، تفرغها في جمجمتها، قبل أن تنفذ رصاصاتها، في لحظة الحصار، لئلا يحقق الغازي حلمه في سبيها، وهي أم مآثرألفيتنا الجديدة، مادامت تترك إرثها من البسالة، كتاج في جيد المدينة، تستعصي على أعداء الحياة.

إبراهيم اليوسف

زاوية أفق-جريدة الخليج

8-10-2014



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رسائل إلى أيان-:
- لمن أكتب؟
- في رثاء الشاعر الذي استشهد مرتين:
- صمت المثقف
- مرافعات صامتة للغة صاخبة:
- ثنائية الجمالي والمعرفي في النص الفيسبوكي:
- الإرهاب على الأبواب المطلوب استنفاركل الكتاب الغيارى
- كوباني غراد
- قلعة كوباني
- مابعد داعش
- ثلاثية المكان الكردي:قامشلوكامه
- حنجرة غيرمستعارة
- عنق الثقافة وساطور أبي بكرالبغدادي في رصد مواقف داعش من التع ...
- التنكيل الثقافي:
- شنكالنامة
- موسم الهجرة إلى* الجهات الخمس..!
- الكائن الإلكتروني
- ثنائية جلد الذات والآخر وإشكال فهم غزو شنكال..
- لصوص ليس في صالحهم نجاح الثورة السورية
- ثورات الكاسيت...!


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - بطولات المدن